قالت صحيفة "
الغارديان" إن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تطارد
الرئيس جو
بايدن في حله وترحاله، مخلفة ظلا على جهوده للفوز بفترة ثانية في البيت
الأبيض.
وبالكاد بدأ بايدن حديثه في مناسبة خطط لها بعناية ومن أجل بثها على
التلفزيون من فيرجينيا، واندفع الحضور بصرخات غاضبة "جو الإبادي"، صرخ
محتج في نهاية القاعة، وكان يحمل العلم الفلسطيني. وقال: "كم عدد الأطفال الذين
قتلتهم في
غزة؟ كم عدد النساء الذين قتلت في غزة؟"، وبدا بايدن مرتبكا وهو
ينظر بصمت إلى الكاميرا، وقوطع 13 مرة على الأقل، حيث علق قائلا: "سيستمر هذا
لبعض الوقت" و"خططوا لهذا".
ومع بداية حملة إعادة انتخاب بايدن في 2024، فقد أصبح من الواضح أنه تم
التخطيط، فشبكة لا مركزية من الأفراد
والجماعات، والتي تضم مسلمين أمريكيين ويهودا أمريكيين ومعادين للحرب يلاحقون بايدن
في كل مكان، ويذكرونه بموقفه الثابت والداعم لـ"إسرائيل"، رغم الضحايا
المدنيين جراء الحرب التي تشن في غزة. وقال محمد حبة الذي صرخ "جو
الإبادي" لصحيفة "الغارديان": "سيظل مجتمعنا ناشطا، وبتحركات
صغيرة أو كبيرة، حتى تتوقف هذه الإبادة، ويكون هناك وقف دائم للنار".
وقال حبة إن على بايدن توقع المزيد
مع تقدم الحملة في العام الانتخابي: "كل مناسبة يحضرها الرئيس، مهما كانت،
في أي ولاية أو مدينة، سيكون هناك أمريكيون
يقفون ضد موقفه في غزة".
ويصف حبة نفسه بالناشط الفلسطيني الأمريكي، وهو لا يتحدث عن تهديد لين، فقد
تعطلت كل خطابات بايدن التي علمت بداية حملته بسبب المحتجين المؤيدين لفلسطين.
ففي تظاهرة تدعم حق الإجهاض في فيرجينيا، كان هناك 30 محتجا داخل القاعة و
50 خارجها. وقبل أسابيع في كنيسة إيمانويل في تشارلستون في ساوث كاليفورنيا
توقف بايدن في أثناء مناشدته الناخبين السود بسبب هتافات "وقف إطلاق النار"
من المقاعد. وبعد يوم من حادث فيرجينيا عطل الناشطون مناسبة خطط لها بعناية في
العاصمة واشنطن، حيث كان بايدن يقبل دعما من نقابة عمال السيارات المتحدين. وكشف
شريط فيديو سجلته مراسلة "نيويورك تايمز" كاتي روجرز أشخاصا يجرون من
المكان.
وأكدت هذا الحس الذي أصبح عاديا، ميديا بنجامين المؤسسة المشاركة لمجمع
السلام النسوية "كود بينك"
والتي كانت واحدة من المحتجات في تظاهرة فيرجينيا. وقالت: "نتوقع احتجاجا في
كل مناسبة كبرى لبايدن وحتى الصغرى"، مضيفة أن الناس غاضبون جدا ويبحثون عن
طرق لتنفيس إحباطهم وتقززهم على الرجل الذي نطلق عليه الآن جو الإبادي وأي شخص
يعمل مع هذه الحكومة المتواطئة".
وتضيف الصحيفة أن المعادين للحرب على غزة لا يستهدفون فقط المناسبات الكبرى
لبايدن، ففي كل مكان يذهب إليه الرئيس يجد نفسه في مواجهة الغضب، سواء في الكنيسة
التي يرتادها قرب بيته في ديلاوار أو في الطريق الذي يمر به موكبه الرئاسي. ويتعرض
المسؤولون البارزون لنفس الاحتجاجات، وتقول بنجامين إنها تشترك في الاحتجاجات داخل
الكونغرس بشكل شبه يومي.
وواجهت محتجات "كود بينك" أعضاء مجلس الشيوخ وهم داخلون أو
خارجون من جلسات الاستماع. واعتصموا أمام مكاتب زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس
الشيوخ تشاك شومر وزعيم الأقلية الجمهوري ميتش ماكونيل. ويتم عقد تظاهرات شبه
دورية أمام مدخل البيت الأبيض وأمام وزارة الخارجية ومكاتب الحكومة الفدرالية
والتي يرون أنها تساهم في دعم حكومة بايدن لهجوم "إسرائيل" على غزة.
ويهدد تعطيل المناسبات، وعلى المدى القريب، جهود فريق بايدن لتقديم السرد
الذي يرغب به. وكانوا يأملون بأن تستقبل المناسبات بتغطيات صحفية تؤكد على سجل
الرئيس في القتال من أجل حق المرأة بالاختيار
والمساواة العرقية وحقوق اتحادات العمال، فقد قوبلت تجمعاته الانتخابية بعناوين
الأخبار عن المحتجين.
وهناك إشارات عن انخفاض دعم مجموعات سكانية له دفعته في انتخابات عام 2020،
وبسبب عدم موافقتهم على سياساته من الحرب في غزة.
