أعلن البيت الأبيض، الجمعة، أن
صربيا تقوم
بعملية انتشار عسكري "غير مسبوق" على طول حدودها مع
كوسوفو، داعيا بلغراد
إلى سحب قواتها.
وقال متحدث مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، إن بلاده "تراقب" ما سماه "الانتشار العسكري الصربي الكبير
على طول الحدود مع كوسوفو"، الذي حدث خلال الأسبوع الماضي.
وأضاف أن "هذه القوة التي نشرتها صربيا
تضم مدفعية متطورة ودبابات ووحدة مشاة آلية".
واعتبر كيربي أن العملية "تطور مزعزع
للاستقرار للغاية".
ودعا صربيا إلى "سحب تلك القوات من
الحدود، والمساهمة في خفض حدة التوتر".
وبيّن كيربي أن الولايات المتحدة تعمل مع
حلف شمال الأطلسي "ناتو" لمعالجة مسألة نشر قوات حفظ السلام الدولية، التي
يقودها الأخير، والمعروفة باسم قوة كوسوفو (كفور).
وأردف بأن بلاده "تواصل العمل بشكل
مكثف مع الشركاء الأوروبيين، للضغط على كوسوفو وصربيا للعودة إلى الحوار السلمي من خلال
الصيغة التي أنشأها الاتحاد الأوروبي".
وأكمل كيربي: "يتعين على البلدين الوفاء
بالتزاماتهما، والانخراط في هذه العملية بحسن نية".
وأكد أن "البلدين بحاجة أيضا إلى تجنب
اتخاذ خطوات استفزازية لا تؤدي إلا إلى زيادة التوتر وعرقلة التقدم في هذا الحوار،
وهي خطوات مثل ما رأيناه مع هذه الزيادة في الحشد الصربي على الحدود".
واشنطن تحذر
وأوضح كيربي، الجمعة، أن وزير الخارجية
الأمريكي أنتوني بلينكن اتصل الجمعة بالرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، وأبلغه "قلق"
بلاده وضرورة "خفض فوري للتوتر، مع عودة إلى الحوار".
ولم ينفِ فوتشيتش صراحة حصول انتشار عسكري
مؤخرا عند الحدود، إلا أنه أكد أن قوات بلاده ليست في حال تأهب.
وقال: "لقد نفيت المزاعم الكاذبة التي
تتحدث عن وضع قواتنا في أعلى مستوى من الجاهزية القتالية، لأنني ببساطة لم آمر بذلك، وهذا ليس دقيقا"، مؤكدا أن عديد القوات المنتشرة على الحدود راهنا "لا يصل
حتى إلى نصف ما كانت عليه قبل شهرين أو ثلاثة أشهر".
وقال فوتشيتش إن بلينكن أبلغه بالإجراءات المحتملة التي قد يتم اتخاذها ضد بلغراد مع تصاعد التوتر في أعقاب الاشتباكات الدامية بين صرب كوسوفو والشرطة.
وأضاف فوتشيتش، في تصريح صحفي: "قلت لبلينكن.. أنتم دولة كبيرة، وقوة كبيرة.. من حقكم أن تفعلوا ما تعتقدون أنه يتعين عليكم القيام به".
واستطرد: "أنا ضد تحذير بلغراد من إجراءات محتملة بسبب النزاع في كوسوفو، وأعتقد أنه أمر سيئ للغاية، ولكن هناك أشياء يجب علينا الالتزام بها.. هذه هي الحقيقة".
ولفت فوتشيتش إلى أنهما "اتفقا على ضرورة تهدئة التوترات، وإعطاء دور أكبر لمهمة حفظ السلام التي يقودها حلف شمال الأطلسي ناتو في كوسوفو".
وأكد إجراء محادثة طويلة وسهلة مع وزير الخارجية الأمريكي، قائلاً إن "هناك العديد من الأشياء التي اتفقنا عليها، وأخرى لم نتفق عليها".
وأردف الرئيس الصربي: "أبلغته بتفاصيل الحقائق بشأن الأحداث الأخيرة في كوسوفو"، دون مزيد تفاصيل.
ومن المسائل التي اختلفوا عليها خلال المحادثة طبيعة الصراع في كوسوفو، خاصة القضايا المتعلقة بسيادة كوسوفو، حسب المصدر نفسه.
وأعلنت صربيا الأربعاء أن وزير دفاعها وقائد
قواتها المسلحة تفقدا "منطقة انتشار"، من دون تفاصيل إضافية.
إلى ذلك، تشاور مستشار الأمن القومي الأمريكي
جاك ساليفان مع رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي.
وأكدت واشنطن أن ساليفان أبدى "قلقه
من التحركات العسكرية الصربية"، وبحث مع كورتي "في الحوار بين كوسوفو وصربيا
بتسهيل من الاتحاد الأوروبي"، معتبرا أنه "الحل الوحيد على المدى البعيد
لضمان الاستقرار في كوسوفو".
تعزيزات أطلسية
قال حلف شمال الأطلسي في بيان، الجمعة،
إنه وافق على نشر قوات إضافية في كوسوفو.
وقال الحلف إنه "وافق على نشر قوات
إضافية للتعامل مع الوضع الراهن"، لكنه لم يحدد بعد قوام القوة الإضافية أو من
أي الدول ستأتي.
