تتصاعد حدة الكارثة الإنسانية في
السودان على وقع تواصل الصراع بين الجيش وقوات
الدعم السريع منذ نيسان /أبريل 2023، حيث يحتاج أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 45 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، حسب تقرير نشرته مجلة "
فورين أفيرز".
وقالت المجلة الأمريكية في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا الوضع المزري ليس نتيجة لسوء المحاصيل أو ندرة الغذاء نتيجة تغيّر المناخ وإنما نتيجة مباشرة لأفعال طرفي الحرب الأهلية الرهيبة في السودان. منذ نيسان/ أبريل 2023، تخوض القوات المسلحة السودانية، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، صراعًا مدمرًا مع قوات الدعم السريع. وفي الوقت الذي يتصارع فيه الحليفان السابقان من أجل السيطرة، استخدم كلاهما تكتيكات التجويع عمدًا لتحقيق أهداف الحرب.
وأضافت المجلة أن مقاتلي قوات الدعم السريع يعملون مثل الجراد البشري، حيث يجرّدون المدن والأرياف من جميع الموارد المنقولة، وهم ورثة ميليشيا الجنجويد سيئة السمعة - المقاتلون الذين ارتكبوا المجازر والتجويع في دارفور بين سنتي 2003 و2005 مخلّفين أكثر من 150 ألف قتيل من المدنيين - ويستخدمون هذا النهب للحفاظ على آلة الحرب الخاصة بهم. وقد منعت القوات المسلحة السودانية، وهي القوة المهيمنة في حكومة السودان المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الشاسعة من البلاد الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
وذكرت المجلة أن كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، طلب إصدار مذكرات اعتقال دولية ضد مسؤولين إسرائيليين كبار بتهمة ارتكاب جريمة "تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب" في قطاع غزة، مستشهدًا بأدلة دامغة على الحرمان من الغذاء والوقود والمياه، وتهديدات لعمال الإغاثة، والتقييد الشديد لتدفق المساعدات الإنسانية في الحملة الإسرائيلية التي استمرت ثمانية أشهر هناك. وإذا وافقت المحكمة على مذكّرات الاعتقال، فقد يشكل ذلك سابقة مهمة بالنسبة للسودان حيث يتعرض عدد أكبر من الأشخاص لهذه التكتيكات - وحيث لا يزال اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ساريًا بموجب قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في سنة 2005. وفي 11 حزيران/ يونيو، أعلن خان عن تكثيف التحقيق العاجل في جرائم الحرب في السودان.
وأوضحت المجلة أن مسؤولي المساعدات الدولية لم يبدوا حتى الآن أي رغبة في توجيه أصابع الاتهام إلى الرجال الذين يقومون بتجويع أطفال السودان بشكل منهجي. قد يجادل البعض بأن اللاعبين الخارجيين بحاجة إلى تجنب توجيه أصابع الاتهام، لأن الجنرالات أنفسهم هم من يجب إقناعهم بالسماح بدخول المساعدات وهذا أمر مضلل. فمن غير المرجح أن يلين أي من الطرفين من تلقاء نفسه: فالتجويع تكتيك رخيص وفعال، ودون ضغط دولي قوي، يتوقّع القادة أن يفلتوا من العقاب. والواقع أن مفاتيح فتح البلاد أمام المساعدات تقع على الأرجح في أيدي السعودية والإمارات، وهما أكبر قوتين إقليميتين تتنافسان على النفوذ في القرن الأفريقي.
وأشارت إلى أنه لا بد أن تسارع الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون ليس فقط إلى توصيف أزمة الجوع المرعبة في السودان كما هي - وهو هدف مقصود من الأطراف المتحاربة - بل أيضًا دفع القوى الخليجية التي تتمتع بنفوذ لإجبار الطرفين على إنهاء التكتيكات التي تقود هذه الأزمة. قد يكون الأوان قد فات لوقف الانحدار إلى المجاعة، ولكن التحرك السريع لفرض توزيع المساعدات يمكن على الأقل أن يجنبنا النتائج الأكثر كارثية.
