نشر موقع "
إندبندنت توركش"، تقريرًا، للكاتب، محمد مظلوم جيليك، قال فيه إن "أبناء
غزة دمروا 40 بالمائة من الدبابات المعروفة باسم ’ميركافا-4’ منذ تشرين الأول/ أكتوبر، وذلك وفقًا لبيانات جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما أجبرهم على نشر دبابات ’ميركافا-3’ التي وصفها بالقمامة".
وأوضح الكاتب، أنه بحسب بيانات جيش الاحتلال الإسرائيلي فإن "أكثر من 500 ألف يهودي غادروا البلاد منذ بداية الحرب؛ حيث كانت المهمة الأكثر أهمية لإسرائيل هي جلب اليهود الذين يعيشون في جميع أنحاء العالم إلى
الشرق الأوسط، ولذلك يظهر هذا الرقم كرقم لا يمكن الاستهانة به أو تجاهله".
إضافة إلى ذلك، فإنه توقّف الدخل السياحي في دولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل شبه كامل، كما أن القطاع الزراعي على وشك الانقراض بسبب اعتماده على العمالة الفلسطينية.
باختصار، فإنه رغم أن السكان البشريين لهم قيمة كبيرة بالنسبة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن هناك مجموعة لا تتردد حكومة الاحتلال في إرسالها إلى جبهة الحرب الأمامية وإلى أخطر النقاط:
يهود الفلاشا!
وأوضح الكاتب، أن "يهود الفلاشا، برزوا في السابق إلى الواجهة عندما تم التخلص من الدم الذي تم جمعه منهم في بنك دم الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث رفض الإسرائيليون استعمال دمائهم قائلين: "قد يكون لدى يهود الفلاشا القادمين من أفريقيا فيروسات مختلفة في دمائهم"، لكن العالم كله كان يعلم أن هذا صورة من صور الفصل العنصري.
يهود الفلاشا
أفاد الكاتب بأن كلمة "فلاشا" تعني "المنفى" وهو المصير القديم لأبناء اليهود، لكنّ اليهود الإثيوبيين يفضلون وصف أنفسهم بأنهم "يهود بيتا"، أي "اليهود المضيفون"، كما أن أهل الفلاشا يصفون أنفسهم بالهرتز، ويعتبرون أنفسهم أبناء سليمان الأول والحقيقي، بل إن بعضهم بدأ اليهودية معه.
ولفت الكاتب، إلى أن "معظم الصهاينة الإسرائيليين البيض يرون أن الفلاشا ليسوا يهودًا في الواقع، وأنهم شكل من أشكال الإلحاد الذي يمزج المسيحية مع ديانة وثنية أفريقية قديمة".
ومع ذلك، فإن "الفلاشا يتمتعون بمكانة قيمة للغاية من حيث "القوة البشرية التي يمكن الاستغناء عنها، والتي تبحث عنها دولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بسبب بنيتهم البدنية القوية ووضعهم العاجز، ولمنحهم الشرعية فإن اليهود الإسرائيليين يجادلون بأنهم ينحدرون من العبيد الذين تم نقلهم إلى مصر أو أنهم عبيد يهود تم بيعهم إلى مملكة أكسوم في أفريقيا"، وفق الكاتب.
ومع ذلك، فإن عدم وجود أي دليل أثري حول هذا الموضوع يثير تساؤلات جدية بين الإسرائيليين؛ حيث يعتقد اليهود الإثيوبيون أنهم من سلالة مولودة من الملكة ماكيدا (سبأ) التي أقامت ليلة واحدة مع سليمان، وأنهم حافظوا على نقائهم في أفريقيا عبر التاريخ، وهو الادعاء الذي عليه دلائل في الكتب اليهودية المقدسة ما يقوي من حجة يهود الفلاشا.
وذكر
الكاتب أن "يهود الفلاشا تمكنوا من أن يصبحوا أقوياء في المنطقة مع زعيم اسمه الحارث في إثيوبيا عام 546 م؛ لكن بعد المجازر التي ارتكبوها بحق المسيحيين، فقد وقف العالم المسيحي ومنعت الإمبراطورية الرومانية هذه المجازر بإرسال جيش إلى المنطقة".
وبعد دخول الجيش المسيحي إلى إثيوبيا، فإنه بدأ الأمر هذه المرة بيوم صعب على الفلاشا؛ لأن المسيحيين الذين يصلون إلى السلطة يبدأون عملية استيعاب جدية، وبعد هذه الحادثة ترك أهالي الفلاشا منازلهم وتراجعوا إلى الجبال. فيما تقول بعض المصادر إن اسم الفلاشا (المنفى) أطلق بعد هذه الحادثة.
وعندما تأسست مملكة أكسوم في إثيوبيا، فقد تراجع الفلاشا إلى الجبال، وتمردوا هذه المرة على النظام المركزي ونجحوا في تدمير هذه المملكة، وقادت حركة تمرد الفلاشا امرأة يهودية سوداء تدعى يهوديت. ومع وفاة يهوديت عام 912، فلم يعد يهود الفلاشا موجودين في إثيوبيا.
وتابع الكاتب، قائلًا: "إنه عندما بدأ المسلمون بالسيطرة على المنطقة في القرن السابع عشر، تحالف الفلاشا مع أعدائهم القدامى، المسيحيين؛ ولكنهم انسحبوا أيضًا من هذا التحالف، عندما لم يحصلوا على ما يريدون".
