قالت الناطقة الرسمية باسم مؤسسة أوكسفام العالمية هديل
القزاز، إن "أوكسفام تقوم حاليا بالضغط ومحاولة تدشين حملة كبيرة لوقف إطلاق
النار في قطاع
غزة، وإيقاف التصعيد المتبادل بين كل أطراف النزاع، لوقف شلالات
الدماء، وحتى تستطيع المنظمات الإنسانية تقديم خدماتها الممكنة المنقذة للحياة، من
أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه".
وأضافت، في مقابلة خاصة مع "عربي21":
"نحاول بكل طاقتنا مساعدة المنكوبين في غزة، ونسعى لجمع الأموال اللازمة،
وإيصال المساعدات الإنسانية لغزة، لكن لا تتوفر لدينا الإمكانيات حتى الآن لتوصيل
تلك المساعدات إلى مستحقيها".
وأشارت القزاز إلى أنهم يسعون لتوفير "بعض
المساعدات النقدية لأهالي غزة من خلال شركائنا المتواجدين داخل غزة، ونقوم بمحاولة
إثارة الرأي العام والضغط والمناصرة والتوعية بكارثية ما يحدث، ونضغط من أجل الوقف
الفوري لإطلاق النار".
شعور بالعجز
وواصلت حديثها بالقول: "نحن نشعر بدرجة كبير من
العجز وبعدم القدرة على العمل، بل إن المؤسسات الإنسانية الدولية باتت أياديها
مُكبلة ومقيدة أكثر من أهالي غزة أنفسهم، خاصة أن أغلبية موظفينا بغزة هم أنفسهم
يحاولون النجاة بحياتهم".
ولفتت إلى أنه "حتى بعد مرور أكثر من شهر كامل على
الحرب، فإنه لم يصل من الغذاء والماء إلا أقل من 6% من حجم المساعدات التي كانت تدخل في اليوم الواحد. وحتى الآن يتم منع إدخال المساعدات في ظل أوضاع إنسانية في غاية
السوء والفظاعة. يقول لنا موظفونا إن الأمهات يسقين أطفالهن الماء المالح، ويعيش
الناس على آخر ما تبقى من الأكل المُعلّب، ولا تستطيع الأمهات إيجاد الحليب
لأطفالهن".
وشدّدت القزاز على أن "الوضع الحالي في غزة كارثي
بكل معنى الكلمة، وهو وضع إنساني لم يسبق له مثيل من حيث عدد النازحين خلال الأيام
المعدودة، ومن حيث نقص الاحتياجات الإنسانية الحاد، والتناقص المتواصل في الغذاء
والدواء ومياه الشرب".
وأردفت: "في اليومين الماضيين، لوحظ تسارع في عدد
النازحين مع القصف المتواصل لشمال غزة؛ حتى أثناء النزوح وللذين قرّروا البقاء في
مدينة غزة وشمالها".
وأوضحت أن "هناك العديد من المؤسسات ووكالات الأمم
المتحدة تقف على أهبة الاستعداد، ولكن لا يمكن تقديم الاستجابة المطلوبة بدون وقف
فوري ونهائي لإطلاق النار وتوفير الأمن لمقدمي الخدمات، ولا بد من فتح المجال أمام
المساعدات الإنسانية للتدفق بالحد المطلوب، والإعادة الفورية للكهرباء والمياه
والنفط حتى يتسنى للمستشفيات والمخابز العمل".
سلاح المجاعة
وهاجمت بشدة استخدام إسرائيل "سلاح التجويع"
ضد أهل غزة، قائلة: "استخدام التجويع كسلاح في الحرب هو انتهاك للقانون
الدولي وقرار مجلس الأمن 2417 والصادر عام 2018، ويتوجب علي إسرائيل، طبقا للقانون
الإنساني الدولي كونها قوة محتلة، توفير الأمن الغذائي والدواء للشعب
الفلسطيني".
وأكدت الناطقة الرسمية باسم أوكسفام، أن "سلاح
التجويع له آثار قصيرة المدى قد تؤدي للوفاة، وخصوصا بالنسبة للأطفال والمسنين،
كما أن له تأثير متوسط وطويل الأمد من خلال تأثيره السلبي والقاسي على الصحة
الجسدية والعقلية والنفسية لشعب بأكمله".
وبسؤالها عن طبيعة الوضع الحالي في معبر كرم أبو سالم،
وهو المعبر التجاري الوحيد لقطاع غزة، أجابت القزاز: "لا أعلم حيث لا تتوفر
لدينا معلومات حول الوضع هناك".