ألعاب الجوع
اندلعت الحرب في السودان في نيسان/ أبريل 2023، عندما انقلب حميدتي على البرهان، شريكه السابق في المجلس العسكري الحاكم آنذاك في السودان. وقبل 18 شهرًا من ذلك، كان القائدان العسكريان قد أطاحا بالحكومة المدنية في السودان وسيطرا على الحكومة بشكل مشترك، لكن التحالف انهار وحاول حميدتي مع قوات الدعم السريع التابعة له الاستيلاء على السلطة. كانت النتيجة صراعًا مسلحًا شرسًا سرعان ما أشعل حملة التطهير العرقي التي شنتها قوات الدعم السريع في دارفور. وفي الوقت الحاضر، تسيطر قوات الدعم السريع على جزء كبير من البلاد غرب النيل وأراضي القوات المسلحة السودانية في الشرق، بينما لا تزال الخرطوم ساحة معركة.
وأوضحت المجلة أن قوات الدعم السريع تشتهر بارتكاب المذابح وعمليات النهب والاغتصاب، بينما تشتهر القوات المسلحة السودانية بالقصف الجوي للمناطق المدنية. وتضيّق قوات الدعم السريع الخناق حاليًا على آخر حصن للقوات المسلحة السودانية في دارفور، في مدينة الفاشر، مما يهدّد بوقوع كارثة. وفي الأسبوع الثاني من شهر حزيران/ يونيو، هاجمت القوات آخر مستشفى متبقٍ هناك وأغلقته.
حتى قبل اندلاع أعمال القتال، كانت منظمات الإغاثة الدولية تتوقع أن يحتاج ثلث سكان السودان إلى مساعدات إنسانية في سنة 2023، مع وجود عدة ملايين من النازحين من حرب دارفور قبل 20 سنة، الذين كان الكثيرون منهم يعانون بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي أثارها انفصال جنوب السودان الغني بالنفط في سنة 2011. والآن، مع الحرب التي تجتاح البلاد بأكملها، انهارت أغلب ركائز الاقتصاد الغذائي الوطني، إن لم يكن كلها.
كان محصول السنة الماضية في المزارع التجارية الكبرى هزيلاً بسبب نقص القروض والوقود والأسمدة. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، اجتاحت قوات الدعم السريع منطقة سلة الخبز في الجزيرة جنوب العاصمة، ونهبت المزارع والمطاحن الغذائية والجامعة الزراعية في المنطقة. طُرد صغار المزارعين من منازلهم، وسُرقت ماشيتهم، وأصبحت أسواقهم مهجورة. وباتت معظم قطعان الماشية الآن مملوكة لعصابات من التجار - إما مسروقة أو تم شراؤها من الرعاة اليائسين بأسعار زهيدة. كما توقفت شحنات القمح من أوكرانيا التي كانت تغذي المدن السودانية بسبب عدم قدرة الحكومة على الدفع. انهار الاقتصاد الحضري مما دفع ما لا يقل عن مليون سوداني من الطبقة الوسطى إلى اللجوء إلى الخارج.
وأضافت المجلة أن شحنات المساعدات الغذائية اختفت، والتي عادةً ما كانت تكفي سكان البلاد النازحين الذين كانوا يعيشون في المخيمات التي أصبحت مدن صفيح حول بلدات دارفور. وفي غضون أسابيع قليلة، ستضيف بداية موسم الأمطار المزيد من التحديات. ففي السنوات السابقة، كان بإمكان برنامج الأغذية العالمي تخزين الإمدادات في المناطق التي يصعب الوصول إليها. ولكن هذه السنة، عندما تصبح الطرق المؤدية إلى المناطق الريفية الأكثر تضررًا بطيئة أو حتى غير صالحة، لن يكون هناك احتياطي يمكن الاعتماد عليه. تقع الجنينة في دارفور على مسافة أبعد من أي ميناء بحري في أي مدينة أفريقية أخرى، وحتى في أوقات السلم قد يستغرق وصول الشاحنات إليها أسابيع. والآن، يمكن أن تكون معزولة تمامًا.
