نشرت
مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية مقالا للكاتب والمحلل
السوداني الفاضل إبراهيم، تناول فيه مسارات
الحرب في السودان والتدخل
الإماراتي فيها.
وقال إبراهيم، إن رهان الإمارات على
حميدتي رهان خاسر، لعدة أسباب منها تشوه صورة
الدعم السريع بطريقة لا يمكن إصلاحها، حيث لا يمكن التعامل معها كشريك محتمل، خصوصا أن النظرة الحالية لها اليوم بأنها ميليشيا إبادة جماعية.
ويضيف، أن السبب الثاني، هو احتمال هزيمة الدعم السريع إذ ركزت على
الخرطوم وموطنها الأصلي، دارفور، ولهذا تمركزت هذه القوات في الأحياء واستولت على البنية التحتية المدنية لشن حرب تعلم أن القوات المسلحة السودانية لا يمكنها الفوز بها دون تدمير العاصمة والمدن التي مزقتها المعارك في دارفور مثل نيالا والفاشر والجنينة.
والسبب الثالث وفقا للكاتب، يتلخص بتشوه صورة الإمارات بين السودانيين نظرا لعلاقتها مع الدعم السريع، وهو ما سيحد من تأثيرها على مستقبل السودان.
وأوضح إبراهيم، أن السبب الرابع والأخير، هو أن المصالح الاقتصادية والاستراتيجية للإمارات موجودة في المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية.
وتابع، أن ميناء أبو أمامة على البحر الأحمر، والذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات، كان من المقرر أن تطوره مجموعة موانئ أبو ظبي، التي تقع إلى حد كبير في ولايات يسيطر عليها الجيش السوداني.
وأكد، أن تورط الإمارات في الصراع السوداني واضح للعيان، فبينما كان الدبلوماسيون الأجانب يغادرون السودان، تحدث مراسلون محليون عن غياب السفير الإماراتي حمد الجنيبي عن الخرطوم عندما بدأت الحرب.
وأعقب ذلك عودته المفاجئة إلى بورتسودان عن طريق البحر في الأيام الأولى للصراع. جاء ذلك في وقت تم فيه إغلاق المجال الجوي في عموم البلاد عقب اندلاع أعمال العنف.
وتابع، أن كل ذلك جرى تحت ستار الجهود الإنسانية وجهود صنع السلام، وسبق أن نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تحقيقا استقصائيا كشف عن شحنات الأسلحة الإماراتية للدعم السريع تحت غطاء المساعدات.
كما كشفت شبكة “سي إن إن” أن شحنات صواريخ أرض-جو كانت متجهة عبر رحلات جوية تنقل المعدات من اللاذقية في سوريا، إلى قاعدة الخادم في ليبيا، ثم تم إسقاطها بمظلات من الجو في شمال غرب السودان، حيث تتمتع قوات الدعم السريع بحضور قوي هناك، وفقا للكاتب.
وأردف إبراهيم أن هناك أدلة على أن الإمارات تمول مجموعة فاغنر في ليبيا للمساعدة في تخفيف العبء المالي عن روسيا لعملياتها في ليبيا، وتنشر هذه القوات لدعم حليفها، الجنرال خليفة حفتر، الذي يقاتل الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس.
وأشار إلى أن قائد الدعم السريع حميدتي جنى المليارات من الاستعانة بمصادر خارجية بالإضافة إلى تجارة الذهب مع مجموعة فاغنر والإمارات، حيث وظف بعض هذه الأموال لاستقرار الاقتصاد السوداني بعد ثورة 2019 بوديعة بنكية بقيمة مليار دولار في البنك المركزي، بهدف تبييض ماضي حميدتي المتقلب كزعيم ميليشيا في دارفور.
وبين الكاتب، أن السودان أصبح في 15 نيسان/ أبريل الماضي رابع دولة في الربيع العربي تنزلق إلى حرب أهلية، حيث تفاجأ الأجانب والدبلوماسيون من سرعة اندلاع النزاع، رغم ما تقوم به الأجهزة الاستخباراتية من مراقبة الوضع.
وبحسب المحلل السوداني، فإن الأحداث لم تكن في صالح الإمارات التي تؤجج الصراع، فقد تمكن البرهان، قائد الجيش من الخروج من مقر قيادة الجيش في الخرطوم، حيث كان محتجزا منذ بدء القتال في 15 نيسان/ أبريل الماضي.
ويرى الكاتب، أن بعد حميدتي عن الظهور العلني منذ تموز/ يوليو الماضي، أدى إلى إثارة شائعات عن وفاته أو عجزه، ومن المرجح أيضا أن تتضاءل رغبة المسؤولين الأجانب للتعامل أو الارتباط بحميدتي، بسبب الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان التي يرتكبها جنود قوات الدعم السريع.
وأشار الكاتب إلى أن قوات الدعم رغم سيطرتها على مناطق في الخرطوم والغرب، إلا أنها لم تتمكن من التوسع في ولايات السودان الـ18 الأخرى.
واستطاعت الدعم السريع التحصن بعد استيلائها على منازل المدنيين في الخرطوم ونهب العربات التي يحتفظ بها جنودها أو بيعها من أجل الربح، أو استخدامها كجزء من عمليات قوات الدعم السريع لمساعدتهم على تجنب اكتشافهم من قبل طائرات القوات المسلحة السودانية.
ويعلق الكاتب أن اتهامات بانتهاكات حقوق إنسان واغتصاب في الخرطوم ودارفور، قضت على حميدتي والمستقبل السياسي لقواته، مذكرا بالعقوبات التي فرضتها واشنطن على شقيق حميدتي ونائبه، عبد الرحيم دقلو، بسبب الدور القيادي الذي يشغله في القوات التي “شاركت في أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان".
ويختم إبراهيم مقاله بالتأكيد على أن العودة لسلام نسبي أو تحقيق القوات المسلحة نصرا حاسما أمر وارد، فعلى خلاف ليبيا وسوريا واليمن، لم يتم تدويل النزاع الحالي، صحيح أن هناك جماعات مسلحة، لكنها تفتقد للرعاة الخارجيين ولا تشكل خطرا على الجيش.