أكد الخبير
العسكري الفلسطيني اللواء واصف عريقات، أن "
المقاومة الفلسطينية صامدة
وتستبسل بقوة وشجاعة منقطعة النظير، وأن هذا الصمود لم يتوقعه الجيش
الإسرائيلي"، لافتا إلى أن "المُقاوم الفلسطيني يستبسل ويواصل القتال في
الميدان، ويواجه الجندي الإسرائيلي، وينصب له الكمائن، ويشتبك معه من مسافة صفر،
ويُفجّر الدبابة بيده المباركة، ويقاوم بكل ما أوتي من قوة".
ولفت، في مقابلة
مصورة مع "عربي21"، إلى أنه "مع دخول الحرب شهرها السادس، ثبت أن
المقاوم الفلسطيني نشيط وفعّال، ولديه كفاءة قتالية، وروح معنوية عالية، وقدرات
هائلة على الصمود بعكس الجندي الإسرائيلي؛ فلا توجد حالة واحدة من المقاومة
الفلسطينية تُعالج من الصدمات النفسية، وهذه أكبر معادلة توضح الفرق الكبير بين
المقاتل الفلسطيني والجندي الإسرائيلي".
وحول مزاعم
نتنياهو بأن اجتياح
رفح سيقضي على "آخر معاقل"
حركة حماس، قال عريقات: "المقاومة عقيدة، وانتماء، وولاء، وفكرة.
المقاومة هي الشعب، والآن الشعب الفلسطيني كله مقاومة، ولا يمكن القضاء عليه مطلقا؛
فلا يوجد بيت الآن في فلسطين إلا وله ثأر مع الجيش الإسرائيلي".
وأوضح الخبير
العسكري، أن "هناك مسارين: الأول تفاوضي دبلوماسي، والثاني عسكري ميداني، وكلاهما
يؤثر بعضه على بعض، وأعتقد أن نتنياهو يريد تعطيل وإعاقة الوصول إلى أي اتفاق، أو
مفاوضات؛ لأنه يعلم تماما أن الوصول إلى اتفاق يعني إنهاء مصيره".
واستدرك قائلا:
"هناك ضغوط من الجبهة الداخلية لإسرائيل، ومن الأمريكان، والخلافات الداخلية،
والانقسامات في الحسابات العسكرية؛ فكلما طال أمد القتال في قطاع
غزة خسر الجيش
الإسرائيلي أكثر، هذه كلها حسابات ربما تجعل نتنياهو يتراجع قليلا ويقبل
بالمفاوضات".
وتاليا
نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
كيف
تقرأ الوضع العسكري والميداني اليوم في غزة؟
بعد مرور 159
يوما على العدوان، ما زال الجيش الإسرائيلي يتمدد، ويتوغل، ويشنّ حرب إبادة جماعية
ضد الشعب الفلسطيني، وعملية تطهير عرقي، وتهجير للفلسطينيين، ويشنّ في الآونة
الأخيرة حرب تجويع من أجل الضغط على المدنيين، وحتى لا يواجه المقاومة الفلسطينية
في الميدان، في المقابل المقاومة الفلسطينية تستبسل بقوة وشجاعة في التصدي
للاحتلال الإسرائيلي، رغم كل هذه الآلام الهائلة.
نعلم أن الشعب
الفلسطيني مكلوم؛ فهناك أكثر من مئة ألف شهيد وجريح ومفقود حتى الآن، وأكثر من
مليون وثلاثمئة ألف نازح فلسطيني من الشمال في رفح يعيشون في العراء دون ماء، أو
غذاء، أو كهرباء، وحتى المساعدات الإنسانية التي تُرسل لهم يحاول الجيش الإسرائيلي
منعهم من الوصول إليها.
إذن نتحدث عن
أهداف غير معلنة للجيش الإسرائيلي، وهي قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، وتهجير
ما يمكن تهجيره، والضغط على الشعب الفلسطيني من أجل النزوح إلى الجنوب، وإذا
استطاع الجيش الإسرائيلي الضغط عليهم للنزوح خارج قطاع غزة في المستقبل فسيكون أحد
الأهداف غير المعلنة للجيش الإسرائيلي.
