عبرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في
بريطانيا عن استيائها الشديد من عدم تضمين قرار الجمعية العامة في جلستها الطارئة
بنودًا توصي باستخدام القوة المسلحة على الأقل في حماية قوافل الإغاثة الإنسانية،
كما أن الجمعية العامة لم تنص في قرارها على إلزام مصر بفتح كامل لمعبر رفح أمام
عدد غير محدود من الشاحنات والفرق الطبية دون تفتيش إسرائيلي.
وبينت المنظمة، في بيان لها اليوم أرسلت
نسخة منه لـ
"عربي21"، أنه على عكس الاعتقاد السائد أن القرار الذي
أصدرته الجمعية العامة غير ملزم، فإن قرارات الجمعية العامة بصيغتها الطارئة بموجب
قرار متحدون من أجل السلام، على غرار قرارات مجلس الأمن، رهن بإرادة الدول التي تطرح
مشروع القرار، فهي إن شاءت جعلته إلزاميا، وإن شاءت جعلته إنشائيا فضفاضًا كباقي
القرارات السابقة.
وأضافت المنظمة أن اللوم كل اللوم يقع على
المجموعتين العربية والإسلامية، التي تمثل 52 دولة قدمت مشروعا بدوا فيه أسرى
لأحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، دون أي ذكر للتنكيل الذي لحق بالشعب
الفلسطيني منذ 75 عاما، وما يستشف من القرار أنه يساوي بين الجلاد والضحية، ويستجدي
حماية المدنيين والمستشفيات ومدارس الأونروا وتدفق المساعدات الطبية، دون ذكر أي
آليات للتصدي لآلة
الحرب الإسرائيلية الأمريكية بما يضمن فرض وقف إطلاق نار دائم
وتدفق المساعدات باستخدام القوة، وفق التخويل المنصوص عليه في قرار متحدون من أجل
السلام 377.
وأشارت المنظمة إلى أنه خلال النقاشات الدائرة
في الجمعية العامة، وبعد إصدار قرارها، صعدت إسرائيل من هجماتها وشنت هجوما بريا
وبحريا وجويا على قطاع
غزة، مستخدمة كل الأسلحة الفتاكة، ترافق ذلك مع قطع كافة
الاتصالات وخدمة الإنترنت، في تحدّ صارخ للمجتمع الدولي، واستهتار إسرائيل بمنظومة
الأمم المتحدة التي تستخدمها ولا تعترف بمشروعية قرارتها عندما تدينها، وهو ما عبر
عنه وزير خارجيتها ومندوبها في الأمم المتحدة.
وأضاف البيان: "ما حدث بالأمس من
استمرار لحرق غزة بالأحزمة النارية والقصف العنيف المتواصل تحت أعين المجتمعين في
الجمعية الطارئة، الذي أضاء غزة في عتمة الليل، في ظل انقطاع الكهرباء والاتصالات، يبين كيف أن نتنياهو يريد استكمال إبادة غزة في صمت، ودون أن يسمع أو يشاهد العالم
ما يحل بسكان قطاع غزة من كارثة".
وأكدت المنظمة أن "موقف النظامين
العربي والإسلامي الهزيل الذي توج بمشروع القرار الذي قدمته الأردن وموريتانيا
ممثلة عن المجموعتين العربية والإسلامية، ساهم إلى حد كبير في الإبادة التي ترتكبها
إسرائيل، فما تقوم به هذه الدول من تصريحات في العلن يختلف بشكل كامل عما تفعله خلف
الأبواب المغلقة".
ودللت المنظمة على ذلك بعدة شواهد، من أبرزها
أن مصر الجارة منذ اليوم الأول رفضت فتح معبر رفح، واستمرت في ذلك ورهنت هذا
القرار السيادي بموافقة إسرائيل، ولم تدخل منه إلا النذر اليسير تحت رقابة
إسرائيلية، ولعل تصريحات السيسي الشهيرة حول تهجير الفلسطينيين إلى النقب أعطى
رسالة أن النظام المصري لا يكترث لما يحدث في غزة، وهو كذلك لم يفعل ما يلزم على
صعيد العلاقات الدبلوماسية التي تربطه بإسرائيل، وهذا ينطبق على الأردن ودول
التطبيع العربي، الإمارات، البحرين، والمغرب، فكل هذه الدول استمرت في علاقاتها مع
إسرائيل، وأكدت أن استثماراتها المليارية في الكيان لن تتأثر، فكيف يمكن لإسرائيل أن
تصغي لهذه الدول مهما علت نبرتها في الشجب والاستنكار والدعوة إلى وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية؟
وقال البيان: "لقد أمنت إسرائيل جانب
الدول العربية والإسلامية ما دامت همزة الوصل بين غزة والعالمين العربي والإسلامي
وباقي العالم هي مصر، مدعومة من قوى تطبيعية خطرة مثل الإمارات التي لاحقت كل من
يخالف أجندتها في كل أنحاء الأرض، فتجسست ودعمت الانقلابات وقتلت ومولت مذابح، فإن
كنا لا نعتقد أنها لا تدعم وتمول الحرب على غزة فنحن واهمون".
