أصدر مركز الرصد الإعلامي (
CFMM) ومقره
بريطانيا، تقريرا مؤخرا بعنوان "التحيز الإعلامي بشأن الحرب على
غزة 2023-2024"، الذي يكشف عن تحيز كبير في التغطية الإعلامية لصالح دولة
الاحتلال.
ويعد التقرير بمنزلة فحص نقدي للتغطية الإعلامية المحيطة بالحرب الإسرائيلية على غزة في الشهر الأول بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث يسلط الضوء على التحيزات والتشوهات الكبيرة في وسائل الإعلام الرئيسية.
ونظرا للاستقطاب الحاد الذي دار منذ ذلك اليوم، يدقق التقرير، دون محاباة، في التغطية الإعلامية ومدى عرض الحقائق الأساسية.
والتقرير هو نتيجة أشهر من التحليل النوعي والكمي من قبل الباحثين في مركز مراقبة وسائل الإعلام. وقام التقرير بفحص مجموعة واسعة من البيانات التي حللت 176,627 مقطعا تلفزيونيا من أكثر من 13 محطة بث، و25,515 مقالا إخباريا من أكثر من 28 موقعا إعلاميا على الإنترنت في المملكة المتحدة.
وفي النتائج الرئيسية التي خرج بها التقرير، من حيث استخدام اللغة، قال التقرير؛ إن التقارير الإعلامية استخدمت "اللغة العاطفية" تجاه الإسرائيليين على أنهم ضحايا الهجمات أكثر من الفلسطينيين بـ 11 مرة.
وبشأن "تأطير الأحداث"، روجت معظم القنوات التلفزيونية بأغلبية ساحقة لـ"حق إسرائيل" في الدفاع عن نفسها، مما يطغى على الحقوق الفلسطينية بنسبة 5 إلى 1.
كما تمت الإشارة إلى وجهات النظر الإسرائيلية أكثر بثلاث مرات تقريبا من وجهات النظر الفلسطينية.
أما في الأخبار المنشورة على الإنترنت، فكان الرقم ضعف ذلك تقريبا.
وبشأن سياق الحرب، فقد صورت 76% من المقالات على الإنترنت الصراع على أنه "حرب بين إسرائيل وحماس"، في حين أن 24% فقط ذكرت فلسطين أو الفلسطينيين، مما يشير إلى الافتقار إلى السياق الصحيح في الأخبار.
كما واجهت الأصوات المؤيدة للفلسطينيين التحريف والتشهير من قبل وسائل الإعلام، مما يؤدي إلى إدامة الصور النمطية الضارة.
وكانت القنوات الإخبارية اليمينية والمطبوعات البريطانية اليمينية في طليعة من قاموا بتشويه صورة المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، على أنهم معادون للسامية أو عنيفون أو مؤيدون لحماس.
وقال التقرير؛ إنه كان هناك 361 مقطعا إخباريا تلفزيونيا، تم العثور فيها على مصطلح "مقطوع الرأس" و"أطفال". وما يقرب من 50% منها كانت على القناتين البريطانيتين اليمينيتين "توك تي في" (27%) و"جي بي نيوز" (20%) مع "سكاي نيوز" التي تمثل (14%).
ومن بين 361 إشارة، لم يكن هناك سوى 52 إشارة أظهرت أي تحدّ أو دحض أو تشكيك كاف في الادعاءات.
وسلط تحليل استخدام اللغة في التغطية الإعلامية الضوء على اتجاه مثير للقلق، حيث سلطت اللغة الانفعالية الضوء بشكل غير متناسب على المعاناة الإسرائيلية، مع التقليل من أهمية الضحايا الفلسطينيين.
كما واجهت الأصوات المؤيدة للفلسطينيين التحريف والتشهير من قبل وسائل الإعلام، مع استخدام مزاعم معاداة السامية والإرهاب كسلاح لتشويه سمعة جهود المناصرة المشروعة. وأدى هذا التحريف المنهجي إلى إدامة الصور النمطية الضارة، وقوض مصداقية النشطاء المؤيدين لفلسطين.
على سبيل المثال، وصفت قناة "جي بي نيوز" و "توك تي في" المتظاهرين على أنهم "موالون لحماس"، على الرغم من أن الاحتجاجات تسلط الضوء على محنة الفلسطينيين وتدعو إلى وقف إطلاق النار.
كما تناول التقرير التقاطع بين الأزمة والإسلاموفوبيا، خاصة مع ارتفاع جرائم الكراهية المرتبطة بالإسلاموفوبيا بنسبة 335% منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
ووجد التقرير أن العديد من الشخصيات الإعلامية البارزة وكبار المحررين والصحفيين، رددوا استعارات معادية للإسلام حول العقيدة والهوية الإسلامية، بهدف تقويض القضية الفلسطينية و/أو المدافعين عن الفلسطينيين.
ووجد التقرير أيضا كيف قامت بعض وسائل الإعلام والمعلقين بتصوير الصراع على أنه بين المسلمين واليهود. وتم تصوير المعارضة لإسرائيل على أنها معادية للسامية من قبل بعض المنشورات والمعلقين.
وقال المؤلف الرئيسي فيصل حنيف في التقرير: “ينبغي الإبلاغ عن الفلسطينيين كبشر يتمتعون بحقوق كاملة غير قابلة للتصرف كما تتمتع بها جميع الشعوب. وهذا يستلزم أيضا كيفية تقليص هذه الحقوق في حرب أبدية ضدهم، تعود أصولها إلى عقود عديدة قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023".
وقالت رضوانة حامد، مديرة مركز الرصد الإعلامي: “بينما تتنقل المؤسسات الإعلامية في تعقيدات الصراع، من الضروري التمسك بمبادئ العدالة والدقة والشمولية، وضمان سماع جميع الأصوات، وتمثيل جميع وجهات النظر".
وقال الصحفي والمؤلف بيتر أوبورن، في مقدمة التقرير: "بعض التقارير الخاطئة التي تم تسليط الضوء عليها في هذا التقرير، تنبع من الجهل وليس التحيز، ويشير أيضا إلى المفارقة غير البديهية والكاشفة للغاية، المتمثلة في أن الصحفيين الإسرائيليين الرئيسيين كانوا أكثر استعدادا لقول الحقيقة عن الحرب في غزة أكثر من نظرائهم البريطانيين".