في ظل العجز الدولي والصمت عن جرائم
الاحتلال،
لتجويع سكان قطاع
غزة، لم تقف فعاليات شعبية في العالم العربي عموما، وفي الأردن
بشكل خاص، بانتظار تحرك كبير، فبادرت بشكل عام لتشكيل حملات إغاثية سريعة، ونجحت
بإيصال كميات كبيرة من الأغذية والمستلزمات الحياتية إلى كافة مناطق قطاع غزة.
وعلى الرغم من الصعوبات الكبيرة أمام تلك
الفعاليات، والتي تمثلت بدواوين عائلية وعشائر، وتجمعات أحياء في العاصمة الأردنية
عمان وبقيت المحافظات، إلا أنها شكلت نموذجا لمحاولة كسر حصار الاحتلال، وإغاثة
أهالي قطاع غزة، تعددت فيه قصص مؤثرة في العطاء لكثير من المتبرعين رغم الحاجة
والظروف الصعبة.
ومن النماذج التي نشطت خلال الفترة الماضية، في
كسر الحصار، وإيصال المساعدات بكميات كبيرة إلى قطاع غزة، ديوان أبو سليم في العاصمة
عمان.
دواوين عائلية
وحول فكرة الحملة التي أطلقها أبناء الديوان
لمساندة أهالي غزة، قال المنسق الإعلامي للديوان محمد أبو سليم
لـ"عربي21" إن الفكرة جاءت، خلال اجتماع لأعضاء الهيئة الإدارية
للديوان، من أجل التحضير لمشاريع خاصة برمضان.
ولفت إلى أنه خلال النقاشات، رأى المشاركون
أن الأولوية القصوى لأهلنا في غزة، وما يمكن تقديمه من مساعدات وإغاث عاجلة، وجرى
الاستعانة بخبرة أحد الأعضاء في إيصال المساعدات عبر جمعية مداد الخيرية، واتخذ
قرار على الفور بإطلاق مبادرة باسم ديوان العائلة.
وأوضح أبو سليم، أن الإقبال رغم أنه بدأ بين
أبناء العائلة، لكن بعد مشاهدة صور وصول المساعدات من المعارف والأصدقاء، فقد توسعت
المبادرة، وحجم المساهمة تضاعف بشكل سريع، وهناك الكثير من العائلات تواصلت معنا
للمشاركة الفورية.
وأضاف: "ما نقدمه قليل، أمام صمود أهل
غزة، وهذا واجبهم علينا، ورغم ذلك، فإن هناك أرباب أسر نعلم أن وضعهم في غاية الصعوبة،
لكنهم تبرعوا بمبالغ فوق قدرتهم، ومن نعرفهم من الميسورين في العائلة والمعارف
أيضا قدموا مبالغ كبيرة، دفعت بالمبادرة إلى الأمام".
وأشار أبو سليم، إلى أن إحدى السيدات، باعت بعد
علمها بالحملة، أحد خواتمها الذهبية، وقامت بتقديمه، فضلا عن أن الأطفال أيضا قدموا
حصالاتهم لشراء المساعدات.
وحول التقديرات لحجم المساعدات التي تمكنت
مبادرة الديوان من إيصالها لغزة، فقد أشار المنسق الإعلامي، إلى أنها بلغت حتى الآن أكثر من 500 وجبة غذائية، تتكون من اللحم والأرز، رغم ارتفاع الأسعار هناك في غزة
بصورة هائلة، إضافة إلى أكثر من مئة سلة من الخضار و100 كيس كبير من الطحين، وأكثر
من 250 طردا خيريا متنوعا وهناك كميات كبيرة من الأغذية والمستلزمات تم توزيعها
شمال قطاع غزة رغم الصعوبة البالغة في الحصول عليها.
أفكار مستقبلية
وبالتوازي مع ذلك، أطلق أبناء حي الطفايلة في
العاصمة عمان، حملة مشابهة منذ بدء العدوان على القطاع، وتمكنوا من توفير مستلزمات
غاية في الأهمية وصلت إلى حد تجهيز عيادة طبية عاجلة لتقديم الإسعافات الأولية بعد
تدمير القطاع الصحي.
وحول إطلاق مبادرة الحي، قال عبد الرؤوف
العكايلة عضو اللجنة الاغاثية في تجمع أبناء حي الطفايلة لـ"عربي21"،
إنها جاءت بعد مشاهدتنا لقصف سيارات الإسعاف في غزة، وكانت الفكرة ضرورة تعويض هذه
الخسارة على الفور.
وأوضح أن أبناء الحي، تداعوا على الفور، وبدأت
حملة تبرعات والبحث عن آلية لإيصال المساعدات بشكل عاجل للداخل، وتم التواصل مع
قافلة أميال من الابتسامات، والتي لها خبرة كبيرة في العمل الإغاثي في غزة، وتأمين
المستلزمات سواء من مصر أو داخل غزة.
ولفت إلى أن الحملة جهزت سيارة إسعاف في مصر،
وأدخلتها للقطاع، فضلا عن أكثر من خمسين خيمة مختلفة الحجم من أجل إيواء النازحين
بشكل عاجل، إضافة إلى تقديم أكثر من 15 ألف علبة حليب للأطفال، في ظل التجويع الذي
يمارس عليهم.
وأشار العكايلة، إلى أن المبادرة لجأت إلى التعاون
مع إذاعة حسنى المحلية، من أجل توسيع نطاق المشاركة، والتي لا تقتصر على أبناء
الحي رغم أنها انطلقت منه، لكن نرصد تقديم التبرعات من المحافظات الأخرى والقرى
والمخيمات بصورة كبيرة بعد التأكد أن كافة المساهمات تصل إلى أهلنا في غزة.
وروى عضو الحملة، عددا من القصص المؤثرة، خلال
جمع المساهمات لإيصالها إلى غزة، وقال: "الكثير من النساء أحضرن مصاغهن الذهبي، وتبرعن به لبيعه وشراء مواد إغاثية بثمنه".
وأضاف: "إحدى السيدات قدمت سوارين
ذهبيين، لا تملك غيرهما، فأشار لها القائمون على الحملة، بترك واحد لها على الأقل
والتبرع بالآخر، فرفضت وقالت إنهما طالما خرجا من يدي، فلن يعودا".
وقال العكايلة: "الأكثر من ذلك تأثيرا،
الأسر المتعففة في الحي، والتي نعمل بسوء أوضاعها المادية وفقرها، لكن رغم ذلك
كانوا من أوائل المشاركين في المساهمات، لرغبتهم في أن يكون لهم سهم في تعزيز صمود
أهلنا في القطاع أمام ما يواجهونه من عدوان".
وأضاف: "هناك أيضا
سيدة، تبرعت بسوار ذهبي، فقمنا بعمل ما يشبه المزاد عليها، لتشجيع الناس على
التبرع، فاشتراها أحد المتبرعين بـستة أضعاف
ثمنها، وقدم المال وطلب إعادتها إليها، وكان ردها بأنها تبرعت بها ولن تعود
إليها".
وبشأن أفكار مستقبلية
للحملة، لتطوير المبادرة، قال العكايلة: "لدينا الكثير من الأحلام، ربما
تترجم للواقع، والبعض طرح فكرة لماذا لا نساهم في إعمار المنازل المهدمة، وإنشاء
حي باسم حي الطفايلة في غزة، لتأكيد حضورنا مع أهلنا في فلسطين وتأكيد الثبات على
الأرض هناك، فضلا عن أفكار أخرى للمراكز الصحية والمساجد وكل ما يمكن لإعادة عجلة
الحياة للقطاع".