تطرح الدعوى التي
رفعتها جنوب أفريقيا، في محكمة العدل الدولية، ضد
الاحتلال الإسرائيلي، بارتكاب
جريمة
الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، تساؤلا حول هذه النوع من الجرائم الدولية،
والواردة في المواثيق الأممية.
ومن المقرر أن تبدأ
أولى جلسات العدل الدولية، للاستماع لدعوى جنوب أفريقيا، في مقر المحكمة في لاهاي
منتصف الشهر الجاري، بشأن الإبادة الجماعية للسكان في
غزة، والجرائم المرتكبة
بحقهم، خاصة أن الاحتلال من الموقعين على اتفاقية منع الإبادة الجماعية.
ونستعرض في التقرير
الآتي، ما هي الإبادة الجماعية، ومتى نشأت، إضافة إلى الموقعين عليها:
كيف ظهر المصطلح؟
يعود نشوء مصطلح
الإبادة الجماعية، إلى محاولة اليهود تأطير ما جرى لهم على يد النازية بألمانيا،
ضمن تعريف معين، فتصدر المحامي اليهودي، رفائيل ليمكن، واشتق العبارة من اللفظين
اليونانيين القديمين "جينو" والتي تعني العرق، و"سايد" والتي
تعني القتل.
وسعى ليمكن إلى أن
يكون المصطلح مقدمة لإقراره كقانون دولي، ضد النازيين، لمحاسبتهم على ما ارتكب بحق
اليهود من معسكرات اعتقال وعمليات قتل واسعة خلال الحرب العالمية الثانية.
الاعتماد الدولي
وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بقرارها
رقم 96-D1 والمؤرخ في
11 كانون أول/ ديسمبر عام 1964، إعلان أن الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون
الدولي، تتعارض مع روح وأهداف الأمم المتحدة، وجريمة مدانة عالميا.
وعرف القرار الإبادة الجماعية، بأنها كل عمل
من الأعمال الواردة، بقصد الإبادة الكلية، أو الجزئية، لمجموعة ما، على أساس
القومية أو العرق أو الجنس أو الدين وتحديدا بالآتي:
قتل أعضاء الجماعة
إلحاق الأذى الجسدي أو
النفسي الخطير بأعضاء الجماعة
إلحاق الأضرار
بالأوضاع المعيشية للجماعة بشكل متعمد بهدف التدمير الفعلي للجماعة كليا أو جزئيا
فرض إجراءات تهدف إلى
منع المواليد داخل الجماعة
نقل الأطفال بالإكراه
من جماعة إلى أخرى
ووفقا لنظام روما
الأساسي، الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، المسؤولة عن التحقيق وإصدار الأحكام
بجرائم الإبادة، وغيرها من الجرائم الدولية، فإن الإبادة هي ارتكاب أفعال معينة
على نطاق واسع، بقصد القضاء على جماعة بأكملها، بناء على هويتها القومية أو
العرقية أو العنصرية أو الدينية.
وتجرى العقوبات بعد إجراء المحاكمة على من
ارتكب الأفعال الآتية بحسب القرار الأممي في المادة الثالثة منه:
مرتكبو الإبادة الجماعية بشكل مباشر
المتآمرون على ارتكاب الإبادة الجماعية
التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة
الجماعية
محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية
الاشتراك في الإبادة الجماعية
وينفي القرار الأممي، صفة الجرائم السياسية،
عن الإبادة الجماعية، ويفرض على الدول المتعاقدة ضمنها تسليم المجرمين وفقا للقوانين
والمعاهدات نافذة المفعول.
الموقعون على الاتفاقية
منذ أن وضع قرار الإبادة الجماعية موضع التنفيذ
1951 فقد صادقت عليه 20 دولة، لكن العدد تصاعد مع مرور السنوات، وحتى الآن صادقت 133
دولة على الاتفاقية من بينها الولايات المتحدة 1988م.
في حين صادقت الكثير
من الدولة العربية عليه، ومنها: السعودية ومصر والعراق والأردن والكويت وليبيا
والمغرب وسوريا وتونس.
ولم تصادق 50 دولة
بينها قطر والإمارات العربية المتحدة وعمان وموريتانيا وتشاد، في حين تحفظت دول
أخرى على الانضمام للقرار، بشرط حذف شرط اتهامها بالإبادة الجماعية دون موافقتها.
ما الذي تخشاه "إسرائيل"؟
بحسب صحيفة
الغارديان، فإن الاحتلال الإسرائيلي يخشى من صدور قرار دولي ملزم، بوقف إطلاق النار في غزة، باعتبار أن أفعالها
وما تقوم به يرقى إلى جريمة الإبادة
الجماعية للفلسطينيين في القطاع.
وأشارت الصحيفة، إلى أن الاحتلال، يخشى من الضرر على سمعته الدولية، في حال قبول دعوى
جنوب أفريقيا، بإثبات ارتكابه جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، وستكون
تلك المرة الأولى في تاريخ الاحتلال، التي يدان فيها، رغم أنه ارتكب الكثير من المذابح
ضد الفلسطينيين.
واعتبرت أن الاحتلال
في ورطة، حتى مع إعلانه المثول أمام المحكمة، لرد الدعوى التي تقدمت بها جنوب
أفريقيا، لأنه وقع على الانضمام للاتفاقية، ومن الصعوبة عليه في حال قبولها
تجاهل أي نتائج سلبية ستلحق به.
وأضافت: "إسرائيل أمام مخاطرة عالية، لكن ما هي فرص
التوصل إلى نتيجة سلبية؟.. يجب القول إن طلب جنوب أفريقيا من محكمة العدل الدولية جاء
مفاجئا، في 29 كانون الأول/ ديسمبر، لكنه لم يكن تحركا قام المحامون بتجميعه وهم
يفتحون هدايا أعياد الميلاد، لأن الطلب مجهز بعناية ويتكون من 80 صفحة وحافل
بالتفاصيل والإشارات إلى مسؤولي الأمم المتحدة البارزين وتقاريرهم، ولا ينحرف عن هدفه
الأساسي، أي إثبات أن إسرائيل لديها نية إبادة جماعية".