نشر موقع "
الإنترسبت" الأمريكي تقريرا، تحدث فيه عن نشاط مؤثر أمريكي على "تيك توك" نال شهرة واسعة بين الجنود الأمريكيين السابقين؛ لدوره في تجنيد قدامى المحاربين للعمل في القواعد العسكرية الأمريكية السرية في "إسرائيل".
وقال الموقع، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن توماس لاثام، جندي المشاة المخضرم في الجيش الأمريكي البالغ من العمر 26 سنة، يعد من بين عدد لا يحصى من الشباب على "تيك توك" الذي استخدم هذه المنصة لغرض مختلف عن معظم الأشخاص؛ وهو تجنيد قدامى المحاربين للعمل في قواعد عسكرية أمريكية سرية في "إسرائيل".
وجاء في نص منشور على "تيك توك" شاركه لاثام: "كونك جنديا متعاقدا، فهذا يجعلك تكسب في أمريكا 4 آلاف دولار شهريًا". وتظهر كاميرا هاتفه منظر مبنى شاهق في بلدة بئر السبع الإسرائيلية، بحسب التقرير.
وقال لاثام إنه ينشر بانتظام فرص عمل لمساعدة المحاربين القدامى الذين يحاولون العثور على عمل بعد انتهاء الخدمة العسكرية. في البداية، كانت منشورات تيك توك جزءا من عمله موظفا لشركة الأمن الخاصة "تريبل كانوبي". منذ أن ترك شركة تريبل كانوبي، تم تعيينه في شركات أخرى أيضا، ولكن في بعض الأحيان كان ينشر مقاطع فيديو فقط، وفقا لما أورده التقرير.
وأشار الموقع الأمريكي إلى أنه بفضل قوائم الوظائف والتعليقات الأخرى، يقدم حساب "تيك توك" الخاص بلاثام لمحة نادرة عن العالم السري لتعاقدات الأمن القومي.
وأضاف أنه "في ظل كل الأحاديث في عالم التعاقدات العسكرية عن الخدمة والشرف، تبرز مصداقية لاثام، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالدافع الحقيقي للشركات: الذي يتمثل في صافي الأرباح. بالنسبة لمنتقدي الإنفاق الدفاعي الأمريكي، تكشف العقود عن ميزانية عسكرية متضخمة تستعين بمصادر خارجية لخدمة مصالحها الأمنية، ما يخلق مكاسب غير متوقعة لشركات الأمن الخاصة للقيام بمهام كانت في السابق وظيفة حكومية".
ونقل الموقع عن جوليا جليدهيل، المحللة في مركز المعلومات الدفاعية التابع لمشروع الرقابة الحكومية، أن أولويات الدفاع مصممة خصيصا للمقاولين على ما يبدو، وأضافت أن "الأمر يعكس حقًا أولوياتنا التي قام البنتاغون بإبعادها عن المهام الأساسية مثل أمن القواعد".
عمل لاثام موظف انتداب في شركة "تريبل كانوبي" حتى شهر آذار/ مارس، قبل أن يوقّع عقد توظيف لشركة أصغر، رفض الكشف عن هويتها، بحسب التقرير الذي أوضح أنه على الرغم من أن لاثام لا يزال ينشر فرصا للتعاقد، فإنه قال إنه يعمل في الوقت الراهن في خدمة الغابات الأمريكية.
وذكر الموقع أن العديد من قوائم الوظائف من النوع الذي نشره لاثام، تتطلب الحصول على تصاريح أمنية حكومية، ما يعني أن المرشحين المحتملين سيكونون في كثير من الأحيان من المحاربين القدامى العسكريين أو أولئك الذين عملوا بالفعل في مجال الأمن الخاص. وكتب لاثام في منشور على موقع لينكد: "رغم غموض صناعة الدفاع، فقد تمكنت من فتح بوابة لشركة تريبل كانوبي إلى سوق مباشر للأفراد المؤهلين".
المجندون الأصغر سنا
ذكر الموقع أنه مع حاجة الشركات للوصول إلى مجموعة من المرشحين الأصغر سنا للتعاقد على الوظائف، لعب لاثام دورا رئيسيا. وهو يستخدم تطبيق "تيك توك"، كوسيلة جديدة للاستفادة من شبكات المتقدمين المحتملين المؤهلين. يحظى تيك توك بشعبية لاسيما بين المستخدمين الشباب الذين، مثل لاثام، يتصفحون المنصة ويشاركون منشوراتهم لجذب تفاعل المستخدمين في مجالات مثل الترفيه وحتى الأخبار.
