قضايا وآراء

الزعيم اللئيم والصعلوك الكريم (12)

أفصح عبد الناصر عن تنسيقه الكامل مع الأمريكان- الأناضول
في هذا الاجتماع "الثنائي" الذي انعقد قبل نهاية العام الأول من "انقلاب يوليو 1952"، قذف عبد الناصر بمكنونات نفسه في وجه حسن العشماوي، أقرب قيادات الإخوان المسلمين إليه!

ففي هذا الاجتماع، بدا عبد الناصر "صريحا" لأول مرة؛ إذ قال للعشماوي (دون خجل أو وجل) ما نصه:

"لقد استقرت اليوم أقدامنا، ولم نعد في حاجة إلى الإخوان.. تماما كما لم نعد في حاجة إلى نجيب.. كنتما ضرورتين إلى هذه المرحلة، أما الآن فلا.. لقد استفدنا من موقفيكما في كل شيء.. في الداخل والخارج"!

"كم أنتم معشر الإخوان ثلاثون في المئة من البلد أنا على استعداد أن أضحي بثلاثين في المئة؛ لأنقذ السبعين.. أفهمت"؟!

"الإخوان عُصاة.. عُصاة لا يمكن ترويضهم، ولا يمكن استمرار التفاهم معهم".

"أنا لست على استعداد لأن أظل تحت وصاية المستشار [الهضيبي] ومَن حوله.. ولست على استعداد أن أأتمر بأمر صلاح [شادي- ضابط شرطة- كان يمثل فريق الإخوان في التفاهمات الثنائية مع عبد الناصر] الذي يظن أنه قدم لنا يدا يجب ألا ننساها.. ولست على استعداد لتحقيق مطالب الأغبياء منكم.. أنا على استعداد لاستغلالهم؛ للتخلص من سيطرة الهضيبي وصلاح.. ولكني لست على استعداد للسير وراءهم.. وراء إرهابهم".

أفصح عبد الناصر عن تنسيقه "الكامل" مع الأمريكان الذين سيذللون له أي صعوبات في مفاوضاته مع الإنجليز

"إن إسرائيل وقضية فلسطين ليست جزءا من برنامجنا معشر الضباط الأحرار.. وأنت تعلم ذلك، وإن حاولت تغيير موقفي"!

كما أفصح عبد الناصر عن تنسيقه "الكامل" مع الأمريكان الذين سيذللون له أي صعوبات في مفاوضاته مع الإنجليز، إذ قال للعشماوي:

"وضعنا الآن قد تغير.. لقد تخلصت من الملك، ومن الأحزاب، وسأتفق مع الإنجليز بعون أمريكا".. الأمر الذي يعني صحة رواية "مايلز كوبلاند"، التي سجلها في كتابه "لعبة الأمم"، وخصص معظمها للحديث عن التعاون الأمريكي مع عبد الناصر، للإطاحة بفاروق، وإخراج الإنجليز من مصر!

ويعني (أيضا) أن الكاتب الصحفي الراحل محمد جلال كشك لم يكن مخطئا، أو مبالغا، حين أطلق على انقلاب يوليو 1952 "ثورة يوليو الأمريكية" وهو عنوان كتاب له متاح على الإنترنت مجانا.

ويبدو (حتى هذا الاجتماع) أن عبد الناصر كان يأمل في استمالة العشماوي إلى صفِّه، فعرض عليه أن يكون "ذراعه المدني" حسب وصف عبد الناصر، بأن يتولى رئاسة "هيئة التحرير" وهي بمثابة الحزب، أو بالأحرى "التنظيم" الذي أنشأه عبد الناصر ليكون ظهيره الشعبي، غير أن العشماوي رفض، كما رفض العرض نفسه الأستاذ سيد قطب، وأضمرها عبد الناصر لقطب والعشماوي في نفسه!

إن محضر هذا الاجتماع الذي سجله المستشار حسن العشماوي في كتابه "الأيام الحاسمة وحصادها" يفسر لنا (مقدما) كل ما أصاب الإخوان المسلمين من اضطهاد وتنكيل، على يد عبد الناصر وعساكره وإعلامه، قبل أن يقع بأكثر من عام! ويثبت أن كل الحوادث والاتهامات التي تم تدبيرها واختلاقها ثم إلصاقها بالإخوان؛ ما كانت إلا عناوين لمخطط عبد الناصر للتخلص من "كيان" الإخوان المسلمين، وبعض رموزه الذين كان يعتبرهم عبد الناصر خطرا داهما يتهدده شخصيا!

