ملفات وتقارير

سوريا والعراق ينقلبان على الدولار.. هل عملة التجارة الجديدة ستشمل صادرات النفط؟

شهدت حركة التجارة البرية بين البلدين الجارين انخفاضا ملحوظا بفعل الضربات الأمريكية الأخيرة- إكس

مع وصول حجم التبادل التجاري بين سوريا والعراق إلى رقم كبير، بات البلدان الجاران يسعيان إلى تبديل العملة المعتمدة في التجارة بينهما بعيدا عن العملة الصعبة.

وكشف رئيس مجلس الأعمال العراقي السوري، حسن الشيخ زيني، عن "تخطي حجم التبادل التجاري بين العراق وسوريا حاجز المليار دولار"، مشيرا إلى "وجود آليَّة لاعتماد عملات أخرى غير الدولار في هذا التبادل، وإلى أن اللجان المشتركة بين البلدين تود الابتعاد عن "الأخضر" الأمريكي".

وتقترح سوريا، التي تعاني من عقوبات قانون قيصر الأمريكي، أن يستخدم البلدان في المرحلة المقبلة  "الروبل الروسي أو الين الياباني أو اليوان الصيني أو الدرهم الإماراتي".

وفي السياق نفسه، دعا المسؤول الاقتصادي إلى "إنشاء مصارف للتبادلات التجارية لإمكانية ترك الدولار وعمل منصة أخرى بهذا الجانب"، موضّحا أن "التبادل يشمل الزراعة والصناعة والتجارة والنقل والجمارك وكل ما يتعلق بالغذاء والدواء".

هروب من الهيمنة الأمريكية
يرى الباحث السياسي عباس الجبوري، أن "هذا التحول يصب في مصلحة البلدين"، عازيا ذلك إلى "محاربة الولايات المتحدة لسوريا والعراق بالدولار". 

ولفت الجبوري، في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "لجوء الطرفين لعملة أخرى يعد تخلصا من السيطرة الأمريكية على مصدر القرار التجاري للبلدين".

"تكمن استفادة العراق من هكذا خطوة، في التخلص من تحكم واشنطن بالأموال العراقية بالبنك الفيدرالي الأمريكي، إذ يعد هذا الإجراء مخرجا لتجاوز هذه الأزمة وعدم الانصياع للأوامر الأمريكية"، حسب الجبوري.

الباحث السياسي، بيّن أن "الولايات المتحدة تتحكم بالأموال العراقية بحجّة البند السابع"، مضيفا أنه "من المفترض خروج العراق من هذه الوصاية لإكماله كافة الديون المترتبة عليه تجاه الكويت".

ويتفق الخبير الاقتصادي، همام الشماع، مع نظيره الجبوري، بأن "هذه الخطوة تهدف إلى التخلص من الدولار لأن الولايات المتحدة تفرض قيودا مشددة على تحركات الدولار، في محاولة منها لمنع وصوله إلى إيران وروسيا".

خلال حديثه لـ"عربي21"، استبعد الشماع، أن "يكون للشركات الصينية التي نشطت في العراق، دور في تشجيع العراق وسوريا على اتخاذ هذا الإجراء".

في غضون ذلك، يرى الخبير الاقتصادي أن "العراق لا يرغب في قطع علاقاته الاقتصادية مع الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن "الحكومة الحالية برئاسة السوداني، تعمل على بناء علاقات ثنائية في الخفاء كي لا تثير غضب الفصائل المسلحة الموالية لإيران، التي تمتلك صوتا عاليا في الحكومة ببغداد".

"لن يشمل النفط"

من جانبه، قال النائب وعضو لجنة النفط والغاز النيابية، علي مشكور، إن "التوجه الجديد لا يعني إمكانية المضي به وتطبيقه"، مؤكدا في حديثه لـ"عربي21"، أن "الإجراء الجديد مستبعد ولن يشمل عملة النفط".

وأوضح أن "الهدف الأساسي من هكذا توجه، هو الابتعاد عن هيمنة الدولار على مقدرات السوق العراقي"؛ فيما أشار إلى أنها فرصة لـ"فتح باب لبيع صادرات النفط بغير عملة لمنع الولايات المتحدة من حصر الأموال في مصارفهم".

يأتي ذلك في ظل اعتماد العراق على موازنة ثلاثية هي الأضخم بتاريخه، وشملت 3 سنوات متتالية تنتهي في 2025.

وحدد مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية العراقية للسنوات الثلاث سعر برميل النفط بـ70 دولارا، وأن يصدر العراق شهريا قرابة 100 مليون برميل من النفط الذي هو المصدر الرئيس لعائدات العراق المالية.

أما حول تأثير هذا الإجراء على الموزانة، فقد استبعد الخبير الاقتصادي، همام الشماع، أن "يؤثر على الموازنة في البلد النفطي، لأن السياسة النقدية تختلف عن السياسة المالية في العراق".

وقُدرت إيرادات الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية 2023 بمبلغ (134.552.919.063) دينار، مع احتساب الإيرادات المخمنة من تصدير النفط الخام على أساس معدل سعر (70) دولارا للبرميل الواحد، ومعدل تصدير قدره (3.500.000) برميل يوميا، منها (400.000) عن كميات النفط الخام المنتج في إقليم كوردستان على أساس سعر صرف (1300) دينار لكل دولار، وتقييد جميع الإيرادات المتحققة فعلا إيرادا نهائيا لحساب الخزينة العامة للدولة، بحسب المادة 1 من الموازنة.

تأثير الضربات الأمريكية


ووفقا لآخر التصريحات من المعنيين، فقد تراجع حجم التجارة البرية بين سوريا والعراق بفعل الضربات الأمريكية الأخيرة عقب هجوم الأردن.

وحذّر عضو اتحاد الغرف التجارية في العراق، صبيح الهاشمي من أن "انحسار حركة التبادل التجاري البري بعد الضربات الأخيرة يعد مؤشرا خطيرا يهدد الاقتصاد العراقي وحركة التبادل التجاري وطرق السياحة البرية بين العراق وسوريا".

إلى ذلك، كشف أن "عمليات التبادل التجاري وحركة النقل انخفضت بنسبة 80 بالمائة بعد الضربات الجوية الأخيرة".

حراك بـ 3 مجالات


وقبل أيام، أعلن وزير التجارة العراقي، أثير داود الغريري، عن تشكيل لجان فنية بين العراق والنظام السوري تختص بثلاثة مجالات، مع تأكيد وجود حراك لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين.

بشأن مخرجات الدورة 12 للجنة السورية - العراقية، أشار الغريري إلى أن "اللجنة عُقدت بهدف تأكيد خلق علاقات متوازية، أساسها التنمية المستدامة والمصالح المشتركة".

وأوضح الوزير أن "اللجنة أسفرت عن مذكرات تتعلق بالإعمار والإسكان، وكذلك الرعاية الاجتماعية، إضافةً إلى مذكرات تفاهم في مجالات التقييس والسيطرة النوعية وشهادات المطابقة".

وأشار الغريري إلى "تشكيل لجان فنية في مجالات الصحة والتعليم العالي والتجارة الخارجية"، مؤكدا على ضرورة وضع خطط وتفاهمات لتعزيز التبادل التجاري بين العراق وسوريا، وذلك بمستوى يليق بالعلاقات التاريخية بين البلدين.

وأكد الوزير العراقي، أن "السوق العراقي يفضل البضائع والصناعات السورية"، مشيرًا إلى أن "هناك جهودًا مستمرة لتذليل المعوقات والعقبات التي تواجه زيادة التبادل التجاري بين العراق وسوريا".