وحسب ويليام هارتونغ، خبير التعاقدات الدفاعية في معهد كوينسي، والذي تحدث إلى الموقع، فإن شركات مثل تريبل كانوبي ربما تتبع النهج الجديد لتوسيع نطاق وصولها إلى المرشحين. وأضاف: "قد يكون الأمر بسيطا مثل البحث عن منصات حيث من المرجح أن يصلوا إلى المجندين المحتملين الأصغر سنا".
وتابع الموقع أنه بعد تركه الجيش في سنة 2021، تواصلت شركة تريبل كانوبي مع لاثام بشأن وظيفة في الكويت. لقد كان متحمسا للغاية، فلجأ إلى "تيك توك" لنشر مقطع فيديو مدته 15 ثانية لإعلام الأشخاص بالراتب الذي يمكن أن يتقاضاه من العمل هناك. وسرعان ما انتشر هذا المنشور على نطاق واسع. علمت شركة تريبل كانوبي بذلك، وعرضت عليه وظيفة في مجال التوظيف. (وتجدر الإشارة إلى أن شركة كونستيليس، التي تمتلك شركة تريبل كانوبي، لم تستجب لطلبات التعليق المتعددة.)
حيال هذا الشأن، قال لاثام "السبب الذي دفعني إلى المشاركة في هذا الأمر هو مساعدة المحاربين القدامى في الحصول على وظائف في مجال مألوف بالنسبة لهم. أدرك ما معنى أن تكون من قدامى المحاربين، ومدى صعوبة العثور على وظيفة في مجموعة من الصناعات المختلفة التي لا تناسبك أبدا"، بحسب التقرير.
وأوضح لاثام، وفقا لما نقله الموقع، أن العصر الذهبي للتعاقدات الأمنية الخاصة كان خلال حرب العراق. في الحقبة التي أعقبت هجمات 11 أيلول/سبتمبر، سعت إدارة بوش إلى خصخصة مجهودها الحربي العالمي، من خلال منح الشركات عقودا لكل شيء بدءا من الخدمات اللوجستية وصولا إلى توفير الأمن. في السنوات العشر الأولى من حرب العراق، أنفقت الولايات المتحدة ما يصل إلى 140 مليار دولار على عقود مع الشركات، ومن بينها مقاولو الأمن الخاص.
وأكد الموقع أن شركة "بلاك واتر" تعتبر من أشهر شركات الأمن الخاصة، التي قتلت 17 مدنيا عراقيا في إحدى الحوادث سيئة السمعة، ما أثار جدلا وطنيا حول مدى أهمية مساءلة المقاولين، ناهيك عن معركة قانونية طويلة.
في أحد منشورات "تيك توك" التي تشير إلى حقبة العراق، يسلط لاثام الضوء على عملية الاندماج التي تمت في سنة 2014 بين "تريبل كانوبي" وأكاديمي، خليفة بلاك واتر. ومهما كانت أسماء الشركات، فإن حروب ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر كانت بمثابة مكاسب غير متوقعة لهذه الصناعة، ولمجموعة من المحاربين القدامى وغيرهم من أفراد الأمن الذين وجدوا وظائف جديدة، وإن كانت خطيرة في بعض الأحيان. وفي ذروة طفرة المقاولات الأمنية، كان بإمكان المحاربين القدامى في مشاة البحرية أن يكسبوا ما يصل إلى 200 ألف دولار سنويا، وفقا لتقرير الموقع الأمريكي.
وفقا لهارتونغ، توفر الوظائف للمحاربين القدامى فرصا لتحقيق دخل قد لا يكون متاحا لهم بطريقة أخرى، خاصة أن "العديد من المحاربين القدامى يكافحون للعثور على وظائف ذات رواتب مناسبة عندما يتركون الخدمة، ولاسيما أولئك الذين لديهم أسر يعيلونها. لذا فإن العمل كمقاول أمني خاص يمكن أن يكون مربحا نسبيا، ويستخدم المهارات التي تعلمها الأفراد العسكريون السابقون خلال فترة خدمتهم".
