انطلقت اليوم الخميس، أولى الجلسات العلنية بمحكمة العدل الدولية، من أجل النظر في القضية التي رفعتها
جنوب أفريقيا، وتتهم فيها دولة الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم "إبادة جماعية في الحرب على
غزة"، فيما تطالبها بوقف الحرب بشكل عاجل.
وقالت محكمة العدل الدولية، في بيان لها، الأربعاء، إن "الجلستين سيتم تخصيصهما للاستماع لطلب جنوب أفريقيا من المحكمة، في إشارة إلى تدابير مؤقتة من أجل الحماية من أي ضرر إضافي جسيم، وغير قابل للإصلاح لحقوق الشعب الفلسطيني، بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية؛ وضمان امتثال إسرائيل بالتزاماتها بموجب الاتفاقية، بعدم الانخراط في الإبادة الجماعية، بمنعها ومعاقبتها".
وأرسلت جنوب أفريقيا عددا من أبرز محاميها إلى لاهاي، من أجل المواجهة القانونية، لإجبار دولة الاحتلال الإسرائيلي على وقف هجومها الدامي على
قطاع غزة المحاصر، والذي خلف ما يناهز 30 ألف شهيد، ومفقود، ومئات الآلاف من الجرحى.
ومن أجل التعرف عن الفريق القانوني لجنوب أفريقيا، رصدت "عربي21" أهم المحطات البارزة في مسيرتهم الأكاديمية والمهنية:
القائد جون دوغارد
يقود الفريق القانوني لجنوب أفريقيا، جون دوغارد، وهو أستاذ القانون السابق في جامعة ويتواترسراند، ومدير مركز الدراسات القانونية التطبيقية، ويُعدّ من أحد كبار المدافعين عن القانون الدولي في جنوب أفريقيا، محليا ودوليا.
ومنذ عام 2001، شغل دوغارد منصب المقرر الخاص للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، وفي تقرير صدر عام 2006 عن الحالة في فلسطين، ذكر أن "معايير حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية قد انخفضت إلى مستويات جديدة لا تطاق". وأصبح عضوا في مجلس أمناء القانون لفلسطين خلال عام 2020.
كذلك، يمتلك دوغارد خبرة في محكمة العدل الدولية، حيث شغل منصب قاض متخصص في عام 2008، وزار مركز فلسطين في الولايات المتحدة من أجل إلقاء محاضرة عن الفصل العنصري والاحتلال بموجب القانون الدولي.
وخلال فترة عمله كمقرر الأمم المتحدة في الأراضي المحتلة، تحدّث دوغارد عن كونه تولى المنصب لسبع سنوات حيث سمحت له دولة الاحتلال الإسرائيلي بزيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكدًا أنه "كان يتنقل بحرية في الضفة والقدس وقطاع غزة".
وفي السياق نفسه، أشار دوغارد إلى أنه قد "نفذ مهمة لتقصي الحقائق بعد العملية التي يُطلق عليها اسم "الرصاص المصبوب" في قطاع غزة عام 2009" إذ تعرّف حينها جيدا على فلسطين، موضحا أن "مهمته الرئيسية كانت هي الإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان".
ومن أبرز ما صرّح به خلال عام 2015: "أنا جنوب أفريقي عشت الفصل العنصري، وليس لدي أي تردد في القول إن جرائم إسرائيل أسوأ بلا حدود من تلك التي ارتكبها نظام الفصل العنصري"؛ فيما يقول في كل مرّة: "لا غاية لي سوى العدالة".
إلى ذلك، أوضح دوغارد، في عدد من التصريحات السابقة، بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي "كانت تنتهك العديد من المبادئ المهمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي"، مشيرا إلى أنه كان يقدم تلك التقارير إلى مجلس حقوق الإنسان، مرتين خلال العام، ومرة واحدة في العام للجنة الثالثة لِلجمعية العامة للأمم المتحدة.
الناشطة عديلة هاسيم
يضم الفريق القانوني لجنوب أفريقيا، كذلك، عديلة هاسيم، وهي ناشطة في قضايا الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، حيث عملت مستشارة رئيسية في تحكيم ملف "لايف إيسيديميني"، الذي تناول وفاة مرضى الصحة العقلية خلال عام 2021، والذين بلغ عددهم 144 مريضا، وأبرزت هاسيم سبب وفاتهم بأنه: "الإهمال المطلق والتعذيب والإساءة التي تعرضوا لها".
وفي السياق نفسه، تهتم هاسيم بكل من القوانين الدستورية والإدارية والصحية وقانون المنافسة؛ وكانت قاضية بالإنابة، وأصبحت المؤسس المشارك، ومدير التقاضي، في قسم منظمة الحقوق المدنية 27.
