المناطق العربية الخاضعة لسيطرة "قسد" تعاني من تهميش كبير
مطالبنا تتلخص في إدارة مدنية ومجلس عسكري للمنطقة دون تدخل "قسد"
ما جرى أكد أن العشائر العربية هي صاحبة الكلمة الأقوى في شمال شرق سوريا
هناك رغبة للتحالف الدولي في معاقبة "قسد"
التوافقات التركية مع روسيا وإيران (مجموعة أستانا) تعرقل أي تدخل تركي مباشر
على وقع الاشتباكات
المستمرة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من "التحالف
الدولي" بقيادة الولايات المتحدة، ومقاتلين عشائريين من مجلس دير الزور
العسكري وعشائر عربية أخرى، استبعد المنسق العام لـ"المجلس الأعلى للقبائل
والعشائر السورية" الشيخ مضر حماد الأسعد، عودة الأمور إلى ما كانت عليه في
دير الزور قبل الاشتباكات الأخيرة.
وأضاف في حوار خاص
لـ"عربي21"، أن العشائر العربية لن تتوقف عن قتال "قسد" ما لم
تتحقق مطالبها، وهي إنشاء إدارة مدنية مستقلة للمنطقة دون تدخل "قسد"،
وتشكيل مجلس عسكري لدير الزور والمناطق العربية (العشائرية) مستقل تحت إشراف
مباشر من "
التحالف الدولي".
وعدّ حماد الأسعد، حادثة
اعتقال رئيس مجلس دير الزور العسكري أحمد الخبيل من قبل "قسد"، من الأسباب "غير المباشرة" لاندلاع المواجهات، رغم أن الحادثة كانت
الشرارة التي أدت إلى بدء الاشتباكات، التي نجمت عنها سيطرة أبناء العشائر على
مناطق واسعة في ريف دير الزور، بعد طرد عناصر "قسد" منها.
وفي ما يخص دور
"التحالف الدولي"، فقد اعتبر المتحدث القبلي السوري، أن عدم تدخل
"التحالف الدولي" بشكل فوري في الاشتباكات يدل على حالة من التأييد
لعقاب "قسد"، رغم البيانات الصادرة عن "التحالف" التي أكدت استمرار الشراكة مع "قسد"، والدعوات للتهدئة.
وتالياً نص الحوار
الكامل مع "عربي21":
في ريف دير الزور كانت الشكاوى على تصرفات قائد
"مجلس دير الزور العسكري" التابع لـ"قسد" أحمد الخبيل المعروف
بـ"أبي خولة" المتحدر من عشيرة البكير كثيرة، لكن مع ذلك فإن اعتقاله من
قبل "قسد" أدى إلى انفجار الموقف، ما تفسير ذلك؟
الاشتباكات الأخيرة
كانت نتيجة تراكمات كثيرة، وقد يبدو للبعض أن السبب المباشر هو اعتقال الخبيل
(المرفوض عشائرياً)، غير أن ذلك لا يُفسر ما جرى.
المناطق العربية
الخاضعة لسيطرة "قسد" التي يهيمن عليها حزب "العمال" الكردستاني،
تعاني من تهميش كبير للمكون العربي، وهناك العديد من التهم من قبيل "الإرهاب،
والانتماء لتنظيم داعش، أو التبعية لتركيا والتعاون مع الجيش الوطني السوري"
لكل من يرفع صوته ضد "قسد".
وثانياً، ترتكب
"قسد" الانتهاكات بشكل فاضح، فضلاً عن تجويع السكان في منطقة تعتبر غنية
بالثروات النفطية والزراعية، ففي دير الزور والحسكة يعاني الأهالي من الفقر رغم أن
منطقة الجزيرة السورية تعتبر سلة غذاء سوريا.
ومن الأسباب الأخرى
التي أدت إلى الهبة العشائرية، عمليات التجنيد الإجباري التي تفرضها
"قسد" والتي أدت إلى هجرة غالبية الشباب العرب، علماً أن من ينتسب لقوات
"قسد" من أبناء العشائر، يجري تهميشهم، بعيداً عن القرار السياسي
والاقتصادي والعسكري.
لكن الأرقام تقول إن نحو 80 في المئة من عناصر "قسد" هم من أبناء العشائر العربية؟
هذا صحيح، لكن دورهم يقتصر
على القتال دفاعاً عن قيادات الصف الأول "الأكراد" من كوادر جبال قنديل،
وبالعموم تحدثنا عن سياسة التجويع التي تنتهجها "قسد" وهي من الأسباب
التي تدفع أبناء العشائر إلى الانضمام إليها.