ووفقا للمجلة، فإن كلا الجيشين اعتمدا التجويع كسلاح حرب. ففي الأشهر القليلة الماضية وحدها، قامت قوات الدعم السريع بإجبار ما يصل إلى مليون شخص من سكان دارفور على الفرار ليلجأ العديد منهم إما إلى مدينة الفاشر المحاصرة أو إلى جبال مرة التي يسيطر عليها جيش تحرير السودان - وهي جماعة متمردة مستقلة. ولا توجد موارد لدعم هؤلاء اللاجئين. وقد سيطرت قوات حميدتي بالفعل على خزان المياه في الفاشر، مهددةً بقطع إمدادات المياه عن المدينة، ونهبت آخر مستشفى متبقٍ فيها. وفي الوقت نفسه، تلعب القوات المسلحة السودانية لعبة أكثر ازدواجية. فقد حرصت على أن تكون أزمة الغذاء في مناطق شرق السودان التي تسيطر عليها أقل حدة: فهذه المناطق قريبة من بورتسودان، مركز الاستيراد في البلاد، وتريد القوات المسلحة السودانية إطعام هؤلاء الناس. في المقابل، هي على استعداد لترك أولئك الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع يعانون من الجوع، بل وتعرقل الجهود الدولية لمعالجة الأزمة.
وذكرت المجلة أنه من المقرر أن تقوم لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، التي تعمل كنوع من المحكمة الإنسانية العليا، بتقييم الوضع السوداني قريبًا. لكن فريق عملها في السودان تتحكم فيه الحكومة السودانية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة - وللقوات المسلحة السودانية مصلحة في تجنب الإعلان الرسمي عن المجاعة في دارفور لأن ذلك من شأنه أن يزيد من الضغوط للسماح بتدفق المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع. ويبدو أن الأرقام الأخيرة الصادرة عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تشير إلى أن 750 ألف شخص في وضع غذائي "كارثي". لكن معظم الخبراء المستقلين في المجال الإنساني يعتقدون أن الوضع أسوأ بكثير - أي أن هناك على الأرجح مجاعة بالفعل في عدة مناطق.
أرخص سلاح
شددت المجلة على أن واحدة من أكثر المفارقات قسوةً في حالة الطوارئ الغذائية الطارئة في السودان هي أن معاناة أطفال البلاد تصب في مصلحة الطرفين المتحاربين. ففي الغرب، يحكم حميدتي أرضًا جائعة - بينما يعيش قادته ومقاتلوه في رخاء. أما الذين يتضوّرون جوعًا فهم جماعات المساليت والفور والزغاوة العرقية التي استهدفتها قوات الدعم السريع للتطهير العرقي، أو التي استولى مقاتلو حميدتي على كل ما يمكن سرقته أو أكله من أراضيها. هذا هو حجم الدمار الذي لحق بالمزارع ومطاحن الدقيق والأسواق والمستشفيات لدرجة أنه شوّه سمعة قوات الدعم السريع بين الكثير من السكان. والآن، أصبحت قوات الدعم السريع مستعدةً لتفادي وصول المساعدات الغذائية حيث تطالب التجار ووكالات الإغاثة برسوم عالية بالدولار مقابل كل شاحنة تسمح بمرورها. وهذا يضع مانحي المساعدات في مأزق: إلى أي مدى ينبغي عليهم دعم المتسببين في هذه المجاعة من أجل إطعام ضحاياهم؟
وفي الوقت نفسه، يعتقد الجيش السوداني أنه من خلال فرض المجاعة في مناطق قوات الدعم السريع، فإن ذلك من شأنه أن يدمر قاعدتهم. وتقول النظرية إنه مع حرمانهم من الموارد، فإن المقاتلين البدو الذين يشكلون القوات الأساسية لحميدتي سوف يصبحون مضطربين وينقلبون عليه. ومن ثم، استخدمت القوات المسلحة السودانية سلطتها باعتبارها الحكومة المعترف بها دوليًا لمنع الأمم المتحدة من نقل شحنات المساعدات من الشرق ومن الغرب، عبر الحدود التشادية مباشرة إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع. والاستثناء الوحيد الذي سمحت به هو ممر واحد إلى الفاشر، لكنه أصبح غير صالح للعمل بسبب الهجوم المكثف لقوات الدعم السريع. ومن المرجح أن تؤدي معركة واسعة النطاق للسيطرة على الفاشر إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين والمجاعة.
