قضايا وآراء

حينما تتحول المقاومة الفلسطينية لأكبر داعم للأمن القومي العربي رغم أنف العرب.. وعجبي!!

"حتى الجامعة العربية لا تحمل أي ود للمقاومة ولا للشعوب العربية نفسها"- جيتي
عجيبٌ أمر عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج، حينما يقف أغلبه معاديا لأهم مُقوم من مقومات الممانعة بل هو المقوم الرئيس في مواجهة عدوه المتربص به، تلك الممانعة التي لا غنى لوطننا العربي عنها لقطع الطريق على كافة المؤامرات التي تحاك ضد أمنه القومي بل وضد بقائه وصموده، وحاجته الملحّة إليها كذلك لمواجهة الرغبة الحثيثة التي تسعى لكسر إرادته ونهب ثرواته وشفط خيراته وهدم بنيانه..

العدو لا يهدأ، وكيف يهدأ من تفتَتَ كبدُه حقدا وكراهية لديننا وعروبتنا، فكل شيء مباح له دون استثناء، بدءا بأموالنا وثرواتنا ومرورا بأعراضنا وأرواحنا..

ورغم الالتفاف الأمريكي والأوروبي الصارخ خلف الكيان الصهيوني وإقامة الجسور الجوية والبحرية من أجل إنقاذ بني صهيون، ونقل أحدث الأسلحة المتطورة والمدمِرة إليهم، مع تقديم كافة الخدمات اللوجستية والمعلومات الاستخباراتية لتصبح تحت إمرة حكومة الحرب الإسرائيلية، ومسارعة قادة الغرب إلى إسرائيل لشد أزر العصابة الإجرامية التي يقودها "بنيامين نتنياهو" ورفاقه من المرضى المصابين بالسادية.. ومع كل ذلك فلقد أبلت المقاومة بلاء حسنا وهي تواجه كل هؤلاء المتمترسين خلف العدو الصهيوني سياسيا وعسكريا واستخباراتيا، بل وفي المحافل الدولية يذودون عنه ويلوحون بالعقوبات الفاجرة ضد أي محاولة لإدانة واعتقال مجرمي دولة الاحتلال، تماما كما ألمحت الإدارة الأمريكية إلى معاقبة قضاة المحكمة الجنائية الدولية إذا ما أقدم المدعي العام للمحكمة على إدانة إسرائيل وطلب اعتقال قادتها!..


الحقيقة الواضحة وضوح الشمس الساطعة في رابعة النهار أن المقاومة أصبحت أكبر وأهم داعم للأمن القومي العربي رغم أنف العرب أنفسهم! وأضحت -المقاومة- بمثابة المكابح التي أوقفت قطار التطبيع الذي ركبته بعض الدول العربية وشرع الباقون في التمهيد النفسي والإعلامي لشعوبهم من أجل ركوب القطار تحت بعض الذرائع الواهية!..

وأصبحت المقاومة كذلك الداعم الرئيس لأمننا القومي العربي بحرقها لصفقة القرن تلك التي جرى تقديمها وتسويقها؛ لا أقول في الإعلام الأمريكي أو الأوروبي، بل في إعلام الدول العربية من محطات فضائية وبرامج حوارية بل ومسلسلات تلفزيونية أنفقت عليها مئات الملايين من الدولارات..

وكان من دعم المقاومة للأمن القومي العربي ما أحدثته من إيقاظ الوعي لدى الشعوب العربية التي جرى اللعب في مخيلتها وتكسير ثوابتها الوطنية والعروبية بل والدينية، ناهيك عن تغيير العقيدة القتالية لبعض الجيوش العربية من التعبئة الواجبة لمواجهة العدو الصهيوني إلى قتل أبنائها داخل الوطن الواحد تحت ذريعة مواجهة الإرهاب!

إن ما قدَّمته المقاومة من دعم للأمن القومي العربي واضح جلي من خلال تضحياتها الكبيرة من أجل القدس والأرض والعرض وإعادتها للقضية الفلسطينية إلى بؤرة اهتمام العالم كله، وكشفها الوجه القبيح للحضارة الغربية والذي فسدت معه كل مساحيق التجميل التي صنعوها على مدار سنين بل عقود خلت!..

لكنه وللأسف ورغم كل ما ذكرنا فقد قوبل ذلك الدعم السخي من المقاومة لأمننا القومي العربي بحالة من الجحود الرسمي العربي لرموز المقاومة وممثليها في كافة المحافل والمؤتمرات الدولية والإقليمية، مع التجاهل التام لذكْرهم وحضورهم في قصور الرئاسة ومؤتمرات وزراء الخارجية، والدفع برجل التنسيق الأمني مع الجنرال الأمريكي "دايتون" في الضفة الغربية، وفرضه فرضا كصاحب وصاية دون أي وجه حق! رغم وضوح خيانته وانكشاف أمره، ناهيك عن دور الإعلام العربي ممن لا يدخر وسعا في تخوين المقاومة والغمز واللمز بها في مقابل التبجيل والتوقير للعصابة التي تكسبت بدماء الشهداء وآهات المعذبين من الأسارى والأمهات الثكالى، والتخذيل لعزائم الرجال، وخيانة القضية. وقد ساروا ملء السمع والبصر حتى أتخمت حساباتهم البنكية وفتحت لهم القصور والإقامات الفاخرة!..

وحتى الجامعة العربية لا تحمل أي ود للمقاومة ولا للشعوب العربية نفسها! ومواقفها وحديث أمينها دوما حميمي ودود مع أولياء نعمته من أصحاب الأعطيات؛ الأمراء والملوك والرؤساء من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو! ودائما ما يشعرك الرجل بعداوته الشديدة واستعلائه على ذكر المقاومة؛ تلك التي حفظت أمن المنطقة العربية التي يتصدر الأمين العام جامعتها ويتحدث باسمها..

ولك الله يا أمتنا العربية..