قال محمد الأشعري الأديب ووزير الثقافة
الأسبق في
المغرب: "إن المشروع الأصلي لإسرائيل هو استعمار استيطاني يقوم على
فكرة محو الشعب الأصلي، ومهما كانت هناك من مفاوضات وتلويح بحل الدولتين فإن
المشروع الجوهري هو محو
فلسطين".
وأضاف الأشعري في حديث خاص لـ
"عربي21": "كثير من
الناس في الغرب يندهشون، لأنه هناك عدم تناسب بين ما فعلته حماس يوم 7 أكتوبر وما
ردت به إسرائيل.. والحقيقة إنه سواء فعلت حماس ما فعلته أو لم تفعل فإن إسرائيل ماضية
في مسار إبادة الشعب الفلسطيني".
وأشار الأشعري إلى أن إسناد الشعب الفلسطيني في مقاومته للاحتلال
ولمشروع الإبادة والمحو هو موقف مبدئي لا يتعلق بفصيل دون غيره، وقال: "لا
شيء يمنعنا من الإعلان عن مواقفنا تجاه هذا الفصيل أو ذاك، لأننا لسنا مجبرين على
اعتناق كل ما تفعله حماس، لكن لا بد أن نستحضر شيئا أساسيا، وهو أن الاستعمار الإسرائيلي
وإقامة نظام عنصري يستدعي مقاومة، وأيا كانت هذه المقاومة ومن أي فصيل فإنها
مشروعة".
وأضاف: "أما سؤال الوحدة الفلسطينية فهو سؤال مطروح على المجتمع
الفلسطيني الذي يجيب عنه بطريقته الخاصة وليس من مهمتنا نحن".
وكان الأشعري قد قال في وقت سابق: "إن طوفان الأقصى في 7 أكتوبر
الماضي شكل صدمة للجميع، لأننا كنا في غمرة يأس قاتل، ونشيع بنظراتنا جثمان القضية
الفلسطينية، خاصة بعد ما عاشته القضية مؤخرا من تآمر سياسي وميز عنصري وتهجير
وملاحقات واعتداءات واعتقالات واختطافات طالت الشباب الفلسطيني في كل فلسطين، وسط
صمت مطبق للعالم وللإخوة على حد سواء".
وأكد الأشعري في كلمة له خلال ندوة نظمها منتدى المتوسط للتبادل
والحوار نهاية الأسبوع الماضي بالمكتبة الوطنية بالرباط أن الحقيقة البارزة
والأساسية من معركة طوفان الأقصى هي أن المقاومة ليست فقط ضرورية وقضية حياة أو
موت بالنسبة للفلسطينيين، بل إنها ممكنة حتى بفاعل صغير وإمكانات شبه منعدمة،
ومؤثرة وقادرة على زعزعة أقوى كيان في منطقة الشرق العربي، وأن تجرحه في كيانه وفي
أسطورته المؤسسة.
وأضاف: "اليوم علينا أن نؤمن أن هذه المقاومة التي جعلها هؤلاء
ممكنة اليوم، ممكنة غدا وبعد غد وفي كل وقت.. ومن يلوح أن نهاية القضية ستكون
بإقبار حماس في غزة واهم، لأن حماس أصبحت في كل جسد فلسطين".
ونبه الأشعري في كلمته التي نقلتها صحيفة "لكم" المغربية،
إلى أن الحقيقة الأخرى التي كشفها 7 أكتوبر هي أن القضية الفلسطينية لا يمكن
إخمادها لا بالعنف ولا بالبدائل المزيفة.
واعتبر الوزير المغربي الأسبق أن الضربة الموجعة في هذا الإطار وجهت
لاستراتيجية التطبيع، حيث من الممكن أن يبقى التطبيع مسألة ثنائية بين بعض الدول
العربية وإسرائيل، ولكن التطبيع كمسألة استراتيجية إسرائيلية سقط يوم 7 كتوبر ولن
يعود أبدا.
وفي هذا الصدد، أوضح أن إسرائيل التي كانت تحاول مع أمريكا أن تجعل
من الكيان دولة طبيعية في جوار طبيعي انتهت، وما حدث في غزة جعل أفق التطبيع
الاستراتيجي مستحيلا، لأن حجم الكراهية التي خلفتها الفظائع في غزة لن يسمح أبدا
بأي تعايش.
وشدد الأشعري على أنه لا حق لأحد أن يفرض على مقاومة أشعلت فتيل هذا
النضال الكبير وغذته بدمائها أن يملي عليها ما ستفعله غدا بمستقبل غزة أو أن يفرض
عليها خريطة طريق لما بعد الإبادة الجماعية التي تعرض لها الفلسطينيون.
وأبرز المتحدث ضرورة أن تبني كل الفصائل المقاومة قوة ما بعد
المذبحة، لأن القوة التي ينبغي أن تدبر المستقبل لا ينبغي أن تكون ضعيفة ولا مشتتة
ولا مجزأة.
ودعا الأشعري إلى عدم التوقف عن فضح فظاعات إسرائيل في غزة وأن يكون
ذلك عملا يوميا في كل الوسائل والمنابر الممكنة، مع عدم التوقف عن مخاطبة الرأي
العام العالمي ووخز ضميره بهذه الجريمة التي كان العالم الغربي ضالعا فيها لأبعد
الحدود.
وانتقد الوزير الأسبق تكتل وسائل الإعلام الغربية في نغمة تشجيع
إسرائيل في الدفاع عن نفسها وإنكار أن حماس حركة مقاومة، وأضاف: "هذا الذي حدث
خلف شرخا عميقا بيننا وبين أوروبا، خصوصا بيننا نحن الذين كنا لنصف قرن نحاول أن
نقنع مجتمعاتنا أن القيم الكونية التي أنتجها الغرب هي مفتاح حداثتنا
وديمقراطيتنا.. لكننا رأينا كيف أن هذا الصرح الذي دافعنا عنه، تهاوى أمام أعيننا
بعد الانتصار الأعمى لكيان ظالم، وهذا الأمر يجب أن نستحضره في نقاشنا الوطني".
ويعرف المغرب حراكا شعبيا وسياسيا متناميا منذ بداية
العدوان على
قطاع غزة، متضامنا مع فلسطين ومطالبا بوقف الحرب وإنهاء التطبيع مع الاحتلال.
وخلفت الحرب
الإسرائيلية المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ضد قطاع غزة، حتى
الأربعاء، 21 ألفا و110 شهداء و55 ألفا و243 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا
هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم
المتحدة.