بعد مرور مئة يوم على الحرب
الإسرائيلية على قطاع
غزة، لا زالت إسرائيل غير قادرة على تحقيق أهدافها، وذلك
وفقا لخبراء عسكريين تحدثت معهم "عربي21"، أكدوا أن المقاومة لا زالت
قادرة على القتال.
ويرى الخبراء أن المقاومة لا زالت قادرة
على المضي في المعركة، وقادرة على إطلاق الصواريخ من القطاع، وتنفيذ عمليات
عسكرية ضد جنود
الاحتلال.
أهداف غير مُحققة
الخبير العسكري والاستراتيجي إلياس حنا
يقول إن "مئة يوم من القتال لم تُحقق الأهداف التي وضعتها إسرائيل وهي إنهاء حالة حركة حماس في غزة وتحرير
الرهائن وجعل غزة غير قادرة على تهديد الداخل الإسرائيلي، وهي حتى الآن لم
تتحقق".
وتابع حنا خلال حديثه
لـ"عربي21": "هذا لا يعني أن إسرائيل لم تدخل وتدمر القطاع بنسبة
85 في المئة من المنازل والبنى التحتية خاصة في الشمال ومدينة غزة، لكن حتى الآن
لا يوجد توازن بين الأهداف الموضوعة والعمليات العسكرية".
وحول ما إذا كان سحب إسرائيل للألوية
من الشمال يعني خسارتها للسيطرة ، قال حنا، إن "سحب الألوية تم من شمال غزة
لعدة أسباب، إسرائيل تقول إنها حققت أو دمرت البنى التحتية وقدرة حماس على
القتال، وأنها خفضت قدرة 12 كتيبة من كتائب القسام على القتال".
وأوضح الخبير العسكري أن "التدمير
شيء والتقدم شيء، والسيطرة شيء آخر، عامل الأنفاق وطريقة قتال المقاومة هي ما
يجعل إسرائيل غير قادرة على تحقيق الأهداف، وحتى لو بقيت هناك".
ولفت إلى أن "إسرائيل تقول بأنها أنهت
حركة حماس في الشمال لكن العمليات والكمائن لا تزال مستمرة هناك".
فشل استراتيجي
من جانبه، قال الخبير العسكري
والاستراتيجي حاتم كريم الفلاحي، في تقييمه لمائة يوم من الحرب: "عند الحديث
عن السيطرة العملياتية للعمليات العسكرية في الشمال مثلا، نجد أن السيطرة غير
مكتملة في هذه المنطقة، والدليل على هذا أننا بعد مئة يوم نتكلم عن إطلاق صواريخ
باتجاه مناطق محيط غزة، وعن عمليات عسكرية على القطاعات الصهيونية المتواجدة في
الداخل".
وأوضح لـ"عربي21" أنه
"نعم هناك إنجازات تكتيكية لكنها لا تتسق مع الخطط التي وضعتها القيادة
العليا وهذا يعني بأن هذه الإنجازات التكتيكية لا قيمة لها".
واستدرك بالقول، "ونحن هنا لا
ننكر بأن هناك عملية تدمير في قدرات حماس في هذه المنطقة، وهناك خسائر لا شك
بذلك، ولكن عندما نتكلم عن المستوى العملياتي الاستراتيجي لا نرى هناك إنجازا
كبيرا للاحتلال".
وتابع القول بأن "هناك قطاعات غير
قادرة على إدارة العمليات أو على القتال في المناطق الحضرية".
وعن تقييمه العسكري لعمل فصائل
المقاومة، قال الفلاحي: "نستطيع القول بأن المقاومة استطاعت خلال مئة يوم إدارة
عملية عسكرية دفاعية ناجحة بشكل كبير جدا، وذلك من خلال معارك دفاعية ومعيقة ضمن
الموضع الدفاعي سواء في القطاع الشمالي أو في القطاعين الأوسط والجنوبي".
وتابع: "أيضا نرى بأن العمليات
تحتدم الآن في القطاعين الأوسط والجنوبي في مدينتي دير البلح وخانيونس بالإضافة
لمدينة رفح، علما بأنه لا زال هناك عمليات في الشمال، ونجد أن هناك توظيفا كبيرا
للأرض وتوظيفا للأسلحة المتيسرة لفصائل المقاومة على الرغم من ضعف الإمكانيات
بشكلها العام، ولكن تكتيكات المقاومة لا زالت تعمل بشكل كبير جدا، فهناك تدمير
للآليات حيث وصل عددها تقريبا 900".