وإليك (عزيزي القارئ) تفاصيل هذا اللقاء "التاريخي" بحق..


اليوم الرابع

ظهر يوم 15 أيار/ مايو سنة 1953

(ظهر يوم 15 أيار/ مايو 1953.. غرفة مكتب في "مجلس قيادة الثورة" في الجزيرة.. سالم الصغير [صلاح] وحسن [العشماوي- كاتب محاضر الاجتماعات التي جرت بين بعض قيادات الإخوان من جانب، وعبد الناصر وبعض زملائه الضباط من جانب آخر] يجلسان متجاورين على أريكة جلدية، يتحدثان بصوت خفيض.. يدخل جمال [عبد الناصر] فيقوم سالم من مكانه تاركا إياه لجمال الذي يجلس، ثم يصافح حسنا باليد وهما جالسان)..

- جمال: جميل منك أن حضرت.. لقد طلبت من عبد الحكيم [عامر] أن يبلغك رغبتي في لقائك على انفراد.. جميل أن استجبت له.. يبدو أنك تستجيب لعبد الحكيم أكثر من استجابتك لي.. ومع ذلك سأتكلم معك أنا، ثم يلحق بنا عبد الحكيم.. ولكن اسمح لي بلحظة أنهي فيها أمرا مع سالم.

- حسن: سأترككما وأجلس عند أمين شاكر حتى تنتهيان.

محضر هذا الاجتماع الذي سجله المستشار حسن العشماوي في كتابه "الأيام الحاسمة وحصادها" يفسر لنا (مقدما) كل ما أصاب الإخوان المسلمين من اضطهاد وتنكيل، على يد عبد الناصر وعساكره وإعلامه، قبل أن يقع بأكثر من عام! ويثبت أن كل الحوادث والاتهامات التي تم تدبيرها واختلاقها ثم إلصاقها بالإخوان؛ ما كانت إلا عناوين لمخطط عبد الناصر للتخلص من "كيان" الإخوان المسلمين، وبعض رموزه الذين كان يعتبرهم عبد الناصر خطرا داهما يتهدده شخصيا!

- جمال: لا.. لا.. بل ابق معنا، فليس ما بيننا سرا عليك [موجها كلامه إلى سالم الذي يجلس على مقعد مجاور، بحيث يكون خلف حسن] ستذهب إليه إذن.. ولا تزد عما اتفقنا عليه!

- سالم: تقصد.. (يضع قبضته تحت ذقنه ويضحك)!

- جمال: نعم.. (مخاطبا حسن): هل فهمت قصد سالم من حركته؟

- حسن: لم أهتم بأن أفهم..

- جمال (يضحك): لا بد أن تفهم؛ لتعلم أي شيطان يجلس معنا.. إنه يقصد المستشار [حسن الهضيبي].. إنه يعنيه حين يضع قبضتيه تحت ذقنه كأنها لحية طويلة.. إنه يتهمه دائما بأنه شيخ متزمت.

- حسن (في تأفف): ومع ذلك ينافقه في الحديث.. على كُلٍّ أنت أعلم بأصحابك من أي أحد آخر.

- جمال (يضحك): صدقت.. صدقت.

- سالم (غاضبا): ما كان لك يا جمال أن تفضحني أمام حسن.. أنت توقع بيننا، وتوقع بذلك بيني وبين المستشار!

- جمال: أردت هذه الوقيعة عامدا.. ومع ذلك فليس فيها جديد، فحسن يعلم رأيي فيك.. والمستشار يعتبرك كاذبا، وهو لا يحب الكذابين.. (يضحك)..

- سالم (في غيظ): وكيف أذهب إليه إذن؟

- جمال: ستنتهي من مقابلته قبل أن يراه حسن.. فالأمر لم يتغير.. (يضحك).. اذهب الآن.. اذهب قبل فوات الأوان.

(سالم يخرج)..

* * *

- جمال (مخاطبا حسن): إيه؟ ما وراءك؟

- حسن: ليس ورائي شيء.. إني أرقب الآن ما أمامي.

