نشرت صحيفة "
واشنطن بوست" تقريرا كشفت فيه أن "كورديل كوكس الذي تطوع لصالح الحزب الديمقراطي، في كل سباق رئاسي، منذ ترشح باراك أوباما عام 2008، قد لا يتطوع هذا العام".
وأضاف التقرير الذي أعدّته كل من الصحفية ماريسا إياتي، وكولبي إيتكويتز، أن كوكس، البالغ من العمر 33 عاما من ميشيغان، من المحتمل أن يدلي بصوته للرئيس بايدن، إذا كان المرشح الديمقراطي. لكن كوكس قال إنه لن يعمل على زيادة نسبة الإقبال ويخشى أن يختار بعض أصدقائه مرشحا لطرف ثالث أو يرفضون التصويت تماما.
وأوضح
التقرير، أنه "بالنسبة لهم، كان تعامل بايدن مع العنف في إسرائيل وغزة غير مقبول". وبينما يدعو البيت الأبيض إلى إرسال 14 مليار دولار كمساعدات لإسرائيل، يتعاطف كوكس وأصدقاؤه الذين يفكرون مثله في نص جماعي، حول اعتقادهم المشترك بأنه، كما قال كوكس في مقابلة، "يجب أن نتوقف عن إرسال الأموال والقنابل إلى بلدان أخرى، بينما لا نستطيع حل أزمة المياه، في فلينت بولاية ميشيغان، أو إطعام المشردين".
وتعكس هذه المشاعر موجة من المشاعر المؤيدة للفلسطينيين، من جانب التقدميين، وخاصة الشباب منهم، والتي يمكن أن تعرض للخطر التحالف الهش الذي رعاه بايدن بعناية مع اليسار على مدى السنوات الثلاث الماضية. فمن تغير المناخ إلى القروض الطلابية إلى النشاط العمالي، استحوذت سياسات بايدن وخطابه على تأييد العديد من الليبراليين الذين طالما شككوا فيه، وتعهد العديد من القادة التقدميين البارزين في الصيف الماضي بدعم بايدن لولاية أخرى.
لكن في الأيام الأخيرة، انتقد موظفون سابقون في الديمقراطيين في الكونغرس رفض بايدن الدعوة إلى وقف إطلاق النار في
غزة، وتم القبض على مئات المتظاهرين بعد احتجاجهم في البيت الأبيض ومبنى الكابيتول مطالبين بنفس المطالب، كما استقال مسؤول في وزارة الخارجية وموظف في مكتب النائب رو خانا (ديمقراطي من كاليفورنيا).
إلى ذلك، أطلق أفراد من الحشد صيحات الاستهجان على مسؤول مسلم، في البيت الأبيض، تحدث في جنازة صبي أمريكي، من أصل
فلسطيني، قُتل، فيما تقول السلطات إنها جريمة كراهية.
وأصدر الرئيس السابق، باراك أوباما، بيانا، الاثنين، دافع فيه عن اليساريين القلقين بشأن محنة الفلسطينيين، قائلا: "من الممكن لأصحاب النوايا الحسنة أن يدافعوا عن الحقوق الفلسطينية ويعارضون بعض سياسات الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية وغزة دون كونهم معادين للسامية".
ويتجلى الانقسام المتزايد بشأن إسرائيل بشكل خاص لأن الحرب كانت في مقدمة ووسط ظهور بايدن العلني منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، عندما عبر مقاتلو حماس الحدود وقتلوا ما لا يقل عن 1400 إسرائيلي، مما دفع إسرائيل إلى الرد بغارات جوية. ويهدد الجدل بتعقيد مسعى بايدن لولاية أخرى، خاصة وأن بعض الديمقراطيين الشباب يعبرون بالفعل عن ترددهم أو قلقهم بشأن ترشيحه.
ومع اقتراب موعد الانتخابات بعد عام، فمن الممكن أن تتلاشى الحرب إلى الخلفية بحلول الوقت الذي يدلي فيه الأمريكيون بأصواتهم، لكن في المقابلات، قال الناخبون التقدميون والناشطون الشباب إنهم لن ينسوا دعم بايدن الكامل لإسرائيل، كما أعربت الجماعات العربية والمسلمة عن غضبها من دعم الولايات المتحدة للغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، والتي يقول مسؤولون فلسطينيون إنها قتلت حوالي 5800 شخص.
وقال مساعد ديمقراطي، وقع على رسالة تدعم وقف إطلاق النار، متحدثا بشرط عدم الكشف عن هويته خوفا من رد عنيف: "يمكنك أن ترغب في أن تكون إسرائيل آمنة، ويمكنك أن تدين ما فعلته حماس- ولا يمكنك أن ترغب في مقتل مدنيين فلسطينيين.. كل هذه الأشياء ليست متعارضة، إنها ليست متعارضة أخلاقيا؛ ومع ذلك، فقد وصلت الديناميكية في الحكومة الأمريكية إلى هذا الوضع حيث أصبحت هذه المواقف متعارضة وعليك أن تختار أحد الجانبين".