وأشار الكاتب، إلى أن "العالمين الإسلامي والغربي سينسيان أمر يهود الفلاشا لمدة ثلاثة قرون تقريبًا؛ ففي عام 1867، أعاد يهودي يُدعى عزرائيل هيلدسهايمر اكتشاف الفلاشا في إثيوبيا بالصدفة، فقد كانت نهاية القرن التاسع عشر هي الفترة التي زاد فيها بحث اليهود عن وطن، وجذب اكتشاف الفلاشا اهتمام الجاليات اليهودية في أوروبا بشكل خاص، وبدأوا بالتحقيق في الموضوع"؛ وقد قال "التحالف الإسرائيلي العالمي" إنه "نتيجة لأبحاثه فإن الفلاشا هم يهود بالفعل".
ورغم أن هذا الخبر أثار ضجة لدى اليهود، إلا أنهم لم يبدوا اهتمامًا كافيًا بالقضية، وتُرك شعب الفلاشا ليعيش 40 عامًا أخرى من النسيان، حتى عام 1904، عندما قام يهودي يُدعى جاك فيتلوفيتش بإحضار طفلين يهوديين من الفلاشا إلى أوروبا لتلقي التعليم.
وقد واجه الصهاينة الأوروبيون، ويهود الفلاشا، هذا الحدث وجهاً لوجه للمرة الأولى، ورغم أن السبب غير معروف بالضبط، إلا أن اليهود الذين دعموا بعضهم البعض في جميع أنحاء العالم وجدوا صعوبة في قبول شعب الفلاشا.
وعلى الرغم من أنهم كانوا يفتحون المدارس في المنطقة بين الحين والآخر، إلا أنهم فضلوا عدم تقريبها من بعضها البعض، وخاصة من مجتمعاتهم.
واستطرد الكاتب، قائلًا: "إن هذا الوضع بعد قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، حتى عام 1970؛ ففي ذلك العام فقط اعترفت دولة الاحتلال بأن اليهود الفلاشا هم يهود بالفعل ويمكنهم القدوم إلى إسرائيل، وكان العامل الأكثر أهمية في هذا القرار أن العامل الأكثر أهمية في ذلك كان تضاعف الأراضي الإسرائيلية تقريبًا بعد "حرب 1967" والزيادة الكبيرة في الحاجة إلى القوى العاملة".
واضطر الفلاشا، الذين جاؤوا إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي بأعداد كبيرة من دولة تعاني من المجاعة مثل إثيوبيا، إلى العمل في أسوأ الوظائف وكانوا أول وحدات في الجيش يتم إرسالها إلى الجبهة.
ولم تكتف دولة الاحتلال الإسرائيلي بالهجرة الطوعية فقط، وسوف يقومون بإحضار ما يقرب من 15 ألف يهودي من فلاشا من السودان إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي من خلال عمليات إجلاء مع عناصر عسكرية تسمى "عملية موسى" أو "عملية الملكة سيبي".
واستمرت هذه العمليات في التسعينيات، وكان من المقرر هذه المرة إجلاء 30 ألف يهودي فلاشي من إثيوبيا وإحضارهم إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي. وبحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإنه بلغ عدد السكان اليهود الفلاشانيين في دولة الاحتلال ما يقرب من 100 ألف.
وما يقرب من نصف هذا العدد كانوا أطفالاً ولدوا في دولة الاحتلال الإسرائيلي. وكان يهود الفلاشا يعملون في الغالب في الزراعة أو الصناعة الثقيلة في دولة الاحتلال، كما كان متوقعًا.
لم تواجه دولة الاحتلال الإسرائيلي أي مشاكل جدية في ما يتعلق بالاندماج الديني؛ لكن اليهود البيض واجهوا صعوبات جدية في قبول الفلاشا في الأمور الاجتماعية والقانونية، وظل هذا الوضع يسبب أزمات اجتماعية عديدة يومًا بعد يوم.
وبين
الكاتب، أنه "بعد مقتل سولومون تيكاه البالغ من العمر 19 عامًا من أصل إثيوبي على يد الشرطة الإسرائيلية، فلم يعد يهود الفلاشا قادرين على تحمل ممارسات "الفصل العنصري" في دولة الاحتلال الإسرائيلي ونزلوا إلى الشوارع، وكان تدخل الشرطة الإسرائيلية ضد المتظاهرين، كما كان متوقعا، همجيا للغاية".
في الواقع، يعتقد معظم اليهود البيض أن الفلاشيين هم في الواقع مسيحيون ولا علاقة لهم بدينهم. فيما اعتبر الكاتب أنه "بالنظر إلى أن بنك الدم الإسرائيلي يتخلص من دماء الفلاشا حتى اليوم، فإن السؤال عن سبب إرسال يهود الفلاشا في الوحدات الأمامية للشعب المضطهد في غزة يمكن الإجابة عليه بسهولة، ففي الوقت الراهن، تمنع الحرب في غزة انفجار الأزمات السياسية والاجتماعية في دولة الاحتلال الإسرائيلي".
لكن هذه الحرب أوصلت النموذج الإسرائيلي إلى حافة الانقراض، ولم يعد اليهود يوافقون بقوة على أن دولة الاحتلال الإسرائيلي مكان آمن.
واختتم الكاتب التقرير بالقول إنه "في المغامرة التاريخية لليهودية، هناك آلام خفية عميقة لدرجة أنه لا يوجد مجال للشك". واليوم؛ بينما تضع الأمهات في غزة أطفالهن في قبورهم كما لو كن يرسلنهم إلى حفل زفاف، فإن السؤال والخوف من "ماذا سيحدث الآن" في دولة الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على البلاد بأكملها.