نشرت صحيفة "
لوموند" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على الجوانب المظلمة للعلاقات التجارية بين
فرنسا والمغرب.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن "العلاقات الفرنسية
المغربية تشبه جبل الجليد من حيث الجزء المرئي والجزء المخفي؛ حيث يعتبر الجزء المخفي قانونيا إلى حد ما، ويتضمن شخصيات مزعجة في بعض الأحيان على غرار "محمد ب"، الذي عاد اسمه إلى الظهور في ما يسمى بقضية "قطرغيت" التي هزت البرلمان الأوروبي بداية السنة وتحولت إلى "موروكو غيت".
ويضيف
التقرير، أنه "وفقا للتحقيق البلجيكي، كان من المفترض لهذا الشخص أن يكون الضابط المسؤول عن المجموعة المحيطة بالنائب الاشتراكي الإيطالي السابق بيير أنطونيو بانزري، المكونة من زوجته وابنته، وعضو إيطالي آخر في البرلمان الأوروبي يدعى أندريا كوزولينو، ومساعد لهم مشترك وهو فرانشيسكو جيورجي، باسم المديرية العامة للدراسات والتوثيق، وهي المخابرات الخارجية المغربية".
وتابع: "ظهرت هوية محمد بالفعل في فرنسا في قضية مثيرة للقلق، وتعود الوقائع لسنوات 2014-2017، في خضم موجة من الهجمات الجهادية التي شهدتها فرنسا، تم تعيين نقيب الشرطة تشارلز د، الذي عُرف بحالته النفسية الهشة، رئيسا لـ"وحدة المعلومات" في شرطة الحدود في أورلي، وتمثلت مهمته في مراقبة الوضع في المطار، ولا سيما التطرف المحتمل لبعض الموظفين، وكتابة ملاحظات عن الأشخاص الموجودين في الملف "إس" المخصص للمغادرين إلى الخارج".
وأضاف: "سرعان ما أقام شارل د، الذي ليس لديه الكثير من الأصدقاء، صداقة مع إدريس أ، وهو فرنسي-مغربي وخبير ملم بأدق تفاصيل مطار أورلي، ويتمتع هذا الأخير باتصالات "جيدة" في المغرب ويقدم نصائح لصديقه الجديد الذي يقدم له بدوره هويات الأشخاص الذين تم وضع علامة "إس" على أمتعتهم والذين يتوجهون إلى هذا البلد، ويتراوح عددهم من 100 إلى 200 شخص، وذلك وفقًا لاعترافاته أثناء التحقيق الأمني".
وأردف المصدر نفسه، أنه "في سنة 2016، قدم إدريس أ. محمد ب إلى تشارلز د.وأصبح محمد ب الوكيل الذي يتعامل مع ضابط الشرطة، الذي ادعى أمام قاضي التحقيق أنه يعمل لصالح أمن فرنسا، باستثناء أنه تم حجز تصاريح مرور وزيرين جزائريين، الدولة المنافسة للمغرب في المغرب العربي، من قبل إدريس أ".
"لقد تم التلاعب بموكلي"
وأكد
التقرير الذي ترجمته "عربي21" أنه "مقابل خدماته، أقام تشارلز د ثلاث مرات مع عائلته في المغرب بتكاليف مغطاة بالكامل، وبناء على معلومات مجهولة المصدر، قامت المفتشية العامة للشرطة الوطنية بالتحقيق منذ خريف 2016، ثم أحيلت القضية إلى قاضي التحقيق، وتم وضع ضابط الشرطة تحت المراقبة".
وأضاف: "وفي 29 أيار/ مايو 2017، تم احتجاز تشارلز د وإدريس أ لدى الشرطة. في المقابل، اختفى محمد ب" مشيرا إلى أن مصدرا مقربا من القضية، صرح بأنه: "لم نبذل الكثير من الجهد للعثور عليه. إلى جانب أنه وقع متابعة تشارلز د وإدريس أ بتهمة الفساد. ويواجه الشرطي أيضا اتهامات بالاستيلاء، وتحويل الملفات، وانتهاك السرية المهنية".