وفي هذا السياق، قال يوشيا وامبفلر، الذي عمل في حملة السيناتور بيرني ساندرز الرئاسية لعام 2020، إنه صوت على مضض، لصالح بايدن في الانتخابات العامة في ذلك العام. مبرزا أنه وهو مصور فيديو في ولاية ويسكونسن، فوجئ بشكل جيد بسياسة بايدن الخارجية في منصبه، حتى رد الرئيس على العنف بين إسرائيل وغزة، والذي وصفه بـ "الفظيع".
وقال وامبفلر، إنه ربما سيظل يصوت لصالح بايدن العام المقبل، خاصة إذا كان الرئيس السابق دونالد ترامب، هو المرشح الجمهوري، لكنه يدرك أن الآخرين الذين لديهم وجهة نظره قد لا يفعلون ذلك، مردفا: "إن رؤية الدمار الصارخ الذي يحدث الآن ورؤية رئيسي يدعمه بالكامل… إنه أمر غير معقول".
كان رد فعل بايدن الأولي، على هجمات حماس هو وصفها بأنها "شر محض" والتأكيد على أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ضد الجماعة المسلحة، ومنذ ذلك الحين، أكد أيضا على أن إسرائيل يجب أن تلتزم بالقانون الدولي، وحث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على عدم "الاستسلام للغضب"، مطالبا مرارا بتدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وقال بايدن، الخميس، في خطاب ألقاه في المكتب البيضاوي: "لا يمكننا تجاهل إنسانية الفلسطينيين الأبرياء الذين يريدون فقط العيش في سلام والحصول على فرصة"، وميّز بين حماس والفلسطينيين الأبرياء.
وردا على سؤال حول المعارضة، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إن بايدن يدعم حق الأمريكيين في التحدث علنا إذا شعروا أن الإدارة تخطئ الهدف. وقالت يوم الاثنين: "فيما يتعلق بالاحتجاجات، الاحتجاجات السلمية، فمن حق الناس القيام بذلك".
وقال المتحدث باسم حملة بايدن، عمار موسى، إن الرئيس كان واضحا في معارضته للإسلاموفوبيا؛ وسعى موسى أيضا إلى مقارنة تعامل بايدن مع القضايا التي تؤثر على المجتمعات الإسلامية والفلسطينية مع تعامل ترامب، الذي يتقدم في استطلاعات الرأي لصالح ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، مؤكدا أنه "كرئيس، حظر ترامب السفر من عدة دول ذات أغلبية مسلمة".
وفي الأسبوع الماضي، اقترح فرض قيود على الهجرة للمتعاطفين مع حماس ومنتقدي إسرائيل. وتعهد ترامب بأنه في حالة انتخابه سيوسع حظر السفر ويرفض اللاجئين من غزة؛ فيما قال موسى في بيان: "مع استمرار جمهوريي MAGA في الترشح على منصة معادية للإسلام، بشكل علني، بما في ذلك الدعم المتجدد لحظر دونالد ترامب للمسلمين، فإن مخاطر انتخابات العام المقبل لا يمكن أن تكون أكثر خطورة".
وأضاف: "يواصل الرئيس بايدن العمل بشكل وثيق وبفخر مع قادة المجتمعات الإسلامية والفلسطينية في أمريكا، للاستماع إليهم، والدفاع عنهم، ومكافحة الكراهية". لكن بعض الناشطين يقولون إن بايدن وغيره من القادة الديمقراطيين يخطئون في الحسابات السياسية إذا افترضوا أن الليبراليين الشباب سيدعمونهم بغض النظر عن موقفهم من إسرائيل.
من جهته، قال المتحدث باسم تجمع العدالة في الحزب الديمقراطي، وهي مجموعة تسعى لانتخاب الليبراليين للكونغرس، أسامة أندرابي: "أعتقد أنهم يعتبرون كل ذلك أمرا مفروغا منه، معتقدين أن هؤلاء الناس سيصوتون حتما للرئيس بايدن على أي حال. بينما يشكل هذا في الواقع فشلا للقيادة الديمقراطية بأن تستمع فعليا إلى هؤلاء الناخبين ومعرفة ما يطالبون به".
وتكشف استطلاعات الرأي حول استجابة إسرائيل والولايات المتحدة للأزمة الحالية عن وجود فجوة كبيرة بين الأجيال. وفي استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيبياك هذا الشهر، أعرب حوالي نصف المستطلعة آراؤهم الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما عن عدم موافقتهم على إرسال الولايات المتحدة أسلحة إلى إسرائيل. في المقابل، قال 59% من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و49 عاما إنهم يوافقون على ذلك، مع وجود دعم أقوى بين الفئات العمرية الأكبر سنا.