- جمال: أمامك كل خير.. سأكلمك بصراحة.. فأنت تعلم مكانتك عندي.. إن لك عندي تقديرا خاصا.. أنت تعلم ذلك.. ألا تعلم؟

- حسن: أعلم.. ولكن المهم.. لماذا طلبت لقائي على انفراد اليوم، وقد كنا بالأمس جميعا عند منير [الدلة- إخوان]؟ لقد بدا لي أنك كنت لا تريد أن تتحدث.. كنت تزوغ من كل مناقشة.. كأنك ما ذهبت إلا لتتعشى فقط!

- جمال (مقاطعا): على كُلٍّ كان عشاء طيبا.

- حسن (في ضيق): أنا لا أهزل الآن.. لماذا طلبتني على انفراد ورفضت بالأمس أن تتكلم في أي موضوع.. بل كأني بك قد أرضيت زملاءك بذلك؟

- جمال (في جد واضح): سأكلمك بصراحة.. ولذلك أردت أن ألقاك وحدك.. لقد استقرت اليوم أقدامنا، ولم نعد في حاجة إلى الإخوان.. تماما كما لم نعد في حاجة إلى نجيب.. كنتما ضرورتين إلى هذه المرحلة، أما الآن فلا.. لقد استفدنا من موقفكما في كل شيء.. في الداخل والخارج (يصمت).

- حسن: وبعد؟

- جمال: وبعد، سأعرض عليك عرضا شخصيا.. يستفيد منه كلانا.. وتستفيد منه البلد.

- حسن (مقاطعا): أسألك، وبعد بالنسبة إلى الإخوان، لا إلى شخصي.. احتفظ الآن بعرضك الشخصي عليَّ.. احتفظ إلى حين.. ماذا عن الإخوان؟

- جمال: الإخوان عُصاة.. عُصاة لا يمكن ترويضهم، ولا يمكن استمرار التفاهم معهم (يصمت ناظرا إلى حسن في استفزاز).

- حسن: عُصاة استفدت من عصيانهم.. استفدت داخليا وخارجيا كما تقول.. أليس كذلك؟

- جمال: الاستفادة تمت وانتهى أمرها.. وأنا مثلك أرقب أمامي.

- حسن: وماذا ترى أمامك؟

- جمال (في جد واضح): أنا لست على استعداد لأن أظل تحت وصاية المستشار [الهضيبي] ومَن حوله.. ولست على استعداد أن أأتمر بأمر صلاح [شادي- ضابط شرطة- كان يمثل فريق الإخوان في التفاهمات الثنائية مع عبد الناصر] الذي يظن أنه قدم لنا يدا يجب ألا ننساها.. ولست على استعداد لتحقيق مطالب الأغبياء منكم.. أنا على استعداد لاستغلالهم؛ للتخلص من سيطرة الهضيبي وصلاح.. ولكني لست على استعداد للسير وراءهم.. وراء إرهابهم.. (يصمت مطرقا).. [لعله يقصد مجموعة التنظيم الخاص برئاسة عبد الرحمن السندي الذي استغله عبد الناصر لاحقا بالفعل].

- حسن (كاظما غيظه): وبعد؟

- جمال (يرفع رأسه ويتكلم بحدة): كم أنتم معشر الإخوان؟ ثلاثون في المئة من البلد؟ أنا على استعداد أن أضحي بثلاثين في المئة لأنقذ السبعين.. أفهمت؟

- حسن: رحم الله أيام فاروق.. كان يقول إنه على استعداد لأن يضحي بعشرة في المئة فقط.

- جمال (غاضبا): لا تقارني بفاروق.. فأنا مخلص لبلدي.

- حسن (في حدة): كان هو أيضا يقول ذلك..

- جمال (في رفق مفاجئ): هلا سمعت عرضي الشخصي عليك؟

- حسن: أسمعه.. فهاته.