وأضاف: "يمكنني القول إنه حتى هذه
اللحظة المقاومة لا زالت تحتفظ بقدرات وبنى تحتية قادرة على أن تواجه الحملة
الصهيونية في جميع المناطق في الشمال والوسط والجنوب، إضافة إلى أنها لا زالت
تحتفظ بقدرات عسكرية وصاروخية لا زالت تعمل فيها ضمن هذه المناطق ولا زالت تدير معركة
يمكن القول إنها طويلة الأمد".
وأوضح أن "حماس لا تسعى للحسم
العسكري بقدر ما تسعى للحسم السياسي، لأن الحسم العسكري صعب جدا نتيجة للاختلاف
في موازين القوى بين الطرفين، ولكن الحسم السياسي يؤدي إلى وقف القتال وتبادل
الأسرى وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وهذا الأمر الذي تسعى إليه فصائل
المقاومة".
ولفت إلى أن "المقاومة تمتلك نقاط
قوة كثيرة، أبرزها شبكة الأنفاق الكبيرة التي تنطلق منها العمليات، والكمائن، التي
كبدت الاحتلال خسائر كبيرة، وثاني هذه النقاط الأسرى الذين لا يزالون في حوزة
المقاومة، إلى جانب خسائر الاحتلال العسكرية الكبيرة".
وأوضح أن "الاقتصاد الصهيوني يعاني
من إشكالات حقيقية وكبيرة جدا، والدعم الغربي للاحتلال بدأ يضعف لا سيما
الأمريكي، بعد العدد الكبير في الضحايا بين المدنيين والدمار الكبير في
القطاع".
وأشار إلى أن "من أهم نقاط قوة
المقاومة هي القدرات البدنية والقتالية للفصائل التي مزجت ما بين الحرب النظامية
وحرب العصابات والعمليات الخاصة".
مسار مجهول
وحول مستقبل الحرب قال الفلاحي:
"عندما بدأ الاحتلال هذه المعركة بدأها بسقف مرتفع جدا، حيث استدعى أكثر من
360 ألف جندي من الاحتياط، بالإضافة إلى القوات النظامية التي يمكن أن تصل إلى
أكثر من 200 ألف جندي، وبذلك أصبح هناك فائض كبير جدا في القوة لدى قوات
الاحتلال".
وأوضح أنه "بعد ثلاثة أشهر تقريبا
بدأ الاقتصاد يضغط بشكل كبير جدا على القيادة السياسية، خصوصا أن التداعيات
الاقتصادية بدأت تظهر على الساحة، لذلك قررت القيادة خلال هذه الفترة سحب بعض الألوية،
ولا شك بأنها كانت فيها خسائر نتيجة المواجهة مع فصائل المقاومة
الفلسطينية".
وحول تأثير سحب هذه الألوية على مسار
المعركة، يرى الفلاحي "أن ذلك لن يؤثر كثيرا لأن نسبتها قياسا للعدد الكلي
من جنود الاحتلال قليلة، وبالتالي سحبها لن يؤثر كثيرا على العمليات العسكرية التي تجري في القطاع".
وأكد أنه "مع الضغوطات الأمريكية
لبدء المرحلة الثالثة، ونقل تجربة الضفة الغربية لقطاع غزة من ناحية القدرة على
الدخول والاقتحام والخروج، يحاول الاحتلال الآن التمركز على منطقة غلاف غزة
واتخاذها مقرا لقطاعاته التي تقدمت في الشمال، وفي ذات الوقت يواصل العملية
العسكرية في الجنوب، على اعتبار أنه يُعتبر المقر الرئيسي لفصائل المقاومة
الفلسطينية والمعارك تحتدم في محاور متعددة في الجنوب وكذلك في الوسط".
وعن المنطقة العازلة التي يدور الحديث
عنها، "يعتقد الفلاحي أن الاحتلال لن يستطيع تنفيذها خلال هذه الفترة ولا
خلال الفترة القادمة، طالما أن فصائل المقاومة لديها القدرة على استخدام الصواريخ
التي تنطلق لتصل إلى تل أبيب وبقية المناطق، أيضا إذا ما تم التوصل إلى اتفاق
يعتقد بأن فصائل المقاومة لن تقبل بوجود هذه القوات في منطقة غزة".
