نشرت صحيفة "
واشنطن بوست" الأمريكية، تقريرا، أعده ستيفن هندريكس، وهاجر حرب، وكلير باركر، قالوا فيه "إن الغزيين عادوا إلى بيوتهم المدمرة في وقت يدفع فيه وزراء في الحكومة الإسرائيلية المتطرفة لإعادة توطينهم في بلدان أخرى".
وقال طارق من مخيم جباليا، وهو الذي فرّ مع عائلته المكونة من ثمانية أفراد في تشرين الثاني/ نوفمبر، وقضوا أسابيع وهم يبحثون عن الطعام، وتجنَّب الغارات والقتال، إنه لم يعرف بيته، ممّا حلّ به من دمار، فلم يبق منه إلا نصفه، لكنه دمار يمكن أن نعيش فيه".
وكان طارق من الذين عادوا إلى حطام بيوتهم بعد الانسحاب الجزئي لقوات الاحتلال الإسرائيلي من
غزة. وشاهدوا في طريقهم بنايات مدمرة، وشوارع تم تجريفها وأكواما من الأنقاض، وبعضها تحتوي على جثث متعفنة لم يتم جمعها بعد، وسط عدم وضوح للمستقبل.
فبعد التحول التدريجي في الحرب وأجزاء من غزة، فلا يزال مصير 2.3 مليون نسمة في القطاع غير واضح. ففي الوقت الذي بدأ فيه سكان الأحياء المدمرة بالعودة تدريجيا إلى منازلهم المدمرة، تساءل ساسة في دولة الاحتلال الإسرائيلي عن سبب تكليفهم أنفسهم عناء العودة، وإن كان عليهم الرجوع أصلا.
وتثير المقترحات المثيرة للجدل، التي تدور على ألسنة المسؤولين في دولة الاحتلال الإسرائيلي، صدعا مع المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين والأمم المتحدة، وتشمل هذه المقترحات دعوات لنقل الغزيين إلى معسكرات لاجئين في مصر أو دول أخرى.
وتم تضمين هذه الدعوات في دعوى تقدمت بها جنوب أفريقيا، لمحكمة العدل الدولية، تقول إن دولة الاحتلال الإسرائيلي لديها نية إبادة جماعية ضد أهل غزة. واقترح وزراء الحكومة المتطرفة إرسال
الفلسطينيين في غزة إلى مصر والأردن والسعودية والاتحاد الأوروبي وتشيلي.
وكانت الصحيفة قد كشفت في كانون الأول/ ديسمبر، أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضغط على الولايات المتحدة، لممارسة نفوذها على مصر، وإقناعها بفتح الحدود مع غزة لدخول اللاجئين منها.
وفي الأسبوع الماضي، نشر تقرير في الصحافة العبرية عن مناقشات أجراها نتنياهو مع جمهورية الكونغو الديمقراطية للقبول بـ"هجرة طوعية" من غزة. ورفض مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي أو الحكومة التعليق، وكذا جمهورية الكونغو.
ويقول النقاد إن "عمليات تهجير قسري تصل إلى حد التطهير العرقي". فيما قال مسؤول السياسات الخارجية في الإتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل: "التهجير القسري ممنوع بالمطلق وانتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني والكلمات مهمة"، وذلك في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقا) رد فيها على دعوات وزير المالية، بتسلئيل سمورتش، ووزير الحرب، إيتمار بن غفير، لطرد الفلسطينيين من غزة.
وفي مقابلة، أجراها الأحد، راديو جيش الاحتلال الإسرائيلي، مع سمورتيش "لو كان هناك ما بين 100.000 – 200.000 عربي في غزة وليس مليونين فسيكون النقاش كله مختلفا". وردد كلامه بن غفير، في تغريدة، الثلاثاء، بالقول إنه "ستسمح هجرة مئات الآلاف من غزة لعودة المواطنين إلى القطاع وإلى بيوتهم والعيش بسلام وحماية الجنود".
وقال المسؤولون الأمريكيون، إنهم تعاملوا مع هذه التصريحات بأنها لا تعبر عن الموقف الرسمي، لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، وبخ يوم الثلاثاء، كلا من سمورتيش، وبن غفير، بالقول إن "هذا الخطاب ناري وغير مسؤول وكنا واضحين وثابتين ولا لبس في كلامنا أن غزة هي أرض فلسطينية وستبقى أرضا فلسطينية".
ويقول مسؤولون في دولة الاحتلال الإسرائيلي، في أحاديثهم الخاصة، إن "التصريحات نابعة من الضرورات السياسية لتحالف نتنياهو واعتماده على الأحزاب القومية والدينية المتطرفة". وقد تم استبعاد بن غفير وسمورتيش، من اجتماعات وزارة الحرب، حيث تشكل السياسة.
لكن تصريحات الوزيرين تترك أثرها بين المستوطنين والناشطين الذين يريدون ضم غزة بدلا من تسليمها إلى سلطة وطنية منشطة كما تناقش إدارة بايدن. وقال شخص على معرفة بالحوارات داخل الحكومة إن الحرفيين في مؤسسة الأمن والجيش يعرفون أن هذا لا يمكنه تحقيقه و"يعرفون أنه لا مستقبل بدون الغزيين في غزة والسلطة الوطنية جزء من الحكومة". إلا أن المقترحات ورفض نتنياهو نفيها تزيد من التوتر في علاقات دولة الاحتلال الإسرائيلي مع حلفائها وبعد مقتل أكثر من 22.000 فلسطينيا وتهجير نسبة 90 في المئة من سكان القطاع.
وتقول مديرة البحث في منبر السياسة "الإسرائيلي"، شيرا إيفرون "الحقيقة هي أن إسرائيل تطلق النار وبحماقة على نفسها، وربما ساعد لو خرج نتنياهو وقال هذه ليست سياسة، ولكنه موسم انتخابي وعليه التعامل مع قاعدته".
وسترد دولة الاحتلال الإسرائيلي، في الأسبوع الماضي، على اتهامات قدمتها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية في هيغ وأنها فشلت في منع الإبادة في غزة وكان لديها نية بالإبادة الجماعية.
إلى ذلك، تم تخصيص عشر صفحات من الملف المكون من 80 صفحة لتصريحات وكلام الجنود والمسؤولين التي دعت بوضوح لتطهير الفلسطينيين عرقيا من غزة. ورغم رفض دولة الاحتلال الإسرائيلي التهم، إلا أن أستاذ القانون بكلية أونو "الإسرائيلية"، أميخاي كوهين، علق قائلا "رغم معرفتي أن هذه التصريحات صدرت عن أشخاص لا مكان لهم على طاولة صناعة القرار أو نزعت من سياقها". إلا أن النظر لقائمة الاتهامات يثير القلق.
وفي رد على هذه التصريحات، يقول طارق وغيره من الغزيين إن "كل شيء دمر، المدارس والشوارع والبنى التحتية" غير إنهم يفضلون الموت والدفن تحت تراب غزة بدلا من الذهاب والعيش في بلد آخر.