دعت ثماني منظمات جزائرية ودولية غير
حكومية إلى الاعتراف بالآثار السلبية للتجارب النووية الفرنسية التي أجريت في
الجزائر من عام 1960 إلى عام 1966 والمساءلة عنها وتصحيحها.
جاء ذلك في رسالة مفتوحة مشتركة وقعتها
منظمات: "شعاع لحقوق الإنسان"، "الجمعية الوطنية لضحايا التفجيرات
النووية"، "الأطباء
الدوليون لمنع الحرب النووية"، "مبادرات نزع السلاح النووي"، "معهد تعليم السلام
والتواصل الفني"، "مركز روكي
ماونتن للسلام والعدالة"، "مكتب السلام
الدولي"، "الرابطة
النسائية الدولية للسلام والحرية".
ويمثل الموقعون على الرسالة، التي جاءت بمناسبة
اليوم العالمي لمناهضة
التجارب النووية، قطاعات متنوعة بما في ذلك حماية البيئة
وحقوق الإنسان والدعوة إلى السلام، من بين أمور أخرى.
وشددت الرسالة، الموجهة إلى الجزائر وفرنسا
والمجتمع الدولي وعلى رأسهم الأمم المتحدة حول التفجيرات النووية الفرنسية التي
جرت في الجزائر، على ضرورة بذل جهود شفافة وتعاونية بين الجزائر وفرنسا والمجتمع
الدولي لتحديد المواقع التي دُفنت فيها النفايات النووية ومعالجتها بدقة. علاوة
على ذلك، تحث على اتخاذ تدابير إعادة تأهيل شاملة لحماية السكان المتضررين والبيئة
والموارد المائية والنباتات والحيوانات.
بالإضافة إلى ذلك، أكدت الرسالة على أهمية
إشراك الضحايا الجزائريين في عملية هادفة، على غرار المبادرات المنفذة في مناطق
أخرى، لتحديد وتعويض المتضررين من التجارب النووية.
وذكرت الرسالة، التي وصلت "عربي21" نسخة منها، أن
فرنسا شرعت في إجراء
تفجيرات نووية في الجزائر وامتدت إلى ما بعد الاستقلال، وتحديدا من عام 1960 حتى
عام 1966، حيث أجرت 17 تجربة تفجير نووية نفذتها في عدة مواقع في الصحراء
الجزائرية وبالضبط في "رقان" و"إن إكر"، وما زالت آثارها
الكارثية مستمرة على السكان والبيئة حتى اليوم.
وأكدت الرسالة أن فرنسا برغم مرور أكثر من
60 عاما على تجاربها النووية في الجزائر ما زالت تتهرب من المسؤولية وتصر على
الاحتفاظ بملف التجارب النووية بسرية تامة، على الرغم من المحاولات العديدة من طرف
أصحاب المصلحة على الأقل لتحديد بدقة أماكن دفن النفايات النووية من أجل اتخاذ
الإجراءات اللازمة لحماية البيئة والسكان كإجراء وقائي، خوفا من التعرض للإشعاع في
المناطق التي يتزايد فيها عدد مرضى السرطان على اختلاف أنواعه، وتكرار الولادات
غير الطبيعية والتشوهات الخلقية التي يتم تسجيلها في تلك المناطق وغيرها من
الظواهر المرضية المزعجة.
ودخل العالم في فصل جديد لنزع السلاح النووي
بعدما تبنت الأمم المتحدة في 7 يوليو 2017 معاهدة دولية بشأن حظر الأسلحة النووية،
ودخلت حيز التنفيذ في 22 كانون ثاني / يناير 2021، وقد كانت الجزائر من بين
الموقعين الأوائل لهذه المعاهدة عندما افتتح التوقيع في 20 أيلول / سبتمبر 2017.
وفي سنة 2020، أعربت الجزائر عن نيتها التصديق على معاهدة حظر الأسلحة النووية "في
القريب العاجل". ومع ذلك، لا تزال عملية التصديق على المعاهدة معلقة.
ووفق الرسالة فإن الدولة الفرنسية لم تشارك
في مفاوضات معاهدة حظر الأسلحة النووية التي أقرتها الأمم المتحدة ولا تعتزم
الانضمام أو الالتزام بها متحججة بأن الاتفاقية لا تتناسب مع السياق الأمني الدولي
الراهن الذي يشهد توترات متزايدة وانتشار أسلحة الدمار الشامل، وتستمر في اتباع
سياسة الهروب إلى الأمام مع إنكار وتجاهل وعدم تحمل مسؤوليتها حتى الساعة، وما زالت
ملفات التفجيرات النووية الفرنسية سرية وغير متوفرة للاطلاع عليها متحججة بأسرار
الدفاع والأمن القومي.
وحث الموقعون على الرسالة الدولة الجزائرية على استعمال كل طاقتها القانونية والدبلوماسية من أجل مساعدة ضحايا التجارب النووية في
استعادة حقوقهم المعنوية والمادية والسماح لكل شخص طالب للتعويضات أو ذويه
بالاطلاع أو الحصول من الإدارة على نسخة مطابقة للأرشيف الخاص بالتجارب النووية
الفرنسية بالصحراء الجزائرية من سنة 1960 إلى 1966.
كما طالبوا الدولة الفرنسية برفع السرية عن
الملفات المتعلقة بالتفجيرات والتجارب النووية في الجزائر للاطلاع عليها من طرف
المنظمات الدولية التي تشرف على المراقبة، وعدم التحجج بأسرار الدفاع والأمن
القومي، وتقديم القائمة الكاملة للأماكن التي دُفنت فيها النفايات إلى السلطات
الجزائرية مع تحديد مواقعها ووصف المواد المدفونة، ونشر
البيانات المتعلقة
بالمناطق الملوثة.
وطالبوا المجتمع الدولي وخاصة وكيل الأمين
العام والممثل السامي لشؤون نزع السلاح بالأمم المتحدة بالضغط على فرنسا لتقديم
خرائط تفجيراتها النووية في الصحراء الجزائرية وأماكن دفن النفايات النووية
بالتفصيل ومساعدة الجزائر تقنيا ولوجستيا.
وفي 2 كانون الأول/ديسمبر 2009، أعلنت
الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الرابعة والستين، يوم 29 آب/أغسطس يوما
دوليا لمناهضة التجارب النووية. ويدعو القرار إلى زيادة الوعي والتثقيف بشأن آثار
التفجيرات التجريبية للأسلحة النووية أو أي تفجيرات نووية أخرى وضرورة وقفها
باعتبارها من الوسائل الكفيلة بتحقيق هدف إيجاد عالم خال من الأسلحة النووية.
وقد بدأ هذا القرار بمبادرة من جمهورية كازاخستان، إلى جانب عدد كبير من الراعين
والمشاركين، بهدف إحياء
ذكرى إغلاق موقع سيميبالاتينسك للتجارب النووية في 29
آب/أغسطس 1991.
وشهد عام 2010 الاحتفال الافتتاحي باليوم
الدولي لمكافحة التجارب النووية. ومنذ ذلك الحين وفي كل عام، يشهد اليوم تنسيق
أنشطة في جميع أنحاء العالم، مثل الندوات والمؤتمرات والمعارض والمسابقات
والمنشورات والمحاضرات في المؤسسات الأكاديمية والبث الإذاعي وغير ذلك من
المبادرات.