سلطت مجلة "ذي نيشين" الضوء على العنف ضد المسلمين والعرب الأمريكيين، والذي انفجر منذ بدء حرب
غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وأدى إلى موجة من الكراهية ضد الإسلام.
ونقلت المجلة عن الأستاذة المساعدة في سان أنطونيو، سارة مسعود، ثولها، إنها نظمت مسيرة عاجلة أمام المحكمة الفدرالية لسان أنطونيو دعما لأهل غزة، وحضرها حوالي 100 شخص، ولكنها اكتشفت وهي تلقي خطابا أن حياتها في خطر.
وقالت إنه "في اللحظة التي أمسكت فيها بالميكرفون وبدأت بالهتاف، تقدم رجلان أبيضان ضخمان لفا العلم الإسرائيلي على كتفيهما وكانت بيد أحدهما عصا البيسبول وحزم الآخر على وسطه مسدسا، نحوي مباشرة وبدءا بكيل الشتائم لنا وأمرونا بالمغادرة".
وأضافت: "وصفونا بالإرهابيين والحمقى، وأخذوا يتقدمون نحونا وحاولوا نزع القناع عن وجهي وصرخا: ممن تحاولي التخفي؟ وبدا الرجل وكأنه كان يريد ضربي بالعصا".
وأكدت أن الشرطة اتخذت دور المراقب باستسلام وقدمت الدعم للمهاجمين ولم يقدموا الحماية للمتظاهرين، إذ رافقت الشرطة المهاجمين بعيدا عن المسيرة.
موجة من الكراهية
تجربة مسعود مع
الإسلاموفوبيا والعنصرية لم تكن حادثا فرديا، فقد أعلن مكتب التحقيقات الفدرالي، أف بي أي عن إعلان خدمة يوم الأربعاء، 25 تشرين الأول/أكتوبر بأنه رصد زيادة في عدد التقارير المتعلقة بالتهديدات لليهود والمسلمين والمجتمعات العربية ومؤسساتها.
وتلقى مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية (كير) "فيضا"من التقارير المرتبطة بالهجمات المعادية للعرب والمسلمين، حسبما أخبر كوري سيلور، مدير البحث في كير المجلة.
وقال سيلور إن البلاغات زادت عن 1.200 حادثا في الشهر الأول منذ الهجمات في 7 تشرين الأول/أكتوبر، أي بزيادة 216% عن عام 2022.
وسردت الصحفية العديد من الحوادث التي تظهر تعرض المسلمين المتضامنين مع غزة لمواقف عنصرية خلال التظاهرات التي شهدتها غالبية المدن حول العالم.
في سان أنطونيو، رجم رجل أبيض سيارة طبيبة محجبة وكال لها الشتائم في حي عاشت فيه وعائلتها بأمان ومنذ 20 عاما.
وفي يوم الأحد، 22 تشرين الأول/ أكتوبر أطلق رجل أبيض عمره 39 عاما الرصاص على تجمع مؤيد للفلسطينيين في سكوكي، وبنفس اليوم الذي وجهت اتهاما لزيليون إيبرت، 33 عاما برش الفلفل على المحتجين المؤيدين للفلسطينيين والشرطة حيث صرخ متهما الفلسطينيين بقتل الأطفال، وسجل حادثان في إلينوي، في بيردجفيو ولومبارد.
وهذا فقط في ولاية واحدة، لكن القائمة طويلة للحوادث التي استهدفت العرب والمسلمين والتجمعات المؤيدة لفلسطين منذ الهجمات: ففي كليفلاند ضرب سائق فلسطينيا- أمريكيا كان عائدا من الغذاء وصرخ "اقتلوا الفلسطينيين"، وفق الصحيفة.
وهوجم فلسطيني كان يحمل العلم الفلسطيني في بروكلين وفي كوينز ومانهاتن وبروكلين بريدج ويوجين وسولت ليك سيتي ومينابوليس وجامعة ستانفورد وتوليدو وغيرها.
وفي بلينفيلد تاون شيب في إلينوي طعن صاحب منزل وديع الفيومي، 6 أعوام 26 مرة حتى الموت، حيث صرخ القاتل جوزيف كوبا هتافات معادية للمسلمين، ونجت والدة الفيومي التي طعنت أيضا من الموت.
وتعرض حفل جمع تبرعات في 22 تشرين الأول/ أكتوبر خطط له "كير" في فندق كريستال غيتووي ماريوت بأرلينغتون، فرجينيا لتهديد بالتفجير، وهو ما أدى بالفندق لإلغاء المناسبة ونقل كير المناسبة لمسجد محلي.