يعرف عمال الإغاثة المخضرمون هذه الاستراتيجيات من حروب السودان السابقة. ففي الثمانينات والتسعينات، حاولت الخرطوم تجويع جنوب السودان، ثم أغرت الفصائل اليائسة من المتمردين للانقلاب على رفاقهم في السلاح من خلال عروض المال والترخيص للنهب. وكان هدفهم السيطرة على المناطق الغنية بالنفط المهجورة في الجنوب، وقد أدت حملاتهم في نهاية المطاف إلى مقتل ما لا يقل عن مليون شخص.
وحتى اليوم، فإن الجنرالات الذين قادوا تلك الجهود يأسفون لأن المساعدات الإنسانية الدولية منعتهم من إنهاء حرب المجاعة تلك، ذلك أن شحنات الإغاثة الغذائية أبقت التمرد على قيد الحياة، وأصبح عمال الإغاثة متعاطفين مع قضية المتمردين، وكانت النتيجة استقلال جنوب السودان في سنة 2011. لن يكرر الأعضاء رفيعو المستوى في القوات المسلحة السودانية هذا الخطأ الآن، حيث تبدو المخاطر أعلى من ذلك. ففي ذلك الوقت، كان المتمردون الجنوبيون بعيدين عن الخرطوم. والآن، أصبحت العاصمة على الخطوط الأمامية للصراع، وكادت قوات حميدتي أن تجتاح المدينة السنة الماضية وما زالت تتحصن هناك. ومن المؤكد أن قوات الدعم السريع تخطط لشن هجوم جديد دون هزيمة، حسب التقرير.
اللامبالاة العربية
ولفتت المجلة إلى أنه على الرغم من بوادر الأزمة المنتشرة، فإن الجهود الدولية للحد من المجاعة لم تحرز تقدما يذكر. في غضون أسابيع من بدء الحرب السنة الماضية، عقدت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية محادثات لوقف إطلاق النار بين قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في جدة. ولم يوقف الاجتماع القتال، لكن الجانبين وقّعا على إعلان الالتزام بحماية المدنيين في السودان - ووعدا رسميا بالتوصيل الآمن للمساعدات الإنسانية، واستعادة الخدمات الأساسية، وحماية المدنيين في الصراع المستمر. ولكن منذ ذلك الحين، تجاهل الجانبان الإعلان، ولم تكن مبادرات الوساطة الأخرى أكثر نجاحًا. وفي شباط/ فبراير، وجّهت الأمم المتحدة نداءً طارئا لجمع 2.7 مليار دولار للسودان، لكنها لم تجمع سوى 15 بالمئة منه.
وذكرت أن هناك سببا أكثر أهمية وراء الفشل المستمر لمحادثات السودان. حتى الآن، فشل الزعيمان الخليجيان - ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ورئيس
الإمارات، محمد بن زايد - اللذان يتمتعان بالقدرة على جلب البرهان وحميدتي إلى طاولة المفاوضات بشكل مشترك، في التعامل بجدية مع الأزمة. وقد استضاف السعوديون المحادثات، لكن محمد بن سلمان لم يرغب في مشاركة الإمارات. ولا تريد الإمارات أن يؤثر السعوديون على الصفقة – أو أن يحصلوا على الفضل فيها.
هناك تاريخ متشابك هنا. فقبل تسع سنوات، عندما شنت المملكتان الخليجيتان حربهما ضد الحوثيين في اليمن، قامتا بتجنيد القوات المسلحة السودانية للقتال في تحالفهما المناهض للحوثيين. وكان البرهان قائد تلك الوحدة التابعة للقوات المسلحة السودانية. لكن في الوقت نفسه، قدّم حميدتي مقاتلي قوات الدعم السريع بموجب عقود خاصة لكل من السعوديين والإماراتيين. وأصبحت شركة الجنيد العائلية لحميدتي، موردًا مهمًا للذهب إلى الإمارات، وفقا للتقرير.
