كشف
إعلان وزير خارجية
روسيا سيرغي لافروف عن استحالة التطبيع بين
تركيا والنظام السوري
بسبب الظروف الحالية، اتساع هوة الخلاف بين أنقرة ودمشق، بحيث يبدو أن هذا المسار قد
وصل إلى طريق مسدود، بعد نحو عامين على انطلاقه برعاية ودفع روسي.
وكان
لافروف قد قال للصحفيين خلال مشاركته في "منتدى أنطاليا" الدبلوماسي في تركيا،
إن "روسيا مهتمة بتعزيز تطبيع
العلاقات بين تركيا والنظام السوري ولقد عملنا على
ذلك"، مستدركاً: "لكن الخطوات العملية الآن مستحيلة بسبب الأوضاع في غزة".
واعتبر
الوزير الروسي أن "ما يجري في مناطق أخرى يؤثر بشكل مباشر على جميع المشاركين
في هذه العملية، أعني القصف الذي شنه الأمريكيون على أهداف معينة تابعة للقوات الموالية
لإيران، وقصف العراق وسوريا واليمن"، مضيفاً أن "مثل هذه الأعمال تصرف الانتباه
عن العملية الطبيعية لبناء العلاقات بين
سوريا وتركيا".
تزامناً،
نفى مصدر في الرئاسة التركية الأنباء التي رشحت عن عقد اجتماع قريب بين الرئيس التركي
رجب طيب أردوغان، ورئيس النظام السوري، بشار الأسد، في العاصمة الروسية موسكو، وأَضاف
لوكالة "نوفوستي" الروسية أن "خطط عقد اجتماع في موسكو ليست معروفة
بالنسبة لنا".
وكانت
روسيا قد رعت مسار تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري، حيث عقد أول لقاء رسمي
على مستوى وزراء الدفاع في العام 2022، وبعدها بعام اجتمع وزراء خارجية النظام وتركيا
بحضور الوزير الروسي، لكن لم يحصل بعد ذلك اللقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
ورئيس النظام بشار الأسد، وهو اللقاء الذي كان من المتوقع منه أن يتوج مسار التطبيع.
وتعليقاً،
يقول الكاتب والمحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو، إن المؤشرات ترجح فشل مسار التطبيع،
وخاصة بعد التقارب التركي الأمريكي الأخير، والخلافات الكبيرة بين الجانبين.
أما
عن سبب إعلان لافروف عن "استحالة التطبيع"، يؤكد رضوان لـ"عربي21"
أن "روسيا هي راعية المسار، وباعتقادي فإن اختيار لافروف تركيا للإعلان عن ذلك
ينطوي على رسالة روسية لتركيا من داخل تركيا".
"سوريا
ليست أولوية"
من جهته،
يقول الكاتب والمحلل السياسي التركي عبد الله سليمان أوغلو إن الحرب في غزة غيرت أولويات
معظم الدول الإقليمية، ومنها روسيا وتركيا، لذلك من الطبيعي أن يتراجع الاهتمام بالملف
السوري حالياً، هذا من جانب.
ومن
جانب آخر، يلفت في حديثه لـ"عربي21" إلى أن تركيا تنظر إلى ما حققته الدول
التي طبعت علاقاتها مع النظام السوري، ويقول: "لم تحقق الأردن أو السعودية أي
شيء، أي لم يحدث تقدم سياسي، وكذلك لم تتوقف شحنات المخدرات انطلاقاً من سوريا، وبالتالي
أدركت أنقرة أنها لن تجد أي منفعة من الذهاب نحو النظام".
وبحسب
سليمان فإن غرض بلاده الأساسي من التطبيع مع النظام هو مكافحة التنظيمات الإرهابية
التي تسيطر على الحدود السورية- التركية، لكن مع ضعف النظام وانكفاء الروس في سوريا
بعد الحرب الأوكرانية، لا يمكن تحقيق أي تعاون في هذا الملف.
أما
عن ملف عودة اللاجئين، يوضح الكاتب التركي أن الوضع الاقتصادي والأمني في سوريا لا
يساعد على عودة اللاجئين، ما يعني أن "ملف التطبيع في حكم المؤجل إلى حين وجود
معطيات جديدة".
في المقابل،
يرى المتحدث باسم "المصالحة السورية" التابعة للنظام، عمر رحمون، أن
"مسار التطبيع السوري التركي لم ينطلق بعد حتى يفشل".
ويضيف
لـ"عربي21" أنه "ليس لغزة وغيرها علاقة بهذا المسار، وتصريح وزير الخارجية
الروسي نوع من التعمية السياسية ليسير قطار التطبيع بجو من الهدوء ريثما تكتمل الطبخة
السياسية"، على حد تعبيره.
ووفق
معلومات متداولة، كانت تركيا قد اشترطت تعديل الدستور السوري، وإجراء انتخابات عادلة
في سوريا، وعودة اللاجئين السوريين بأمان إلى بلادهم، أما النظام فيطالب بانسحاب الجيش
التركي من الأراضي السورية، أو جدولة الانسحاب على الأقل، وهو ما ترفضه أنقرة.