نشرت مجلة "
ايكونوميست" البريطانية، تقريرا، قالت فيه إن "شهر رمضان لم يكن ليكون هادئا في
غزة هذا العام، ولكن كان من المفترض على الأقل أن يكون وقتا مليئا بالأمل". مشيرة إلى أن "المسؤولين الغربيين والعرب حاولوا على مدى الأسابيع الماضية التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس، قبل أن يبدأ رمضان في العاشر من آذار/ مارس".
وأوضحت المجلة، أن "الفلسطينيين في غزة كانوا سيحصلون على فترة راحة من خمسة أشهر من الحرب شبه المستمرة. وكان عشرات الأسرى الإسرائيليين سيعودون إلى عائلاتهم. ويأمل الدبلوماسيون أن يتمكنوا بعد ذلك من تحويل وقف إطلاق النار المؤقت إلى وقف دائم".
وتابعت: "لكن لم يكن هذا ليحصل"، مشيرة إلى أن "المحادثات فشلت والحرب مستمرة. وتجاوزت حصيلة القتلى في غزة 31,000 شخص، غالبيتهم من المدنيين، بينهم 67 شخصا عثر عليهم ميتين في اليوم الأول من شهر رمضان".
وأكدت أن "العائلات تُكافح للعثور على طعام للإفطار؛ وقد دخل أكثر من 130 أسيرا شهرهم السادس في الأسر، ويعتقد أن العشرات منهم قد ماتوا بالفعل"، مردفة أن "المفاوضين لا يزالون يتحدثون. لقد كان شهر رمضان موعدا رمزيا، وليس موعدا نهائيا".
وفي السياق نفسه، تُعلّق المجلة أن "فشلهم في الوفاء بالموعد يثير أسئلة لم يرغب أحد في الإجابة عليها"، مشيرة إلى أن "الأول هو ما إذا كانت إسرائيل ستمضي قدما في الهجوم الذي هدّدت به منذ فترة طويلة في مدينة رفح الجنوبية، حيث لجأ الآن قسم كبير من سكان غزة".
"والخطوة التالية، وسط التحذيرات المتكررة من مجاعة تلوح في الأفق، هي كيفية زيادة تدفّق المساعدات الإنسانية دون هدنة. والأخير هو ما إذا كانت الحرب ستستمر الآن لأشهر أخرى، مع عدم قدرة أي من الطرفين على إعلان النصر أو استعداده إلى تقليص خسائره" يضيف التقرير نفسه.
واسترسلت أنه "في الفترة التي سبقت عطلة نهاية الأسبوع، قام المفاوضون برحلات مكوكية بين القاهرة والدوحة وباريس لإجراء محادثات. كانوا يأملون في تأمين توقف القتال لمدة ستة أسابيع".
وكانت حماس ستطلق سراح ما يناهز 40 أسيرا إسرائيليا خلال تلك الفترة، مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين. فيما كانت دولة الاحتلال الإسرائيلي مصرة على أنها سوف تستأنف القتال بمجرد انتهاء الاتفاق. ومع ذلك، فقد وافقت من حيث المبدأ على التوقف مؤقتا (كان الاتفاق النهائي يتطلب موافقة مجلس الوزراء).
إلى ذلك، تابعت الصحيفة أن "يحيى السنوار، وهو زعيم حماس في غزة، لم يوافق على ذلك. وواجه مبعوثه صعوبة في الوصول إليه أثناء المحادثات (حيث تعتقد إسرائيل أنه مختبئ تحت الأرض في مكان ما جنوب غزة)".
وأشارت: "عندما فعلوا ذلك، قبل أيام قليلة من شهر رمضان، أصر على وقف دائم لإطلاق النار، وهو مطلب كان يعلم أن إسرائيل سوف ترفضه. وأصبح المفاوضون من حماس عنيدين. وعندما طلب منهم تزويد إسرائيل بأسماء الرهائن الباقين على قيد الحياة، رفضوا".
"لا أحد يستطيع أن يقول بالضبط ما الذي يفكر فيه السنوار، ولكن الدبلوماسيين في المنطقة يعتقدون أنه يراهن على أمرين: أن استمرار مشاهد الموت والحرمان في غزة من شأنها أن تزيد الضغوط الدولية على إسرائيل، وأن شهر رمضان سوف يكون بمثابة شرارة العنف في القدس والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل. وكلاهما من شأنه أن يدفع إسرائيل إلى إنهاء حربها إلى الأبد، مما يوفر على حماس الحاجة إلى تقديم تنازلات من أجل تهدئة مؤقتة أخرى" تضيف
المجلة في التقرير نفسه.
إلى ذلك، تعلق المجلة أن "الهجوم المحتمل في رفح أثار قلق حتى أقرب حلفاء إسرائيل"؛ مردفة أن جو
بايدن، الرئيس الأمريكي، حذّر دولة الاحتلال الإسرائيلي من المضي قدما دون خطة لحماية 1.4 مليون مدني نزحوا إلى المدينة.
وقال لقناة "إم إس إن بي سي" التلفزيونية في 10 آذار/ مارس: "لا يمكننا أن نقتل 30 ألف فلسطيني إضافي". فكانت عباراته مُشوّهة إلى حد ما، لكنه وصف غزو رفح بأنه "خط أحمر"، وبدا أنه يشير ضمنا إلى أنه قد يمنع شحنات الأسلحة إذا عبرتها دولة الاحتلال الإسرائيلي (على الرغم من أن جيك سوليفان، مستشاره للأمن القومي، كان حريصا في وقت لاحق على التقليل من أهمية الفكرة).
