حصدت حملة شعبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي
في
غزة، حملت اسم "سامح تؤجر"، من أجل العفو عن
الديون المستحقة على
الشهداء والمفقودين خلال العدوان على قطاع غزة، تفاعلا واسعا وترحيبا، في ظل صعوبة
تحصيلها ضمن الظروف الحالية.
وتقوم الحملة على التسامح الاجتماعي بين من لهم
ديون أو حقوق مالية على أشخاص استشهدوا، أو فقدوا ولم يعد يعرف مصيرهم، أو حتى
الأشخاص المتواجدين في أماكن النزوح، بسبب الحالة المادية التي فقد معها
الفلسطينيون في غزة كل ما يملكون، وباتت سداد الدين أمرا صعب المنال.
وتفاعل سكان غزة وأصحاب المصالح التجارية مع
الحملة، وكتب عبر صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي:
دفتر الديون
وتواصلت "عربي21" مع عدد من أهالي
القطاع، ممن لهم أو عليهم ديون، وبعضهم استشهد أبناؤهم، وهم مدينون ويرغبون في
السداد، لكن بسبب الحاجة الشديدة بدا الأمر متعذرا عليهم.
وقال أبو كامل المصري، صاحب أحد المحال التجارية
في منطقة أبراج الشيخ زايد، إن الكثير من سكان المنطقة كانوا مدينين له، لأن
الظروف قبل العدوان لم تكن جيدة بالأساس، لكن كان البعض يتمكن من السداد بعد حين.
وأوضح لـ"عربي21" أنه نزح عن
منطقته في الأيام الأولى للعدوان، لأنها كانت من أوائل ما تم قصفه، وكانت الديون
المقيدة في دفتر محله على سكان المنطقة تقارب ألفي دينار أردني.
وأضاف: "كيف السبيل لتحصيل هذه الديون
الآن، الكثير من سكان المنطقة إما شهداء أو مفقودين، والأغلب نزحوا وتفرقوا في
أنحاء القطاع، ولا أحد منهم يملك المال مثلي وأنا أجلس في خيمة، لذلك تحصيل هذه
الديون غير ممكن إلا يوم القيامة".
وتابع: "لذلك لا يمكن أن أطالب أحدا
بالدين المستحق، وأنا أسامح لوجه الله تعالى، وما عند الله خير وأبقى، وأعتبر ديوني
التي أسامح بها رحمة للشهداء ولأهاليهم".
البحث عن أصحاب الديون
من جانبها، قالت شيماء عبد العال، المقيمة في
تركيا، وهي شقيقة شهيد، إن شقيقها كتب ورقة مفصلة بكل الديون المستحقة عليه،
وسلمها لزوجته، قبل أن يتعرض للقصف في رفح قبل 3 أشهر ويستشهد.
وأوضحت لـ"عربي21" أن صورة الورقة وصلتها من زوجته، وقامت بمراجعتها بالتفصيل وحساب كافة الديون، من أجل سدادها عنه.
وأشارت إلى أنها وأقارب الشهيد في الخارج،
وفور علمهم بالديون المستحقة عليه، قاموا بحملة داخل العائلة، وتمكنوا خلال يومين
من جمع مبلغ يصل إلى 4 آلاف دينار أردني، قيمة الديون، وبدأوا بالتواصل مع أصحاب
الديون المسجلة أسماؤهم في الورقة واحدا تلو الآخر.
وأضافت: "رغم أن الوضع الاقتصادي في
غزة بات تحت الصفر بدرجات، فإن كثيرا من أصحاب الديون سامحوا بها لوجه الله
تعالى، رغم أننا أرسلنا الأموال وقمنا بالضغط عليهم ليأخذوها، لكن بعضهم
رفض".
مزق وثيقة حقوقه
وقال عز الدين يوسف، وكان موظفا بإحدى
الشركات في غزة، إن صاحب الشركة استشهد الشهر الماضي، وكان كتب له ورقة شهّد عليها عددا من أصحابه، أن له مستحقات مالية في ذمته، وهو راتب الشهر الأخير قبل اندلاع
العدوان.
وأوضح يوسف لـ"عربي21" أنه لم يطلب من صاحب عمله تلك الورقة، لكن بمبادرة منه لحفظ حقوقه، طلب اللقاء به في
مدرسة للإيواء في النصيرات، وخلال جلسة أشهد الحاضرين بأنه مدين لي، إلى حين تحسن
الأوضاع ورد الراتب.
وأشار إلى أن الرجل استشهد مع عدد أفراد
أسرته بقصف منطقتهم، وفور سماع نبأ استشهاده، "قمت بتمزيق ورقة اعترافه
بحقوقي المستحقة، وسامحته لوجه الله في الدنيا والآخرة، راجيا من الله أن يرحمه
ويرحمنا، فالمأساة التي نمر بها أكبر من أن نبحث عن تحصيل أموال من بعضنا، فالجميع
في الفقر سواء".