وأضاف: "كما أمنت إسرائيل جانب الأردن
الذي سمح في اليوم السابع للحرب بنشر سرب من قاذفات القنابل الأمريكية F-15E Strike Eagle -التي كانت
متمركزة في بريطانيا- في قاعدة موفق السلطي الجوية شرق العاصمة الأردنية عمان، كما
تم نشر سرب آخر من الطائرات الهجومية من طراز" A-10.
وكانت المنظمة قد ذكرت في بيانها المؤرخ 26
أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تحت عنوان "الأردن يسمح بتدفق الأسلحة الأمريكية إلى
إسرائيل"، بأن الأردن سمح للولايات المتحدة الأمريكية باستخدام أراضيه لنقل
معدات عسكرية ثقيلة بواسطة 15 طائرة مخصصة لهذا الغرض، كما سمحت الأردن بنقل قوات
خاصة على متن طائرة أو طائرتين دون طيار.
ونوهت المنظمة إلى أن مشروع القرار الذي
أقرته الجمعية العامة هو مشروع 52 دولة عربية وإسلامية، ألا تستطيع هذه الدول تنفيذ
هذا القرار، واتخاذ ما يلزم لتأمين فتح معبر رفح أمام عدد غير محدود للشاحنات
والفرق الطبية للدخول إلى قطاع غزة، فماذا ينتظرون؟
وأكدت المنظمة أنه في ضوء توحش الغرب في دعم
مذابح إسرائيل وأمام التخاذل العربي والإسلامي، فإن غزة تحتاج إلى معجزة لاتخاذ ما
يلزم من إجراءات في سبيل إنقاذها، ولا أمل في ذلك إلا بالشعوب العربية والإسلامية،
وشعوب العالم أجمع، وفي مقدمتهم الشعبين الأردني والمصري، وهنا نطلق مناشدة إلى شيخ
الأزهر بالتنسيق مع كافة الفعاليات المدنية والدينية لترؤس قافلة تسد احتياجات
القطاع من الوقود والمواد الطبية والغذائية والفرق الطبية، تنفيذا لقرار الجمعية
العامة الطارئة.
ودعت المنظمة إلى العودة إلى الجمعية العامة
الطارئة في جلستها العاشرة، التي ما زالت مفتوحة وتنتظر أحد الدول لدعوتها
للانعقاد بمشروع قرار قوي يتضمن فرض وقف إطلاق النار وتدفق المساعدات الإنسانية
بالقوة المسلحة، على غرار القرار الذي صدر بعد غزو نظام الفصل العنصري في جنوب
أفريقيا لناميبيا عام 1981، وأيضا على غرار القرار الذي صدر عام 1956 إبان العدوان
الثلاثي على مصر، فالوقت ينفد والكارثة تزداد عمقا، وعدد الأبرياء الذين فقدوا
أرواحهم دخل الألف الثامنة، وعدد الجرحى دخل الثلاثين ألفا، ونسبة الذين نزحوا اكثر
من 70% من السكان، وفق البيان.
ومساء أمس الجمعة، تبنت الجمعية العامة
للأمم المتحدة قرارا بشأن غزة، يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ومستدامة، وفق وكالة
الأنباء الرسمية الفلسطينية.
وصوت لصالح القرار 120 دولة، وعارضته 14،
فيما امتنعت 45 دولة عن التصويت.
وكان الأردن تقدم بمشروع قرار "حماية
المدنيين، والتمسك بالالتزامات القانونية والإنسانية"، في الجلسة الطارئة
والاستثنائية التي بدأتها الجمعية العامة الأربعاء، لمناقشة الوضع في قطاع غزة،
نيابة عن المجموعة العربية، وتبنته عشرات الدول، ويدعو إلى هدنة إنسانية فورية
ودائمة ومستدامة تفضي إلى وقف الأعمال العدائية.
وتنفذ إسرائيل منذ 3 أسابيع عملية عسكرية في
قطاع غزة أطلقت عليها اسم "السيوف الحديدية" دمرت أحياء بكاملها، وأسقطت
7326 شهيدا، منهم 3038 طفلا، و1726 سيدة، و414 مسناً، إضافة إلى إصابة 18967
مواطناً بجراح مختلفة.
وخلال الفترة ذاتها، قتلت حركة
"حماس" أكثر من 1400 إسرائيلي وأصابت 5132، وفقا لوزارة الصحة
الإسرائيلية، كما أسرت ما يزيد على 220 إسرائيليا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب
في مبادلتهم بأكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.