يثير توجه الإدارة الأمريكية إلى إنشاء ممر بحري تحت عنوان نقل
المساعدات الإنسانية إلى قطاع
غزة، مخاوف وشكوك الكثيرين من أن يكون خلف هذا الإجراء أهداف أخرى "خبيثة"، إذ كيف لإدارة تمعن في قتل
الفلسطينيين في غزة عبر إمدادات السلاح اللامحدودة لـ"إسرائيل"، أن يصحو ضميرها فجأة، لتقرر فتح ممر بحري للمساعدات.
وشكك ناشطون وسياسيون بالخطة الأمريكية وجدواها ونواياها، مشيرين إلى أنه كان يمكن لواشنطن أن تمارس ضغوطها لتسريع دخول المساعدات برا إلى قطاع غزة، عبر معبري رفح وكرم أبو سالم، دون الحاجة إلى إنشاء ميناء بحري مؤقت يستغرق وقتا طويلا لتدشينه، فيما يقتل الجوع الفلسطينيين في غزة.
بينما رأى آخرون في الخطة الأمريكية، محاولة للتخفيف من تبعات وحالة الرفض للدعم الأمريكي المفتوح الإسرائيلي، وتوفير الغطاء للإبادة الجماعية في غزة، بما فيها استخدام الجوع كسلاح ضد المدنيين العزل.
وكان بايدن في خطاب حالة الاتحاد بالكونغرس، قال إنه سيوجه الجيش لقيادة مهمة "طارئة" لإنشاء رصيف بحري مؤقت في البحر المتوسط على ساحل غزة، لإيصال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، مشيرا إلى أنه "لن تكون هناك قوات أمريكية على الأرض".
الجانب الإنساني لما أعلنه الرئيس الأمريكي من وراء ذلك المخطط، هو إيصال المساعدات الإغاثية لقطاع غزة وإنشاء مستشفيات عائمة لعلاج جرحى الحرب، لكن الكثير من المراقبين لهم رأي آخر، ويرون أن أسبابا أخرى تقف خلف هذه الخطوة.
"ظاهره مساعدات وباطنه هجرة"
الخبير الأردني في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، هشام خريسات، يعتقد أن "الرصيف العائم على شواطئ غزة، ظاهره مساعدات وباطنه هجرة طوعية إلى أوروبا".
ولفت إلى أن "هذا الميناء التكتيكي العسكري سيلقى مباركة إسرائيلية؛ لأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتطلع إلى فكرة طرحه منذ بداية الحرب، بهدف التهجير الطوعي للغزيين، والهروب إلى أوروبا"، مشددا على أن "إسرائيل ستوافق على الميناء لسببين، وهما تمرير صفقة تبادل الأسرى، والهجوم البري على رفح بدون إغضاب واشنطن".
ومن شأن هذه الخطوة من وجهة نظر خريسات أن يخرج معبر رفح عن الخدمة بالتأكيد؛ "لأن إسرائيل لا تثق به، وتعتبره المدخل الرئيسي لأسلحة حركة حماس".
ولفت خريسات إلى أن "الشيء المهم هو أن جميع السفن التي ترسل المساعدات الإنسانية لا تذهب إلى الميناء الأمريكي بغزة مباشرة، بل ستذهب إلى ميناء أسدود ليتم تدقيقها وفحصها ثم ترسل تحت سيطرة البحرية الإسرائيلية والمسيرات إلى القطاع الفلسطيني"، وفق ما قاله لوكالة الأناضول.
وشدد خريسات على أن "الجيش الأمريكي سيبقى بالبحر، وسيشرف من بعيد على الميناء؛ لأنه يعتبر غزة بيئة معادية له".
نقل أهل غزة لقبرص
الكاتب السياسي، محمد المختار الشنقيطي علق على الخطوة بالقول، إن بناء أمريكا للميناء، ليس لنقل المساعدات، بل لنقل أهل غزة إلى قبرص، وتشتيتهم في أرجاء العالم، وتمليك غزة وحقول غازها للدولة اليهودية.
ورأى الشنقيطي أن أمريكا لو كانت تريد مساعدات لغزة لكفاها أن تأمر السيسي بإدخال المساعدات التي تعفنت في الشاحنات في رفح.
القيادي في جماعة الحوثي، محمد علي الحوثي قال مخاطبا الأمريكيين بعد إعلانهم بناء ميناء غزة، إن معبر رفح لا يحتاج إلى بناء، والمساعدات تتكدس أمامه، والمطلوب التوجيه بإدخالها فقط.
ورأى في تصريح له أن "الموضوع هو مهله إضافية للكيان الإسرائيلي للاستمرار في تجويع أبناء غزة واستخدامه كسلاح ضدهم".
واعتبر أن "الحديث عن بناء ميناء بحري ليس سوى ذر للرماد في عيون العالم، ليتمظهر الأمريكي في ثوب الإنسانية التي داسها منذ أول يوم لحصار غزة من قبل سنوات".
تسلل أمريكي
وزير الخارجية التونسي السابق، رفيق عبد السلام، قال إن الأمريكيين يريدون التسلل إلى غزة تحت غطاء إقامة ميناء للمساعدات الغذائية.
ويعتقد عبد السلام أن ما عجز الإسرائيلي عن تحقيقه بعد قتال دام خمسة أشهر يريد أن ينتزعه الأمريكي تحت غطاء تقديم الإغاثة للغزيين بعد إعطاء غطاء لتقتيلهم وتجويعهم.
وتاليا ترصد "عربي21" آراء محللين وسياسيين حول الميناء الأمريكي: