رغم دخول العملية البرية الواسعة التي يشنها
الاحتلال في قطاع
غزة يومها العاشر، إلا أن معطيات جديدة على الأرض وصلت "عربي21" تظهر أن جيش الاحتلال لم يحرز أي تقدم على جبهات القتال بفعل
المقاومة الضارية والاشتبكات العنيفة التي حالت دون وصوله إلى المناطق الحضرية المكتظة وسط غزة.
محور جنوب غزة
ودخلت دبابات وآليات الاحتلال من عدة محاور في قطاع غزة، لكن التركيز انصب على غزة في محاولة للاستفراد بها وعزلها عن جنوب القطاع، حيث عمدت دبابات الاحتلال إلى التوغل انطلاقا من السلك الزائل جنوب شرق غزة، وصولا إلى جنوب المدينة، وتحديدا قرب مستوطنة نتساريم سابقا، والتي أخليت عام 2005.
وقطعت دبابات الاحتلال الطريق الرئيسي بين جنوب وشمال غزة، وهو شارع صلاح الدين، ثم توغلت غربا لتصل شارع الرشيد على ساحل البحر، ومن ثم توغلت شمالا باتجاه منطقة الشيخ عجلين وتل الهوا، لكنها لم تستطع التقدم هناك بفعل المقاومة الضارية، ما دفعها إلى محاولة اعتلاء قواتها المباني العالية هناك في محاولة لكشف المنطقة والتحكم في تنقل عناصر المقاومة فيها، لكن ذلك لم يفلح.
وتتعرض قوات الاحتلال لعمليات إغارة والتفاف حول الخطوط تنفذها المقاومة انطلاقا من منطقة الزيتون والشيخ عجلين، الأمر الذي عمل على تشتيت القوات، ومنع تقدمها نحو وسط غزة، في محاولة منها للدفاع عن مواقعها الحالية.
محور شمال غرب غزة
ويشمل هذا المحور ثلاثة مناطق رئيسية هي مخيم الشاطئ، الواقع على الساحل الغربي لغزة مباشرة، ومنطقة الكرامة والتوام إلى الشمال من المخيم، إضافة إلى منطقة العطاطرة الواقعة شمال غرب قطاع غزة، والأخيرة، منطقة قريبة من الحدود ويغلب عليها الطابع الزراعي، ورغم ذلك تتعرض فيها قوات الاحتلال لعمليات ضرب متواصلة، رغم أن المنطقة كانت تصنف في مواجهات سابقة على أنها "ساقطة عسكريا"، أي لا يمكن للمقاومة أن تتصدى للاحتلال بفعل أنه منطقة مسطحة ومكشوفة للرؤية بشكل كبير، ما يشي بأن المقاومة حاليا تستخدم تكتيكات جديدة في ضرب قوات الاحتلال، لعل أبرزها الأنفاق الأرضية.
أما فيما يتعلق بمحوري مخيم الشاطئ ومنطقة الكرامة، فلم تحرز قوات الاحتلال فيهما أي تقدم على الإطلاق، منذ أيام، بالبرغم ضراوة القصف، فعلى سبيل المثال، تواجه قوات الاحتلال على تخوم مخيم الشاطئ مقاومة ضارية جدا رغم عمليات التمهيد الجوي المستمرة، بل إن المخيم وبالرغم من صغر مساحتة التي لا تتجاوز 3 كيلو متر مربع، إلا أن المقاومة فيه تمكنت من تدمير ما يزيد عن 20 آلية ودبابة للاحتلال، وفق ما أعلنته كتائب القسام في بيانات منفصلة.
محور بيت حانون
وتدور اشتباكات عنيفة في مدينة بيت حانون في أقصى شمال شرق قطاع غزة منذ أن بدأ الاحتلال عمليته البرية، وما زالت المقاومة في المدينة تقاوم حتى الآن، ولم يتمكن الاحتلال من السيطرة عليها، بفعل المقاومة المتواصلة، لا سيما عمليات الإنزال خلف الخطوط، التي أربكت بلا شك قوات الاحتلال، وجعلته في حالة من الدفاع عن مواقعه دون أن تسمح له بالتقدم غربا أو جنوبا تجاه تخوم جباليا، والأخيرة يتوقع أن يواجه فيها مقاومة غير مسبوقة، حال فكر في اقتحمها أو التوغل على أطرافها، بفعل طابعها المكتظ، واعتبارها خزان لعناصر المقاومة، أسوة بما يجري على أطراف مخيم الشاطئ.
ومن اللافت أن بيت حانون التي ما زالت عصية على السيطرة، كانت خلال المواجهات والتوغلات السابقة مع قوات الاحتلال من المناطق التي يسهل السيطرة عليها، بفعل طابعها السكاني الخفيف، وغلبة الطابع الزراعي على معظم أراضيها، فضلا عن كونها منطقة معزولة ومستقلة بذاتها جغرافيا عن باقي مناطق شمال القطاع، لا سيما جباليا وبيت لاهيا، ولكن الأمر في هذه الحرب اختلف رأسا على عقب ما يعني أن المقاومة أعدت نفسها جيدا في المدينة، وهو ما يفسر استمرار عمليات المقاومة فيها.
محاور متفرقة
يلاحظ أيضا أن قوات الاحتلال نفذت عمليات توغل محدودة بهدف التمركز وتنفيذ عمليات مشاغلة للمقاومة في محاور أخرى عدة مثل مناطق شرق المغازي والبريج، وشمال مخيم النصيرات (المحافظات الوسطى)، وشرق خانيونس ورفح جنوب القطاع، ولكن ما زال الاحتلال يواجه هناك مقاومة ضارية منعته من إحراز أي تقدم يذكر.
ويقول الباحث العسكري بهاء عبد الرحمن، إن قوات الاحتلال تعتمد تكتيك الخرق السريع بالقوات المدرعة لخطوط المقاومة، وبمحاور ضيقة تحقق أعمق اختراق، لكن المقاومة تواجه ذلك باعتماد تكتيك أشبه بتكيك الجيوش غير النظامية وتكتيك الإغارات، وهي تبني عملها بناء على طبيعة هجوم العدو.
ولفت في حديث متلفز لـ"قناة الأقصى" أن المقاومة الآن تحرم العدو من أي استقرار، حتى لو نجح بالاختراق السريع تحت غطاء التمهيد الجوي والمدفعي والاعتماد على العنصر المدرع الذي يتميز بالمناورة والحركية السريعة.
وشدد على أن المقاومة حاليا تعتمد على تكتيك الاستهدافات النقطية المتزامنة والمتتالية في كافة مناطق الاشتباك، ما يسبب خسائر عديدة لدى العدو، ويفقده زخم أي تقدم، ويجبره على إعادة التموضع، ومن ثم أخذ وقفات تعبوية وتمركزات.
وذكر الباحث العسكري أن "العدو لا يقدر على التقدم إلا بعد إعادة التنظيم وسحب القوات المصابة كليا أو جزئيا والزج بقوات جديدة لم تكن في المعركة، وهو ما يؤثر على تكتيك العدو وقوة اندفاعه".
وأكد عبد الرحمن أن تكتيكا آخر تنتهجه المقاومة في مقارعتها لتوغل الاحتلال يرتكز على العمل المركب وهو تكتيك الهجمات المضادة، وهو يقصي ما قوامه سرية كاملة للعدو، ونلاحظ ذلك بالإعلان كل 48 ساعة عن خسائر العدو.
ورجح أن العدو يتكبد خسائر كبيرة، وأن ما عداده سرية كاملة للعدو تزاح يوميا عن المعركة، مشيرا إلى أنه يلاحظ إخفاء عدد القتلى، وتقريبا هناك 30 مصابا يوميا لدى العدو، وبعضهم يخرج من الدبابة جثة متفحمة، لافتا إلى أنه تمت إزاحة ما يقارب الـ20 إلى 25 في المئة من القوات المتوغلة حتى الآن.