بينما المقاومة
الفلسطينية ما زالت منتشرة حيثما تواجد الجنود الإسرائيليين، وتشتبك معهم في كل
مكان، وتوقع خسائر كبيرة في أرواحهم ومعداتهم، وتنصب لهم الكمائن، وتستثمر كل نقاط
قوتها مقابل نقاط ضعف العدو.
وهناك انقسامات
بين المسؤولين العسكريين والسياسيين الإسرائيليين؛ نتيجة عدم قدرة جيش الاحتلال على
تحقيق الأهداف المعلنة، وهي القضاء على المقاومة الفلسطينية، وتحرير الأسرى بالقوة
العسكرية.
أما الأهداف غير
المعلنة فهي التي تقوم بها الطائرات، ويقوم بها جنود الجيش الإسرائيلي الذين لا
علاقة لهم بالأعمال العسكرية سوى أنها جرائم حرب ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، كما
فعل أجدادهم عام 1948 من عصابات الهاجاناه، وشتيرن، وغيرها، حينما ارتكبوا المجازر
بحق شعبنا، وأوقعوا 15 ألف شهيد، ودمّروا أكثر من 550 قرية ومدينة فلسطينية،
وهجّروا عددا كبيرا من الفلسطينيين، والآن الجيش المسمى "الجيش
الإسرائيلي" يقوم بذات المجازر، والجرائم ولكن بلباس عسكري، وبصورة محدثة،
بطائرات حديثة، وقنابل مُحرّمة دوليا، ومدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية،
ومدعوم من دول الاتحاد الأوروبي.
ويقوم جيش
الاحتلال بكل هذه المجازر، وتلك الجرائم، وحرب الإبادة الجماعية التي لم تحدث منذ
الحرب العالمية الأولى والثانية.. والولايات المتحدة الأمريكية تدعي وتتشدق
بالقول: "إن من حق إسرائيل الدفاع عن النفس"، ولا تعطي هذا الحق
للفلسطينيين، ولكن الشعب الفلسطيني رغم كل هذه الآلام، وكل هذه الدماء، صابر،
وصامد على الأرض ويؤيد المقاومة ويحتضنها بقوة.
ما
أبرز النجاحات التي حققتها المقاومة الفلسطينية حتى الآن؟
المقاومة
الفلسطينية التي استطاعت يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي أن تهزم الجيش
الإسرائيلي، ونخبة النخبة من فرقة غزة، ومعها الوحدة 8200 وحدة الاستخبارات في
المنطقة، واستطاعت أن تعتقل وتأسر عددا كبيرا من قياداتهم، وهم الآن في قبضة
المقاومة الفلسطينية، وبعد هزيمة الجيش الإسرائيلي ماديا ونفسيا ومعنويا وعسكريا،
ما زال الجيش يعيش هذه الهزيمة.
ورغم أن جيش
الاحتلال لديه إمكانيات قوية كبيرة، وقادرة، ومدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية
بلا حدود، وإمكانات المقاومة الفلسطينية متواضعة، وأسلحتها مُصنّعة محليا، ومُحاصرة
برا، وبحرا، وجوا منذ 17 عاما، و159 يوم في الحرب، والمقاوم الفلسطيني يعيش في
ظروف غاية في الصعوبة والتعقيد، إلا أنه يستبسل ويسيطر على الميدان، ويواجه الجندي
الإسرائيلي، وينصب له الكمائن، ويشتبك معه من مسافة صفر، ويفجر الدبابة بيده
المباركة، ويقاوم بكل ما أوتي من قوة، والجندي الإسرائيلي يتراجع في كفاءته
القتالية، وروحه المعنوية، وقد اضطر الجيش الإسرائيلي أكثر من مرة إلى سحب العديد
من الألوية نتيجة ضراوة واستبسال المقاومين في المواجهة، كما جرى مع اللواء
«جولاني» في الشجاعية، ولواء «جفعاتي» في حي الزيتون، ولواء المظليين في خان
يونس.. كل هذا بالتأكيد بفعل المقاومة الفلسطينية الباسلة.
والمقاومة
الفلسطينية صامدة وتستبسل نتيجة صمود شعبنا الفلسطيني العظيم على كل الآلام التي
وقعت به.
يتساءل
البعض: هل النجاحات التي حققتها المقاومة الفلسطينية حتى الآن كانت تستحق كل هذه
التضحيات الهائلة؟
الشعب الفلسطيني
منذ 75 عاما يقبع تحت الاحتلال، والعذاب، والعقاب الجماعي، والحصار والغطرسة
الإسرائيلية، لم يعدم الاحتلال أي وسيلة عقاب جماعي ضد الشعب الفلسطيني إلا وقام
بها، ولم يعدم جريمة إلا نفذها ضد الشعب الفلسطيني.