وأصدرت وزارة الدفاع البريطانية بيانا لاحقا، تذكر فيه أنها نقلت قيادة إحدى كتائب القوات إلى الحلف.
وترفض صربيا الاعتراف باستقلال إقليمها
الجنوبي السابق ذي الغالبية الألبانية، الذي أعلن عام 2008 بعد عقد من حرب دامية بين
الانفصاليين الكوسوفيين والقوات الصربية.
وتأتي الأنباء عن انتشار عسكري بعد مقتل
شرطي كوسوفي، الأحد، في كمين بشمال كوسوفو، حيث يشكل الصرب غالبية، أعقبه إطلاق نار
بين القوات الخاصة للشرطة ومجموعة صربية مسلّحة.
وأكد كيربي أنه "بسبب التطورات الأخيرة"،
فإن قوة الحلف الأطلسي المنتشرة في كوسوفو (كفور) "ستعزز انتشارها" في شمال
الإقليم السابق.
ولم يحدد ما إذا كان الأمر يتصل فقط بإعادة
تموضع نحو شمال كوسوفو، أو بزيادة لعديد العسكريين في "كفور".
كما أبدى
الناتو استعداده لتعزيز عديد هذه
القوة؛ بهدف "مواجهة الوضع".
وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ
في بيان الجمعة: "أمس (الخميس)، أجاز مجلس شمال الأطلسي (هيئة اتخاذ القرار السياسي
في الحلف) نشر قوات إضافية لمواجهة الوضع"، من دون أن يحدد ماهية القوات التي
يمكن نشرها إذا اقتضت الضرورة.
لكن وزارة الدفاع البريطانية ذكرت أنه تم
وضع كتيبة تضم بين 500 و650 عنصرا في تصرف "كفور" عند الضرورة، مضيفة أنها
وصلت "أخيرا إلى المنطقة" لإجراء تدريبات مقررة في وقت سابق.
وأكد ستولتنبرغ أن الحلف سيتخذ "كل
التدابير الضرورية للحفاظ على بيئة آمنة، وكذلك على حرية الحركة بالنسبة إلى جميع من
يعيشون في كوسوفو".
وأوضح مسؤول في الحلف طلب عدم كشف هويته، أن "كفور" عزّزت بالفعل حضورها في كوسوفو في أيار/ مايو، بنشرها نحو 500 عسكري
تركي استبدل بهم لاحقا عناصر من بلغاريا واليونان.
وأشار إلى أن القوة مستعدة لإجراء
"تعديلات إضافية" إذا لزم الأمر، لتمكينها من الاضطلاع بمهام التفويض المعطى
لها بحفظ السلام في كوسوفو.
وكانت حكومة كوسوفو اتهمت بلغراد بدعم الهجوم
الذي أودى بحياة الشرطي.
سياسي صربي كوسوفي يعترف
من جهته، أكد ميلان رادويتشيتش، أحد الزعماء
السياسيين لصرب كوسوفو، أنّ مجموعة مسلحة شكّلها من دون علم صربيا هي التي تقف خلف
قتل الشرطي.
وأوضح رادويتشيتش، الموجود في صربيا، في
رسالة مفتوحة قرأها محاميه غوران بيترونييفيتش في مؤتمر صحافي في بلغراد، أنه تحرك
ردا على "إرهاب" حكومة كوسوفو ضد المجتمع الصربي المحلي.
وأشار إلى أن الهدف مما قام به كان
"تهيئة الظروف لتحقيق حلم الحرية لشعبه في شمال كوسوفو".
وأكد رادويتشيتش في الرسالة: "لقد
قمت بنفسي بجميع الاستعدادات اللوجستية"، قائلا إنه تصرف من دون علم بلغراد التي
تتهمها حكومة بريشتينا بالوقوف وراء المجموعة المسلحة.
وأضاف: "لم أبلغ أحدا في مؤسسات السلطة
في جمهورية صربيا بهذا الأمر... ولم أحصل على أي مساعدة منهم".
واعتبر أن مقتل الشرطي كان "عرضيا"، "تلته مواجهة شرسة ضحى فيها رفاقنا الأبطال الثلاثة بحياتهم من أجل الحرية".
وأوقفت شرطة كوسوفو ثلاثة أشخاص من الضالعين
في الاشتباك، الذي استمر زهاء ساعة، وشارك فيه عشرات المسلّحين.
ورأى كيربي أن الهجوم كان "على درجة
عالية من التعقيد"، واستخدمت فيه نحو 20 مركبة، إضافة إلى تجهيزات وأسلحة وخبرات
"على مستوى عسكري".
وأضاف: "الأمر مثير للقلق".
وأعلنت بريشتينا استقلالها عن صربيا في
2008، بعد عقد على مساعدة حلف شمال الأطلسي في طرد القوات الصربية من الإقليم السابق، في حرب دامية خلفت نحو 13 ألف قتيل معظمهم من أصل ألباني.
وترفض صربيا، بدعم من حليفتيها روسيا والصين،
الاعتراف باستقلال كوسوفو، حيث تعيش جالية صربية يبلغ عددها نحو 120 ألف نسمة يقيمون
بشكل رئيسي في الشمال، ويرفض بعضهم الولاء لبريشتينا.
وحمّلت روسيا الاثنين حكومة كوسوفو مسؤولية
الاشتباك، محذرة من أن "إراقة الدماء" قد تخرج عن السيطرة.