لا يزال الليبيون يكافحون، لفهم كيف حصلت
الكارثة في مدينة
درنة شرق
ليبيا، والتي جرفت عائلات بأكملها وهي داخل منازلها،
وسط تقديرات تشير إلى أن عدد القتلى قد يصلون إلى 20 ألف شخص.
وقال موقع
ميدل إيست آي البريطاني، في تقرير
ترجمته "عربي21" إنه في الساعات التي سبقت انهيار السد، على مشارف درنة،
يبدو أن السلطات والسكان كانوا على علم بوجود خطر وشيك.
ولفتت إلى أن مصادر ميدانية، وتصريحات
للسلطات أظهرت استجابة مرتبكة وباهتة للمخاطر، سواء في الساعات التي سبقت الكارثة،
أو الليلة المشؤومة التي هطلت فيها الأمطار على مناطق شرق ليبيا.
وأشار رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية،
أنه كان من الممكن تجنب معظم الخسائر البشرية، لو أصدرت السلطات التحذيرات
المناسبة، وتم تنفيذ الإجلاء.
وكانت العاصفة دانيال،
تسببت في دمار كبير في تركيا واليونان وبلغاريا، وصدرت تحذيرات من المراصد الدولية
للسلطات الليبية المنقسمة، حين وصول العاصفة إلى السواحل من خطورتها.
وردا على التحذيرات، فقد أصدر المسؤولون في منطقة برقة شرق ليبيا، إعلانا بحظر التجول السبت، في عدد من
المناطق، وتركزت التحذيرات على بنغازي، بتوقع أنها الأكثر عرضة للضرر.
ورغم ذلك فقد نجت بنغازي، من أضرار جسيمة،
باستثناء بعض الطرق الرئيسية بين المدن الساحلية، والتي تضررت، فضلا عن تجمع مياه
الأمطار في منطقة الجبل الأخضر، والتي استغرقت 17 ساعة إلى حين انحسارها.
وقال الموقع، إن
نداءات المساعدة، بدأت منتصف ليلة العاصفة، بعد تدفق المياه على البلدات والقرى
بالجبل الأخضر، مثل شحات وسوسة، في ظل فشل خدمات الطوارئ والسلطات المحلية، في
إجلاء الناس، رغم معرفتهم بأن المناطق المنخفضة أكثر عرضة لأضرار
الفيضانات.
ونقلت مصادر للموقع، أن السلطات لجأت لإصدار
قرارات كردة فعل، على الكارثة، لكن الوقت كان قد فات، بعد تضرر المناطق.
ووسط أزمة الانقسام الليبية بين حكومة الوحدة
الوطنية في طرابلس، والحكومة المشكلة في الشرق، بمناطق سيطرة اللواء المتقاعد خليفة
حفتر، قالت السلطات في طرابلس، إن هناك سيولا متوقعة في الجبل الأخضر، وفرق
الطوارئ مستعدة للتدخل، لكن ليس بيدها سلطة أو وجود في الشرق.
وفي وقت متأخر من ليلة
الأحد، قال رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة إنه طلب من جميع الجهات
ذات الصلة تقديم الدعم عند الحاجة، بل وأكد أن حكومته ستتحمل مسؤولية تعويض الناس
عن الأضرار المتوقع حدوثها.
وأعلن محافظ درنة، عبد
المنعم الغيثي، حظر التجول في مدينته في السابعة مساء، واصفا إياه بالاستعداد
للعاصفة التي تجتاح بالفعل مناطق الجبل الأخضر، بما في ذلك مدينة البيضاء، على بعد
100 كيلومتر.
وفي الوقت الذي كانت فيه صور الغيثي تنتشر وهو
يتفقد حظر التجول في درنة ليلة الأحد، كانت المياه ترتفع بسرعة في منازل الليبيين،
وتحاصر سكان درنة.
وفي الوقت نفسه، أصدر
الخبراء، الذين كشف بعضهم العام الماضي أن السدود في وادي درنة معرضة للانهيار،
تحذيرات وقالوا إنه يجب تنبيه السكان في المنطقة إلى هذا الخطر.