في الآونة
الأخيرة كانت هناك قيادة صهيونية متطرفة يترأسها «نتنياهو» وأعضاؤها «بن غفير»
و«سموتريتش» الذين أعلنوا عن خطتهم، وهي خطة الحسم، بمعنى: على الفلسطيني أن يكون
عبدا لإسرائيل، وإلا سيُقتل أو يُهجّر، وشرعوا في تنفيذ هذا المخطط "الجهنمي".
بالإضافة إلى
أنهم أفلتوا المستوطنين على المسجد الأقصى، وكادوا أن يؤدوا الشعائر الدينية داخل
المسجد الأقصى، واستحضروا بقرة من الولايات المتحدة الأمريكية من أجل "بناء
الهيكل الثالث".
نحن أمام واقع
للجيش الإسرائيلي وقيادته وضع فيه الفلسطيني، ولا خيار أمام الفلسطينيين سوى
الصمود والمقاومة.
ما
تقييمكم لقدرات المقاومة الفلسطينية ومدى قدرتها على
إفشال المخطط الإسرائيلي؟
المقاومة لا
تخوض حرب جيوش، بمعنى ليس لها مواقع ثابتة يمكن للجيش الإسرائيلي أن يهزمها،
ويتقدم ويسيطر على هذه المواقع كما يفعل مع الجيوش النظامية. المقاومة عبارة عن
مجموعات صغيرة منتشرة ومتحركة، تعتمد على نقاط قوتها، ونقاط ضعف العدو، وتستثمر
ميدان القتال لصالحها، وهو ما تفعله الآن المقاومة الفلسطينية في
مواجهة الجيش الإسرائيلي.
وحينما دمّر الجيش
الإسرائيلي البيوت في غزة وسواها بالأرض من أجل تسهيل مهامه كان ذلك بمثابة "خدمة"
للمقاومة الفلسطينية، حيث يستخدمها المقاتلون الفلسطينيون بدلا من الخنادق
والأنفاق ليربكوا حسابات الجيش الإسرائيلي؛ فيخرجوا من تحت هذه الأنقاض لينقضوا
على الجيش الإسرائيلي ويوقعوا به الخسائر، نحن أمام مقاومة إمكانياتها تستطيع
الصمود أمام الجيش الإسرائيلي، نتيجة خوضها حرب شعبية طويلة الأمد.
وتكتيكات المقاومة
الفلسطينية أربكت الجيش الإسرائيلي إلى حد كبير، وهذا بفضل المهارات الميدانية
والقتالية والتهيئة لهذه المعركة التي لم تبدأ يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بل قبل
ذلك بكثير. لذا، المقاوم الفلسطيني ليس مقاوما عاديا، بل إن إسرائيل تحتاج إلى نحو
15 جنديا حتى تستطيع التعامل مع مقاتل فلسطيني واحد، بينما كلما أرتفع عدد الجنود
الإسرائيليين داخل قطاع غزة كلما أصبحوا فريسة للمقاومة، وهو ما سيؤدي إلى كثرة
الخسائر في صفوفهم.
الجيش
الإسرائيلي جُله من الاحتياط الذين تعتمد عليهم دولة الاحتلال في الناحية
الاقتصادية والحياة اليومية، وتقديري أن قدرة المقاومة الفلسطينية على الصمود أكبر
وأعلى بكثير من قدرة الجيش الإسرائيلي، وخاصة إذا ما تكبد هذا الجيش خسائر يومية
كما يحدث الآن في قطاع غزة، إضافة إلى أنه يعيش ظروفا لا يستطيع التكيف معها،
عندما نتحدث عن الإصابات في الأرواح والمعدات.
هناك أيضا
إصابات في الحالة النفسية للجنود والضباط الإسرائيليين؛ فهناك أكثر من 20: 30 ألف
حالة صدمة نفسية، وإذا استمر الجيش الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة سيرتفع
العدد، وبالتأكيد سيؤثر على كفاءة الجيش بشكل عام، وبناءً عليه فإن إمكانيات
المقاومة الفلسطينية أفضل بكثير مما هي عند الجنود الإسرائيليين، رغم أن الجيش الإسرائيلي
يقتل ويُدمّر ويقوم بحرب إبادة جماعية، ورغم الألم الفلسطيني، لكن يقابله ألم،
وخسائر إسرائيلية أيضا.
