قالت
صحيفة نيويورك
تايمز؛ إن إسرائيل نفذت هجمات سرية، على خطين رئيسيين لنقل
الغاز، داخل
إيران هذا
الأسبوع، ما تسببت في تعطيل تدفق الطاقة للمنازل إلى محافظات يقطنها الملايين من
الإيرانيين.
ونقلت الصحيفة في
تقرير ترجمته "عربي21" عن مسؤولين غربيين وخبير استراتيجي عسكري تابع
للحرس الثوري، إشارتهم إلى مسؤولية
الاحتلال الإسرائيلي عن الهجومين.
وقال مسؤولون ومحللون؛ إن
تفجير جزء من البنية
التحتية للطاقة في البلاد، التي تعتمد عليها المصانع وملايين السكان، يمثل
تصعيدا في الحرب السرية، ويبدو أنه يفتح جبهة جديدة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها
إيران لهجمات إسرائيلية، وسبق أن جرت اغتيالات داخل البلاد وخارجها لعلماء وقيادات
عسكرية، وهوجمت خوادم تتبع وزارة النفط بشكل إلكتروني، ما تسبب في تعطيل محطات
الوقود في البلاد.
وقال وزير النفط الإيراني جواد أوجي لوسائل الإعلام
الإيرانية يوم الجمعة: "كانت خطة العدو هي تعطيل تدفق الغاز بشكل كامل في
الشتاء إلى العديد من المدن والمقاطعات الرئيسية في بلادنا".
ورغم أن الوزير لم
يتطرق إلى اتهام الاحتلال الإسرائيلي مباشرة، بالوقوف وراء الهجمات، إلا أنه أكد
أنها تهدف للإضرار بالبنية التحتية للطاقة، وإثارة غضب داخلي.
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين الغربيين،
والخبير الاستراتيجي العسكري الإيراني، أن هجمات
خط أنابيب الغاز التي شنتها إسرائيل تتطلب معرفة عميقة بالبنية التحتية الإيرانية
وتنسيقا دقيقا، خاصة أن خطي أنابيب أصيبا في مواقع متعددة في الوقت نفسه.
ووصفها أحد المسؤولين الغربيين بأنها ضربة رمزية كبيرة،
كان من السهل إلى حد ما على إيران إصلاحها ولم تسبب سوى ضرر بسيط نسبيا للمدنيين،
لكن المسؤول قال؛ إن القرار أرسل تحذيرا صارخا من الضرر الذي يمكن أن تلحقه إسرائيل،
مع انتشار الصراع في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وتصاعد التوترات بين إيران وخصومها،
ولا سيما إسرائيل والولايات المتحدة.
وقال المسؤولون الغربيون؛ إن إسرائيل تسببت أيضا في
انفجار منفصل يوم الخميس داخل مصنع للكيماويات على مشارف طهران؛ مما أدى إلى هز أحد
الأحياء وتصاعد أعمدة من الدخان والنار في الهواء. لكن مسؤولين محليين قالوا؛ إن
انفجار المصنع الذي وقع يوم الخميس، نتج عن حادث في خزان الوقود بالمصنع.
وتصاعدت الضربات والضربات المضادة في جميع أنحاء المنطقة
في الأشهر الأخيرة، وقتلت إسرائيل اثنين من كبار القادة الإيرانيين في سوريا، مضيفة: "هذا يدل على أن الشبكات
السرية العاملة في إيران قامت بتوسيع قائمة أهدافها وإعلاناتها".
واستهدف الهجوم عدة نقاط على طول خطي أنابيب غاز رئيسيين
في محافظتي فارس وجهار محل بختياري يوم الأربعاء، لكن انقطاع الخدمة امتد إلى
المنازل السكنية والمباني الحكومية، والمصانع الكبرى في خمس محافظات على الأقل، في
جميع أنحاء إيران، وفقا لمسؤولين إيرانيين وتقارير وسائل إعلام محلية.
وتحمل خطوط الأنابيب الغاز من الجنوب إلى المدن الكبرى
مثل طهران وأصفهان، ويمتد أحد خطوط الأنابيب على طول الطريق إلى أستارا، وهي مدينة
قريبة من الحدود الشمالية لإيران مع أذربيجان.
