بعد يوم من تهديد مجلس النواب في ليبيا لسفراء الدول
المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي بالطرد خارج البلاد، فقد تقدمت كتلة التوافق الوطني بالمجلس
الأعلى للدولة بمقترح للبرلمان تطالبه فيه بسرعة إصدار قوانين عاجلة تمنع الشركات
الداعمة للاحتلال من الاستثمار في ليبيا وسط تساؤلات عن جدوى الخطوة وتطبيقها.
وذكرت الكتلة في بيان، وصل "عربي21" نسخة منه
أن المقترح يقضي بحرمان الشركات المطبعة من المشاركة في المناقصات التي تطرحها
دولة ليبيا في عدد من القطاعات وعلى رأسها الاستكشاف والتنقيب على النفط والغاز
وقطاع التعدين.
"عقوبات جنائية"
وشمل المقترح منع أي شخص طبيعي أو اعتباري داخل ليبيا
أو يمثلها في الخارج أن يعقد اتفاقا مع أي شخص يتمتع بجنسية الدول المؤيدة للعدوان
الإسرائيلي على قطاع غزة، وطالبت الكتلة أيضا بتطبيق العقوبات الجنائية على كل من
يخالف قانون رقم 62 الخاص بمقاطعة "إسرائيل"، وفق البيان.
فما دلالة هذه الخطوة الآن وما جدواها؟ وهل يتم استهداف
الشركات الفرنسية والأمريكية المتوغلة في قطاع النفط الليبي؟
"ليست في مصلحة ليبيا"
من جهته، رأى وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر
أن "البرلمان لن يفعل شيئا جوهريا في ما يتعلق بالنفط إلا إذا أراد أن يوقف
عائدات النفط عن حكومة الدبيبة بطرابلس، وقد لا يكون من صالح ليبيا اللعب بورقة
النفط وهو المصدر الوحيد للإنفاق الحكومي المتزايد، لكن في مجال إعادة الإعمار
يمكن أن تطبق سياسة تعاقب الشركات التي تأتي من دول داعمة للاحتلال وجرائمه في
فلسطين".
وقال في تصريح خاص لـ"عربي21": "أرى أن
تبحث الحكومة الليبية عن طرق أكثر تأثيرا وفائدة لقطاع غزة مثل إرسال مواد طبية
وأدوية ومساعدات للفقراء والأيتام ثم المساهمة الفاعلة في إعادة الإعمار هناك،
ولا بد من التفكير استراتيجيا لدعم القضية الفلسطينية ومنع تهجير الفلسطينيين إلى
ليبيا عبر خطط وحيل قد يخطط لها العدو خاصة أن ليبيا وبالأخص درنة والجبل
الأخضر كانت هدفا للصهاينة منذ زمن"، وفق قوله.
"خطوة قوية ومطلوبة"
في حين قال عضو لجنة المسار الدستوري بالمجلس الأعلى
الليبي محمد الهادي، إن "هذه المطالب تأتي ضمن المواقف التي ينبغي أن تتخذها
كافة الدول والحكومات والمؤسسات المعنية للوقوف مع فلسطين المحتلة عامة وقطاع غزة
خاصة".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "كل الشركات
التي وقفت مع العدو الصهيوني في حربه على غزة يجب أن تتخذ ضدها مواقف صارمة إلى أن
تتخلى عن دعمها وتأييدها لهذا الكيان المحتل ولا سيما حكومات الدول الداعمه بل
والمشاركة في هذا العدوان الغاشم"، بحسب تقديره.
وأضاف: "لذا فإن على البرلمان أن يستجيب لهذه المطالب
ويسارع في سن تلك القوانين وهذا أقل ما يمكن تقديمه في ظل ما يتعرض له الشعب
الفلسطيني من إبادة جماعية، لكن تنفيذ الموضوع يحتاج لكثير من الإجراءات ولن يكون
الأمر سهلا في ظل ما تمر به ليبيا من تشظي وانقسامات وتدخلات خارجية"، طبقاً
لحديثه.
"مطالب غير واقعية"
الأكاديمي والباحث الليبي، عماد الهصك قال من جانبه إن
"الخطوة تأتي في إطار مغازلة الرأي العام المحلي، والتماهي مع المطالب
الشعبية، فالشركات ليست كيانات سياسية لها موقف سياسي تجاه أي قضية بما في ذلك
القضية الفلسطينية، هي كيانات اقتصادية تبحث عن تحقيق الربح مقابل خدمة تقدمها".
وأوضح أن "مطالبات مجلس الدولة خطوة غير واقعية
لأنه ليس بإمكان الدولة الليبية وهي تعاني من هشاشة سياسية أن تفرض أي موقف على
الدول المطبعة أو الداعمة للكيان الإسرائيلي، وعلى رأسها أمريكا، فأغلب الشركات
المحتكرة للتنقيب عن النفط والغاز هي شركات أمريكية وبريطانية وفرنسية فهل من
المعقول أن تفرض ليبيا إرادتها السياسية على هذه الدول العظمى"، بحسب
تساؤلاته.
وتابع لـ"عربي21": "كما أنه لا بد من
خطوات مهمة تسبق هذه الخطوة ومنها إخبار سفراء هذه الدول بأنهم أشخاص غير مرغوب
فيهم بسبب موقف دولهم من الكيان المحتل، لذا فإن كل ما تقوم به هذه الأجسام السياسية
هو استغلال الأوضاع الدولية والمحلية بشكل براغماتي لتمديد بقائها في الحكم ولا
يهمها أي قضية لا محلية ولا إقليمية"، وفق رأيه.
"دور الحكومة وليس المجلس"
لكن عضو اللجنة السياسية بمجلس الدولة الليبي، أحمد
همومة، رأى أنه "ليس من حق مجلس الدولة مطالبة مجلس النواب بإصدار القوانين
ولا حتى مقترح للقوانين وفق ما نص عليه الاتفاق السياسي المضمن في الإعلان
الدستوري والذي أصبح جزءا منه إلا إذا أحيل للمجلس مسودة مقترح القانون من قبل
الحكومة".
وأضاف: "حينها يبت المجلس في المقترح خلال المدة
المحددة في الاتفاق السياسي ثم نعيده للحكومة التي بدورها ترسله لمجلس النواب
لإصدار قانون وهذ الإجراء لم يحدث مع أي حكومة منذ توقيع الاتفاق السياسي، كما أنه
لم يصدر عن مجلس الدولة كاملا أي بيان رسمي يحتوي مطالبات سن قوانين"، بحسب
قوله.