وفي سياق متصل، حرّرت هاسيم، دليلا بعنوان: "الصحة والديمقراطية: دليل لحقوق الإنسان وقانون وسياسة الصحة في جنوب أفريقيا ما بعد الفصل العنصري".
المحامي تيمبيكا نغكوكايتوبي
يضم الفريق، تيمبيكا نغكوكايتوبي، وهو الذي نمت شعبيته بعد أن شكل جزءا من الفريق القانوني لحزب "المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية"، حيث نجح أمام المحكمة العليا في بريتوريا، في إصدار تقرير المدعي العام السابق ثولي مادونسيلا، بخصوص قضية استغلال الدولة.
ويشغل نغكوكايتوبي، محاميا متمرسا في نقابة المحامين في جوهانسبرغ، وهو متخصص في قانون المنافسة وقانون العمل والقانون الدستوري والقانون التجاري، وقد تم تعيينه من قبل رامافوزا ليكون عضوا في لجنة الخدمة القضائية خلال عام 2022، وتعيينه عضوا في هيئة المنافسة خلال عام 2023، كما أن جهوده أمام المحكمة الدستورية انتهت بالحكم على الرئيس زوما، بالسجن كسابقة في جنوب أفريقيا.
واكتسب نغكوكايتوبي، شهرة في الحياة العامة، خلال فترة حكم الرئيس السابق، جاكوب زوما؛ بينما نجح كذلك حين قام بتمثيل الحزب خلال عام 2017، في المحكمة الدستورية، في محاولة مشتركة من قبل الحركة الديمقراطية المتحدة، من أجل التأكيد على أن رئيس الجمعية الوطنية لديه سلطة فرض اقتراع سري، خلال اقتراحات حجب الثقة ضد الرئيس زوما.
المتخصص في حقوق الإنسان ماكس دو بليسيس
انضم للفريق، أيضا، ماكس دو بليسيس، وهو ممارس ومتخصص في القانون العام وحقوق الإنسان والقانون الدولي وقانون المنافسة، عمل كباحث مشارك أول في برنامج الجريمة الدولية في أفريقيا في معهد الدراسات الأمنية (كيب تاون وبريتوريا)؛ ولديه كتبٌ في القانون الجنائي الدولي، خاصة من منظور أفريقي.
واشتغل دو بليسيس، كذلك، أستاذا مشاركا في القانون في جامعة كوازولو ناتال، ديربان، فيما يمارس مهنة المحاماة في جنوب أفريقيا مع تخصص في القانون الدولي والقانون الدستوري. وكان لسنوات زميلا مشاركا في القانون الدولي في تشاتام هاوس، وهو المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن.
كذلك، يُعتبر دو بليسيس، ممارسا متخصصا في القانون العام وحقوق الإنسان والقانون الدولي وقانون المنافسة. وبصفته محاميا دوليا، فإنه يقدم المشورة للمنظمات الدولية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، وقد مثل أو قدم المشورة بشأن المسائل المعروضة على المحكمة الجنائية الدولية واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وأيضا لمحكمة الجماعة الإنمائية للجنوب أفريقي، ومحكمة العدل لشرق أفريقيا.
ومن أجل الحصول على تصريح من محكمة بريتوريا العليا في طلب عاجل، لمطالبة المحكمة بتأكيد التزام جنوب أفريقيا باعتقال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مثّل دو بليسيس "التحالف الديمقراطي"، في أيار/ مايو من العام الماضي، وذلك وفق مذكرة اعتقال صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.
المحامية سارة بوديفين جونز
انضمت إلى الفريق القانوني، كذلك، سارة بوديفين جونز، وهي المتخصصة في القانون العام والقانون الدستوري والقانون الإداري وحقوق الإنسان في نقابة المحامين في ديربان؛ وخريجة قسم القانون بامتياز مع مرتبة الشرف من جامعة كوازولو ناتال، وأكملت درجة الماجستير والماجستير في جامعة كامبريدج.
وشاركت بوديفين جونز، في جُملة من القضايا رفيعة المستوى أمام المحكمة الدستورية؛ بما فيها الانضمام إلى المتخصص في حقوق الإنسان، ماكس دو بليسيس، في طلب يأمر الرئيس زوما، بالامتثال إلى النتائج والإجراءات العلاجية الواردة في تقرير المدعي العام، عن نكاندلا، وكذا تنفيذها.
وعملت بوديفين جونز، على المشاركة في تحرير الكتاب الأول في "قانون جنوب أفريقيا بشأن الدعاوى الجماعية". بينما عُرفت أيضا بكونها تعزف على آلة الكمان، حيث كانت واحدة من عازفي الكمان الداعمين، مع المغني الأمريكي، غوش غروبان، خلال حفلته الموسيقية في نيسان/ أبريل من عام 2016.
