استعرض مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية لآفي كانو، رئيس دائرة الأسرى والمفقودين في شعبة الاستخبارات سابقا، والمسؤول الحالي في شركة استشارات وبحوث أمريكية، جهود الوساطة ومستجدات صفقة تبادل الأسرى المرتقبة بين حماس والاحتلال.
وقال كانو، "لأول مرة منذ أسابيع طويلة يسجل تفاؤل حذر في أوساط العاملين في الاتصالات لعائلة مخطوفين، هكذا حسب المنشورات، من واشنطن وحتى الدوحة، من القاهرة وحتى القدس".
وأضاف: "ظاهريا يبدو أن قيادة حماس التي تعاني من مصاعب اتصال عضال في ضوء الضغط العسكري المتعمق في جنوب القطاع (ما يتيح دخول مناهج براغماتية إلى الغرفة بإدارة قيادة حماس في قطر)، مستعدة لأن تلين مواقفها في المسألتين الأساسيتين، ما سيتيح تقدما في الاتصالات".
وأردف كانو: "الاستعداد لتنازل كبير بالنسبة لاصطلاح وقف النار، بحيث لا يتضمن توقفا للقتال بشكل مطلق، لكنه يسمح بالوصول إلى منطقة شمال القطاع، ومرونة معينة بالنسبة لكمية ونوعية السجناء الأمنيين الذين سيتحررون في الصفقة المرحلية المرتقبة".
وتابع، "إذا ما تبنينا للحظة نهجا اقتصاديا لمسيرة المفاوضات، فإنه يخيل بأن المسيرة آخذة في الاستقرار، لأول مرة منذ بدء الحرب، على نقطة توازن من جهة يقف فيها الجيش الإسرائيلي على عتبة جهد عسكري في معقل حماس الأخير – منطقة رفح، بما في ذلك محور فيلادلفيا الذي يشكل أنبوب الأوكسجين لصناعة الإرهاب، ومن جهة أخرى، التواجد العسكري الإسرائيلي في أرجاء القطاع آخذ في التقلص، لكنه يبقي على محور كارني نتساريم (سابقا) كجيب أمني يفصل وسط القطاع عن شماله".
واستدرك: "هذا وذاك يشكلان، بالتالي، ذخائر حقيقية في المسيرة، ورافعة لتليين مواقف حماس".
وأردف: "مع ذلك، فإن مسألة السجناء لا تزال تشكل عائقا، بشكل يلزم الوسطاء في المسيرة بالإبداعية والجسر بين مواقف الطرفين".
وبحسب كانو، "فإن حقيقة أن جهاز المخابرات العامة المصرية برئاسة عباس كامل، المقرب من الرئيس السيسي، هو الذي يتصدر المسيرة تضع أساسا مزدوجا لنجاح محتمل؛ وذلك بسبب المعرفة الحميمية والعميقة لكبار رجالات الجهاز مع قيادة حماس بالداخل والخارج، وكذا بسبب التجربة طويلة السنين في جسر مواقف الطرفين، في مواضيع الأسرى والمفقودين وأكثر من ذلك".
وتابع، "أما قطر من جهتها، فتتعرض لضغط أمريكي متزايد للدفع بصفقة مخطوفين تؤدي إلى تهدئة إقليمية، لكنها قادرة على إدارة حوار مباشر وثاقب مع قيادة حماس وبخاصة تلك التي توجد في الدوحة، وإبداء مرونة تسمح، على حد طريقة قطر، للإبقاء على حماس كمركز قوة ذي صلة في الساحة الفلسطينية – إن لم تكن كقوة عسكرية، فعلى الأقل كمحفل سياسي فلسطيني داخلي".
ويرى الكاتب، "أن إسرائيل بالطبع ليست مطالبة بأن تقبل هذا الموقف وبوسعها بالذات، بسبب الاحتمال الكامن للتقدم في حل مسألة المخطوفين، أن تصمم اليوم التالي في القطاع وبعامة في الساحة الفلسطينية في ظل الدحر قدر الإمكان لحماس عن الساحة في الضفة والقطاع على حد سواء".
ومضى قائلا: "بالنطر إلى التوافقات في المسائل الجوهرية آنفة، فإن الجدول الزمني لتحقيق الصفقة حتى حلول شهر رمضان في 10 آذار هو تحد، لكنه ممكن ببلورة وإقرار قوائم السجناء الذين سيتحررون، والمصادقة على القرار في الكابينت وفي الحكومة، واستنفاد الإجراءات القانونية التي ينطوي عليها الأمر، بما في ذلك إمكانية الالتماس إلى العليا، حسب القانون لمتضرري الإرهاب".
وبين، "أن هذه المساحة الزمنية يمكنها أيضا أن تسمح للجيش الإسرائيلي بتنظيم نفسه تمهيدا لوقف نار لمدة نحو ستة أسابيع، حسب المنشورات".
وبحسب الكاتب، "في البعد الاستراتيجي، فإن أهمية الصفقة، فضلا عن القيمة الإنسانية واليهودية عظيمة المعاني التي تنطوي على إعادة مخطوفينا، تكمن في تثبيت الصفقة كحجر أساسا لتخفيف حدة التوترات في المنطقة، بل ولتسوية إقليمية تتجاوز حرب
غزة؛ هكذا، كجزء بنيوي من التوترات حيال حكومة إسرائيل".
وأضاف، "أن الرئيس الأمريكي بايدن بحاجة ماسة إلى استقرار المنطقة قبيل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني من هذا العام – من تهدئة التوتر في الحدود اللبنانية، وبناء على ذلك أيضا عودة سكان الشمال إلى بيوتهم، وحتى التوصل إلى تفاهمات مع الحوثيين، تتيح حركة آمنة في مسارات الملاحة الدولية، وتحرير عنق الزجاجة في سلسلة التوريد واستقرار الأسواق، بما في ذلك في الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعاني من غلاء إضافي في جداول البضائع المستوردة في ضوء الأزمة".
ويختم الكاتب بالقول، "إن نجاحا في شكل تحقيق صفقة مخطوفين سيقدم نقاط استحقاق باهظة الثمن لإسرائيل في واشنطن وفي العواصم الأوروبية، وتؤكد من جديد أهمية إسرائيل للغرب، ولهذا تعتبر عنصرا حيويا في مفهوم الأمن القومي لإسرائيل، في هذا الوقت والصعب والتاريخي".