حوّل
الاحتلال الإسرائيلي مستشفى المعمداني في مدينة
غزة، إلى "حمام دم"، بعد قصف ساحته ما أدى إلى استشهاد المئات من الفلسطينيين الذين نزحوا إليه وظنوا أنهم قد يكونون بأمان من وحشية وعنجهية الاحتلال.
وكان الاحتلال الإسرائيلي، قد هدد سكان مخيم الزيتون في مدينة غزة، وطالبهم الاثنين الماضي، للتوجه جنوب وادي غزة، لكن عددا كبيرا من السكان فضل اللجوء إلى
المستشفى الذي يقع في المخيم ذاته، على أمل ألا يطالهم القصف.
ويعد مستشفى المعمداني، هو أحد أقدم المستشفيات في قطاع غزة، ويتبع للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس المحتلة.
ويعرف بالمستشفى المعمداني أو الأنجليزي أو "الأهلي العربي"، وبني عام 1882، وأسسته الكنيسة الإرسالية التابعة لكنيسة إنجلترا، وأداره لاحقًا المذهب المعمداني الجنوبي كبعثة طبية بين عامي 1954 و1982، ثم عادَ المستشفى تحتَ إدارة الكنيسة الأنجليكانية في الثمانينيات.
وتحيط بالمستشفى كنيسة القديس برفيويوس التي تضررت جراء القصف، وتعد أقدم كنيسة في المدينة، سميت نسبة إلى القديس برفيريوس الذي دفن فيها، في الزاوية الشمالية الشرقية للكنيسة.
ويعود تاريخ البناء الأصلي لكنيسة القديس برفيريوس إلى عام 425 م فوق معبد وثني خشبي يعود لحقبة سابقة. البناء الحديث قام به الصليبيون في خمسينيات أو ستينيات القرن الحادي عشر وأهدوها للقديس برفيريوس.
ويقع بجوار المستشفى، مسجد الشمعة أو "باب الدارم" وهو مسجد تاريخي لا يحتوي على مئذنة، وبني في آذار/ مارس عام 1315م على يد محافظ غزة المملوكي (سنجار الجول)، ويجاور المستشفى مقبرة الشيخ شعبان التاريخية والأقدم في قطاع غزة.
وعقب المجزرة البشعة، وصفت الكنيسة الأنجليكانية الأسقفية في القدس، المجزرة بالجريمة ضد الإنسانية.
وقالت الكنيسة، في بيان صدر عنها، إنه بالتزامن مع يوم الصوم والصلاة من أجل السلام، الذي أعلنه بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، تعرض المستشفى الأهلي العربي في غزة، الذي يتبع للكنيسة الأنجليكانية الأسقفية، لهجوم وحشي.
وقالت الكنيسة الأنجليكانية الأسقفية إن "الدمار الذي شهدناه، إلى جانب الاستهداف المدنس للكنيسة، يضرب جوهر الأخلاق الإنسانية"، مؤكدةً أن الهجوم الإسرائيلي "يستحق الإدانة والعقاب الدوليين".
وأعربت الكنيسة عن حزنها على فقدان عدد لا يحصى من الأرواح التي ارتقت في منشآت تابعة لها، معلنةً يوم حداد في جميع كنائسها ومؤسساتها، وناشدت "الأصدقاء والشركاء والأفراد ذوي النوايا الحسنة بأن يقفوا متضامنين، تنديدا بالاعتداء الشنيع على موظفينا المتفانين والمرضى الضعفاء".
وكيل وزارة الصحة في قطاع غزة، يوسف أبو الرئيس، كشف أن الاحتلال قصف المستشفى الأهلي المعمداني بقذيفتين قبل يوم من قصفه.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي وسط جثامين ضحايا القصف: "إن إدارة المستشفى المعمداني اتصلت بمطران الكنيسة الإنجيلية في بريطانيا وأبلغته بواقعة إلقاء القذيفتين"، مؤكدا أن المطران سارع بإبلاغ كافة المؤسسات الدولية المعنية ثم بعث رسالة طمأنة للمستشفى وطلب من إدارته مواصلة العمل.
وأكد أبو الريش أن ممثل منظمة الصحة العالمية في القطاع الدكتور ماهر أبو ستة سأل الجانب الإسرائيلي عن أسباب عدم تحذير المستشفى قبل قصفه، فأجابه المسؤولون الإسرائيليون بأنه تم الاتصال على الهاتف ولم يرد أحد فتم التحذير من خلال هذه القذائف، وسألوه لماذا لم يخلوا المكان فورا.
وقال: "إن ما قام به الاحتلال في المستشفى المعمداني يعتبر تجسيدا للجرائم التي كانت تحدث في العصور الفاشية"، مؤكدا أنه رأى أطفالا برؤوس مقطوعة ومشاهد لا يمكن تصورها.
ولفت إلى أن الاحتلال أعقب قصف المستشفى المعمداني بقصف آخر في محيط المستشفى الأوروبي، مضيفا أن "إسرائيل تراقب ردة فعل العالم على قصفها للمستشفيات والتهديد بقصفها، وبالتالي فإننا نناشد العالم الحر أن يوقف هذا المحتل ويلجمه وتقديم قادته الذين تبجحوا أمام العالم بقصف المستشفيات للمحاكمات".
واتهم ممثل منظمة الصحة العالمية أبو ستة، كل القادة الغربيين الذين دعموا عمليات الاحتلال في غزة بالتورط في هذه الجرائم، مؤكدا أن الاحتلال ما كان ليقدم على هذه الجرائم إلا من خلال هذا الدعم.