خلافات توصف بـ"الحادّة"، تفرض نفسها بين أعضاء مجلس الحرب والطاقم الأمني والسياسي بدولة الاحتلال الإسرائيلي، بخصوص الملفات التي سيجري بحثها مع مستشار الأمن القومي الأمريكي،
جيك سولفيان، خاصة مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى وترتيبات اليوم التالي للحرب في
غزة.
وتوقفت المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس ودولة الاحتلال الإسرائيلي، قبل ما يُناهز أسبوعين، حيث أعلن جانب الاحتلال الإسرائيلي عن رفضه ورقة قدمها الوسطاء، ووافقت عليها الحركة.
ومنذ أشهر، كانت مصر وقطر والولايات المتحدة تقود مفاوضات غير مباشرة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي، وحركة "حماس"؛ بهدف التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار على
قطاع غزة، وتبادل للأسرى والمحتجزين بين الطرفين.
خلفيات الزيارة
يصل إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، الأحد، مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سولفيان، بغرض بحث عدّة ملفات، في مقدمتها، حسب عدد من الصحف العبرية، ما يرتبط بشكل مباشر بمفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى.
كذلك، من المرتقب أن يبحث المسؤول الأمريكي، ما يتعلّق بترتيبات اليوم التالي في قطاع غزة المحاصر، والعملية العسكرية في رفح، وأيضا ملف المساعدات الإنسانية للقطاع، وذلك في ظل تزايد حدّة الخلافات داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي.
إلى ذلك، تأتي زيارة سوليفان، عقب أيام قليلة فقط من زيارة قام بها المبعوث الأميركي الخاص للمنطقة، بريت ماكجورك، نحو الدوحة، إذ بحث مع رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، عملية استئناف جهود مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى.
وفي السياق نفسه، أكّد عدد من أعضاء الحكومة ومجلس الحرب، بينهم يوآف جالانت، وعضوا مجلس الحرب، بيني غانتس، وجادي أيزنكوت، على ضرورة تجميد العملية العسكرية الجارية في قطاع غزة المحاصر، والذي يعيش على إيقاع حرب هوجاء شنّها عليه الاحتلال الإسرائيلي، منذ أزيد من نصف سنة، في ضرب الحائط بكل القوانين الدولية الإنسانية.
كذلك، تم الإشارة إلى أهمية الشروع في مفاوضات تبادل الأسرى؛ فيما طالب أعضاء آخرون في الحكومة ومجلس الحرب بدولة الاحتلال الإسرائيلي، بينهم رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، بمواصلة الحرب التي لا ترحم بشرا ولا حجرا، وتوسيع العملية العسكرية في رفح، وبقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي في القطاع، إلى حين إيجاد حكم بديل لحركة "حماس".
تجدر الإشارة إلى أن عدد من أعضاء حكومة الاحتلال الإسرائيلي، خاصة وزيرا المالية، بتسلئيل سموترتش، والأمن القومي، إيتمار بن جفير، يطالبون بصورة متواصلة باحتلال قطاع غزة بصورة دائمة، وكذا إعادة بناء المستوطنات التي جرى إخلاؤها من القطاع في عام 2005؛ وهو ما يتم معارضته من أعضاء آخرين داخل حكومة الاحتلال نفسها، ما يجعل النقاش الحاد يحتدم بين الطرفين.
خلافات حادّة وتهديد بالانسحاب
إذا لم يحقق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عدد من الطلبات، بينها تحديد استراتيجية واضحة للحرب وما بعدها، فإنّ عضو مجلس الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس، سوف ينسحب من حكومة الطوارئ، وذلك وفقا لتصريحاته، السبت الماضي.
وقدّم غانتس، خلال مؤتمر صحفي، مهلة إلى نتنياهو، تصل ليوم 8 حزيران/ يونيو لتحديد هذه الاستراتيجية، فيما أكّد أن "المعركة الكبيرة التي نخوضها كشفت المعاناة التي يعيشها الإسرائيليون".