ما يجري، أن
"قسد" تحرم المناطق العربية من أبسط متطلبات الحياة، وللدقة تقوم
"قسد" باستهداف كل من يقف ضدها من شيوخ العشائر، وهذا ما يتوضح من خلال
عمليات الاغتيالات التي استهدفت بعض شيوخ العشائر.
والأهم من كل ذلك، أن
"قسد" تقوم على إبعاد "الشرفاء" من أبناء العشائر، وتسليم
"الأشخاص الفاسدين" قرار المناطق العربية، ويتزامن ذلك مع
"تجهيل" أبناء العشائر، وفرض مناهج "مؤدلجة" في المدارس.
وأمام كل ذلك، كانت
حادثة اعتقال الخبيل وسقوط ضحايا من المدنيين على يد قوات "قسد" أثناء
محاصرة مقرات "مجلس دير الزور العسكري" القشة التي قصمت ظهر البعير، كما
يُقال.
اليوم، تتواصل الاشتباكات و"قسد" انسحبت من مدن وبلدات عدة محاذية لنهر الفرات، والسؤال هنا: ماذا أبرزت هذه التطورات؟
أولاً، ما جرى أكد أن
العشائر العربية هي صاحبة الكلمة الأقوى في شمال شرقي سوريا، رغم الدعم الكبير
لـ"قسد" من قبل "التحالف"، وهذا يعني أن على "التحالف
الدولي" العمل والتعاون مع العشائر في حال أراد البقاء لاستكمال حربه على
تنظيم الدولة و"الإرهاب".
ثانياً، ما ظهر جلياً
أن "العشائر" توحدت وانتفضت جميعاً ضد "قسد"، وهذا يدل على
رفض "قسد"، ويمكن القول إن الدول الغربية اليوم مطالبة بتصحيح موقفها
وانحيازها لـ"قسد" ذات المرجعية "الإرهابية".
لكن بعض المصادر المطلعة تحدثت عن عدم انخراط بعض العشائر العربية الأخرى في المواجهات والاشتباكات، ما سبب ذلك؟
كل العشائر تحركت، لكن
بنسب متفاوتة، بسبب انقسام العشائر إلى ثلاثة أقسام، الأول يدعم الثورة ويناهض
"قسد"، والثاني هو القسم الصامت والخائف، والثالث هم من المنضمين
لـ"قسد"، والقسم الأخير يخشى عمليات انتقامية من "قسد" في حال
مساندتهم للعشائر.
في ظل كل ذلك، ما هي السيناريوهات القادمة للمنطقة، وهل الوضع يسير نحو إنهاء نفوذ "قسد" من المناطق العربية؟
هناك قناعة تسود أوساط
العشائر مفادها أن "لا عودة للوراء"، بمعنى آخر العشائر عازمة على إنهاء
سيطرة "قسد" في دير الزور وجنوب الحسكة، وأكاد أجزم بأن "التحالف
الدولي" سيضطر إلى تغيير سياساته، لأنه أيقن أن "قسد" لا تتمتع
بقبول من الحاضنة الشعبية.
ومن المعلوم أن
"التحالف الدولي" لم يتدخل للآن، رغم أن الاشتباكات دخلت أسبوعها
الثاني، ويمكن تفسير هذا الموقف إلى رغبة "التحالف الدولي" بمعاقبة
"قسد" التي امتنعت عن قتال الميليشيات الإيرانية وقوات النظام،
والانخراط بمشروع الولايات المتحدة الهادف إلى فصل مناطق انتشار الميليشيات
الإيرانية في العراق عن سوريا.
لكن التحالف أصدر أكثر من بيان شدد فيه على استمرار الشراكة مع "قسد" لمحاربة "الإرهاب"، ودعا فيه إلى حل النزاع بشكل سلمي!
أمريكا التي تقود
"التحالف الدولي" هي تقود الأزمات دائماً دون إيجاد حلول جذرية، إلا في
حالة واحدة، عندما تتضرر مصالحها، أو تم تهديد مصالحها على الأقل، ولذلك مع وصول
الاشتباكات إلى حقول النفط، أرسلت وفداً دبلوماسياً برئاسة مساعد نائب وزير
خارجيتها، إيثان غولد ريتش، إلى الحسكة، والأحد اجتمع الوفد بوجهاء من قبيلة
"العكيدات" علماً أن شيخ قبيلة العكيدات إبراهيم الهفل رفض حضور
الاجتماع، وأرسل شخصيات تنوب عنه، على أن يكون الاجتماع القادم في ديوان قبيلة
العكيدات.