وفي تحليل قامت به وكالة "أسوشيتدبرس" عام 2020، وجد أن نسبة 64
بالمئة من المسلمين الأمريكيين صوتوا لبايدن مقابل 35 بالمئة لدونالد ترامب. ويتطلع بايدن لأن يعيد تكرار هذا في تشرين
الثاني/ نوفمبر المقبل، وبخاصة في الولايات التي يلعب فيها الناخبون المسلمون دورا
مهما، وهي أريزونا، وجورجيا، وميتشغان، وبنسلفانيا وفيرجينيا. إلا أن الاستطلاعات
التي نظمت منذ بداية العدوان الإسرائيلي ضد غزة، أظهرت تراجع شعبيته بين العرب
الأمريكيين.
وتعتبر الموجة مثار قلق للبيت الأبيض في ميتشغان التي يعيش فيها أكثر من 200,000 مسلم أمريكي. وفي
2020 حصل بايدن على 154,000 صوت.
وأبدت الشخصيات المؤثرة في ميتشغان نقدا لاذعا لبايدن، مثل أسامة سبلاني،
ناشر أكبر صحيفة عربية أمريكية في ديربورن: "يمكنني القول بثقة أن بايدن لن
يحصل على أصوات العرب والمسلمين في تشرين الثاني/ نوفمبر".
وأضاف: "مجتمعنا غاضب جدا على الرئيس لدعمه غير المشروط وغير المحدود لجرائم
"إسرائيل" ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. ولن ننسى ما
فعله بايدن، وسنوصل الرسالة في المكان الذي يترك أثره، لا أصوات لبايدن".
وهناك إشارات مشابهة ومثيره للقلق بأن الدعم للرئيس الديمقراطي يتراجع بين
الناخبين الشباب الغاضبين على الدمار الكارثي داخل غزة. وفي استطلاع نظمته مجلة
إيكونوميست/ يوغف قبل فترة، وجد أن الشبان ما بين 19-29 عاما يعتقدون أن "إسرائيل"
ترتكب إبادة جماعية.
وحتى الآن سمح بايدن للمحتجين في مناسباته الانتخابية، وعلق في مناسبة
فيرجينيا "إنهم غاضبون جدا" ولكنه رفض الحوار معهم. وعندما ضغط عليه
بأنه قد يخسر أصوات العرب الأمريكيين، أشار لقرار ترامب منع العرب من أمريكا وقال:
"نفهم من يهتم بالسكان العرب".
واتهمت رئيسة مجلس النواب السابقة
نانسي بيلوسي بعض المتظاهرين المؤيدين لفلسطين بأنهم يتلقون الدعم المالي من
الكرملين. وقالت في تصريحات لـ"سي إن إن": "بعضهم، على ما أعتقد،
مرتبط بروسيا"، مضيفة أن الأدلة تكشف عن قيامهم بإيصال رسالة فلاديمير بوتين
و"بالنسبة إليهم فالدعوة لوقف إطلاق النار هي رسالة بوتين".
ورفضت إيفا بورغوردت، المتحدثة باسم المجموعة اليهودية الأمريكية "إن
لم يكن الآن" افتراءات بيلوسي. وأشارت إلى عملها كمنظمة وناشطة في أريزونا:
"كأمريكية يهودية عملت من أجل بايدن 2020، فأنا غاضبة جدا ومحبطة لأنه يخاطر
برمي الانتخابات إلى ترامب ويواصل رفض الدعوة لوقف إطلاق النار".
وفي تشرين الأول/ أكتوبر أغلقت "إن لم يكن الآن" كل مداخل البيت
الأبيض واعتصم أفرادها أمام مكتب شومر وحكيم جيفريز زعيم الديمقراطيين في مجلس
النواب.
ودعا أنصار بايدن للحذر وقالوا إن هناك رهانات كثيرة وأبعد من موقف الرئيس
في الشرق الأوسط. وقالوا إن المحتجين ربما تصرفوا بطريقة مختلفة لو كان الرئيس
الموجود في البيت الأبيض معاد للديمقراطية
ولديه سجل مثير للجدل بشأن "إسرائيل"، في إشارة لترامب.
وقال شيف جونز، السناتور الديمقراطي عن فلوريدا والرئيس المشارك لحملة
إعادة انتخاب بايدن إن على المحتجين التصرف بجدية، ووجه عبر "سي إن إن"
نداء للذين قالوا إنهم لن يشاركوا في الانتخابات دعما لبايدن وهزيمة ترامب
"من السهل القول أن لديك حاليا القدرة على الاختيار، وأريد منهم قول هذا
عندما لا يستطيعون الاختيار".
وردت بورغوردت على الاتهامات بأنها والمحتجين يساعدون ترامب: "يشعر الشبان اليهود
بالرعب من رئاسة ترامب"، لكنها تجد "غرابة" بلوم الشبان
"الغاضبين بحق على بايدن ودعمه حكومة إسرائيلية تسببت بمقتل عشرات الآلاف
بدلا من لوم القائد الأعلى لأقوى جيش في العالم".
ووصف حبة الاتهامات بأن المحتجين يساعدون ترامب بأنها "جدل كسول
جدا"، و"ترامب يمكن أن يكون الأسوأ، ونعرف ما فعله بالمجتمع، ونعرف ما هو
قادر على عمله، لكن بايدن يدعم دون لبس
حكومة يمين متطرفة يقودها بنيامين نتنياهو قتلت أكثر من 25,000 امرأة وطفلا، ويستخدم
دولارات دافع الضريبة الأمريكي".