ارتفعت
حدة الأصوات الرافضة للممارسات العنصرية وخطاب الكراهية ضد اللاجئين وخاصة
السوريين في
تركيا، وهو ما دفع الرئيس التركي وشخصيات سياسية بارزة، بالإضافة إلى
مساعي المنظمات الحقوقية للحد من تفشي هذه الظاهرة باعتبارها تناقي قيم وعادات الشعب
التركي.
وعقدت
منظمات حقوقية مؤتمرا صحفيا، الثلاثاء، في مقر جمعية "مظلوم دير" بمنطقة
الفاتح في ولاية إسطنبول حضرته صحيفة "عربي21"، دعت فيه إلى اتخاذ
إجراءات حاسمة ضد مروجي العنصرية في تركيا.
وأصدر
"تجمع حقوق اللاجئين" في تركيا، بيانا في نهاية المؤتمر، طالب فيه
بإلغاء القرار الصادر عن رئاسة الهجرة التركية، المتضمن تحديد 24 من شهر أيلول/
سبتمبر الجاري كمهلة أخيرة لمغادرة اللاجئين السوريين الذين لا يمتلكون بطاقات
حماية مؤقتة وليس في حوزتهم وثيقة إذن سفر.
وأكد
البيان أنه لا بد من تسوية أوضاع العائلات السورية المقيمة في إسطنبول، وخاصة التي
يمتلك أفرادها أماكن أو مصادر عمل أو أطفالا في المدارس التركية، مطالبا بإلغاء
القيود المفروضة على حركة وتنقل اللاجئين السوريين.
ودعا
البيان إلى إيقاف الانتهاكات التي يتعرض لها
اللاجئون في مراكز الترحيل التابعة
لرئاسة الهجرة في تركيا، مؤكدا أن هناك ممارسات تجبر الموقوفين للتوقيع على أوراق "العودة
الطوعية".
رفض
الإعادة "القسرية"
وقال
الناشط الحقوقي المهتم بشؤون اللاجئين في تركيا، طه الغازي، إن المادة الرابعة من
قانون الأجانب والحماية الدولية تنص على عدم إعادة اللاجئ إلى بلده، إن كان ذلك
يشكل تهديدا على حياته أو حياة أفراد أسرته.
وأضاف
في تصريحات لـ"عربي21" على هامش مؤتمر المنظمات الحقوقية: "لكن على
الرغم من كون تركيا تمثل طرفا موقعا على اتفاقية جنيف 1951 المتعلقة بحقوق
اللاجئين، إلا أن عمليات إعادة اللاجئين القسرية ما زالت قائمة في مراكز الترحيل".
ورأى
أن اللاجئين في تركيا أجبروا على المضي في طريق الموت واللجوء بغية التعلق بأمل
حياة كريمة، لكن وبالرغم من مآسي هؤلاء المظلومين نجد بعض الساسة ممن يستغل هذه
المأساة ويقدم وعودا انتخابية في ميدان المناكفات السياسية.
وناشد
التجمع الحقوقي في بيانه، القضاء التركي لتطبيق القوانين التي تجرم خطاب الكراهية
والتمييز العنصري، مطالبا بتأمين بيئة قانونية لحماية اللاجئين، خاصة أن بعض
اللاجئين يتعرضون لاعتداءات عنصرية وبالرغم من ذلك يتخوفون من التقدم بالشكوى،
خشية ترحيلهم إلى بلدانهم.
وانتقد
بيان التجمع الحقوقي سياسة صمت ونأي الحكومة بنفسها عن تنامي خطاب الكراهية
والتمييز العنصري ضد اللاجئين السوريين والأجانب، معتبرا أن هذه السياسة ستكون
سببا في تغذية بيئة انعدام الأمن.