واليوم، هناك أدلة تشير إلى أن الإمارات تقوم بتسليح وتمويل قوات الدعم السريع، وهي الاتهامات التي نفتها أبو ظبي بشكل غير مقنع. سمحت السعودية، بفضل صلاتها بالبرهان، لمصر وقطر وتركيا بدعم القوات المسلحة السودانية، بما في ذلك بالأسلحة، كما منعت مبادرات السلام الأخرى. وهذا النوع من التدخل من كلا الجانبين يعني أن أي تقدم بشأن وقف إطلاق النار سيتطلب عملاً مشتركًا من جانب الرياض وأبو ظبي.
في ظل غياب أي مؤشّرات على نهاية الحرب في الأفق، قامت جهات خارجية أخرى بصب الوقود على النار. ففي أواخر السنة الماضية أرسلت إيران طائرات مسيّرة إلى القوات المسلحة السودانية في إطار جهودها لإحياء علاقاتها مع الإسلاميين السودانيين الذين يدعمون القوات المسلحة السودانية. وفي أيار/ مايو، اتخذت روسيا خطوات نحو التوصل إلى اتفاق مع القوات المسلحة السودانية بشأن منشأة بحرية في بورتسودان.
وفي نهاية شهر أيار/ مايو، عندما اتصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بالبرهان للضغط عليه لحضور محادثات السلام المتجددة في جدة، رفض البرهان بسرعة. وبدلاً من ذلك، أرسل نائبه، مالك عقار، لعقد اجتماعات في روسيا لوضع اللمسات الأخيرة على مجموعة من اتفاقيات التعاون - الصفقة الأساسية هي الأسلحة الروسية مقابل قاعدة البحر الأحمر. ومن الواضح أن محادثات جدة التي كان من المفترض أن تسفر عن سلام شامل قد فشلت، وفقا للصحيفة.
ما الذي يجب على العالم أن يفعله؟
أوضحت المجلة أن الجنرالات السودانيين خاضوا حروب مجاعة لعقود من الزمن، بما في ذلك في دارفور. وفي الحرب الحالية، يستخدم المتحاربون هذه الاستراتيجية في صراعهم من أجل البلد بأكمله، مما يعرض أعدادًا أكبر للخطر. ومما يزيد من قسوة هذه المأساة التي تلوح في الأفق أن العديد من الأرواح يمكن إنقاذها بمجرد فرض إيصال المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة إليها.
وأضافت أنه من المشجع أن العزم المتزايد على اعتبار تجويع المدنيين جريمة حرب يشير إلى أن المسؤولين الدوليين وزعماء العالم ربما أصبحوا أخيرا على استعداد لمحاسبة الجناة. وفي إعلانه بتاريخ 11 حزيران/ يونيو، قال خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، إنه يجمع أدلة على الهجمات "المتكررة والموسعة والمستمرة" ضد السكان المدنيين في دارفور. ورغم أنه لم يذكر جرائم التجويع تحديداً، إلا أنه يعرف جيداً من يرتكبها وكيف.
وذكرت أن عجلات العدالة تدور ببطء، ولكن حان الوقت لوضع الرجال الذين يتسببون في أزمات الجوع في السودان تحت المجهر. وإذا تحركت المحكمة الجنائية الدولية، فيتعين على العالم أن يصطف دعما لها. ولكن حتى لو قررت المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال رسمية، فقد يكون الوقت قد فات لمنع عشرات الآلاف من الأطفال في السودان وكردفان المجاورة من الموت جوعا. وهناك حاجة ماسة إلى حلول أكثر استعجالا.
وقالت إن وقت العمل ينفد. وتعمل إيران وروسيا بالفعل على تعقيد الأمور الجيوسياسية للحرب، وسوف تؤدي المجاعة المتكشفة إلى توليد المزيد من الفوضى. لكن في الوقت الحالي، لا تزال هناك فرصة لتجنب النتيجة الأسوأ. ومن خلال ضغوط من واشنطن، يمكن للسعودية والإمارات أن تأخذا زمام المبادرة في إيصال المساعدات الغذائية إلى حيث يجب أن تذهب. وإذا لم يفعلوا ذلك، فقد يرتبط محمد بن سلمان ومحمد بن زايد إلى الأبد بمجاعة جيل كامل من الأطفال السودانيين.