وقال سيلور إنه تم توفير الحراسة المسلحة والتعاقد مع حراس أمنيين وأحضر أحد المتحدثين حرسه الخاص و "لم نعلن عن المكان الجديد للعامة وتحققنا من كل مشارك في مأدبة العشاء، وسمحنا فقط للذين نعرفهم أو حضروا مناسباتنا في الماضي، وتابعنا كل الجهود على منصات التواصل".
ووصف سيلور المناخ الحالي بأنه غير مسبوق، وقال "أعمل في هذا المجال منذ 30 عاما، وأتذكر ما بعد 9/11 حيث جلست في مكتبي أحدق في سيارات الشرطة خارج المبنى بعد تلقينا تهديدات عنف. وأتذكر عام 2009 حيث خاطبت مؤتمرا صحافيا خارج المبنى بعد تلقينا تهديدا بسبب هجوم فورت هود، ولم يكن علي أن أحضر 15 رجلا مسلحا لحراسة مناسبة نظمتها".
ارتفاع في نسب الكراهية ضد العرب والملسمين
وارتفعت جرائم الكراهية ضد المسلمين والعرب بنسبة 500% بالفترة ما بين 2000- 2009 مما دفعهم للحذر، وفق الصحيفة.
وفي العودة لـ سارة مسعود التي جاءت عائلتها من بلدة برقة في نابلس إلى إلباسو، تكساس، عام 2000 تلك الفترة بوضوح وأنها تتكرر مرة أخرى.
وتتذكر قائلة: "بعد 9/11 أمرني والدي بتعريف نفسي كبيضاء وعدم التحدث بالعربية في الأماكن العامة".
وقالت أن عائلتها قررت تدريسها في البيت بعد تهديد بتفجير قنبلة في المسجد المحي الذي كانت ترتادته يوم الأحد، لأن الأطفال كانوا ينتمرون على الأطفال العرب.
ووصفت مسعود زيادة مشاعر الكراهية والإسلاموفوبيا الأخيرة بأنها "أسوأ من التي حدثت بعد 9/11".
ولطالما حاولت مسعود وضع ملصقات مؤيدة لفلسطين على مقدمة سيارتها لكن سائقين آخرين حاولوا قلبها وفي مرة حاول سائق دفعها بقوة إلى جانب الطريق.
وشهدت الفترة التي أعلن فيها دونالد ترامب في كانون الثاني/يناير 2017 عن منع دخول المسلمين من دول إسلامية ارتفاعا في نسبة جرائم الكراهية.
"شيطنة" العرب والمسلمين في المساحات الديمقراطية
وتقول رنا عبد الحميد التي أنشئت جمعية "مليكة" للدفاع عن المرأة والتمييز ضدها وتقديم التدريب على الفنون القتالية للنساء في المجتمعات المهمشة إن هناك فرق بين الماضي والآن.
وأشارت أن المسلمين والعرب كان لديهم شعور أن الديمقراطيين واليسار يتعاطفون معهم، لكن الوضع اليوم مختلف، تقول: " تتم شيطنة العرب والمسلمين في المساحات الديمقراطية أيضا، وتراه في عناوين الأخبار والبيانات السياسية العامة وعلى طرفي الكونغرس، ولا تشاهد تعاطفا مع حياة الفلسطينيين التي فقدت، بل وتجريد من الإنسانية".
وتضيف:" كواحدة عملت في دراسات عن العنف القائم على الكراهية، تظهر الأبحاث أن كراهية كهذه مرتبطة بالخطاب السياسي. وعندما يصدر من كل واحد، تزداد معدلات العنف وهذا هو بالضبط الداعي لشعور مجتمعاتنا بهذا العنف الآن".
ونتيجة لهذا الجو تقوم المجتمعات العربية والمسلمة في أمريكا باتخاذ الخطوات لتغيير أساليب الحياة، مثل التوقف عن ارتداء الحجاب، ونزع المجوهرات التي تحمل موتيفات دينية والتوقف عن التحدث بلغات غير إنكليزية وحتى اتخاذ الحيطة في الذهاب لصلاة الجمعة.
وفي وسط هذا المناخ تقول مسعود وعبد الحميد وسيلور إن مجتمعاتهم تتضامن مع بعضها البعض لتوفير الأمن للجميع، مشيرا إلى إنها ترتدي الكوفية الفلسطينية بشكل مستمر في الأماكن العامة وبناء التضامن.
ووجدت عبد الحميد أن حضور الصلوات والاعتصامات والاحتجاجات أمر يعطيها الراحة النفسية وبناء التضامن مع مجتمعها والشعور بنفس الحزن.