في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الري
المصرية فشل الجولة الحالية من المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن ملف المياه، وثق سودانيون تحول مجرى
النيل الأزرق في
السودان إلى برك ومستنقعات لقلة ما وصله من مياه من إثيوبيا.
وشارك مواطن سوداني مقطعا مصورا على منصات التواصل الاجتماعي يظهر جفاف النيل الأزرق بسبب الملء الرابع الذي أتمته أديس أباب في مطلع الشهر الجاري، ووصفته الخارجية المصرية بأنه ملء "أحادي مخالف للقانون".
وخاطب المواطن السوداني في المقطع المصور المصريين بالقول إن "القادم إليكم أسوأ" في هذا الملف الخطير، متسائلا حول أسباب السكوت المصري في حين يشكل النيل عصب الحياة للجارة المصرية. كما حذر خلال حديثه من "كارثة كبيرة قادمة".
يأتي ذلك بالتزامن مع اعتراف وزارة الري المصرية في بيان بفشل الجولة التفاوضية الجديدة بشأن
سد النهضة مع إثيوبيا، مشيرة إلى أن المفاوض الإثيوبي لم يعد يقبل حتى بالثوابت التي كان متفقا عليها ويرفض جميع الحلول الوسط.
وقال المتحدث باسم الوزارة المصرية، محمد غانم، إن إثيوبيا ترفض الأخذ بأي من الحلول الوسط المطروحة، والترتيبات الفنية المتفق عليها دوليا التي من شأنها تلبية المصالح الإثيوبية اتصالا بسد النهضة، دون الافتئات على حقوق ومصالح دولتي المصب.
من جانبها، اعترفت وزارة الخارجية الإثيوبية بانتهاء الجولة الأخيرة من المفاوضات دون إحراز تقدم ملموس، متهمة القاهرة بالتسبب بفشل المفاوضات بسبب إظهارها موقفا يقوض اتفاق إعلان المبادئ الموقع في عام 2015، بحسب زعمها.
وقالت الخارجية الإثيوبية على حسابها في منصة "إكس" (تويتر سابقا): "من المؤسف أن إصرار مصر المستمر على الحفاظ على معاهدة إقصائية تعود إلى الحقبة الاستعمارية، والاستغلال الاحتكاري، والمطالبة بحصص المياه الاستعمارية، حال دون إحراز تقدم ملموس في المفاوضات".
ورغم إعلان البلدين فشل المفاوضات، كشفت الخارجية الإثيوبية على أن الدول الثلاث اتفقت على مواصلة المفاوضات في شهر تشرين الأول /أكتوبر المقبل في القاهرة.
"نهاية فيضان النيل الأزرق"
وقال عالم الجيولوجيا المصري عباس شراقي إن التأثير الكارثي للتخزين الرابع على السودان مستمر، عازيا ذلك إلى "استغراق التخزين معظم فترة موسم الأمطار هذا العام، إضافة إلى انتهائه قبل نهاية الموسم بعدة أسابيع بتخزين نحو 24 مليار م3 أي 50 بالمئة من الإيراد السنوي للنيل الأزرق والذي يساهم بنحو 60 بالمئة من الإيراد الكلي لنهر النيل".
وأضاف العالم المصري عبر صفحته على فيسبوك، أن "إتمام الملء بهذا الحجم في موسم واحد كارثي، إذ يعادل نحو 130 بالمئة من حصة السودان، و45 بالمئة من حصة مصر".
وتابع: "رغم مرور المياه أعلى الممر الأوسط بمعدل 300 مليون م3/يوم إلا أن هذا القدر غير كاف لتعويض ملايين المزارعين السودانيين الذين ضاع على معظمهم الموسم الزراعي لهذا العام".
وانتشرت صور وفيديوهات لمعاناة السكان من الجفاف على وسائل التواصل، كما أظهرت الصور الفضائية أيضا انخفاض المياه في النيل الأزرق وجفاف المناطق المحيطة لأول مرة مقارنة بالسنوات السابقة، بحسب شراقي.
وأعلن العالم المصري أنه "بهذا (الملء الرابع) يكون فيضان النيل الأزرق انتهى إلى الأبد بسبب سد النهضة".
وتعد مصر والسودان السد الذي كلف 4.2 مليارات دولار، تهديدا لإمداداتهما من المياه. وقد طلبتا مرارا من إثيوبيا التوقف عن ملئه، حتى يتم التوصل إلى اتفاق حول كيفية تشغيله.
كما تعتبر مصر السد بمنزلة تهديد وجودي؛ لأنها تعتمد على نهر النيل لتأمين 97 بالمئة من حاجاتها من الماء.
وتفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن "المياه قد تنفد في مصر بحلول عام 2025"، وأن مناطق في السودان حيث كان النزاع في دارفور مرتبطا بشكل أساسي بإمدادات المياه، معرضة بشكل متزايد للجفاف بسبب تغير المناخ.