لا
توجد انتصارات سهلة لتحالف "حارس الازدهار" الدولي، الذي تقوده الولايات
المتحدة بمشاركة كل من
بريطانيا وأستراليا والبحرين وكندا وهولندا، والذي يهدف
وبشكل رئيسي إلى تدمير القدرات العسكرية للحوثيين في
اليمن بغرض حماية الملاحة في
البحر الأحمر، وفق تقرير نشرته "بي بي سي" البريطانية.
وأشار التقرير إلى
أن جماعة أنصار
الله الحوثية، نفذت أكثر من ثلاثين هجوما على سفن دولية وتجارية في البحر الأحمر
منذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، ولا يلوح في الأفق أي مؤشر على انتهاء هذه
الهجمات.
وأضاف
أن مسؤولي الدفاع الأمريكيين حازمون وعازمون أيضا على تنفيذ أهداف التحالف، حيث إنهم قالوا
في مؤتمر صحفي في 23 يناير/ كانون الثاني: "نحن على استعداد لاتخاذ المزيد من
الإجراءات لتحييد التهديدات أو الرد على الهجمات، وضمان استقرار وأمن منطقة البحر
الأحمر وطرق التجارة الدولية".
ونقلت "بي بي سي" عن ويليام ويشسلر، من مركز أبحاث المجلس الأطلسي، قوله: "الولايات
المتحدة وبريطانيا ليس لديهما خيار آخر...، ففي التجارة الدولية هناك ثماني نقاط
تفتيش بحرية رئيسية، نصفها يقع في منطقة الشرق الأوسط، التي تعد أيضا الجزء الأكثر
أهمية في طريق الملاحة الدولية المتعلق بإمدادات الطاقة العالمية، ولقد هدد الحوثيون بشكل مباشر إحدى هذه النقاط وهو
مضيق باب المندب بطريقة غير عادية للغاية".
وأضاف:
"أي شخص يفهم الدور الذي تلعبه الطاقة في ضمان حصولنا على سبل العيش، وأي شخص
يهتم بالنمو الاقتصادي في أي مكان، عليه أن يرى قيمة حماية هذه النقاط
الحيوية".
إلى
أي مدى سيصمد الحوثيون؟
وتابع
ويليام ويشسلر في حديثه لـ"بي بي سي"، أن "هناك نقطتين رئيسيتين لتعريف الصمود: الإرادة والقدرة. فلا
أحد يعتقد أنه بالإمكان كسر إرادة
الحوثيين، لكن هناك من يفكر أنه بالإمكان كسر
قدراتهم"، وفق بي بي سي.
وقال
ستيفن كوك، الزميل في مركز إيني إنريكو ماتي البارز لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا
في مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة، في مؤتمر صحفي: "لدينا
الكثير من القوة، ونحن بحاجة إلى استخدامها بقدر معين من الحكمة. نحن لا نتحدث عن
غزو اليمن وتغيير النظام وما شابه ذلك من الأشياء التي فعلناها في الماضي".
وأضاف:
"تحدثت مؤخرا مع عدد من المسؤولين العرب، وقالوا: إذا كنتم ستقومون فقط
بتوجيه ضربات خاطفة ضد الحوثيين، فلن يتوقف الأمر. سيتعين عليكم القيام بضربات
نوعية تجعل من الصعب تماما، إن لم يكن من المستحيل، على الحوثيين مضايقة ومهاجمة
السفن في الخليج"، بحسب تقرير بي بي سي.
هل تنجر
الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى حرب طويلة؟
ووفقا للتقرير، فإن الأدميرال المتقاعد في القوات البحرية الأمريكية، جيمس جي فوغو، والذي عمل أيضا
قائدا سابقا للقوات البحرية الأمريكية في أوروبا وأفريقيا، قال إنه "من الممكن أن
تتطور هذه العملية إلى عملية أكبر ضد النفوذ الإيراني، وهذا سؤال لم تتمكن الإدارة
الأمريكية من التعامل معه علنا. لكنني متأكد من أنهم يتحدثون عنه"، وفق تقرير
الـ بي بي سي.
