نشرت صحيفة "
الغارديان" البريطانية تقريرًا تحدثت فيه عن اتهام شركة التواصل الاجتماعي المعروفة سابقًا باسم "
تويتر"، في دعوى قضائية مدنية أمريكية منقحة، بمساعدة
السعودية على ارتكاب
انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد مستخدميها.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الدعوى القضائية تشمل الكشف عن بيانات المستخدم السرية بناءً على طلب السلطات السعودية بمعدل أعلى بكثير من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أو كندا.
ورُفعت الدعوى في أيار/ مايو الماضي ضد شركة "تويتر"، والتي تُعرف في الوقت الراهن باسم "إكس"، من قبل أريج السدحان، شقيقة عامل الإغاثة السعودي الذي اختفى قسرًا ثم حُكم عليه فيما بعد بالسجن لمدة 20 سنة.
وتدور القضية حول الأحداث المتعلقة باختراق ثلاثة عملاء سعوديين شركة كاليفورنيا، اثنان منهم انتحلا صفة موظفين في تويتر في سنتي 2014 و2015، ما أدى في النهاية إلى اعتقال عبد الرحمن السدحان شقيق أريج، وانكشاف هوية الآلاف من مستخدمي تويتر المجهولين، الذين ورد أن بعضهم تعرض للاعتقال والتعذيب في وقت لاحق كجزء من حملة القمع التي تشنها الحكومة على المعارضة.
وأكدت الصحيفة أن محامي السدحان قاموا بتحديث دعاويهم الأسبوع الماضي لتشمل ادعاءات جديدة بسبب تجاهل تويتر، تحت قيادة الرئيس التنفيذي آنذاك جاك - عمدًا أو بعلمه - حملة الحكومة السعودية لتعقب المنتقدين فحسب، بل بسبب بعض الاعتبارات والجهود المالية للحفاظ على علاقات وثيقة مع الحكومة السعودية.
وأوضحت الصحيفة أن الدعوى الجديدة تكشف كيف كان يُنظر إلى شركة إكس (تويتر سابقا) في الأصل على أنها منصة حاسمة للحركات الديمقراطية خلال الربيع العربي وهو ما جعلها مصدر قلق للحكومة السعودية في وقت مبكر من سنة 2013.
وتأتي الدعوى القضائية الجديدة بعد أيام من إدانة "هيومن رايتس ووتش" لمحكمة سعودية لحكمها على رجل بالإعدام بناءً على نشاطه على تويتر ويوتيوب فقط، وهو ما وصفته بأنه "تصعيد" لحملة القمع التي تشنها الحكومة على حرية التعبير.
وأشارت الصحيفة إلى أن محمد الغامدي، 54 سنة، هو شقيق باحث سعودي ومنتقد للحكومة يعيش في المنفى في المملكة المتحدة. وأظهرت سجلات المحكمة السعودية التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش أن الغامدي متهم بامتلاك حسابين، يبلغ مجموع متابعيهما 10 متابعين. يحتوي كلا الحسابين على أقل من 1000 تغريدة مجتمعة، منها تغريدات لمنتقدين معروفين للحكومة.
ويعود تاريخ حملة القمع السعودية إلى كانون الأول/ ديسمبر 2014، عندما بدأ أحمد أبو عمو - الذي أُدين لاحقًا في الولايات المتحدة بتهمة العمل سرًا كعميل سعودي والكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي - في الوصول إلى بيانات المستخدم السرية وإرسالها إلى المسؤولين السعوديين.
ويزعم في الدعوى الجديدة أنه أرسل رسالة إلى سعود القحطاني، أحد المساعدين المقربين من محمد بن سلمان، عبر نظام الرسائل الخاص بشركة التواصل الاجتماعي، يقول فيها: "سنحذف الشر بشكل استباقي وتفاعلي يا أخي".
ونوهت الصحيفة إلى أن الرسالة كانت بمثابة إشارة، كما تزعم الدعوى القضائية، إلى تحديد وإيذاء المعارضين السعوديين الذين كانوا يستخدمون المنصة. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة اتهمت القحطاني لاحقًا بأنه العقل المدبر وراء مقتل الصحفي جمال خاشقجي في سنة 2018. وقد تواصلت صحيفة الغارديان مع محامي الشركة في القضية، بن بيركوفيتش من شركة كيكر آند فان نيست آند بيترز، لكنها لم تتلق أي رد. واتصلت صحيفة الغارديان أيضًا بشركة دورسي الجديدة بلوك لطلب تعليق من الرئيس التنفيذي السابق لتويتر، لكنها لم تتلق أي رد.
وأفادت الصحيفة بأنه بعد استقالة أبو عمو في أيار/ مايو 2015، فإنه واصل التواصل مع شركة تويتر لتلقي الطلبات التي كان يتلقاها من بدر العساكر، أحد كبار مساعدي محمد بن سلمان، لتحديد هوية المستخدمين السريين. وأوضح للشركة، كما تزعم الدعوى القضائية، أن الطلبات كانت نيابة عن "شركائه القدامى في الحكومة السعودية".