من جهة أخرى، يتابع التقرير أن محامي تشارلز د، بلاندين روسو، أشار إلى أنه: "تم التلاعب بموكلي. لقد تم إقناعه بأنه كان يتصرف لمصلحة فرنسا من خلال محاربة الإرهاب في الظل. تم استخدامه عندما توقفت الأجهزة السرية عن التعاون بسبب التوترات الدبلوماسية". مضيفا أنه "في سنة 2014، استدعت قاضية تحقيق فرنسية دون جدوى المدير العام لمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف الحموشي بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية. وكان رئيس جهاز مكافحة التجسس المغربي هدفا لعدة شكاوى تتعلق بالتعذيب والتواطؤ في التعذيب".
وردا على ذلك، بيّنت الصحيفة، أن "المغرب علّق كل تعاونه القضائي والأمني مع فرنسا لمدة سنة. وفي الأثناء، تمت إحالة تشارلز د وإدريس أ إلى المحكمة الجنائية؛ ولم يتم بعد تحديد موعد المحاكمة؛ وأن الشبكات الفرنسية المغربية ليست دائمًا موجهة نحو الأعمال اللا مشروعة. في بعض الأحيان، تقتصر على أعمال نفوذ قانونية ومشروعة تماما، تقوم بها جماعات الضغط التي يتمثل دورها في الدفاع عن مواقف الرباط في فرنسا. ولفترة طويلة، احتُكرت هذه الجهود من قبل أمجاد سابقين مقربين من الملك السابق الحسن الثاني (1929-1999)".
وتابع أنه "قد تحولت هزيمتهم في بعض الأحيان إلى حسرة ومرارة، كما هو الحال بالنسبة للصحفي، إيريك لوران، الذي تحول من صديق مقرب من الحسن الثاني إلى منتقد شرس لمحمد السادس، في عمل شارك في تأليفه مع كاترين غراسيي، بعنوان "الملك المفترس" (لو سيويل، 2012)".
تجدر الإشارة إلى أن "سقوطه كان أكثر إثارة هذه السنة: فقد حُكم عليه، في باريس، بالسجن لمدة سنة مع وقف التنفيذ وغرامة قدرها 10000 يورو لابتزاز الملك الحالي. وبحسب الحكم، فقد عرض على مبعوث من القصر، هشام الناصري، دفن عمل جديد "مثير" مقابل المال في سنة 2015".
تجديد الوسطاء
أوردت
الصحيفة نفسها، أن "عمر العلوي ينتمي إلى الجيل الجديد من شبكة هؤلاء الرجال. ويقال عنه أنه قام بتنظيم رحلة إيريك سيوتي، رئيس حزب الجمهوريين، والسياسية رشيدة داتي إلى المغرب، من الثالث إلى الخامس من شهر أيار/ مايو، وهي زيارة قام خلالها قادة اليمين المحافظ بتقديم تصريحات قوية لصالح الاعتراف بـ"مغربية" الصحراء الغربية، في تناقض مع الموقف الرسمي للدبلوماسية الفرنسية".
وعلى حد تعبير العلوي فإن "العلاقات الفرنسية المغربية ليست ملكا لأحد؛ ولكن أي شيء يمكن أن يساعد في التقريب بين البلدين مُرحب به، في هذه الفترة بالذات التي نمر بها، أنا أشارك في هذا الاندماج بصفة شخصية وتطوعية؛ كانت الشبكات الفرنسية المغربية متصلبة، وأنا أحاول أن أجعل النخب الجديدة على اتصال، مهما كانت ميولها السياسية".
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن "عمر العلوي ليس الوحيد الذي يشارك في هذا التجديد للوسطاء الفرنسيين المغاربة. هناك أيضا حمزة الهراوي، المؤسس المشارك لشركة العلاقات العامة المتخصصة في الفضاء الأفريقي "إم جي إتش بارتنرز"، التي شارك في تأسيسها مع غيوم شابان دلماس، حفيد رئيس الوزراء الديغولي".