صرح مجرم الحرب وقاتل الأطفال بنيامين
نتنياهو، في
حوار مع الإذاعة العامة الأمريكية "NPR" بما يلي: "نحن بحاجة إلى تجريد غزة من السلاح أولا، والهدف الثاني
الذي يتعين علينا القيام به هو القضاء على التطرف في غزة". ويرى أنه لتحقيق
ذلك، هم "بحاجة إلى تغيير ثقافي في أي إدارة مدنية في غزة تلتزم بمكافحة
الإرهاب". وتتكون هذه الإدارة من أشخاص "لا
يشاركون أهداف حماس، ولا يعلّمون الأطفال أنه يجب تدمير
إسرائيل وأن يكون ذلك هدفهم
في الحياة"؛ وهو ما حصل حسب اعتقاده في كل من اليابان الفاشية وألمانيا
النازية، بعد هزيمتهما العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية.
بمعنى آخر، يقدم نفسه كمصلح ديني وسياسي مؤهل، ليس فقط لتغيير
هوية
الفلسطينيين، بل ويزعم أن ذلك ما يجب القيام به في جميع البلدان الإسلامية.
فخلال تجواله مع إيلون ماسك، مالك منصة "إكس"، عمل على إقناعه بخطورة
الفلسطينيين وثقافتهم بترويج ثقافة الموت، ودعا بكل صفاقة إلى إحداث تغيير في الإسلام
بحجة "إلغاء التشدد في هذه البلدان المسلمة".
لا تقف هذه الكراهية عند المسلمين، وإنما تشمل أيضا المسيحيين الفلسطينيين، وتمتد إلى عموم المسيحيين بمختلف فرقهم وجنسياتهم؛ فقد تجاهل بن غفير الرد على سؤال وجهته له مذيعة في الشبكة الثانية الإسرائيلية، ويتعلق بالبصق على كل دير أو كاهن عند المرور بجانبه، لكنه اعترف بكونه تقليدا يهوديا قديما، ورفض أن يعد ذلك مخالفة يعاقب عليها من يقوم بها.
سنفترض أن ما جاء على لسانه صحيح، هذا يفترض أن المجتمع
الإسرائيلي بريء من الإرهاب، ومحصن ثقافيا ضد التعصب والكراهية. ولا شك في أن أفضل
مرآة تعكس درجة انفتاح شعب ما، تتمثل في نظامها التعليمي والتربوي الذي يتضمن قيمه، ويحمي رؤاه الفلسفية والاجتماعية.
إذا عدنا إلى مقررات الدراسة الموجهة بالخصوص إلى الأطفال،
نجدها تصف الفلسطيني بالعربي "الذي
لا يعرف الرحمة والشفقة والقتل، والإجرام هواية عنده"، كما أنه "جبان،
ملامحه شريرة، لص، عيونه تبعث الرعب". وتقول الدكتورة الإسرائيلية في جامعة
حيفا تسيبورا شاروني: "لم ترد كلمة واحدة في البرنامج التعليمي لليهود حول
التطلع للسلام بين إسرائيل وجاراتها". فهناك حرص على "صناعة جيل مشحون
بالكراهية والعداء ضد الفلسطينيين والعرب". كما أن المواد الدينية تحمل طابعا
عنصريا، حيث "ينشأ الطلاب على فكرة شعب الله المختار، وأن غير اليهود أغيار
يجب قتلهم في وقت السلم والحرب. كما أن كتب الجغرافيا المدرسية لا تشير إلى فلسطين،
ولا ذكر للفلسطينيين في كتب التاريخ.
لا تقف هذه
الكراهية عند المسلمين، وإنما
تشمل أيضا المسيحيين الفلسطينيين، وتمتد إلى عموم المسيحيين بمختلف فرقهم
وجنسياتهم؛ فقد تجاهل بن غفير الرد على سؤال وجهته له مذيعة في الشبكة الثانية
الإسرائيلية، ويتعلق بالبصق على كل دير أو كاهن عند المرور بجانبه، لكنه اعترف
بكونه تقليدا يهوديا قديما، ورفض أن يعد ذلك مخالفة يعاقب عليها من يقوم بها.
وقد بيّنت إحدى القنوات التلفزيونية
يهودا يبصقون على راهبات ورهبان في القدس، تنفيذا لهذا التقليد الذي يتمسك به أقصى
اليمين الديني الإسرائيلي. وما لا يعرفه الكثيرون، أن حاخام باريس أفتى بأن دخول
اليهود إلى مبنى كنيسة، فعل محرم على اليهود.
هذا تراث يهودي لم تتم مراجعته من قبل جميع التيارات الدينية
اليهودية، رغم كونه نشأ في مراحل تاريخية قديمة. لقد أضفي على هذه الممارسات طابع
القداسة، رغم أنها تعكس كراهية شديدة لكل مخالف في الدين.
الذي يزعم أنه سيصلح أحوال الآخرين، هو في الحقيقة كاذب وسلوكه معاكس لخطابه وادعاءاته، فالذي يحتاج إلى إصلاح ثقافي عميق، هو من يعتقد بأن مخالفيه هم الأشرار الذين من واجبه القضاء عليهم. وكثير من الأشياء في المجتمع الإسرائيلي خاطئة ومزيفة.
الذي يزعم أنه سيصلح أحوال الآخرين، هو في الحقيقة كاذب وسلوكه
معاكس لخطابه وادعاءاته، فالذي يحتاج إلى إصلاح ثقافي عميق، هو من يعتقد بأن
مخالفيه هم الأشرار الذين من واجبه القضاء عليهم. وكثير من الأشياء في المجتمع الإسرائيلي
خاطئة ومزيفة، فالكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي اعتبر في مقال نشره في صحيفة هآرتس، أن مؤسسات الدعاية في إسرائيل "أداة غير أخلاقية، ومن
يكتفي بالصدمة مما حدث لنا ويتجاهل ما كنا نفعله منذ ذلك الحين، لا يتحلّى بذرّة
نزاهة أو ضمير".
بمثل هذا الخطاب، لن تذهب إسرائيل بعيدا، سواء ربحت الحرب أم
خسرتها؛ سكانها يعيشون في عزلة عن العالم بما في ذلك محيطهم الفلسطيني والعربي، وهم
ينظرون إلى أنفسهم من زاوية مزيفة، وقيادتهم تقتل أكثر من عشرة آلاف طفل وتعدهم، دون خجل، إرهابيين أو مشاريع إرهاب، وكثير من مواطنيهم يكرهون الأطفال الفلسطينيين
ويحقدون عليهم، ويدعون في كثير من الفيديوهات إلى قتلهم مع أسرهم دون رحمة؛ بحجة
كونهم يولدون أشرارا.
ومجتمع يفكر بهذه الطريقة وتغذيه الرغبة في الانتقام سينهار
حتما، لهذا توقع المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابي بأن نهاية إسرائيل مشروع استعماري
وكدولة قد بدأت، وعدّ أن النسيج الاجتماعي الموحد تفكك، وأن بناء الوحدة بين الإسرائيليين
القائمة على "كراهية العرب والفلسطينيين ليس عاملا مستداما"، فقد عدّها
الدولة الوحيدة في العالم التي تضغط من أجل الحفاظ على بقائها".