عدد المساعد السابق لوزير الدفاع
الأمريكي، والسفير السابق لدى الرياض، تشارلز فريمان، مكتسبات حركة المقاومة
الإسلامية
حماس في الأيام الأولى من عملية طوفان الأقصى، التي كبدت إسرائيل حتى
الآن مئات القتلى، والمفقودين، والمصابين.
واعترفت الأوساط الإسرائيلية بأن ما
فعلته حماس أهان إسرائيل بشكل أكبر مما حدث في حرب عام 1973.
وقال إن هجوم حماس هو بمثابة هروب من
السجن الكبير المسمى
غزة، وثورة لمن فقدوا الأمن، ويعانون في قطاع محاصر.
على جانب آخر، لفت فريمان إلى أن
المواجهة الأخيرة ستضع حدا للتطبيع الإسرائيلي السعودي المنتظر.
وتاليا المقال كاملا كما أوردته هلينا
كوبان في تدوينة لها:
تضع هذه الحرب حداً للتطبيع الإسرائيلي
السعودي، ولكن ذلك لم يكن لديه فرص للنجاح أصلاً. روجت وزارة الشؤون الاستراتيجية
الإسرائيلية للتطبيع باعتباره "الذي سوف يغير قواعد اللعبة في الشرق
الأوسط." وهذا غير صحيح. إنما قد يغير قواعد اللعبة لكل من جو بايدن
وبنيامين نتنياهو فيما يتعلق بالسياسة المحلية لكل منهما. ولكني لا أظن أن المحفز للهجوم
كان الحيلولة دون إقامة علاقات رسمية بين إسرائيل والسعودية، بل هو أشبه بهجوم "تيت" في فيتنام من أي شيء آخر.
كان هجوم حماس على إسرائيل بمثابة
الهروب من السجن، من غزة التي هي أكبر سجن في العالم منذ تدمير "غيتو وارسو"،
ولكن ما هو أكثر من ذلك أنه كان ثورة من هم بلا أمل من قبل من هم بلا أمل لصالح من
هم بلا أمل. في بعض الأوقات تصبح المعاناة غير محتملة لدرجة أن كل شيء يصبح
وراداً. الاستشهاد يقتل ولكنه يمكّن سياسياً. والمفاجآت التي تذكر بالوقائع
الاستراتيجية التي لا تحتمل تكون مفيدة. من خلال هذا الهجوم على إسرائيل، والذي
خطط له جيداً وجاء مباغتاً، تكون حماس قد فعلت الآتي:
* قدمت رداً بليغاً على الحكومة الإسرائيلية المتطرفة المعادية للعرب، والتي شكلها نتنياهو، وعلى اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، وعلى المذابح التي ترتكب بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، في وقت غاب فيه رد الغرب أو الدول العربية على ذلك.
* تؤسس نفسها باعتبارها صوتاً شرعياً للقومية الفلسطينية، بينما تعري حركة فتح ومحمود عباس والسلطة الفلسطينية، المسخرين جميعاً في خدمة
الاحتلال الإسرائيلي.
* تكسب مصداقية وتحظى بدعم العالمين العربي والإسلامي ناهيك عن دعم الشتات الفلسطيني حول العالم.
* تسلط الضوء على إفلاس سياسات الولايات المتحدة وغيرها من القوى العظمى إزاء القهر المتصاعد من قبل إسرائيل للفلسطينيين وما تمارسه ضدهم من تطهير عرقي.
* تنتقم ضد العنف الذي تمارسه إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين.
* تسحب البساط من تحت اتفاقيات أبراهام وتعريها، وهي التي سعت من خلالها إسرائيل إلى الهرب من أي مساءلة على ما تفعله بالفلسطينيين، وتجهض أي إمكانية للتطبيع، باستثناء بعض التعاملات، ما بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.
* تسترضي إيران وغيرها من القوى المعادية لإسرائيل مثل حزب الله.
* تسلط الضوء على هشاشة الحكومات في مصر والأردن وفي غيرهما ممن يتعاونون مع الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما سينعكس ضغطاً شعبياً عليها.
* تكسب رهائن تستخدمهم للمساومة في المستقبل لضمان تحرير الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل.
تتمثل المخاطر الجيوسياسية في أن الحرب
قد تتوسع لتشمل لبنان وسوريا، وكذلك على شكل إرهاب من نمط ما كان موجوداً في
ستينيات القرن الماضي يمارس ضد اليهود وغيرهم من أنصار الصهيونية في الخارج،
واحتمال أن يرى نتنياهو في الجواب السياسي على ما يعتبر إخفاقاً من قبل الموساد
والشين بيت في التنبؤ بهجوم حماس تبريراً للوم إيران وشن هجوم عليها، وأن تقود نوايا
إسرائيل المعلنة ونواياها تكرار ما قام به الحلفاء في الحرب العالمية الثانية من
تدمير لغزة إلى مساءلتها دولياً.
ولكن في هذا الوقت بالذات، أدى الشعور
بالخطر من قبل عامة الإسرائيليين إلى وقف الاحتجاجات ضد تدمير سيادة القانون في
إسرائيل، حيث حلت محلها الوحدة الوطنية ضد الفلسطينيين. سوف تتسارع الوتيرة
الحالية لخروج الإسرائيليين من بلدهم.
يكشف التعليق الأحمق في الأسبوع الماضي
من قبل جيك سوليفان، والذي قال فيه إن الشرق الأوسط وصل إلى مستوى مطمئن من
الهدوء، عن وهم آخر يسيطر على الدبلوماسية الأمريكية، كان السبب من وراء تعليقات
مشابهة بشأن أوكرانيا والصين وإيران وغيرها.
غدا التعاطف مع إسرائيل مقتصراً على
المجتمعات التي تكرست فيها الإسلاموفوبيا، رغم أن ما يمارس من فظائع ضد
الفلسطينيين قد يغير من هذا الوضع في نهاية المطاف.
رد الفعل الأمريكي والمتمثل بدعم
إسرائيل في "حقها في الدفاع عن نفسها" سوف يُقرأ دولياً باعتباره دعماً
لاستمرار إسرائيل في قهر الفلسطينيين وممارسة التطهير العرقي ضدهم وارتكاب المذابح
بحقهم. سوف يشهد العالم معارضة لذلك التوجه كتلك المعارضة التي نمت ضد موقفنا إزاء
الحرب في أوكرانيا.
سوف تخسر حماس المعركة العسكرية،
ولكنها قد تكسب الحرب.