وأوضح: "منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم نعيش حربا وجودية"، مضيفا: "لم يتم اتخاذ أي قرارات حيوية، بعد سيطرة أقلية صغيرة على سفينة إسرائيل وقيادتها نحو هوة سحيقة".
وأكد غانتس أن "هناك أقلية صغيرة، سيطرت على قيادة دولة إسرائيل وتقودها إلى المجهول"، مردفا أنه "خلال الائتلاف الحكومي الذي دخلناه مع نتنياهو كان هناك وحدة قوية، ولكن في الفترة الأخيرة هناك تشويش".
وأشار إلى أن "من يتحكمون في دولة إسرائيل يتصرفون حاليا بجبن، وجزء من السياسيين يفكرون فقط في أنفسهم"، مشددا بالقول: "ننتصر في الحرب فقط إذا كانت لنا بوصلة استراتيجية واضحة؛ وأنا وزملائي سنفعل كل ما بوسعنا لتغيير المسار".
وطالب "مجلس الحرب ببلورة استراتيجية عمل جديدة بحلول يوم 8 يونيو، تتضمن إعادة الأسرى، وتقويض حكم حماس"، متابعا: "يجب العمل على إعادة المستوطنين إلى الشمال، وتعزيز التطبيع مع السعودية، وضمان خدمة كل الإسرائيليين للدولة، وعلى نتنياهو أن يختار بين الفرقة والوحدة وبين النصر والكارثة".
وكان نتنياهو، قد أعلن رفضه لطلبات غانتس، عقب تصريح صحفي، موالي لتصريحات غانتس، بالقول "إنها تعني إنهاء الحرب وهزيمة إسرائيل والتضحية بالأسرى، والإبقاء على حماس وإقامة دولة فلسطينية"، مضيفا: "في الوقت الذي يحارب فيه جنودنا في رفح يختار غانتس توجيه إنذار لرئيس الحكومة بدلا من حماس".
بدوره، كان وزير المالية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، قد هدّد نتنياهو بحل الحكومة، حال وافق على المقترح المصري للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى مع حركة "حماس"، وأوقف اجتياح رفح جنوبي قطاع غزة؛ ليظل السؤال الذي يتم تداوله بشكل واسع على مختلف منصات التواصل الاجتماعي: ماذا يريد الاحتلال الإسرائيلي بعد؟ ألم يكتف بكل هذه الفواجع؟
"صفقة الآن"
لمُطالبة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بإبرام صفقة مع حركة "حماس" لإعادة ذويهم، خرج آلاف الإسرائيليين للتظاهر، الاثنين الماضي، بينهم أهالي أسرى في قطاع غزة، قبالة وزارة الدفاع في تل أبيب.
ورفع المحتجون، جُملة من اللافتات، حملت بعضها عبارات من قبيل "صفقة الآن"، و"خانوهم"، وذلك في إشارة لتلكؤ حكومة الاحتلال الإسرائيلي في إبرام صفقة لإعادة الأسرى.
كذلك، حرص المحتجون على حمل لافتة عملاقة مكتوب عليها "رفح يمكن أن تنتظر، أما هم (الأسرى) فلا"، في إشارة لتلويح حكومة الاحتلال الإسرائيلية باجتياح رفح جنوبي قطاع غزة.
وفي هذا السياق، كانت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، قد قالت إن المحتجّين قد انتشروا بين شارعي بيغن والملك شاؤول، حيث يقع في الأخير مقر وزارة الدفاع أو ما تسمى منطقة كرياه. مضيفة أن الشرطة اعترضت المحتجين وهم في طريقهم إلى شمال المدينة، وذلك وسط اندلاع مواجهات بين الجانبين.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، لليوم الـ 225 على التوالي، وذلك وسط وضع إنساني أصبح يتجاوز وصف "الكارثي"، نتيجة تكاثف الحصار مع عمليات النزوح المتواصل، بفعل استمرار العدوان البري في عدد من المحاور.