في 17 كانون الأول /ديسمبر 1992، قام الاحتلال الإسرائيلي بإبعاد 415 من القيادات
الفلسطينية من حركة
حماس ومجموعة صغيرة من حركة الجهاد الإسلامي إلى منطقة
مرج الزهور في جنوب لبنان.
ورفض الجيش اللبناني دخولهم وطالبهم بالرجوع من جديد، ولكنه بعد ساعتين سمح لهم بالدخول والاستقرار في مرج الزهور والتي لم تكن سوى منطقة نائية، لا يوجد بها إلا الصخور والحجارة.
وقد شكلت منطقة مرج الزهور محطة للصحفيين من مختلف أرجاء العالم٬ حيث استطاع المبعدون تنظيم أنفسهم داخلياً، وترتيب أوضاعهم بعد اختيار المكان الأقرب إلى تراب وطنهم، وإلى نبع الماء.
الكاتب السياسي اللبناني ميشال نوفل٬ كان على موعد مع هؤلاء المبعدين٬ ووصف ما رآه في مرج الزهور في بداية عام 1993 "بالثروة الكبيرة".
وقد استطاع أن يصور فيلما بكاميرته عن حياة المبعدين وتفاصيل يومية٬ وكيف يتغلبون على الصعاب٬ وما هي آمالهم وأهدافهم. وقد عرض هذا الفيلم في صورته الأولى٬ حيث لم يخضع لمعالجة تقنية٬ في ناد لكل الناس تحت عنوان "مخيم العائدين".
وقد شكل الإبعاد نقطة فاصلة في تاريخ القضية الفلسطينية٬ فبينما كان الاحتلال يبعد رموز المقاومة٬ كان يجتمع مع حركة فتح في أوسلو لعقد صفقة تطبيع وتشكيل سلطة فلسطينية في بعض المدن في الأراضي المحتلة.
وشكل فيلم "مخيم العائدين" لحظة فارقة في أحداث سنة 1992 الخصبة. وذلك للتأمل في هؤلاء المبعدين وجميعهم من المميزين في مجتمعهم من الضفة إلى غزة. فقد كانوا أطباء من كافة الاختصاصات، ومهندسين، وأساتذة جامعات، وباحثين، وصحفيين.