- جمال (يطرق لحظة ثم يرفع رأسه): هل لي أن أعرف أولا رأيك في "هيئة التحرير"؟ رأيك أنت، لا رأي المستشار [الهضيبي] ولا رأي الإخوان؟

- حسن: رأيي أن "هيئة التحرير" محاولة هزيلة فاشلة؛ لإنشاء "حزب الشعب".. هل تذكره؟

- جمال (في استنكار رقيق مصطنع): أتقارنني بصدقي؟ [يقصد إسماعيل صدقي، رئيس الوزراء في عهد فاروق الذي وقّع مع وزير الخارجية البريطاني أرنست بيفن الاتفاقية التي عُرفت باتفاقية "صدقي- بيفن"، وتنص على انتهاء العمل بمعاهدة 1936، وبدء المفاوضات حول جلاء الاحتلال البريطاني عن مصر].

- حسن: طبعا لا.. لا أقارنك به أبدا.. هو أكثر منك ذكاء وقدرة.. ولذلك أرى حزبه الذي أسميناه "حزب القش" أفضل من حزبك الذي تسميه "هيئة التحرير".. إن حزبك لم ولن يجذب إلا الانتهازيين وحثالة النفعيين.

- جمال (في أسف): هذا رأي قاس في "هيئة التحرير" لم أكن أنتظره منك.. يبدو أنه رأي المستشار [الهضيبي]؟ وعلى كُلٍّ..

- حسن (مقاطعا): أنا لم أسمع رأي المستشار بعد.. ولكني قلت لك رأيي الشخصي.. فماذا تريد بعد ذلك؟

- جمال: يبدو ألا مجال لما كنت سأعرض عليك.. وعلى كُلٍّ، فاعلم أن "هيئة التحرير" ستبقى، وإن تغير اسمها وأسلوبها مع الوقت والتجارب.. إن هذه الهيئة وُجِدت لتبقى، مهما فعلتم.

- حسن (مقاطعا في سخرية): كما يُقال عن "إسرائيل".

- جمال (في جد): نعم.. كما يُقال في "إسرائيل" إن شئت هذه المقارنة التي لا محل لها في حديثنا.. إننا نتكلم عن مصر، وعن مستقبلها السياسي.. إن "إسرائيل" وقضية فلسطين ليست جزءا من برنامجنا معشر الضباط الأحرار.. وأنت تعلم ذلك وإن حاولت تغيير موقفي.. وعلى كُلٍّ، ما دمت قد قارنت بيني وبين صدقي، فهل تعلم رأيي فيه؟

- حسن: يسرني أن أعلمه.. لعله السياسي الوحيد الذي لم أسمعك تتحدث عنه.

جمال: أولا.. أنا لا أشك في وطنيته، وإن خالفتني أنت وكثيرون في ذلك.

- حسن (مقاطعا): ولا أنا أشك في وطنيته.

- جمال (متمما حديثه): لو قُدِّرَ لهذا الرجل أن يحكم عشر سنوات، لتغير وضع مصر وتاريخها، ولكنه لم يستطع.. حال بينه وبين ذلك وجود الملك والأحزاب والإنجليز.. وغياب أمريكا عن المنطقة كقوة موجِّهة.. أو معاونة.. ولكن وضعنا الآن قد تغير.. لقد تخلصت من الملك، ومن الأحزاب، وسأتفق مع الإنجليز بعون أمريكا.

- حسن (مقاطعا في همس): ب
جمال (متما حديثه وقد سمع الهمس): كل هذا بعون الله.. ولكن الله جعل لنا عقولا، وأمرنا أن نستعين بالأسباب، ومنها أمريكا، وموقف المستشار إن شئت.
عون الله وموقف المستشار [الهضيبي].

- حسن (في همس): إياك نعبد.. وإياك نستعين.

- جمال (في ضيق): لم أعرفك درويشا.. فدعك من الدروشة أرجوك.. إننا نناقش واقعا.

- حسن: استمر في حديثك، فإنني أراك نسخة مشوهة من صدقي في مصر، ونوري السعيد في العراق.

- جمال (مقاطعا): لا شأن لي بغير مصر.. فهي بلدي.. وصلاح حالها مطلبي.

- حسن (في هدوء): أريد الآن أن أسمع عرضك الشخصي علي.. وإن كنت أكاد أبينه.. ولكني أريد سماعه منك.

- جمال: لا أعتقد أن هناك جدوى من سماعك إياه، بعد أن عرفت رأيك.. وإن كنت (والله) أقصد من ورائه مصلحة البلاد.. ومصلحتك أيضا.