أشار الموقع إلى أنه مع انتهاء الحربين في العراق وأفغانستان، أصبحت فرص العمل المتاحة أقل، على الرغم من أن لاثام قال إن الصراعات الجديدة قد تغير ذلك. في كانون الثاني/ يناير، نشر قائمة على "تيك توك" لفرع تريبل كانوبي في ألمانيا حيث تدير القيادة الأوروبية للبنتاغون الكثير من جهودها لدعم دفاع أوكرانيا ضد الغزو الروسي.
"هناك الكثير مما يمكن اللعب به مع إسرائيل على وجه الخصوص"
في رسالة على "تيك توك" بعد يومين من الهجوم، ذكر لاثام أنه "منذ هجوم حماس على إسرائيل، كانت هناك أحاديث حول ما إذا كنا سنخرج إلى هناك ونتوسع داخل إسرائيل". وأوضح أن الثرثرة كانت تأتي من "الكثير من أصدقائي في القطاع الخاص".
في "تيك توك"، يضع لاثام نفسه أمام لقطة شاشة لقائمة عقد في القدس ولا تكشف قائمة الوظائف عن الجهة التي سيتم العمل من أجلها، بينما يقوم لاثام - باستخدام خبرته - بفرض بعض الاحتمالات.
وأوضح لاثام أن "هناك عقود أسقطت" لدعم قوات العمليات الخاصة الأمريكية، وهي وحدات النخبة السرية في الجيش، التي اعترف البنتاغون بأنها تعمل في "إسرائيل". وخلص لاثام إلى أن قائمة الوظائف من المرجح أن تكون لوظيفة لدى "سوك"، وهي شركة أمنية مقرها في فرجينيا، للعمل لدى "وورلد بروتكشن سيرفيس"، التي تتولى توفير الأمن لوزارة الخارجية الأمريكية في جميع أنحاء العالم.
ونوه الموقع إلى أن الفيديو يعتبر نموذجيا، حيث يشرح لاثام لكل من المجندين الأمنيين المحتملين والأشخاص العاديين كيفية عمل وظائف التعاقد، ولكنه يتعمق أيضا في الجغرافيا السياسية التي تحرك الصناعة. ويقدم الفيديو القصير حول الموقع الإسرائيلي تفسير لاثام لسبب ظهور المهام هناك في أعقاب هجوم حماس لأن المنشآت الأمريكية هناك "تفاجأت تماما بكل هذا". وأكد لاثام أن هناك الكثير مما يجري مع "إسرائيل" على وجه الخصوص، والذي لا يعرفه الكثير من الناس. لدينا قواعد عسكرية هناك، قواعد عسكرية متعددة هناك".
وأشار لاثام إلى شبكة القواعد التي تحتفظ بها الولايات المتحدة بهدوء في إسرائيل. وفي آب/ أغسطس، منح البنتاغون عقدا بقيمة 38.5 مليون دولار لبناء مرافق لإيواء القوات في قاعدة سرية في إسرائيل، وذلك حسب ما أفاد به موقع "ذا انترسبت" مؤخرا.
وأضاف الموقع أن القواعد الأخرى تشمل مخزونات الأسلحة التي احتفظ بها الجيش الأمريكي في البلاد منذ الثمانينيات، والتي كانت مخصصة في الأصل للاستخدام من قبل الولايات المتحدة في حالة نشوب حرب إقليمية ولكن إسرائيل اعتمدت عليها بشكل متزايد لأغراضها الخاصة على مر السنين. وفي السنة الماضية، منح الجيش الأمريكي شركة تريبل كابوني عقدًا بقيمة 21 مليون دولار لحراس أمن مسلحين في موقع اتصالات لم يتم الكشف عنه ولم يتم الإبلاغ عنه مسبقًا في إسرائيل، وذلك وفقًا لسجلات المشتريات. ويتطلب العمل تصريحًا أمنيًا على المستوى السري.
وخلص الموقع إلى أن حساب تيك توك الخاص بلاثام، الذي يضم حوالي 17 ألف متابع، يدفع أعدادا كبيرة من الأشخاص إلى فرص العمل في مجال الأمن الخاص. وتُظهر البيانات التي نشرها لاثام عند التعامل مع الروابط الموجودة على منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي، أن أكثر من ألف شخص ينقرون على كل واحد من الوظائف الأمنية الثلاث المعلنة في "إسرائيل" والكويت وألمانيا، وهي الدول التي قال إنه يجند لوظائف أمنية فيها.