نشرت صحيفة "
التايمز" تقريرا، لمراسلتها في نيويورك، جوسي إنسور، قالت فيه؛ إن علاقة القرابة والانتماء الإيرلندية تجاه
فلسطين، قد تكون مكلفة جدا لجو
بايدن في انتخابات الرئاسة المقبلة، نهاية الشهر الحالي.
وأضافت بأن الرئيس الكاثوليكي الثاني للولايات المتحدة فخور جدا بأصوله الإيرلندية، غير أن دعمه الثابت لدولة الاحتلال الإسرائيلي في حربها على غزة، قد يكلفه كثيرا في الولايات المتأرجحة.
وأكّدت في بداية تقريرها، أن المتظاهرين تجمّعوا حول رجل كان يعزف الغيتار وهو يغني أغنية إيرلندية تراثية، عن المتمردين الذين طردوا المستعمرين الإنكليز في حرب الاستقلال الإيرلندي. وكانوا يلوحون بيد بالعلم الإيرلندي والأخرى بالعلم الفلسطيني، وارتدوا الكوفية الملونة بالأخضر والأبيض بدلا من اللون المعروف لها، أسود وأبيض، وخلفهم كانت هناك لافتة كبيرة كُتب عليها: "جو الإبادة الجماعية يجب أن يرحل".
وتقول؛ إن الإيرلنديين لديهم علاقة نسب طويلة مع الفلسطينيين، حيث رأوا مقارنة بين نضال هؤلاء ضد الاحتلال الإسرائيلي وكفاحهم ضد الحكم البريطاني.
وفي خطوة منسقة مع إسبانيا والنرويج، أعلنت إيرلندا اعترافها الرسمي بفلسطين، مما أدى إلى شجب فوري من دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وبعيدا عن البلد الأم بـ4,000، ميلا يقوم الإيرلنديون الأمريكيون بتنظيم أنفسهم وبأعداد كبيرة، من أجل التعبير عن غضبهم من دعم الرئيس بايدن لدولة الاحتلال الإسرائيلي في حربها ضد غزة. ويقول البعض في الشتات الإيرلندي والذين منحوا أصواتهم للرئيس المعتز بجذوره الإيرلندية؛ إن "موقفه من الحرب تركهم في وضع صعب".
وفي السياق نفسه، نقلت الصحيفة عن أستاذة الفن من فيرجينيا، نات كيرتين، 25 عاما قولها: "تستخدم إسرائيل التجويع مثلما استخدمه البريطانيون في إيرلندا في أثناء الجوع العظيم".
وصوتت كيرتين التي ينتمي والدها إلى ليمريك ووالدتها من كورك، لصالح بايدن في عام 2022، لكنها لا تستطيع أن تفعل هذا في تشرين الثاني/ نوفمبر، "أن يقوم بايدن بالمساعدة على ما يحدث اليوم، يظهر أنه لا يفهم تاريخه".
وأخبر بايدن في حفل لجمع التبرعات نظم قبل فترة في واشنطن، مجموعة من الإيرلنديين الأمريكيين: "أيها الرجال أنتم من جلبني للرقص عام 2020"، في إشارة إلى الانتخابات التي فاز بها ضد دونالد ترامب. وقال؛ إن انتخابات عام 2024 هي "للحفاظ على الشرف واللياقة والكرامة والمساواة"؛ فـ"الإيرلنديون الأمريكيون طالما صعدوا من القتال، وهذا هو من نحن".
فقد جعل بايدن من أصوله الإيرلندية وأكثر من أي رئيس منذ جي أف كيندي، الكاثوليكي الآخر، جزءا لا يتجزأ من هويته.
وطالما أشار إليها مستشهدا بالشاعر، ييتس وهيني، وتحدث عن "الفينغانيين من كاونتي لاوت وبيلويتيين من كاونتي مايو، الذين ركبوا سفن الأكفان عبر الأطلنطي قبل 165 عاما".
وترى كوين أرسيم- أومالي، التي تعود أصول عائلتها، لخمسة أجيال إلى كاونتي مايو، نفاقا، في خطابات بايدن، إذ تقول: "يقوم بشكل دائم بالإشارة إلى تراثه، وبالطريقة نفسها التي يلوح فيها بدعمه لإسرائيل، وهذه مسخرة".
وقالت المحامية، البالغة من العمر 32 عاما من بوسطن: "من الواضح أنه لا يعرف بشكل جيد جذورنا". وأرسيم- أومالي، هي عضو في مجموعة "إيرلنديون أمريكيون من أجل فلسطين" (إياب)، التي زاد عددها منذ حرب غزة، ولديها 100 فرع وآلاف الأعضاء في نيويورك وفيرجينيا وواشنطن وفي أنحاء نيو إنكلاند.
ويقولون؛ إن حركة احتجاجهم نابعة من أسلافهم في الوطن الأم. وكانت إيرلندا لعقود من أكبر الداعمين لفلسطين في الغرب، وكان النواب فيها أول من طالب بوقف الأعمال العدائية بعدما شنت دولة الاحتلال الإسرائيلي هجومها على غزة.
ويقوم أعضاء إياب الذين قال بعضهم؛ إن الأحداث في غزة دفعتهم نحو البحث في تاريخهم بشكل أعمق، بعقد صلات مع الداعمين لفلسطين في بلفاست لإنشاء حركة عالمية.