أما عن مطالب العشائر،
فهي تشكيل إدارة مدينة دون تدخل "قسد"، وإعادة هيكلة "مجلس دير
الزور العسكري" دون أن يكون له تبعية لـ"قسد"، والتصدي لأي تهديد
للمنطقة من النظام السوري والميليشيات الإيرانية.
في ظل تأكيد "التحالف الدولي" على دعمه لـ"قسد" وشراكته معها، هل تعتقدون بقابلية تحقق طلب العشائر التنسيق مباشرة مع "التحالف الدولي"؟
هذا المطلب هو مطلب
"مجلس دير الزور العسكري" السابق بقيادة الخبيل.
الخلاف بين مجلس دير
الزور العسكري وقيادة "قسد"، ليس بسبب فساد الخبيل، وإنما بسبب مطالبه
بالتنسيق المباشر مع "التحالف الدولي" دون العودة لـ"قسد".
وأمام الواقع الذي
فرضته العشائر، يبدو أن هذا المطلب سيتحقق، العشائر فرضت كلمتها، وهي تطالب بتشكيل
مجلس عسكري يمثل أبناء العشائر، لا يتبع لـ"قسد".
اللافت أن "التحالف الدولي" في بيانه طالب "قسد" بمقاومة تأثير ما وصفها بـ"الجهات الفاعلة الخبيثة"، هل في ذلك إشارة للنظام السوري وإيران، وعلى ذكر النظام السوري هل هو المستفيد "الأكبر" من الاشتباكات؟
أشرت لذلك سابقاً، يبدو
"التحالف الدولي" بصدد عقاب "قسد"، أما عن النظام باعتقادي هو
غير مستفيد من تقلص نفوذ "قسد" في دير الزور على وجه الخصوص، حيث يتم
تهريب النفط إلى مناطق سيطرة النظام.
وسائل إعلام النظام تصور ما يجري أنه انتفاضة "عربية" ضد "الاحتلال الأمريكي"، ما دقة ذلك؟
النظام قام بمساندة
"قسد" في منبج وعين العرب بريف حلب، وكذلك قصفت الطائرات الروسية بعض
المواقع التي تقدمت إليها قوات العشائر التي انطلقت من مناطق العمليات العسكرية
التركية في ريف حلب، وهذا يعكس حجم العلاقة بين النظام السوري و"قسد".
قولاً واحداً، لا يريد
النظام تحجيم "قسد"، والعلاقة بينهما قائمة على التنسيق.
البعض يتحدث عن خدمة الاشتباكات في شرق سوريا للنظام، من حيث تشتيت
أنظار وسائل الإعلام وحرفها عن ما يجري من احتجاجات في السويداء، هل تتفق مع ذلك؟
قد يكون أن التطورات في
دير الزور قد شغلت الانتباه قليلاً عن احتجاجات السويداء، وأيضاً من الممكن أن
تكون التطورات قد أخرت قليلاً المخطط الأمريكي الهادف إلى فصل الحدود السورية –
العراقية بشكل كامل.
اكتفت تركيا بإصدار بيان دعمت فيه حراك العشائر، لكن لم نُشاهد تحركات عسكرية من قبل "الجيش الوطني" المدعوم من أنقرة في الجبهات مع "قسد"، ما تعليقكم؟
دخلت مجموعات من أبناء
العشائر الذين يتواجدون في مناطق "نبع السلام" و"درع الفرات"
و"غصن الزيتون" إلى مناطق سيطرة "قسد" في منبج وعين العرب،
وتقدموا إلى بعض المواقع هناك نصرة ودعماً لأبناء دير الزور.
أما عن تفسير الموقف
التركي، فالواضح أن أنقرة تدعم تحرك العشائر لكن بشكل غير واضح ومعلن، ويبدو أن
التوافقات التركية مع روسيا وإيران (مجموعة أستانا) هي من تعرقل أي تدخل تركي
مباشر.
كيف ستنتهي الأمور برأيك؟
سيناريو
"الهدنة" يبدو هو الأقرب بجهد من "التحالف الدولي"، والواقع
يقول إن حسم النزاع سيكون بالتسوية، بعد أن فرضت "العشائر" كلمتها.