وذكّر
الأدميرال بإحاطة إعلامية حديثة حول حروب الناقلات بين عامي 1980 و1988 في الخليج
العربي، إذ هاجمت الولايات المتحدة البحرية الإيرانية، بعد أن هاجم الإيرانيون
ناقلات الشحن، بحسب التقرير.
وقارن
الأدميرال فوغو هذه الهجمات بالهجوم على المدمرة الأمريكية "يو إس إس
كول"، التي تعرضت للتفجير في اليمن في أكتوبر/ تشرين الأول 2000، ما أدى إلى
مقتل سبعة عشر بحارا أمريكيا.
وبينما
نسب الهجوم إلى تنظيم القاعدة، فإنه لم يكن هناك أي رد عسكري حينها ضد التنظيم.
وتساءل:
"ماذا حدث بعد ذلك بعام؟ لقد وقعت هجمات 11 سبتمبر/ أيلول على الولايات
المتحدة، لتؤكد أنه كان ينبغي القيام بعمل عسكري".
هل
هذه "حرب لا يمكن الفوز فيها"؟
تهدف
استراتيجية الرئيس الأمريكي جو بايدن، بشأن اليمن إلى إضعاف المسلحين الحوثيين،
لكنها لا تصل إلى حد محاولة هزيمة الجماعة أو مواجهة إيران، الراعي الرئيسي
للحوثيين، مباشرة، وفقا لخبراء تحدثوا مع "بي بي سي".
ويبدو
أن هذه الاستراتيجية - وهي مزيج من الضربات العسكرية المحدودة والعقوبات - تهدف
إلى معاقبة الحوثيين، مع محاولة الحد من خطر نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط.
يقول
برايان كارتر، من معهد إنتربرايز الأمريكي: "لا أعتقد أن هذه المهمة تهدف
بالضرورة إلى تدمير الحوثيين، أو إعادة الحكومة اليمنية إلى السلطة".
ويضيف:
"أعتقد أن هذه المهمة تركز على إضعاف القدرات البحرية والعسكرية للحوثيين
ومنعهم من تحدي الشحن البحري العالمي في البحر الأحمر. فإضعاف الأنظمة العسكرية
ليس مهمة لا يمكن الفوز بها. إنه هدف عسكري يمكن تحقيقه للغاية".
وأكد
المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، أن "الأمر ببساطة هو تعطيل
قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن".
هل
يمنح الصراع الحوثيين شعبية أكبر؟
يقول
تيم ليندركينغ، إن الحوثيين قد يرغبون في الانجرار إلى هذه الحرب. وأضاف في تصريح
لـ بي بي سي إنهم يعتبرون ذلك وسيلة ليُظهروا للشعب اليمني أنهم لا يقفون مع الشعب الفلسطيني
فحسب، بل ضد الغرب أيضا، وفق تقرير "بي بي سي".
ومع
ذلك، فإن من المرجح أن يواصل الحوثيون هجماتهم على السفن التي يشتبهون في ارتباطها
بإسرائيل أو الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة.
وقد
أكسبهم هذا شعبية كبيرة في الداخل، حيث كان العديد من اليمنيين يشعرون بالغضب من
حكمهم الوحشي، كما يقول غاردنر.
وقد
نشر هشام العميسي، أحد كبار مستشاري اليمن في المعهد الأوروبي للسلام، على موقع
إكس أن الكثير من الناس قد لا يدركون أن الحوثيين لديهم أهدافهم الخاصة، إلى جانب
دعم غزة.
كما أن المواجهات الأخيرة توفر لهم الفرصة لإضفاء الشرعية على ادعاءاتهم طويلة الأمد
بمحاربة الولايات المتحدة.
ويقول
العميسي إن الحوثيين "لا يكسبون القلوب والعقول فحسب، بل إنهم أطلقوا بنجاح حملة
تجنيد واسعة النطاق لـ"معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس"، بحسب التقرير.
ويضيف:
"سيكون من قصر النظر بشكل لا يصدق أن نرى ما يجري من خلال عدسة عسكرية بحتة
ولا نأخذ في الاعتبار التأثير والتداعيات الاجتماعية والسياسية وردود الفعل
المحلية التي تعزز وتُغذي المشاعر المعادية للولايات المتحدة وبريطانيا
مؤخرا"، وفق تقرير الـ بي بي سي.