نشرت صحيفة "
تايمز أوف إسرائيل" مقالا
كتبته جولي جراي، وهي زوجة ناج من المحرقة اليهودية اسمه جيدون ليف، قالت فيه إن
زوجها تلقى دعوة عاجلة لمرافقة إيلون
ماسك وبين شابيرو في زيارة لإحدى معسكرات
تجميع اليهود في بولندا، لكنه شعر بخيبة الأمل بعد نهاية الزيارة؛ لأنه لم يحظ بأي
اهتمام حقيقي من الشخصيات الحاضرة، واقتصر وجوده على التقاط الصور.
وقالت الكاتبة في هذا المقال الذي ترجمته
"عربي21"، إن زوجها جيدون ليف وصل إلى مدينة كراكوف البولندية في الصباح
الباكر والبارد ليوم 22 كانون الثاني/ يناير 2023. وقد رافقته هي في رحلة على إثر
دعوة تلقياها في الدقيقة الأخيرة من الجمعية اليهودية الأوروبية لحضور مناسبة
خاصة، تتمثل في جولة في معسكر أوشفيتز رفقة رجل الأعمال إيلون ماسك.
وأضافت الكاتبة أن زوجها جيدون شخصية معروفة في
شبكات التواصل الاجتماعي، وهو يتلقى باستمرار دعوات للحديث أو إجراء مقابلات
صحفية. وقد ناقشا هذه الدعوة بكل حذر، طارحين أسئلة حول من سيتحدث معهم جيدون، ولماذا؟ وهذه كانت دعوة خاصة جدا من إيلون ماسك الشخصية الغامضة التي ترسل
الصواريخ إلى الفضاء، وتفتح منصة أكس لأصحاب نظريات المؤامرة والعنصريين المؤمنين
بتفوق العرق الأبيض، لذلك وجب التفكير مليا قبل تلبية الدعوة.
وبالنسبة لجيدون الذي قضى أربع سنوات في معسكر
التجميع تريزنشتات (في ما يعرف اليوم بجمهورية التشيك)، وهو كان يمثل منطقة تجميع
وعبور نحو معسكرات الإبادة، فإن فكرة الذهاب لزيارة أوشفيتز كانت غير واردة بتاتا.
وقد رفض سابقا عدة طلبات للحضور لهذا المكان، خاصة وأن والده إرنست الذي كان يحمل
الرقم التسلسلي B12156 أرسل إلى هذا المعسكر في أيلول/ سبتمبر 1944.
وكان جيدون قبل الموافقة على هذه الرحلة يتساءل
إن كان حضوره سيشكل أي فرق؟ وهل أن إيلون ماسك الذي يعرف نفسه على أنه يعاني من
متلازمة "أسبرجر" سوف يكون قادرا على الشعور بأي تعاطف تجاه جيدون أو
تقدير لعمره والجهد البدني والعاطفي الذي بذله ليقطع كل هذه المسافة؟ ورغم أن هذه
كانت مهمة شاقة فإن جيدون قرر أن يكون حاضرا.
وتذكر الكاتبة أنه عندما وصل رتل السيارات
بنوافذها المظللة أمام معسكر أوشفيتز كانت وسائل الإعلام في انتظارنا وتمت
المصافحات وتبادل التحايا أمام عدسات الكاميرا. وقد قدم ماسك ابنه "إكس
الصغير" ثم سرعان ما رفعه فوق كتفيه. كان حاضرا كذلك الناقد السياسي المحافظ
بين شابيرو، ولكنني لا أتذكر ما إذا كان قد سلم على جيدون. إذ أنه بطبيعة الحال
كان شابيرو يركز بشكل كامل على ماسك وهو الذي يقف وراء حضوره إلى هذا المكان. وكان
يحيط بشابيرو فريق من الأشخاص التابعين له، وكذلك ماسك كان محاطا أيضا بستة أو
سبعة من رجال الحراسة الشخصية الذين لم تتوقف أعينهم عن مراقبة المكان.
في إحدى الصور التي انتشرت بعد هذه الزيارة، ظهر
إيلون ماسك وبين شابيرو تحت لافتة في المعسكر كتب عليها باللغة الألمانية
"العمل يحررك" ، وكان على يسارهما رجل مسن أنيق يرتدي وشاحا ملونا.