وبحسب الصحيفة؛ فإن الدعوى القضائية تشير أيضًا إلى أن "تويتر" كان يرسل "إشعارات كثيرة" بالمخاطر الأمنية على البيانات الشخصية الداخلية، وأن هناك تهديدًا بوصول المطلعين عليها بشكل غير قانوني، بناءً على التقارير العامة في ذلك الوقت. وتقول الدعوى القضائية إن تويتر "لم يتجاهل ببساطة كل هذه العلامات الحمر، بل إنه كان على علم بالحملة الخبيثة".
وفي 28 أيلول/ سبتمبر 2015، تلقى تويتر شكوى من مستخدم سعودي مفادها أن حساباته قد اختُرقت. لكن الدعوى تقول إن الشركة لم تتحرك لمنع أحد السعوديين الذي اتُهم لاحقًا – علي حمد الزبارة – من الوصول إلى بيانات المستخدم السرية، على الرغم من أنه كان قد تمكن من الوصول إلى حساب المستخدم سابقًا.
بينت الصحيفة أن الدعوى القضائية تقول إن السلطات السعودية تتابع رسميًا مع "تويتر" بمجرد تلقيها بيانات مستخدم سرية من وكلائها العاملين داخل الشركة، عن طريق تقديم ما تسمى بطلبات الكشف الطارئة من أجل الحصول على الوثائق التي تؤكد هوية المستخدم، والتي ستستخدمها بعد ذلك في المحكمة. وفي كثير من الأحيان تمت الموافقة على طلبات الكشف الطارئة هذه في نفس اليوم.
وتابعت الصحيفة استعراضها منوهة إلى أنه في أيار/ مايو 2015؛ عندما قام اثنان من مستخدمي تويتر بالتغريد عن المملكة بطريقة لم تعجب بدر العساكر، فقد تمكن الزبارة من الوصول إلى بيانات المستخدمين في غضون ساعات. وتزعم الدعوى القضائية أنه تم بعد ذلك إرسال طلبات الكشف الطارئة حول المستخدمين، ووافق عليها تويتر تلقائيًا.
وفي الفترة بين تموز/ يوليو وكانون الأول/ ديسمبر 2015، وافق تويتر على طلبات الحصول على معلومات من المملكة "بشكل أكبر بكثير" من معظم الدول الأخرى في ذلك الوقت، بما في ذلك كندا والمملكة المتحدة وأستراليا وإسبانيا، بحسب ما تزعم الدعوى القضائية.
وفي الخامس من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، قبل أيام قليلة من مواجهة مكتب التحقيقات الفيدرالي لـ تويتر بشأن مخاوفه بشأن التسلل السعودي للشركة، فإنه قام بالترويج للزبارة - وهو الآن هارب يعيش في السعودية. وردًّا على ذلك، أرسل الزبارة إلى جهة اتصاله بالحكومة السعودية، بدر العساكر، مذكرة عبر فيها عن "سعادته التي لا توصف" بالترقية. وتزعم الدعوى أن المذكرة هي دليل على أن الزبارة يعتقد أن بدر العساكر "رتّب" أو إنه "كان له دور" في ما يتعلق بالترقية.
وقالت الصحيفة إنه بمجرد أن علم موقع تويتر بمخاوف مكتب التحقيقات الفيدرالي؛ فقد قام بمنح الزبارة إجازة وصادر جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به، ولكنه لم يصادر هاتفه، الذي استخدمه على نطاق واسع للاتصال بمعارفه في الدولة السعودية. وتزعم الدعوى القضائية أن تويتر "كان لديه كل الأسباب لتوقع أن الزبارة سيهرب على الفور إلى المملكة العربية السعودية، وهو ما فعله بالضبط".
ولم يستجب مكتب المدعي العام الأمريكي في سان فرانسيسكو، الذي تعامل مع القضية، لطلب صحيفة "الغارديان" للتعليق على تعامل الشركة مع الأمر.
وذكرت الصحيفة أن تويتر قام لاحقًا بإخطار المستخدمين الذين تعرضوا للاختراق، لإخبارهم بأن بياناتهم "ربما" كانت مستهدفة، لكنه لم يقدم معلومات أكثر تحديدًا حول حجم الاختراق أو التأكد من حدوثه بالفعل.
ووفق الصحيفة؛ فإن الدعوى القضائية تتضمن أن "الفشل في تقديم هذه المعلومات المهمة، يعرض الآلاف من مستخدمي تويتر للخطر"، زاعمة أن البعض ربما كان لديه الوقت للهروب من المملكة لو أنهم فهموا الخطر الذي يُحدق بهم. وحتى عندما علم تويتر بالاختراق، فإنه استمر في الاجتماع ووضع الاستراتيجيات مع المملكة العربية السعودية باعتبارها أحد شركائه الحيويين في المنطقة. والتقى دورسي مع ابن سلمان بعد حوالي ستة أشهر من علم مكتب التحقيقات الفيدرالي بالمسألة، وناقش الاثنان كيفية "تدريب وتأهيل الإطارات السعودية".
واختتمت الصحيفة التقرير بما قاله جيم والدن، المحامي الذي يمثل عائلة السدحان: "نحن نؤمن بقضية أريج وسأترافع عنها بحماس، ولكن ما تريده بشدة هو أن تطلق السعودية سراح شقيقها ببساطة وتسمح له بالانضمام إلى عائلته في الولايات المتحدة. وإذا حدث ذلك، فسوف تستأنف هي وعبد الرحمن حياتهما بكل امتنان، وسيتركان العدالة في يد الله".