- حسن: لا عليك من رأيي الذي عرفت.. أريد أن أسمع العرض، وأقول لك رأيي فيه.

- جمال: لك ذلك، ولكن أريد (أولا) أن أسألك سؤالا.

- حسن: أراك تواصل الأسئلة، ولا تعرض شيئا.

- جمال: هذا آخر سؤال.

- حسن: سله إذا إن كان الأخير.

- جمال: قل لي يا حسن.. هل تتفق مع الإخوان في كل آرائهم؟.. لا أعتقد ذلك.. فإني أرى فيك شيئا آخر يختلف عن الكثير منهم.

- حسن: أنا أتفق مع الإخوان في الأصول.. وقد أختلف معهم في بعض التفاصيل.. وهذا أمر طبيعي.. نصفيه فيما بيننا بالمناقشة والإقناع.

- جمال: لا أعتقد ذلك.. أؤكد لك أنك تختلف عن الإخوان في كل شيء.. أنت لست منهم في رأيي.

- حسن (مقاطعا في حدة): قلت لك أكثر من مرة ألا تردد هذا القول.. لقد أحرجتني به أمام الكثيرين، وهذا أمر لا يرضيني.. وأنت تظن أنك تمدحني بقولك هذا، في حين أنك تؤذيني!

- جمال (هادئا): لا تغضب.. فأنا أعلم ما أصابك من الإخوان.. أعلمه.. أفهم موقفك منه.. ولكن ما أصابك يسرني كثيرا؛ لأنه يقرب بيننا..

- حسن (مستمرا في حديثه): لا يعنيني ما ينقله إليك أعوانك (وعيونك) في صفوفنا، فلست منهم.. ولن أكون.

- جمال (محتفظا بهدوئه): لم أفكر يوما أن تكون لي عينا على الإخوان كما تقول.. فأنا أعلم أخلاقياتك.. وإن لم أقرك على الكثير منها.. ولكني أؤكد لك أن رأيي فيك أنت شيء آخر.. إنها لخسارة أن أخسرك مع من سأحارب من الإخوان.. فاسمع عرضي عليك، وكن عاقلا.. فأنا أكره أن أحدثك في بعض الأمور، ومع ذلك أقدرك.. اسمعني يا حسن جيدا، ولا تتعجل في الرد علي.. إن "هيئة التحرير" معي.. ومن يرفض فهو من العصاة.. هو ممن يريدون إحداث الفُرقة والقلاقل في البلاد، ولن أسمح لهم بذلك.. إني أعرض عليك شخصيا أن تعمل معي لمصلحة بلدنا، وأن تترك الإخوان.. فإني سأقضي عليهم بأية وسيلة.. فهمت؟

- حسن (متمالكا نفسه): فهمت.. فهمت أنك فشلت في إقناع سيد قطب أن يعمل أمينا عاما لهيئة التحرير، فلجأت إليَّ لما بيننا من صلة قديمة.. أليس كذلك؟

- جمال: لا.. ليس الأمر كذلك.. لقد حاولت مع سيد قطب، ولكنه رفض متأثرا برأي المستشار [الهضيبي].. أما أنت فوضعك مختلف.. إنه لا يعنيني ما سأفعل بسيد قطب الذي رفض عرضي.. أما أنت، فإني أريد أن أجنبك المشاكل من ناحية، وأريد أن تبقى معي من ناحية أخرى.. لأننا متفقون في كثير من الآراء.. إني أرى في عبد الحكيم ساعدي العسكري.. وأرجو أن أجد فيك ساعدي المدني.. أتوافق؟ فكر أولا، ثم أجبني.. لست ألزمك بالعمل حاليا في هيئة التحرير.. لست ألزمك بالعمل الداخلي الآن.. لك إن شئت أن أعينك وزيرا مفوضا في الخارج، فتبقى بعيدا، حتى أنتهي من معركتي مع الإخوان.

- حسن: أتسمع ردي الآن؟

- جمال: بل فكر، وأجبني غدا، أو بعد غد.

- حسن: إن ردي حاضر.. حاضر منذ وقت طويل.. فاسمعه الآن اختصارا للوقت..

(يُتبع)..

twitter.com/AAAzizMisr
aaaziz.com