ومع دخول الحرب شهرها السادس، ثبت أن المقاوم الفلسطيني نشيط وفعّال،
ولديه كفاءة قتالية، وروح معنوية عالية، وقدرات هائلة على الصمود بعكس الجندي
الإسرائيلي؛ فلا توجد حالة واحدة من المقاومة الفلسطينية تُعالج من الصدمات
النفسية، وهذه أكبر معادلة توضح الفرق الكبير بين المقاتل الفلسطيني والجندي
الإسرائيلي، وهذا
الصمود لم يتوقعه الجيش الإسرائيلي.
ما
التداعيات المحتملة في حال قيام إسرائيل باجتياح رفح؟
كما تعد إسرائيل
لاجتياح رفح، أعتقد أن المقاومة الفلسطينية أيضا تعد نفسها للمقاومة والتصدي
للاحتلال، وواضح أن الجيش الإسرائيلي مرتبك في اتخاذ قرار رفح؛ لأنه يعلم تماما
حجم الخسائر التي سيُمنى بها إذا توجه إلى رفح.
هناك مليون
وثلاثمائة ألف نازح في رفح إضافة إلى ثلاثمائة ألف من أبناء رفح، أي مليون وستمائة
ألف، وهذه مشكلة ومعضلة عند الجيش الإسرائيلي، ولا يستطيع أن يقوم بهجومه البري
إلا إذا صمّم على ارتكاب مجازر، وحرب إبادة جماعية، وهو إعلان حرب جديد على الشعب الفلسطيني، وستكون هناك كوارث
إنسانية بشعة للغاية، إضافة إلى ما قام به من كوارث بحق الشعب الفلسطيني.
الحسابات
الإسرائيلية مرتبكة حتى الآن، وهناك خلافات رغم التهديدات التي نسمعها من الجيش الإسرائيلي؛
فكلما ارتفع سقف التهديد قَل التنفيذ، ولكن من وجهة نظر نتنياهو فإن رفح هي المخلص
له وللجيش الإسرائيلي، ويعتقد أن ما فشل في تحقيقه في الشمال، وغزة، وفي خان يونس،
ربما يستطيع تحقيقه في رفح، ولكن رفح ستكون عصية عليهم، خاصة مع حجم الخسائر التي
سيمنى بها الجيش الإسرائيلي.
أضف إلى ذلك
مغامرتهم مع القيادة المصرية والجيش المصري؛ فهناك اتفاقيات، وهناك ملاحق أمنية،
واعتداء على السيادة المصرية، وعلى الأمن القومي المصري، كل هذه حسابات يجب أن
تؤخذ بعين الاعتبار حين يؤخذ القرار، وهذا ما يعطل القرار الإسرائيلي تجاه رفح حتى
الآن، ولكن يستخدم كتهديد.
هل
اجتياح رفح سيقضي على "آخر معاقل" حركة حماس كما يزعم نتنياهو؟
قادة الاحتلال
أنفسهم أصبحوا يتحدثون عن "أهداف لا يمكن تحقيقها"، المقاومة الفلسطينية
بكل فصائلها منذ عام 1948 وهي تقاوم، وقد حاولت إسرائيل في العديد من المرات أن
تقضي على هذه المقاومة ولكنها فشلت.
المقاومة عقيدة،
وانتماء، وولاء، وفكرة، المقاومة هي الشعب، الآن الشعب الفلسطيني كله مقاومة، فلا
يوجد بيت الآن في فلسطين سواء كان في غزة، أو الضفة الغربية، أو في أراضي 48 أو في
القدس.. إلا وله ثأر مع الجيش الإسرائيلي.
الجيش
الإسرائيلي اعتدى على كل بيت، وكل فرد، والشعب الفلسطيني شعب مقاوم لا يمكن القضاء
عليه مطلقا، وهذا هو منهج التاريخ.
