اعتبرت مجلة "إيكونوميست" أنه من السهل على رئيس النظام
المصري عبد الفتاح
السيسي الفوز بولاية رئاسية ثالثة، لكن بقاءه في الحكم حتى نهايتها سيكون أمرا أصعب من الحصول عليها، فيما رأت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن السيسي يسعى للفوز من خلال التضييق الأمني والاعتقالات ضد معارضيه.
وقالت "
إيكونوميست" في تقرير أعدته حول
الانتخابات المصرية، وترجمته "عربي21"، إن الديكتاتور العسكري السيسي أعلن الشهر الماضي شعارا قاتما للانتخابات المقبلة، بقوله: "لو ثمن التقدم والازدهار للأمة إنها ما توكلش وتشرب، ما نوكلش ونشربش".
وأضافت أنه بزيادة أسعار الطعام بنسبة 79.1 بالمئة منذ العام الماضي، فإن معظم الناخبين يفعلون ما يقوله الرئيس، وتابعت: "من الجميل والمناسب أن يموت الواحد من أجل وطنه" كما قال الشاعر الروماني هوراس.
وأوضحت المجلة أن مصر أعلنت عقد الانتخابات نهاية هذا العام بدل الربيع حيث سيذهب الناخبون المصريون إلى صناديق الاقتراع في 10 كانون الأول/ ديسمبر، منوهة إلى أن تقديم موعد الانتخابات كان متوقعا لرغبة السيسي في أن يزيح موضوع الانتخابات عن طريقه قبل أن يتخذ القرارات الاقتصادية المؤلمة وتخفيض قيمة العملة.
وأكملت: "في ديمقراطية، فهذا قد يبدو سياسة، فالتسول للناخبين ليس تذكرة نصر. إلا أن المنطق وراء القرار قد يكون أكثر ضبابية في مصر، ذلك أن الناخبين هم مجرد مساعدين في مهزلة ديمقراطية".
واعتبرت المجلة أن السيسي الذي قاد انقلابا في 2013 يقف على أرض رخوة، فانتصار جديد يسمح له بالحكم حتى عام 2030. والسؤال الذي بدأ الكثير من المصريين يهمسون به: هل سيظل في الحكم طويلا؟
ولا شك أنه سيفوز بحسب المجلة، ففي الانتخابات السابقة عام 2018 لم يواجه إلا "معارضا" واحدا، كان يدعم السيسي، وجاء في المرتبة الثالثة في سباق من اثنين، فالأصوات الضائعة جاءت بالمرتبة الثانية. وتم منع أي شخص كان ينظر إليه كتهديد للرئيس أو سجن وخوف لكي يتخلى عن الدخول في السباق.
وقالت المجلة إنه في هذه المرة تحدث العديد عن المشاركة، لكن لا أحد منهم لديه دعم. فقد كشف النائب السابق
أحمد الطنطاوي أن عددا كبيرا من داعميه اعتقلوا بعدما أعلنت الحكومة عن موعد الانتخابات. وكشف "سيتزن لاب" بجامعة تورنتو أن هاتف الطنطاوي تعرض للاختراق من برمجية التجسس القوية "بريدتور".
وأعلن السيسي عن دخوله الانتخابات في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر، وبعدها قام حلفاؤه بنقل الآلاف من الأشخاص بالحافلات إلى مراكز البريد للتوقيع على التوكيلات التي تدعم ترشيحه.
وعلقت المجلة أن الكثيرين منهم حصلوا على رشاوى أو أجبروا على ذلك، مضيفة أن السيسي كما هي عادته قال خلال إعلانه "إنني ألبي اليوم نداءكم مرة أخرى. وعقدت العزم لترشيح نفسي لكم لاستكمال الحلم"، وبدا مثل زعيم متردد ضغط عليه شعبه الذي يحبه.
وذكرت المجلة أنه لا توجد هناك استطلاعات رأي يمكن الوثوق بها، ويمكن القول إن هناك قلة من المصريين لا تزال تحبه، فالمصريون العاديون الذين رحبوا بانقلابه عام 2013 لأنهم كانوا يحنون للاستقرار، هم يلعنون اليوم الطريقة التي عالج فيها الاقتصاد.
"فوز عبر الاعتقالات والوجبات الغذائية"
وفي السياق، تحدثت صحيفة "
وول ستريت جورنال" عن الطريقة التي يسعى من خلالها السيسي إلى هندسة فوز جديد في الانتخابات، وسط اقتصاد مشلول وتضخم من رقمين وزيادة في الدين الوطني وتخفيضا في المساعدات الأمريكية.
وأضافت الصحيفة في تقرير أعده مراسلها تشاو دينغ، وترجمته "عربي21"، أن طريقة السيسي لكسب الانتخابات المقبلة تأتي ضمن حملة واسعة من الاعتقالات ضد معارضيه إضافة إلى توزيعه الهبات والمساعدات.
