أكد وزير الخارجية التونسي الأسبق الدكتور
رفيق عبد السلام، أن المطلوب لوقف المجاعة التي تتهدد سكان عزة واقعا وفعلا هو
الضغط على الإدارة الأمريكية التي كانت وما زالت مصرة على حماية دولة
الاحتلال
والتستر عليها في جرائمها الفاضحة على مرأى ومسمع من العالم، ومصر أيضا".
وأكد عبد السلام في
تصريحات خاصة لـ
"عربي21"، أن "الولايات المتحدة الأمريكية منخرطة بالكامل في
تجويع
الشعب
الفلسطيني بالتواطؤ الكامل مع إسرائيل كتكتيك عسكري بعدما عجزوا عن تحقيق
أهدافهم وتوحّلت أقدامهم في
غزة".
وقال: "يجب أن يرتفع الصوت العالمي
بإدانة أمريكا وتحميلها المسؤولية المباشرة عن هذه الجرائم، ولا أتحدث عن الأمم
المتحدة هنا، فهي مشلولة اليدين رغم أن غوتيرش، الأمين العام يعبر عن مواقف صريحة
وواضحة ولكنه يتألم ولا يستطيع أن يفعل شيئا بحكم عناد دولة الاحتلال وحمايتها في
مجلس الأمن الدولي من طرف حليفها الأمريكي، فقد تم استخدام حق النقض منذ بداية
العدوان على غزة مرتين دون أن نحتسب التدخلات الكثيرة لتعطيل إصدار بيانات أو
إفراغها من مضامينها قبل الذهاب للجلسة العامة للأمم المتحدة".
وأشار عبد السلام إلى أن "الطرف الثاني
الذي يتحمل المسؤولية كاملة في مجاعة الفلسطينيين في غزة هي مصر التي ترى شعبا عربيا مجاورا لها مباشرة وكان تحت
سلطتها إلى غاية 1967 يتضور جوعا وعطشا لكسر إرادته من قوة احتلال غاشمة ومجرمة،
وهي لا تفعل شيئا لعجز أو تواطؤ أو لكليهما".
وأضاف: "إذا صح أن الجانب الآخر للمعبر
يعود لإشراف دولة الاحتلال فهذا يؤكد فعلا أن مصر دولة عاجزة وفاقدة للسيادة أصلا،
وإذا كان الإشراف على المعبر يعود للسلطات المصرية كما ذكر ذلك محامو دولة
الاحتلال في محكمة العدل الدولية للتنصل من المسؤولية فتلك مصيبة أعظم، فمعنى ذلك
أن مصر متورطة في تجويع أهل غزة مع سابقية الإضمار والترصد، وفي كلتا الحالتين فإن مصر
مسؤولة عن ما بجري في القطاع".
وأكد عبد السلام أنه "مهما كانت
الأسباب، فلا أحد يستطيع أن يقبل أعذار ومبررات المصريين في عدم إدخال الماء
والغذاء والمساعدات الصحية لقطاع غزة المحاصر، لأن القانون الدولي وقانون الحرب
يعطيها الحق في ذلك، بل يفرض عليها إدخال المساعدات، والأهم من كل ذلك هناك قرار
القمة العربية الإسلامية بإيصال المساعدات لقطاع غزة المحاصر والمنكوب".
وقال: "إذا أرادت مصر أن تفعل شيئا
لأهل غزة فإنها تستطيع ذلك بغطاء عربي وإسلامي ودولي، خاصة أن كل دول العالم مع إدخال
المساعدات باستثناء إسرائيل وأمريكا، ولكن أرجح أن انحياز السيسي لنتنياهو
ومشاركته في الأجندات الإسرائيلية في كسر إرادة أهل غزة حماية لحكمه وتحصينا
لكرسيه هو السبب الرئيسي في ذلك، ولذلك يجب أن تتزايد الضغوط العربية والإسلامية
والدولية على مصر أولا وقبل كل شيء لفرض إدخال المساعدات، قبل أن نتحدث عن أي طرف
آخر، فالحل أولا وآخرا في القاهرة وعليها أن تختار بشكل واضح ودون مواربة بين
أن تكون مع غزة أو مع دولة الاحتلال"، وفق تعبيره.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في بيان صحفي له أمس الاثنين، عن نفاد كميات الطحين ومشتقاته والأرز والمعلبات التي كانت متبقية في محافظة شمال قطاع غزة منذ قبل حرب الإبادة الجماعية على غزة، وهذا الأمر يؤكد بدء وقوع مجاعة حقيقية يواجهها 400,000 مواطن من أبناء شعبنا الفلسطيني ما زالوا متواجدين في المحافظة.
وذكر المكتب الإعلامي، أن "الاحتلال أجبر سكان محافظة شمال غزة على طحن أعلاف الحيوانات والحبوب بدلاً من القمح المفقود، وأصبحوا يواجهون مجاعة حقيقية في ظل استمرار العدوان وفي ظل تشديد الاحتلال للحصار على شعبنا الفلسطيني".
وأضاف: "تتعرض كل من محافظة شمال غزة ومحافظة غزة إلى حصار شديد ومطبق بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث يمنع الاحتلال وصول أية مساعدات إلى تلكما المحافظتين منذ بدء الحرب الوحشية، وتم تسجيل عشرات حالات الإعدام والقتل الميداني التي نفذها جيش الاحتلال لعشرات الشهداء الذين حاولوا الحصول على الغذاء بمحافظتي غزة وشمال غزة".
وحمل الاحتلال "الإسرائيلي" كامل المسؤولية عن المجاعة في محافظة شمال قطاع غزة، كما أنه حمّل المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية والرئيس بايدن شخصياً المسؤولية أيضاً تجاه هذه الجريمة التي قال بأنها "تخالف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وتخالف كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تضمن حق الحصول على الغذاء لأي إنسان، حيث إنهم منحوا الاحتلال الضوء الأخضر لارتكاب هذه الجرائم، ورفضوا وقف هذه الحرب الوحشية على قطاع غزة".
وناشد المكتب كل دول العالم الحر والمنظمات الدولية المختلفة العمل الجاد والفوري والعاجل من أجل إدخال المساعدات التموينية والإمدادات الغذائية لجميع أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة في محافظة شمال غزة ومحافظة غزة.
كما أنه طالب كل العالم بوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ووقف شلال الدم ووقف قتل واستهداف المدنيين والأطفال والنساء.
ومنذ 108 أيام يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة علي قطاع غزة، خلفت حتى الاثنين "25 ألفا و295 شهيدا و63 ألف مصاب معظمهم أطفال ونساء"، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.