وهاجر أجداد الإيرلنديين الأمريكيين إلى الولايات المتحدة قبل ثلاثة أجيال، وعلى خلاف السكان الآخرين، فمن الصعب تسجيل مواقفهم واستطلاعها. ومن بين 333 مليون نسمة في الولايات المتحدة، هناك 30 مليون يقولون؛ إن أصولهم من إيرلندا، وهم ليسوا كتلة متماسكة في الانتخابات، إلا أن أصواتهم مهمة.
ويقول بران أوديور، وهو نائب رئيس الديمقراطيين الإيرلنديين الأمريكيين: "هم واحدة من الأصوات المتأرجحة المتبقية في الولايات المتحدة"، مقترحا أن من عادتهم دعم الفائزين.
ومن الرّهانات الكبيرة في انتخابات عام 2024، تأمين كل من نيوهامبشير ومين وبنسلفانيا، حيث يمثل الإيرلنديون الأمريكيون ما بين 10 -17 في المئة من السكان. وتعد نيوهامبشير "الأكثر إيرلندية" بنسبة 20 في المئة من السكان يزعمون أن أصولهم من إيرلندا.
وقامت اتحادات العمال في شمال- شرق البلاد التي سيطر عليها تاريخيا الإيرلنديون، بخطوات غير عادية، وأصدرت بيانات داعمة للقضية الفلسطينية. فيما استجاب المئات لدعوة من نقابة العمال الفلسطينيين، ووقعوا على مطالب تدعو لوقف إطلاق النار، حتى تلك النقابات التي دعمت قياداتها من الناحية التاريخية لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
ويعول الرئيس الذي يعدّ من أكثر من المدافعين عن النقابات في تاريخ أمريكا على دعمها، وقد ساعدته على الفوز ضد ترامب فيما يعرف بحزام الصدأ مثل ميتشغان وبنسلفانيا، بعدما وقفت مع ترامب ضد هيلاري كلينتون في عام 2016.
وتراجع دعم بايدن وسط النقابات المهمة بنسبة 50-56 في المئة، حسب آخر استطلاع نظمته شبكة أن بي سي نيوز. وليست السياسة الخارجية التي أدت لتراجع دعم بايدن. حيث إنه بالنسبة للطبقة العاملة أو أصحاب الياقات الزرقاء، فالقرار قد يتعلق بالتضخم والاقتصاد، ولا يرى الكثيرون أن أوضاعهم تغيرت خلال اربعة أعوام من حكم بايدن.
والتقى شين أوبراين، وهو الرئيس المؤثر لنقابة الأخوة الدولية لسائقي الشاحنات، بشكل خاص مع المرشح الجمهوري المفترض ترامب بداية العام الحالي، مما أثار جُملة أسئلة حول من ستدعمه أكبر نقابة في الولايات المتحدة بانتخابات تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وقال أوبراين بعد لقائه مع ترامب؛ إن الأخير أكد له أنه "داعم للعمال وخلق فرص عمل جديدة". فيما يرى إيرلنديون- أمريكيون تحدثت معهم الصحيفة، أن الأمر يتعلق بالخلاف الجيلي، وبخاصة فيما يتعلق بقضايا أساسية؛ مثل دعم أمريكا لدولة الاحتلال الإسرائيلي والاقتصاد وحقوق الإنجاب.
وقالت كيرتين؛ إنها ناقشت الانتخابات مع والديها، بما في ذلك من ينتخبون، لكنهم مختلفون "تم تصنيف والدي في المطارات البريطانية في السابق وعانى من التمييز"، و"لكنه انتقل إلى هنا وتشبع بكل الخطاب عن حرب الإرهاب بعد 9/11، وأصبح يرى في المقاومة إرهابا".
إلى ذلك، تظهر الاستطلاعات أن الجيل الشاب ميّال لليبرالية، وهو أكثر معرفة بالأمور الدولية من الجيل الذي سبقه، ويمكن ملاحقة هذا الميل إلى الإيرلنديين الأمريكيين.
وقالت أرسيم- أومالي؛ إن مواقفها السياسية مختلفة عن مواقف والديها، ممّن "لا يرون الأمور بالطريقة التي أراها". ويقول باتريك سوليفان، 59 عاما ومدير شركة إنشاءات، وصل جده روبرت إلى إليس أيلاند من كاونتي كيري بداية القرن العشرين؛ إنه لا يوافق مع النقابات والتعبير عن مواقف من النزاع أو موضوع التصويت.
ويعد سوليفان من بيتسبرغ أنه تعافى من الجمهوريين ولم يكن أبدا من أنصار ترامب، وصوت لبايدن في الانتخابات الأخيرة، وسيفعل هذا العام. وقال: "يعرف من أين جاء ولداه بمبادئ خلافا لترامب، وهو رجل شريف يعمل بجهد، ولا أعتقد أن على الناس استبعاده بسبب السياسة الخارجية. فإن السياسة يمكن أن تتغير بدقيقة، ولا يزال مع الرجل الذي يقف وراءها".
ولا تزال أرسيم- أومالي مترددة، أما كيرتين فقد قالت إنها لن تصوت لا للجمهوريين أو الديمقراطيين وهي ليست ملتزمة، وهو تكتيك شجعته حركة الاحتجاج المؤيدة لغزة؛ لأن الكثيرين منهم ديمقراطيون، فإن حجم الاحتجاج قد يترك أثره على بايدن.
ووصفت كيرتين التصويت الاحتجاجي بأنه "وسيلة للمقاومة"، مضيفة: "لا أستطيع التصويت لرجل ساعد وحرض على الإبادة، مهما كان الثمن، وحتى لو فاز ترامب".