تزدحم الملفات والأزمات التي تواجه رئيس وزراء
الاحتلال بنيامين
نتنياهو، بينما تدخل الحرب على قطاع
غزة منعطفات حرجة، لا سيما مع الضغط الدولي لإجراء
صفقة تبادل، والضغط المحلي من أجل اجتياح منطقة رفح جنوب القطاع ضمن عملية برية.
تشهد حكومة نتنياهو انقساما بين وزراء اليمين المتطرف الذين يهدّدون بحلّ الحكومة في حال عُقد اتفاق مع حماس، ونظرائهم الوسطيين الذي يعتبرون إطلاق سراح الرهائن أولوية قصوى، في وقت يحاول فيه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني
بلينكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة أثناء زيارته لتل أبيب الأربعاء.
ونشر موقع "
بلومبيرغ" الأمريكي تقريرا ترجمته "عربي21"، تحدث فيه عن الانقسام الذي تشهده الحكومة الإسرائيلية وما كشفت عنه إحدى الصحف الكبرى على الصفحة الأولى حول التحدي الذي يواجهه نتنياهو مع زملائه الرئيسيين في مجلس الوزراء تحت عنوان "من المسؤول هنا؟".
وبينما قال وزير الأمن القومي اليميني المتشدد إيتمار بن غفير، إنه "إذا لم تغزُ إسرائيل مدينة رفح جنوب قطاع غزة فإن نتنياهو يفهم جيدًا ما يعنيه ذلك"، بينما وصف الوزراء الوسطيون كلامه بـ "الابتزاز".
وذكر الموقع أن بلينكن التقى نتنياهو قبل أن يتوجه إلى حدود غزة ليطلع على تدفّق المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، حيث خاضت "إسرائيل" حربًا استمرت قرابة السبعة أشهر بعد هجوم حماس الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واختطاف 240 آخرين.
في المقابل، قُتل أكثر من 34 ألف فلسطيني في الهجوم الإسرائيلي، وذلك وفقا لمسؤولي الصحة في القطاع الذي تديره حماس. لا تفرّق الأرقام بين المقاتلين والمدنيين، في حين تدعي "إسرائيل" أن ثلثهم من المقاتلين.
في أعقاب الاجتماع، قال المتحدث باسم وزير الخارجية الأمريكية إنه "ناقش الحاجة إلى تجنب المزيد من التوسع في الصراع وأطلع رئيس الوزراء على الجهود الجارية لضمان سلام دائم ومستدام في المنطقة.
وكرر الوزير موقف الولايات المتحدة الواضح بشأن رفح"، لكن حتى لو تمكن نتنياهو من الحفاظ على تماسك حكومته، فقد سلطت الأيام الأخيرة الضوء على التحديات التي يواجهها.
وأشار الموقع إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى ضمان تبادل الرهائن بالأسرى ووقف مؤقّت لإطلاق النار يؤدي إلى نهاية الحرب، وترتبط بذلك الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات رسميا بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية والخطوات نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
قبل لقائه مع نتنياهو، تحدث بلينكن إلى المتظاهرين الغاضبين الذين يطالبون بعودة الرهائن خارج الفندق الذي يقيم فيه، قائلا: "إن إعادة أحبائكم إلى الديار يمثّل جوهر كل ما نحاول القيام به. هناك اقتراح قوي للغاية مطروح على الطاولة الآن. على حماس أن تقول نعم، وعليها أن تنفذ ذلك". لكن من غير الواضح على نحو متزايد ما إذا كان نتنياهو يستطيع قبول أي اتفاق والبقاء في السلطة.
وأورد الموقع أن الزعيمين المتطرفين بتسلئيل سموتريتش وبن غفير، اللذين يتعلق بقاء حكومته بهما، هدّدا بالانسحاب إذا أخّر غزو رفح وأطلق سراح مئات السجناء الفلسطينيين. وتقول "إسرائيل" إن الآلاف من مقاتلي حماس متحصنّون في رفح.
أما الوسطيّون، بقيادة بيني غانتس الذي انضم إلى حكومة الحرب بعد هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، قال إن الحكومة ستفقد شرعيتها إذا لم تبذل كل جهودها لإطلاق سراح الرهائن الـ 130 – الذين مات بعضهم وتم تحرير الباقين، ثم القلق بشأن رفح لاحقا.
ويبدو أن نتنياهو يحاول تحقيق الأمرين، وقال في اجتماع الثلاثاء مع عائلات الرهائن وأقارب الجنود الذين قُتلوا في المعارك، إن "فكرة إيقاف إسرائيل الحرب قبل تحقيق جميع أهدافها غير واردة. سندخل رفح وسنقضي على كتائب حماس هناك – بوجود اتفاق أو من دونه".
ومن جهتها، لم ترد حماس، المصنفة منظمةً إرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على الاقتراح بعد. ووفقا لمسؤول إسرائيلي نقلا عن صحيفة "هآرتس"، فإن مقترح الاتفاق يتضمن وقف القتال لعدة أسابيع وإطلاق سراح 33 رهينة والسماح لسكان غزة بالعودة إلى ديارهم في الجزء الشمالي من القطاع وإطلاق سراح مئات السجناء بعضهم أدينوا بارتكاب جرائم قتل.
وبحسب موقع "واينت" الإخباري الإسرائيلي فإن الاقتراح يُناقش وقف إطلاق النار لمدة سنة مع خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية.
وذكر الموقع أن وزير المالية سموتريتش صرّح يوم الثلاثاء بأن الحكومة "سوف تفقد حقها في الوجود" إذا امتنعت عن غزو رفح ووافقت على أي اقتراح "يبقي حماس سليمة". وقال إنه سيكون على استعداد لـ"دفع الثمن لإنقاذ إسرائيل من هذا الخطر الوجودي".
وكان بن غفير قد صوت ضد وقف إطلاق النار السابق في تشرين الثاني/ نوفمبر بعد إطلاق سراح أكثر من 100 إسرائيلي وأجنبي من غزة إلى جانب عدة مئات من السجناء الفلسطينيين.
وقال يائير لابيد، رئيس المعارضة الإسرائيلية، إنه تحدث مع بلينكن وأخبره بأن "نتنياهو ليس لديه عذر سياسي لعدم المضي قدما في اتفاق حول عودة المختطفين. لديه أغلبية صوت الشعب، لديه أغلبية في الكنيست، وإذا لزم الأمر سأتأكد من حصوله على الأغلبية في الحكومة".
ويشغل حزب لابيد 24 مقعدا في البرلمان المؤلف من 120 مقعدا، وقال سابقا إنه انضم إلى حكومة الحرب لشيء محدد مثل ضمان اتفاق تبادل الرهائن قبل السعي لإجراء انتخابات جديدة. وقال مسؤول في الحزب إن نتنياهو لم يتواصل مع لابيد قط بشأن هذه المسألة.
وأشار الموقع إلى أن الجيش الإسرائيلي في هذه الأثناء يستكمل الاستعدادات لتنفيذ عملية عسكرية في رفح، حيث يحتمي أكثر من مليون شخص من سكان غزة. ويُقال إنه يتم نصب عشرات الآلاف من الخيام شمال رفح كمناطق آمنة للمدنيين قبل أي غزو. ومع ذلك، يقول المسؤولون الأمريكيون إنهم لم يروا أي خطة جادة لحماية المدنيين حتى الآن.