يلديز
أونان، عضو "جمعية حقوق اللاجئين" في تركيا، قالت في حديثها لـ"عربي21"،
إن الجمعيات الحقوقية التركية تركز الآن عملها لإلغاء قرار رئاسة الهجرة بشأن
مغادرة اللاجئين الذين لا يحملون وثائق رسمية من ولاية إسطنبول.
وأوضحت
أن الجمعيات الحقوقية التركية ستعقد لقاءات مع عدد من المسؤولين الحكوميين وشخصيات
برلمانية، كما أنها ستناقش القرار مع لجنتي حقوق الإنسان واللاجئين في البرلمان التركي.
وحول
مخاوف بدء حملة جديدة لترحيل اللاجئين المخالفين بعد انتهاء مهلة رئاسة الهجرة،
أكدت الحقوقية التركية أن عدة محامين بالتعاون مع المنظمات التركية يعملون على حل مشاكل
السوريين وباقي اللاجئين في مراكز الترحيل.
وأكدت
أن الجمعيات الحقوقية في تركيا، وثقت العديد من حالات الترحيل القسري للاجئين السوريين
والأفغان، لافتة إلى أن الجمعيات الحقوقية تعمل الآن على تعريف اللاجئين بحقوقهم
خاصة أن معظمهم لا يعرف شيئا عن الأمر.
تفاعل
حكومي
ودفعت
الاعتداءات المتكررة على اللاجئين في تركيا، رئيس الجمهورية رجب طيب
أردوغان في
أكثر من مناسبة لإعلانه رفض هذه الممارسات، حيث أكد قبل أيام أن حكومته لن تسمح
بتفشي العنصرية وكراهية الأجانب، بالتوازي مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لحل مشكلة
الهجرة غير النظامية.
وقال
أردوغان في كلمة ألقاها الخميس، خلال فعالية أقيمت بمشاركة مسؤولين محليين في
المجمع الرئاسي التركي بالعاصمة أنقرة، إن وصمة الاستعمار والعنصرية والفاشية لم
تكن موجودة أبدا في أي مرحلة من مراحل التاريخ التركي.
وأوضح
أن الجهود التي بذلت عبر التاريخ لتأليب الشعب ضد بعضه على أساس العرق والطائفة
والنزعة والأيديولوجية وما شابهها من تقسيمات أخرى، قد باءت دائما بالفشل.
ولفت
إلى أن التاريخ التركي معروف باحتضان جميع من ضاقت بهم السبل دون أي تمييز، من
البلقان وحتى القوقاز والعراق وسوريا، وبالتسامح مع الآخرين ومساعدة المحتاجين.
بدوره،
رئيس حزب "الحركة القومية" دولت بهاشلي، الحليف الأبرز لحزب
"العدالة والتنمية"، أدلى بتصريحات تدين الممارسات العنصرية في بلاده،
مؤكدا أن المعادين للاجئين يريدون خلق بيئة من التوتر الداخلي من خلال تدمير
النسيج الاجتماعي في تركيا وخلق بيئة قتالية منظمة من خلال عداء اللاجئين.
وشدد
في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية، على أن "العدالة والإنصاف، والمساواة
والحرية، والسلام والأمن حق من حقوق الإنسان".
من
جانبه، علق أوكتاي سارال، كبير مستشاري الرئيس التركي، على حادثة ضرب سائح كويتي
في ولاية طرابزون حيث حمل حزب "النصر" المعادي للاجئين والعرب مسؤولية
تصاعد خطاب الكراهية، محذرا من أن تلك التصرفات سيكون لها عواقب اقتصادية على
تركيا.
وقال
عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، إن الخطاب العنصري لزعيم حزب الظفر
القومي أوميت أوزداغ يزرع الكراهية في المجتمع التركي، مؤكدا أن حوادث الاعتداء
العنصرية لا تتوافق مع قيم "التسامح والأخوة" التي يعرفها مواطنو
طرابزون.
وأضاف:
"أتباع أوزداغ يهددون بجر تركيا إلى حرب أهلية، وأصبحوا مشكلة أمن قومي".