أثار
الصراع الحكومي بين
الدبيبة وحماد حول الفاجعة البيئية التي وقعت في مدينة
زليتن الليبية وتحويلها إلى ورقة سياسية للمتاجرة والابتزاز، بعض الأسئلة عن تأثير الأمر على معالجة أزمة المنطقة في حالة العجز الحكومي الفعلي عن الدعم.
وتعرضت زليتن (غرب
ليبيا) إلى أزمة ارتفاع منسوب
المياه الجوفية ما أغرق عشرات البيوت وتسبب في هجرة مئات العائلات إلى خارج المدينة، إضافة إلى تلوث المياه هناك وتسببها في بعض الأمراض الصحية وسط تحذير من منظمة الصحة العالمية والمركز الليبي للأمراض.
صراع حكومي
ورغم معاناة أهالي المنطقة من الأزمة إلا أن الأزمة تحولت إلى صراع نفوذ بين الحكومتين ما أدى إلى غياب الدعم الرسمي ومعالجة الأزمة، كون كل حكومة تريد إثبات سيطرتها ونفوذها على المدينة وليس معالجة أزمتها.
واستعانت حكومة الدبيبة بفريق استشاري بريطاني للوقوف على الأزمة وطرح حلول لمعالجتها وكذلك توجيه تعليماته للمجلس البلدي هناك بتوفير عدد من المساكن البديلة للمهجرين جراء الأزمة، وهو ما اعتبره البعض متاجرة إعلامية فقط تفتقد لأي دعم على أرض الواقع.
في حين، استعانت حكومة حماد المكلفة من البرلمان بفريق من خبراء بشركة "آيكون" المصرية للاستشارات الهندسية لبدء الدراسات حول ظاهرة ارتفاع منسوب المياه الجوفية في زليتن وتقديم التقارير الفنية والعلمية حول الظاهرة وكيفية إيجاد حلول عاجلة لها.
وفي المقابل، أكد رئيس لجنة الطوارئ ببلدية زليتن، مصطفى البحباح، استمرار تفاقم الأزمة وعدم صرف ميزانية طوارئ لدعم المدينة من قبل أي من الحكومتين.
فهل تحولت "فاجة زليتن" إلى ورقة سياسية وابتزاز ومتاجرة بين الحكومتين؟ وما تأثير ذلك على أزمة المدينة؟
غياب الميزانية والدعم
وقالت عضوة المجلس البلدي في زليتن، خلود بوسنينة، إن "أسباب الأزمة لم تعرف حتى الآن وإن الفرق الموجودة هي فرق استشارية فقط، لذا فقد طالب الفريق البريطاني بوقت يصل إلى أربعة أشهر حتى يتم الوقوف على الأسباب وطبيعة المشكلة ومن ثم الحلول".
وأكدت في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أنه "حتى الآن لم يصل إلى البلدية أي دعم من حكومة الدبيبة سوى سيارات شفط المياه ووجود المركز الوطني للأمراض لرش البرك الراكدة خوفا من انتشار الأمراض، وتتحجج الحكومة بنهاية سنة مالية وأنه لا توجد أموال للدعم رغم أن ما يحدث هو
كارثة كبيرة"، وفق قولها.
وأوضحت أن "حكومة حماد أرسلت سيارتي إسعاف و5 سيارات رش، واعتمدت صك ميزانية طوارئ للمدينة بـ10 ملايين دينار، لكن حتى الآن لم تسيّل الأموال. لذا فإن تنازع الحكومتين يؤثر سلبا على الدعم ويؤخره، فالكارثة وقعت منذ شهر ونصف وحتى الآن لا توجد ميزانية فعلية أو دعم حكومي، فهذا أكبر دليل على تأثير الصراع بين الحكومتين".
"منطقة منكوبة ونرفض تسييس الأزمة"
في حين أكد رئيس لجنة متابعة أزمة زليتن بالمجلس الأعلى للدولة، عبدالله جوان أن "معرفة أسباب الأزمة يحتاج إلى تقارير رسمية قائمة على دراسات ونتائج العينات سواء من الفرق الليبية أو الأجنبية والمصرية الزائرة للمدينة الآن، وهي الجهات المختصة بمعرفة طبيعة المشكلة وتداعياتها".
وأوضح في تصريحاته لـ"عربي21" أن "المجلس الأعلى للدولة أعلن زليتن مدينة منكوبة بناء على زيارة رئيس المجلس ووفد مرافق له للمدينة واللقاء مع لجنة الطوارئ هناك والوقوف على المأساة والكارثة البيئية عن قرب عبر ما رأوه من تدمير المنازل والبرك الراكدة وزيادة منسوب المياه الجوفية يوما بعد يوم".
وبخصوص صراع الحكومتين، قال جوان: "نرفض أن تتحول الأزمة في زليتن إلى ورقة سياسية أو متاجرة أو تسييس وهي لم تصل إلى هذه الدرجة بين الحكومتين حتى الآن، ونود ألا تتحول الأزمة إلى صراع سياسي وحكومي، وحقيقة الدعم موجود من الحكومتين وموضوع تسييل ميزانية يحتاج إلى معرفة الأسباب والمعالجة وتكلفتها ومن ثم تتحرك الحكومات".
وتابع: "حتى الآن يوجد دعم معلن من الحكومتين وإن لم يصل إلى الدرجة المطلوبة لكنه موجود، ونحن نركز على توفير المساعدات الإنسانية للمتضررين ومنع تحول الأزمة إلى التسييس"، وفق تصريحه.
"توظيف سياسي"
من جانبه، قال عضو مجلس النواب عن زليتن، محمد خليل، إن "أزمة المدينة أزمة اجتماعية واقتصادية وبيئية لكن من الوارد جدا أن تتحول إلى أزمة سياسية ويتم توظيفها سياسيا، ووجود حكومتين في البلاد يؤثر على إدارة أي أزمة في ليبيا".
وأكد لـ"عربي21": "نحن بصفتنا جهة تشريعية، اعتبرنا المنطقة منكوبة لأن ما حدث فيها فاجعة، ومهمتنا حث الحكومة المكلفة من البرلمان على التعاطي بشكل عام مع أي أزمة تمر بها البلاد، أما قضية تسييل الأموال التي اعتمدتها الحكومة فهي مسؤولية مصرف ليبيا المركزي".