وأضاف: "لذلك يمكن القول بأن
الفترة القادمة يمكن أن تشهد تبادلا للأسرى ما بين الطرفين ضمن وقف للقتال من خلال
وساطات معينة والاتفاق على أن يكون هناك حل سياسي بحيث يكون عملية خروج قوات
الاحتلال والاتفاق حتى لو كانت من التكنوقراط لإدارة قطاع غزة".
وتوقع أيضا أن "يكون هناك اتفاق
على بعض الأمور اللوجستية فيما يخص المعابر، لأن إسرائيل تحاول الضغط على محور
فيلادلفيا لغرض السيطرة عليه للقيام بعمليات التفتيش المباشرة لكل ما يدخل ويخرج
من وإلى القطاع خلال الفترة القادمة".
ويعتقد الفلاحي أنه "إذا ما توقفت
الحرب ستظهر لنا النتائج الحقيقية لهذه الحرب الكارثية التي ستكون على إسرائيل،
وسيتحول الكثير من القادة الحاليين للمساءلة القانونية نتيجة الخسائر الكبيرة
التي لحقت بالجيش في هذه المواجهة".
الجبهة الشمالية
ومع انطلاق عملية طوفان الأقصى وعدوان
الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، انطلقت بعض المواجهات العسكرية بين الاحتلال
وحزب الله في جبهة شمال فلسطين المحتلة وجنوب لبنان.
وخلال هذه المواجهة تبادل الطرفان
عمليات القصف وإطلاق النار، كذلك اغتال الاحتلال نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، صالح
العاروري، في الضاحية الجنوبية لبيروت معقل الحزب، واغتال قياديا ميدانيا للحزب.
وفي تقييمه لمئة يوم من المواجهة بين
حزب الله وإسرائيل يرى الفلاحي "أنها كانت محدودة وضمن موقع جغرافي محدد،
إضافة إلى أنها كانت مُقيدة ضمن قواعد اشتباك متفق عليها بين الطرفين وكانت تزداد
بوتيرة تقريبا ثابتة، إلى أن وصلت إلى أن الاحتلال خرق هذه القواعد من خلال
استهداف القيادي في حماس صالح العاروري في الضاحية الجنوبية وهذا فتح باب
المواجهة بينهما".
واستدرك بالقول: "لكن مع ذلك بقيت
المواجهة بينهما ضمن سقف محدود، علما بأن هناك مساعي لوقف هذا التصعيد بينهما،
ولكن نستطيع القول بأن هذه المواجهة بدأت تعمل شيئا ما على المستوى التكتيكي
والعملياتي، ولكنها لن تتطور على المستوى الاستراتيجي".
وأوضح أن "ذلك يعود في تقديره إلى أن
المواجهة المفتوحة مع الكيان الصهيوني هي قرار جيوسياسي بيد الخامنئي في طهران،
لذلك يعتقد أن المواجهة بين أمريكا والاحتلال من جهة وإيران وأذرعها في المنطقة
من جهة أخرى هو قرار إيراني بالدرجة الأولى".
وأضاف: "لكن يمكن أن يكون هناك
اختراق لقواعد الاشتباك أو تصاعد في العمليات ضمن المستوى التكتيكي والعملياتي
ولكنها لن ترقى إلى المستوى الاستراتيجي، خصوصا في جبهة الاحتلال الشمالية
والجبهة العراقية".
من جهته قال الخبير العسكري
والاستراتيجي إلياس حنا إن "جبهة لبنان فيها حرب مضبوطة وتتبع قواعد اشتباك
مضبوطة ومُسيطر عليها باستثناء اغتيال الشيخ صالح العاروري واغتيال قائد في حزب
الله".
وتابع: "لكن حتى اغتيال القائد في
حزب الله يندرج ضمن الجبهة، بمعنى هو من ضمن قواعد الاشتباك والحرب الدائرة هناك،
بينما اغتيال العاروري مختلف لأنه في الداخل ومنطقة حزب الله".
وخلص بالقول: "لكن حتى الآن
إسرائيل لا تريد ولا تستطيع فتح هذه الجبهة وممنوع عليها ذلك من قبل الولايات
المتحدة، وحزب الله لا يستطيع فتح الجبهة، لأن هذا الأمر مرتبط بوحدة الساحات وهي
متعلقة بالقرار الإيراني أيضا، وبالتالي الطرفان لا يريدان فتح الجبهة بشكل
كبير".