ويقدر خبراء الطاقة أن الهجمات على خطوط الأنابيب، التي
يمتد كل منها لمسافة حوالي 1200 كيلومتر أو 800 ميل، وتحمل ملياري قدم مكعب من
الغاز الطبيعي يوميا، قد عطلت حوالي 15 بالمائة من إنتاج الغاز الطبيعي اليومي في
إيران، مما يجعلها هجمات كاسحة بشكل خاص على البنية التحتية الحيوية في البلاد.
وقال هومايون فلكشاهي، كبير محللي الطاقة في شركة كبلر:
"كان مستوى التأثير مرتفعا جدا لأن هذين الخطين مهمان، يتجهان من الجنوب إلى
الشمال، ولم نشهد شيئا كهذا من حيث الحجم والنطاق".
من جانبه أعلن وزير النفط السيد أوجي، أن الفرق الفنية من
الوزارة عملت على مدار الساعة لإصلاح الأضرار، وأن التعطيل كان في حده الأدنى وتم
استعادة الخدمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن تقييمه يتعارض مع تعليقات المحافظين
المحليين ومسؤولين من شركة الغاز الوطنية الإيرانية، الذين وصفوا انقطاع الخدمة
على نطاق واسع في خمس محافظات، مما أدى إلى إغلاق المباني الحكومية.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، نصح خبراء الطاقة
الإيرانيون الناس في المناطق المتضررة، حيث انخفضت درجات الحرارة في بعض الأماكن
إلى ما دون درجة التجمد، بارتداء ملابس دافئة.
ووقعت الانفجارات حوالي الساعة الواحدة صباحا بالتوقيت
المحلي، مما أدى إلى حالة هلع بين السكان الذين فروا من منازلهم وتدفقوا إلى
الشوارع، وفقا لتقارير وسائل الإعلام الإيرانية، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي،
وصف الناس الانفجارات بصوت عال، لدرجة أنهم استيقظوا معتقدين أن قنبلة قد أسقطت.
وقال سعيد أكلي، المسؤول في شركة الغاز الوطنية، لوسائل
الإعلام الإيرانية؛ إن المسؤولين دعوا على الفور إلى اجتماع طارئ، حضره وزير النفط
ومسؤولون من وزارة الخارجية وممثلون عن جميع أجهزة المخابرات والأمن الإيرانية.
وقال السيد أغلي؛ إن الهدف من التخريب هو تدمير حوالي 40 بالمائة من قدرة نقل الغاز
في البلاد.
ولا يزال من غير الواضح كيف تم ضرب خطوط الأنابيب، سواء بطائرات
بدون طيار أو متفجرات مثبتة على الأنابيب أو بأي وسيلة أخرى، وقال محللون؛ إن
البنية التحتية للطاقة في إيران قد تم استهدافها في الماضي، لكن تلك الحوادث كانت
أصغر بكثير من حيث النطاق والحجم.
وقال خبير استراتيجي عسكري تابع للحرس الثوري، الذي مثل
المسؤولين الآخرين، غير مخول بالتحدث علنا؛ إن الحكومة الإيرانية تعتقد أن إسرائيل
كانت وراء الهجوم بسبب تعقيد العملية ونطاقها، وأضاف؛ أن الهجوم يتطلب بشكل شبه
مؤكد مساعدة المتعاونين داخل إيران لمعرفة مكان وكيفية الهجوم.
وأشار إلى أن خطوط الأنابيب الرئيسية في إيران، التي
تنقل الغاز عبر مسافات شاسعة تشمل الجبال والصحاري والحقول الريفية، تخضع لدوريات
حراسة في نقاط أمامية على طول الأنابيب.
وقال؛ إن الحراس يقومون بفحص مناطقهم كل بضع ساعات، لذلك
ربما كان المهاجمون على علم بفترات الاستراحة، عندما تظل المنطقة خالية من الرجال.
وقال فلكشاهي، محلل الطاقة؛ إن الانفجارات كشفت عن مدى
ضعف البنية التحتية الحيوية للبلاد أمام الهجمات والتخريب. ولفت إلى أن إيران،
ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، تمتلك نحو 40 ألف كيلومتر من خطوط أنابيب
الغاز الطبيعي، معظمها تحت الأرض.
وأضاف أن خطوط الأنابيب مخصصة للاستهلاك المحلي في
المقام الأول، وأنه بسبب العقوبات، كانت صادرات إيران من الغاز ضئيلة ومقتصرة على
تركيا والعراق.