ومع ذلك، فقد استمرت
السلطات المحلية والحكومات المنقسمة في التأكيد على أن الوضع تحت السيطرة، حيث نفت
السلطات في درنة التقارير عن الانهيار الوشيك للسد على الرغم من العديد من المقالات
الإخبارية التي تتكهن بشأن ذلك.
وأشار "ميدل إيست آي"، إلى أنه
اعتبارا من الساعة الـ11 مساء الأحد، فقد تلقت غرف الطوارئ، مكالمات من السكان المنكوبين،
خاصة قاطني الريف القريب من المنبع، بعد مداهمة المياه منازلهم.
وقال أحد سكان
البيضاء، فضل عدم الكشف عن هويته، إنه كان يتعامل مع فيضانات شديدة في منزله عندما
بدأ في تلقي مقاطع فيديو من درنة تظهر السيول وهي تتدفق أسفل القناة المائية.
وأضاف: "على
الفور اتصلت بأقاربي الذين يعيشون هناك، وطلبت منهم إخلاء المكان إلى منطقة أكثر
أمنا، وتحذير المحيطين بهم من خطورة الوضع".
وتابع: "بالفعل اتبعوا التعليمات، وانتقلوا
من شارع الوادي، المحاذي لمجرى الماء، إلى منطقة آمنة في المدينة".
وكشف الناجون من درنة،
والمتواجدون حاليا في البيضاء، أنهم سمعوا صوت انفجار في تمام الساعة الـ2:30 صباح
الأحد، وكان صوت تحطم السد.
وأشاروا إلى أن سيولا
عنيفة اجتاحت عدة مناطق في المدينة، بما في ذلك المنطقة التاريخية، وجرفت سكان
شارع الوادي إلى البحر، وحتى المباني السكنية الشاهقة المكونة من ثمانية طوابق، جرفت
إلى البحر، وقدر تدفق المياه بنحو 3500 متر مكعب في الساعة.
وعلى الفور، انقطعت
الاتصالات والكهرباء عن المدينة، واعترفت السلطات بفداحة الكارثة، ودعت إلى الدعم
الفوري.
وقال أحد الناجين،
للموقع، إنهم كانوا على سطح المنزل المكون من أربعة طوابق، للهروب من الفيضان، "لكن لم
يتبق من عائلتي أحد سواي".
وأضاف: "اختفى
الباقون، بعد أن جرفتنا المياه، وتركوني وحدي في شوارع المدينة، وما زلت أبحث عن
جثث عائلتي دون جدوى".
ولفت الموقع
البريطاني، إلى أن درنة، تبحث عن موتاها وتدفنهم عندما تتمكن من ذلك، لكن اليوم
أكياس الجثث نفدت من المدينة بسرعة بسبب كثرة الوفيات.
وقامت شاحنات كبيرة
للمدينة، بنقل الجثث إلى مناطق مثل الظهر الأحمر جنوبا، ومرتوبا، حيث دفن الآلاف
من الضحايا، فيما ترقد العديد من الجثث في
الشوارع، بانتظار أن يتعرف عليها أحد، علاوة عن الجثث التي تطفو على سطح البحر.
ويواجه الغواصون رغم
استعدادهم لانتشال الجثث، معضلة الأمواج العنيفة والمرتفعة، التي تصعب عملهم.
وقال مدرب الغوص الحر،
ضياء أبو زريبة، إن "التحدي الرئيسي الذي يواجه الغواصين، هو تغير مياه
البحر، إلى الطين المحمر، الأمر الذي يعيق الرؤية".
ووصف الوضع في البحر
حاليا، بـ"الغادر للغاية" مشيرا إلى وجود تيارات سفلية قوية، وارتفاع
بالأمواج يصل إلى نحو مترين.
وأضاف: "قاع
البحر في تلك المنطقة مليء بالصخور الحادة وحطام البناء، ما يشكل مخاطر كبيرة على
الغواصين وربما يؤدي إلى مزيد من الخسائر في الأرواح، بدلا من انتشال جثث
الضحايا".