وانطلقت الجولة، وبإصرار منا وافقت الجمعية اليهودية الأوروبية على توفير عربة
جولف لمساعدة جيدون على التنقل عندما يصاب بالتعب، خاصة وأن درجة الحرارة كانت
منخفضة جدا والأرض تكسوها الثلوج.
واعتبرت الكاتبة أن زيارتها هي وزوجها لهذا
المعسكر لم تكن عاطفية أو مؤثرة كما توقعتها، والسبب ربما يعود إلى درجات الحرارة
والنسق السريع للجولة، إضافة إلى حضور رجال الأمن بهيئتهم المخيفة وأصوات عدسات
الكاميرا. ناهيك عن منع بقية السياح من الاقتراب منهم في أثناء مرورهم، وهو ما جعل
من المستحيل الشعور بالأجواء المحيطة. وقد كان ماسك يحدق في جيدون ويبدو كأنه
يستمع إليه، فيما لم يبد على شابيرو أبدا أنه انتبه لجيدون.
وتضيف زوجة هذا الناجي من المحرقة: شابيرو وماسك
قاما بوضع إكليل من الزهور على "حائط الموت" بينما كانت عدسات الكاميرا
تلتقط الصور بكثافة. وانتظرنا دور جيدون لوضع الإكليل، ولكن هذا لم يكن مبرمجا.
كما أنه كان قد أحضر صورة لوالده ليريها لماسك، وبعد ذلك قام بوضعها قرب إكليل
الزهور وتلونا صلاة قصيرة و ذرفنا بعض الدموع المتجمدة، ونحن نفكر في المعاناة
التي مر بها والده إرنست في هذا المكان. وفوجئنا بعد ذلك بأن ماسك وشابيرو
والمجموعة المرافقة لهما كانت قد تركتنا هنالك وانتقلت إلى المرحلة التالية،
واستغرقنا بعض الوقت حتى نلتحق بهم في هذا الاستعراض الغريب والغريب جدا.
كما كان جيدون قد أنفق الأسبوع السابق للزيارة
في إعداد كلمة يلقيها خلال حفل العشاء المبرمج في ذلك اليوم، وكان ينوي إرسال بعض
الإشارات لماسك حول معاداة السامية على شبكة الإنترنت والمسؤولية المجتمعية. ولكن
غادر الاثنان قبل العشاء باعتبار أن لديهما أشياء أخرى يقومان بها أفضل وأكثر
أهمية من الاستماع إلى جيدون. ثم عاد الزوجان إلى "إسرائيل" في رحلة
استغرقت أكثر من 14 ساعة وأصيب خلالها جيدون بنزلة برد حادة وعانى من الإرهاق
الشديد في المطار.
وتضيف الكاتبة: خلال الليلة السابقة لكتابة هذا
المقال شاهدت حوارا على اليوتيوب استضاف خلاله بيرس مورغان بين شابيرو. وقد كان
مورغان مهتما بمعرفة رأي شابيرو في زيارة ماسك، وعرض في الشاشة صورة ظهر فيها
جيدون على اليسار وبجانبه مناحيم مارجولين من الجمعية اليهودية الأوروبية وإيلون
ماسك وابنه وشابيرو. إلا أن هذا الأخير في معرض تعليقه على الزيارة لم يشر بأي شكل
من الأشكال إلى ذلك العجوز أو يتحدث عن لقائه معه. وهو أمر مفهوم باعتبار أن جيدون
ليس شخصا ذو نفوذ أو ناقدا سياسيا أو شخصية سياسية. هو مجرد ناج من الهولوكوست تم
وضعه على الهامش كزينة لإضفاء صبغة الكوشر (صبغة شرعية) على هذه التجربة.
إذ إن شابيرو رجل مشغول هذه الأيام، وهذا الأمر
بالنسبة له مجرد تفصيل صغير أو هفوة بسيطة متمثلة في عدم الانتباه إلى هذا العجوز
البالغ من العمر 88 عاما الناجي من المحرقة. شابيرو الذي حظي باستضافة في برنامج
بيرس مورغان كانت لديه أولويات أخرى أكثر أهمية.