وكما فعل منذ أسابيع، يصر بنيامين نتنياهو، على أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ستمضي قدما. ويرى أن رفح هي المعقل الأخير لحماس، ويجب على الاحتلال أن يهاجم كتائبها المتبقية. فيما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، في مقابلة مع "أكسل سبرينغر" الإعلامية الألمانية: "سنذهب إلى هناك. لن نتركهم. لكن على الأرض، لا توجد حتى الآن أي علامات على هجوم وشيك".
وتابع: "سحبت إسرائيل العديد من قواتها إلى محيط غزة وإلى الممر الذي يقسم القطاع. وما لم تقم بإعادة تعبئة بعض جنود الاحتياط الذين أعادتهم إلى بيوتهم خلال الشهرين الماضيين، فإنها تفتقر إلى القوة البشرية اللازمة لشن عملية كبيرة في مدينة ذات كثافة سكانية عالية".
وأكدت المجلة في تقريرها: "لقد واصلت حماس إطلاق وابل من الصواريخ على جنوب إسرائيل، لإثبات أنها لم تهزم، لكنها منكوبة إلى درجة لا تسمح لها بتشكيل تهديد خطير. وعلى هذا فإن جنرالات إسرائيل ليسوا في عجلة من أمرهم لدخول رفح: فهم يريدون الوقت للسماح لقواتهم بالراحة وإعادة تجميع صفوفهم".
واسترسل
التقرير نفسه: "ربما يرغبون أيضا في تجنب الهجوم أثناء شهر رمضان، الذي كان بمثابة حافز للعنف في الماضي. ساعدت الاشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى بالقدس خلال عطلة عام 2021 في تأجيج جولة من إراقة الدماء في جميع أنحاء إسرائيل والأراضي المحتلة".
وفي 12 آذار/ مارس، غادر زورق قطر يحمل 180 طنا من المواد الغذائية ميناء لارنكا القبرصي متوجها إلى غزة. وهذه السفينة، التي نظمها خوسيه أندريس، وهو طاه أمريكي إسباني وفاعل خير، هي أول سفينة مرخص لها بتسليم المساعدات إلى غزة منذ عام 2007. ومن المحتمل أن تقوم قوارب أصغر بنقل حمولتها إلى الشاطئ، حيث لا يوجد مكان ترسو فيه (تم قصف ميناء الصيد في مدينة غزة في وقت مبكر من الحرب).
إنها خطوة تجريبية لخطة أكثر طموحا لتوصيل المساعدات. وفي خطابه عن حالة الاتحاد في السابع من آذار/ مارس، أعلن بايدن أن أمريكا سوف تقوم ببناء رصيف مؤقت على ساحل غزة لاستقبال السفن الأكبر حجما. حيث غادرت سفينة حربية فرجينيا بعد يومين تحمل معدات. وقد شرعت ثلاث سفن أخرى على الأقل أيضا.
وسوف يستغرق الأمر عدة أسابيع حتى يتمكنوا من الوصول إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، وأسابيع أخرى لبناء الرصيف. ومن غير المرجح أن يبدأ تشغيل الرصيف حتى شهر أيار/ مايو.
لكن بناءه سيكون الجزء السهل. ويمكن للطريق البحري أن ينقل آلاف الأطنان من المساعدات إلى غزة يوميا، أي ما يعادل حوالي 200 شاحنة.
كذلك، من المرجّح أن تصل إلى النصف الشمالي من القطاع، الذي أصبح في حالة خراب إلى حد كبير وينزلق إلى الفوضى. والفلسطينيون البالغ عددهم 300 ألف الذين بقوا هناك هم الأكثر تضررا من نقص الغذاء.
إلى ذلك، أكدت المجلة أنه إذا "أخّرت إسرائيل عمليتها في رفح، وإذا نجحت مجموعة من عمليات الإنزال الجوي والسفن والشاحنات في تخفيف حدة الجوع المتفاقم في غزة، فإن الضغط الدولي الذي تأمل حماس في تحقيقه قد لا يتحقق. وقد لا يكون العنف كذلك: فإن التوترات مرتفعة، ولكن القدس والضفة الغربية كانتا هادئتين بشكل غير متوقع منذ تشرين الأول/ أكتوبر".
وأوضحت: "لن تكون هذه هي المرة الأولى التي يخطئ فيها السنوار في حساباته. فقد كان يعتقد بأن إيران ووكلاءها في "محور المقاومة" سينضمون إلى المعركة بعد عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وشعر بخيبة أمل إزاء الرد الفاتر من حلفائه".
وأضافت: أنه "مع عدم وجود هدنة ولا معركة طاحنة، فإن البديل هو الجمود. لن تتمكن إسرائيل من هزيمة حماس بشكل كامل أو إطلاق سراح جميع الرهائن، وهو هدفها المعلن للحرب. ولم تتمكن حتى من العثور على السنوار، على الرغم من المطاردة التي استمرت أشهرا؛ وما تبقى من حماس، من جانبها، لا يستطيع أن يأمل في شيء أكثر من الصمود، وبتكلفة مروعة يتكبدها شعبها".