نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن عودة
نواز شريف إلى الساحة السياسية في
باكستان بعد قضاء فترة بين السجن والمنفى.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"؛ إنه من المحتمل أن يصبح نواز شريف، حيث حل حزبه ثانيا، ودعا إلى حكومة ائتلافية مع المستقلين المتقدمين في النتائج.
وفي ظل غياب
عمران خان، أكثر الشخصيات السياسية شعبية في البلاد والمسجون منذ السنة الماضية، تكاد تكون الطريق نحو السلطة سهلة لهذا السياسي المخضرم البالغ من العمر 74 سنة.
وعقد آخر تجمع انتخابي له يوم الثلاثاء في مدينة قصور، وهي منطقة ريفية تابعة لإقليم البنجاب، بالقرب من الحدود مع الهند، أمام حشد ضخم.
وفي منتصف فترة ما بعد الظهر، رحّب عشرات الآلاف من الرجال بوصوله. إنها عودة رائعة لشخص كان في السجن، ثم في لندن منذ أربعة أشهر. والجدير بالذكر أن نواز أدِين بالفساد والاحتيال في سنتي 2017 و2018، وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات. ثم أفرجت عنه المحاكم لأسباب صحية في تشرين الأول/أكتوبر 2019.
ذكرت الصحيفة أن هذا الرجل الذي تولى رئاسة الوزراء ثلاث مرات في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والذي قضى أربعة عشر سنة بين السجن والمنفى، بتهمة الفساد والتهرب الضريبي وعدم سداد عشرات الملايين من الدولارات من القروض، لا يتردد عن العودة من جديد إلى الساحة السياسية.
يتمتع نواز بشعبية حقيقية في مقاطعة البنجاب، وتعد هذه المنطقة الشرقية، وهي المنطقة الأكثر اكتظاظا بالسكان في باكستان، أساسية في الانتخابات. وإذا فاز نواز شريف هناك، فإن حزبه، الرابطة الإسلامية الباكستانية-نواز، سوف يحظى بالأغلبية اللازمة للحكم.
الحكم الرشيد والنمو
في مدينة قصور، لم ينس أحد الإنجازات النادرة، ولكن الحقيقية للغاية لولاياته السابقة، ولا سيما الأخيرة، بين سنتي 2012 و2017. حسب محمد شفيق، وهو أب في الخمسينيات من عمره: "لقد نفذ نواز مشاريع كبرى مثل خط المترو في لاهور (المدينة الكبيرة في الشرق)، وكذلك العديد من الطرق السريعة".
وفي مكان قريب منه، لا يكفّ أشرف وقاص، البالغ من العمر 30 سنة، عن التحدث بإعجاب عن الطرق السريعة التي شُيدت بفضل نواز شريف. وأشار قائلا: "أذهب بانتظام إلى كويتا - على بعد 1000 كيلومتر من قصور - والطريق ممتاز. بالإضافة إلى ذلك، في ظل ولاية عمران خان، بين سنتي 2018 و2022، ارتفع سعر الخبز خمسة أضعاف".
يعترف أحمد رشيد، وهو مزارع ومؤيد قوي لنواز شريف، بإرهاقه في مواجهة التضخم، وتحدث قائلا: "زاد سعر الأسمدة والديزل والمبيدات الحشرية خلال السنوات الخمس الماضية".
وبينت الصحيفة أن الدعاية الانتخابية لنواز شريف تسلط الضوء على تجربته كرئيس وزراء سابق لطمأنة الناخبين. وتدعم هذه الدعاية فكرة أن التصويت لشريف يعني التصويت لصالح الحكم الرشيد والنمو. فهو يحاول فعل كل شيء لتحقيق النصر، حتى لو كان ذلك يعني الانجراف نحو الديماغوجية وتقديم أي وعود.
وخاطب المرشح جمهوره متحدثا عن نفسه بصيغة الغائب: "لو لم يتم طرد نواز شريف من السلطة (بعد إدانته سنة 2017)، لما كان هناك شاب عاطل واحد عن العمل اليوم". ويأمر قائلا: "ليرفع أولئك الذين تقل أعمارهم عن 20 سنة أيديهم"، قبل أن يضيف: "ستكون في قريتكم جامعة. سنقوم أيضا ببناء ملعب هنا. سننظم مباراة كريكيت هناك، وسأنفّذ الرمية الأولى بنفسي!".
ذكرت الصحيفة أن خزينة الدولة فارغة، وتتكبد البلاد ديونا خارجية تبلغ نحو 125 مليار دولار، منها 30 مليارا مستحقة للصين، ولا تزال تتعثر في السداد. كما لم تتمكن إسلام أباد من تفادي أزمة الاحتياطيات الأجنبية إلا في السنة الماضية، بفضل قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار على مدى تسعة أشهر في تموز/يوليو. في المقابل، يمتنع نواز شريف عن الإفصاح عن كيفية تمويل برنامجه. لقد وعد أينما ذهب في أثناء الحملة الانتخابية، بإنشاء طريق سريع هنا، ومستشفى أو خط مترو هناك. ويؤكد لسكان مدينة قصور أنه سيكون لديهم مستشفى قريبا.
وعلى حد قوله، سيحصل المزارعون على الألواح الشمسية وستتوفر أجهزة محمولة للشباب وسينخفض سعر الخبز. وأضاف قائلا: "ألن تجعلوا باكستان النمر الآسيوي القادم؟ ستتمتع هذه المنطقة بطرق أفضل من تلك الموجودة في باريس".
شكوك وسخرية
صحيح أن جزءا من الحشد أصبح متحمسا، لكن البعض يشكك، بل ويسخر منه. فعلى سبيل المثال، بالنسبة لعثمان، البالغ من العمر 18 سنة، فإنه سيصوت للمرة الأولى وسوف يدعم حزب عمران خان حتى لو كان في السجن. وأضاف مازحا بين أصدقائه: "وعدنا حزب الرابطة الإسلامية الذي يتزعمه نواز شريف بألفي روبية (7 يورو) إذا جئنا اليوم. تم نقلنا في حافلة استأجرها حزبه".
ربما يبيع هذا المرشح الأوهام، لكن البعض لم ينس حالات الفساد والاحتيال الضريبي التي تلاحقه. ويمتلك هو وأبناؤه عقارات فاخرة في الخارج، كما كشفت قضية "أوراق بنما" في سنة 2016 أن عشيرة شريف كانت تمتلك شركات وهمية في ملاذات ضريبية، تم استخدامها لشراء ما لا يقل عن ست شقق في لندن مقابل عدة ملايين من اليوروهات.
وأشارت الصحيفة إلى أن مدينة قصور تقع على بعد ساعة واحدة فقط بالسيارة من معقله في لاهور، لكنه يأتي إلى الاجتماع بطائرة هليكوبتر حمراء وسوداء تتلألأ في السماء قبل أن يهبط في وسط سهل ريفي مغبر. بالإضافة إلى ذلك، فإن نحو 64 بالمئة من سكان قصور أمّيون، ولا توجد أي صناعة هناك. ومن ثم، أعلن نواز شريف، قبل أن يؤكد أن عائلته التي ترافقه اليوم مستعدة لخدمة مواطنيه: "سنعيد بناء هذا البلد".
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)