عضو مجلس المحامين ليراتو زيكالالا
الفريق القانوني لجنوب أفريقيا، يضم كذلك، ليراتو زيكالالا، وهي عضو في مجلس المحامين ضد الإساءة، وهي منظمة تسد الفجوة بين القانون والطريقة التي يعاني منها ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وتجرّجت زيكالالا، من جامعة رودس، بحصولها على درجة ليسانس الحقوق، وذلك قبل حصولها على ماجستير في القانون من جامعة نوتردام؛ وهي متخصصة في القانون الدولي لحقوق الإنسان. فيما تركز على القانون العام والتجاري العام، مع مصالح في القانون الدستوري والقانون الإداري والتنظيمي العام.
الفريق القانوني يضم عضوين من خارج جنوب أفريقيا، وهما:
المحامي فوغان لوي
يُعرف فوغان لوي، بكونه محاميا ممارسا في غرف محكمة إسيكس، المتواجدة في المملكة المتحدة، وهو متخصص في القانون الدولي، بالإضافة إلى القضايا التي يتم فيها النظر أمام محكمة العدل الدولية، ومحكمة العدل الأوروبية، والمحاكم في إنجلترا وهونغ كونغ، من بين العديد من القضايا الأخرى.
وشغل فوغان لوي، منصب قاض بالإنابة، في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وأيضا منصب القاضي البريطاني المرشح في المحكمة الأوروبية للطاقة النووية.
كذلك، عمل فوغان لوي، على تقديم الاستشارة القانونية على نطاق واسع بشأن مسائل القانون الدولي، وبعض قضاياه الرئيسية، أمام محكمة العدل الدولية، تشمل القضية المعروفة باسم "صيد الحيتان" في أنتاركتيكا.
أيضا، مثّل فوغان لوي، فلسطين، في قضية الجدار الفلسطيني، وكذا في قضية بوليفيا ضد تشيلي، وهي المتعلقة بالوصول إلى المحيط الهادئ.
المحامية بلين ني غرالايغ
برزت الأيرلندية، بلين ني غرالايغ، في الأخبار القانونية الأيرلندية، بصفتها محامية الشهر، خلال شباط/ فبراير من عام 2022، بعد أن نجحت في الدفاع عن كولستون فور، وبرّأته من "أضرار جنائية" لإسقاطه تمثالا لتاجر العبيد، إدوارد كولستون، في بريستول.
وتقدم المحامية التي تقيم في لندن وتتدرب كمحامية في ماتريكس تشامبرز، بلين ني غرالايغ، الاستشارة، إلى الفريق القانوني لجنوب أفريقيا، وذلك وفقا لصحيفة جنوب أفريقيا "تايمز لايف".
بالإضافة إلى ذلك، شاركت تشامبرز، في التحقيق الذي عُرف باسم "الأحد الدامي"؛ فيما مثلت أيضا أمام محكمة العدل الدولية، نيابة عن دولة كرواتيا، في قضية "الإبادة الجماعية" المزعومة التي تقدمت بها صربيا.
مذكرة من 84 صفحة
تجدر الإشارة، إلى أن الفريق القانوني الجنوب أفريقي، قد أعدّ مذكرة مُكوّنة من 84 صفحة، حثّ من خلالها القضاة، على إصدار أمر لدولة الاحتلال الإسرائيلي بـ"تعليق عملياتها العسكرية بشكل فوري، في قطاع غزة المحاصر"، في إشارة بارزة بكون دولة الاحتلال الإسرائيلي "انخرطت، وتنخرط، وتواجه خطر الانخراط أكثر في أعمال الإبادة التي تُمارس على غزة".
وفي أول مشاهد المحاكمة، التي غطّتها "عربي21" بشكل مباشر، أشارت محكمة العدل الدولية، في بداية الجلسة، إلى أن "الدعوى تطالب إسرائيل بالوقف الفوري لعملياتها في قطاع غزة".
ووجّه وكيل جنوب أفريقيا، في كلمته خلال بداية الجلسة العلنية، جُملة من الانتقادات لدولة الاحتلال الإسرائيلي، بالقول إنها "تُخضع الشعب الفلسطيني لنظام الفصل العنصري"؛ كما اتهم وزير العدل بجنوب أفريقيا، دولة الاحتلال الإسرائيلي، بانتهاكات اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
إلى ذلك، لا تزال مرافعات الفريق القانوني لجنوب أفريقيا، مُستمرة أمام قضاة محكمة العدل الدولية؛ وهم 15 قاضيًا يتم انتخابهم لمدة 9 سنوات في محكمة العدل الدولية، وهم قضاة ودبلوماسيون ومحامون وأكاديميون سابقون.
وبحسب المادة 31 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، فإنه "عندما يتم النظر في قضية، يمكن للدولة الطرف تعيين قاض مؤقت، يسمى قاضيا خاصا، بشرط أن يعمل فقط من أجل تلك القضية".