هل
الخلافات داخل إسرائيل سيكون لها انعكاسات على العمليات العسكرية لجيش الاحتلال؟
العمل العسكري عبارة
عن قرار سياسي من أعلى مستوى، والذي ينفذ القرار السياسي هو الجيش، وإذ لم يكن
هناك اتفاق فكيف سيكون تحديد الأهداف، وكيف ستنفذ الخطط العسكرية؟ فإن لم يكن هناك
انسجام واتفاق وتوافق بين المستوى السياسي والمستوى العسكري لن يكون هناك تنفيذ
للخطط العسكرية على الأرض كما يجري الآن.
الكثير من
القيادات الإسرائيلية تبوح وتقول بأن الجيش الإسرائيلي الآن، وبعد مرور 159 يوما
لم يحقق أهدافا سوى إنجازات جزئية، وهو ما جاء على لسان عضو مجلس الحرب «غادي
أيزنكوت» أما «إسحاق بريك» وهو المُقرب من «نتنياهو» يتحدث عن فوضى عارمة في
الجيش، ويقول إن الجيش يخوض معارك دون خطط، هذا كله ناتج عن الاختلاف والخلاف بين
المستوى السياسي والمستوى العسكري.
وبخلاف الوضع الذي كان موجودا في أعقاب "طوفان الأقصى"،
هناك اليوم ضعفا كبيرا في الجبهة الداخلية لإسرائيل، وهناك عدم ثقة في قدرة جيش
الاحتلال على تحقيق أهدافه المعلنة أو أنه سيحقق لهم الأمن والأمان، أو أنه سيحافظ
على أبنائهم في أرض المعركة.
ما تقييمكم للموقف الأمريكي من استمرار العدوان الإسرائيلي
على غزة؟
موقف مُشين للغاية، وبايدن قادر على إيقاف العدوان الإسرائيلي بكلمة
واحدة يقولها لإسرائيل، وكان يجب عليه أن يقول لهم "كفى" منذ اللحظة
الأولى، وكان يجب عليه إيقاف إرسال الأسلحة والمعدات القتالية إلى إسرائيل، لكننا
نعلم جيدا أن واشنطن شريكة في حرب الإبادة الجماعية، إن لم تكن هي الآمرة بهذه
الحرب، خاصة أنها تعلن عن موقفها الرافض لوقف إطلاق النار، وهو ما يعني تأييد
الولايات المتحدة لقتل الفلسطينيين سواء من خلال القنابل المُحرّمة دوليا أو عبر
حرب التجويع التي نشهدها اليوم، وأمريكا هي التي تستخدم الفيتو في مجلس الأمن
الدولي رفضا لقرارات وقف إطلاق النار، وبالتالي أرى أن مسؤولية أمريكا عن المجازر
والكوارث الإنسانية التي تحدث في بلادنا لا تقل عن مسؤولية إسرائيل، وحقيقةً
إسرائيل ليست قوية في مواجهة الشعب الفلسطيني، بل تستقوي بالدعم الأمريكي والغربي
لها.
وفي تقديري، هذه المرة، وبعد عملية "طوفان الأقصى"
المباركة، هناك تغير كبير في المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، حتى داخل البيت
الأبيض هناك خلافات واضحة بينهم، وهناك مطالبات لبايدن بأن يتوقف عن دعمه لإسرائيل
بهذه الطريقة العمياء.
ما
فرص التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار خلال الأيام المقبلة؟
هناك مسارين:
مسار تفاوضي دبلوماسي، ومسار عسكري ميداني، كلاهما يؤثر بعضه على بعض، وأعتقد أن
«نتنياهو» يريد تعطيل وإعاقة الوصول إلى أي اتفاق، أو مفاوضات؛ لأنه يعلم تماما أن
الوصول إلى اتفاق يعني إنهاء مصيره.
من جانب آخر
هناك التزام بين «نتنياهو» «وبن غفير» «وسموتريش» على تنفيذ خطة الحزم، بمعنى
الاستمرار في العدوان على قطاع غزة، والضفة الغربية، والقدس، لذلك هو مرتبك، ومُقيد،
ويريد تعطيل الاتفاقيات.
وهناك أيضا
الضغوط من الجبهة الداخلية، ومن الأمريكان، والخلافات الداخلية، والانقسامات في
الحسابات العسكرية التي يخشاها؛ فكلما طال أمد القتال في قطاع غزة خسر الجيش
الإسرائيلي أكثر، هذه كلها حسابات ربما تجعل «نتنياهو» يتراجع قليلا ويقبل
بالمفاوضات.