وأوضح التقرير أن السلطات المصرية اعتقلت أعدادا من رموز المعارضة، في حين يقول المرشحون المحتملون ويمثلون تحديا للرئيس إنهم يواجهون مصاعب للوصول إلى الاقتراع، فيما حصل بعض المصريين على كوبونات طعام مقابل دعمهم.
ورأى التقرير أن الرهانات كبيرة هذه المرة حتى بالنسبة لمستبد (السيسي) تعود على الفوز بالانتخابات وبهامش ساحق، مشيرا إلى أن السيسي يواجه أكبر لحظة تحدي في حكمه، حيث وصل التضخم في الطعام لأعلى من 70 بالمئة وزاد من أعباء قاعدته الانتخابية وهم أبناء الطبقة العاملة المصريون، ما قاد لنقد نادر ومن الناس الذي أظهروا ولاء للنظام، وحسا بين المعارضة التي تعتقد أن موقعه بات ضعيفا.
لكن الصحيفة استدركت بالقول إن ولاية ثالثة من 6 سنوات ستعطيه الوقت الكافي ليمتن موقعه ويشرع قوانين جديدة كما فعل في الماضي.
وتطرقت الصحيفة إلى إعلان مشرعين أمريكيين عن تعليق مساعدة أمريكية بـ 235 مليون دولار بسبب سجل النظام المصري في حقوق الإنسان وتراجع حكم القانون، مشددة على أن مصداقية السيسي كحليف للولايات المتحدة أصبحت محل تساؤل منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث كشف عن تفكير القاهرة إرسال ذخائر لموسكو لمساعدتها في الحرب ضد أوكرانيا.
وكانت ولاية السيسي الثانية ستنتهي في نيسان/ إبريل والانتخابات مقررة للعام المقبل، إلا أن المحللين السياسيين رأوا أن قرار سلطات الانتخابات تبكيرها من أجل ضمان إعادة انتخابه وقبل أن تطبق السلطات السياسات الاقتصادية التي ستزيد من معاناة المصريين، ومن بين هذه القرارات، تخفيض قيمة الجنيه المصري ما سيخفض القوة الشرائية للمستهلك المصري.
واتهم معارضون سياسيون، مرشحين محتملين بعقد صفقات مع نظام السيسي ومساعدته في البقاء في السلطة. وقال طامحان اثنان بالترشح إنهما حاولا لأكثر من أسبوع الحصول على عشرات الآلاف من التوكيلات الشعبية لكي يحق لهما الترشح، ولكنهما تعرضا كما يقولان للعراقيل من الشرطة ورجال الأمن بالزي المدني ومن أشخاص يقولون إنهم من أنصار السيسي.
ونقلت الصحيفة عن محمد لطفي، المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات: " كل أجهزة الأمن والإعلام والمؤسسات تعمل لصالح مرشح واحد، هو الرئيس. وأي انتخابات يشارك فيها الرئيس لن تكون حرة أو نزيهة".
يشار إلى أنه بجانب السيسي، فقد أعلن سبعة سياسيين مصريين نيتهم الترشح، وهم: عضو مجلس النواب السابق أحمد طنطاوي، ورئيس الحزب الاجتماعي الديمقراطي فريد زهران، ورئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل، ورئيس حزب الوفد عبد السند يمامة، وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد فؤاد بدراوي، ورئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر، ورئيس تيار الاستقلال أحمد الفضالي.
ومن المقرر أن تبدأ الهيئة الوطنية للانتخابات اليوم الخميس بتلقي طلبات الترشح بشكل رسمي من أجل خوض عملية الاقتراع المقررة نهاية العام الجاري.
والشهر الماضي، أعلنت الهيئة أن الانتخابات الرئاسية في البلاد ستجرى في كانون الأول/ ديسمبر القادم.
وقال رئيس الهيئة وليد حمزة في مؤتمر صحفي، إن الانتخابات الرئاسية ستجرى على مدى ثلاثة أيام من 10 إلى 12 كانون الأول/ ديسمبر، أي قبل قرابة الأربعة أشهر من انتهاء الولاية الحالية لرئيس النظام عبد الفتاح السيسي مطلع نيسان/ أبريل المقبل.
وذكرت الهيئة الوطنية للانتخابات أن فتح طلبات الترشح سيكون يوم الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر، على أن يكون آخر موعد لسحب طلب الترشح في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، وإعلان قائمة المرشحين وبدء الحملة يوم التاسع من الشهر نفسه، فيما حددت الهيئة تاريخ 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، كآخر موعد لتنازل المرشحين عن ترشحهم للاستحقاق.