وتعكس هذه الأرقام، جزئيا، تطورا في المواقف تجاه إسرائيل، وخاصة في الحزب الديمقراطي. العديد من الديمقراطيين من جيل بايدن، الذين شهدوا الأيام الأولى لإسرائيل، عندما كانت دولة ضعيفة وذات ميول يسارية تأسست في أعقاب المحرقة، ينظرون إليها على أنها ملاذ لا غنى عنه لليهود. فيما قال بايدن في رحلته الأخيرة إلى إسرائيل: "أعتقد أنه بدون إسرائيل، لن يكون هناك يهودي في العالم يشعر بالأمان".
وفي المقابل، يعرف الديمقراطيون الشباب إسرائيل باعتبارها دولة قوية فرضت قيودا شديدة على حياة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وقد تزايد التضامن الواضح مع الفلسطينيين داخل الحزب. وينعكس ذلك في 400 من موظفي الكونغرس الذين وقعوا دون الكشف عن هويتهم على رسالة إلى رؤسائهم يطالبون فيها بتغيير النهج الأمريكي تجاه الحرب.
وطالب الموقعون المشرعين بالمطالبة بوقف إطلاق النار ووقف الأعمال العدائية، والعودة الآمنة لحوالي 200 رهينة لدى حماس، وتوفير مساعدات إنسانية إضافية لغزة. وقال أحد المساعدين الديمقراطيين الذين وقعوا على الرسالة إنهم يخشون من أن البيت الأبيض وحملة بايدن يقللان من أهمية "التغيير الكبير" في الرأي العام تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقال المساعد، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته خوفا من رد الفعل العنيف، إن العديد من الناخبين الشباب قد يغيبون عن الانتخابات إذا شعروا بخيبة أمل في بايدن.
وقال المساعد: "نحن قلقون من أن القرارات تعمل على تمكين ترامب وتجعل الناس يغادرون الحزب الديمقراطي"؛ بينما أرسل أكثر من 250 شخصا ممن عملوا في الحملة الرئاسية لعام 2020 للسيناتور إليزابيث وارين (ديمقراطية من ماساشوستس) رسالة منفصلة إلى رئيستهم السابقة أعربوا فيها عن خيبة أملهم لأنها لم تدع إلى وقف إطلاق النار. وأرسل مجموعة أصغر من الأشخاص الذين عملوا في حملة السيناتور جون فيترمان (ديمقراطي من ولاية بنسلفانيا) رسالة مماثلة له.
وقال الناشط التقدمي، ماكس بيرغر، الذي عمل في حملة وارين، إنه وقع الرسالة لأن استجابة الديمقراطيين المنتخبين للحرب بدت منفصلة عن العديد من الناخبين الديمقراطيين. وقال إنه يشعر بخيبة أمل لأن البيت الأبيض انتقد تصريحات المشرعين الديمقراطيين الليبراليين الذين دعوا إلى وقف إطلاق النار دون دعم إسرائيل علنا، ووصفها بأنها "مشينة".
وقال بيرغر، الذي شارك في تأسيس مجموعة IfNotNow، وهي مجموعة ناشطين يهود للمساعدة على إنهاء الدعم الأمريكي لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي: "فيما يتعلق بالسياسة، أعتقد أنهم يفسدون هذا الأمر حقا". وأضاف أن بايدن يواجه أصلا مشاكل في إقناع العديد من الناخبين الشباب بالذهاب إلى صناديق الاقتراع في انتخابات 24 وهو يحتاجهم حقا؛ إنه لا يستطيع تحمل فقدان الحماس بين الناخبين الهامشيين في تلك الفئة الديموغرافية.
وأشار أليكس سارابيا، المتحدث باسم وارين، إلى الرد الذي قدمته الأسبوع الماضي، عندما قالت: "أنا أحترم موظفيي السابقين، الذين يفعلون بالضبط ما شجعتهم دائما على القيام به - الوقوف والنضال من أجل ما يؤمنون به"؛ فيما أرجعت ماريانيلا دافريل، الكاتبة التي تطوعت سابقا مع الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا، التحول في الرأي بين الأمريكيين الشباب إلى الوعي الأوسع بالقمع في الولايات المتحدة. وقالت إن وسائل التواصل الاجتماعي جعلت من السهل بشكل خاص رؤية آلام الآخرين.
قالت دافريل: "أعتقد أن هذا النوع من قفزة الخيال التي قد يحتاجها المواطن الأمريكي العادي للتعاطف والفهم لما يحدث للناس وما يحدث للناس في غزة، هذه القفزة أصغر بكثير مما كانت عليه ربما قبل 20 عاما".