وشدّدت القزاز على أن "عددا قليلا جدا من شاحنات
المساعدات دخلت إلى غزة خلال الأيام السابقة، ونحن نعيد التأكيد على أن تلك
المساعدات لا ترقى بأي صورة من الصور إلى مستوى الاحتياجات الضخم".
كارثة إنسانية غير مسبوقة
وحذّرت من وقوع كارثة إنسانية غير مسبوقة في قطاع غزة،
قائلة: "فرص زيادة حدوث هذه الكارثة الإنسانية تتزايد مع كل دقيقة إضافية؛
فتدمير ما تبقى من مظاهر الحياة في غزة من بنى تحتية ومستشفيات ومدارس أمر في غاية
الخطورة، وستكون له تداعيات وخيمة العواقب".
ولفتت إلى أن "فاتورة التهجير القسري لأهالي شمال
غزة مرتفعة للغاية، ولا يمكن للمجتمع الدولي تحمّل نتائج تلك الفاتورة، خاصة أن
التهجير القسري انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، ولا يمكن إزاحة هذا العدد
الكبير من الناس وبهذه الطريقة اللاإنسانية إلى أي مكان آخر".
وزادت: "المطالبة بالهجرة القسرية أمر في غاية اللاإنسانية،
ولا يمكن تقبله على الإطلاق؛ فلا يمكن إجلاء مليون شخص عن بيوتهم خلال أيام
قلائل".
واستطردت قائلة: "حتى لو توقف إطلاق النار حاليا،
وحاولت العائلات العودة إلى منازلها فإنها لن تجد بيوتها؛ فالتقديرات الأولية تشير
إلى دمار أكثر من 80 ألف وحدة سكنية حتى اللحظة".
ونوّهت القزاز إلى أن "إطلاق النار بشكل عشوائي على
المدنيين في مستشفيات غزة هو جريمة حرب"، مشدّدة على أن "هذه الفظائع
يجب أن تتوقف على الفور".
نفاد أكياس الجثث
وأشارت إلى أن "كل الإمدادات الغذائية والطبية بدأت
تنفد من قطاع غزة، ووصل الأمر إلى أن أكياس الجثث بدأت في النفاد هي الأخرى بسبب
الحصار المُطبق على القطاع".
وأوضحت أن "طواقم مؤسسة أوكسفام لا تعمل الآن في
قطاع غزة؛ حث إننا لا يمكننا المخاطرة بحياتهم في ظل القصف المتواصل، والجميع
يحاولون الاحتماء والابتعاد عن الخطر للحفاظ على حياتهم وحياة أطفالهم، وبالتالي
فجميع عملياتنا متوقفة في الوقت الراهن بغزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وهذا هو
نفس حال باقي المنظمات والمؤسسات الإنسانية".
وتابعت: "الجميع حاليا تحت النار، ولا أحد بمأمن
على الإطلاق، ونحن في حالة شلل وعجز كامل، وعلى الرغم من وجود طواقم عمل مستعدة
للعمل فورا وتقديم المساعدات؛ فنحن على أهبّة الاستعداد للتحرك فور وقف إطلاق
النار وتوفر التحرك بأمان لطواقمنا وشركائنا على الأرض".
وواصلت القزاز حديثها بالقول: "هناك ضرورة ملحة جدا
لوقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن دون أي تأخير، حتى تتوفر أدنى درجات الأمن
والأمان للجميع، وكي نحاول جميعا العمل والعودة إلى الحياة من جديد، وغير ذلك فلا
يمكننا العمل".
وحول كمّ المساعدات التي يحتاجها قطاع غزة مستقبلا من
أجل إعادة إعماره مرة أخرى، قالت: "لا أعلم تحديدا، والإجابة عن هذا السؤال
تتطلب وجودا على الأرض وتقديرا أكثر دقة للاحتياجات الإنسانية غير المسبوقة".
وحثّت مجلس الأمن الدولي، والأمم المتحدة، وجميع زعماء
العالم ذوي النفوذ، على "اتخاذ إجراءات فورية لضمان وقف إطلاق النار، لأن هذا
هو الخيار الوحيد لتجنب المزيد من الخسائر في الأرواح، وأي شيء أقل من ذلك سيكون
وصمة عار على جبين الإنسانية إلى الأبد، ولم يعد بإمكان العالم الانتظار أكثر من
ذلك للتحرك".
واختتمت الناطقة الرسمية باسم أوكسفام، بقولها:
"آلاف العائلات في غزة بحاجة إلى فرصة -على الأقل- لدفن موتاها والحداد
عليهم".