لا تزال تفاصيل "
طائرة زامبيا" تتكشف تباعا رغم محاولات السلطات المصرية التكتم على الفضيحة التي شغلت الرأي العام، ولعل تقرير صحيفة
"إندبندنت أون لاين" الجنوب أفريقية كان أحدث ما كشف عن القضية.
ونقلت الصحيفة عن رجل أعمال جنوب أفريقي خيوط جديدة لقضية "الطائرة المحتجزة" الغامضة والمثيرة للجدل تربط بين المتهمين في القضية وبين عصابات الجريمة المنظمة الدولية لإدارة عمليات تهريب وغسيل الأموال.
يذكر أن منصات تحقق مصرية وعربية، ومنها منصة "متصدقش"، أثبتت أن المصريين المتهمين في القضية والموقوفين حاليا لدى زامبيا على صلة وثيقة برأس اللنظام المصري وجهات سيادية مصرية، وهو ما يثير التساؤلات حول علاقة نظام السيسي والمقربين منه بالعصابات الدولية لتهريب وغسيل الأموال.
وأكدت صحيفة "إندبندنت أون لاين"، استنادا على شهادة محام لأحد المحتجزين الذين كانوا على متن الطائرة، وهو رجل أعمال جنوب أفريقي رفض الإفصاح عن اسمه، أن ما جرى كان أشبه بصفقة بين عصابات جريمة منظمة.
شهادة جديدة
وقال المحامي توم ميشيل من شركة "Antoine Vey and Associates " للمحاماة الدولية إن "رجل الأعمال الجنوب أفريقي أجرى صفقة لشراء الذهب، وسافر إلى زامبيا لهذا الغرض إلا أن خطأ حدث أثناء العملية حيث جاء شخص ما بالذهب (لم يكن ذهبا بل نحاسا) للطائرة، وقد تعرض موكلي للتهديد داخل الطائرة من قبل أولائك الأشخاص"، قبل أن تدخل قوات الأمن الزامبية وتعتقل الجميع.
وتابع، "ليس لدى موكلي أي علاقة بطاقم الطائرة وقد يستغرب الجنوب أفريقيين والأوربيين وجود 10 ملايين دولار على متن طائرة لكن هذا الأمر طبيعي في زامبيا"، مؤكدا أن ما جرى هو في الحقيقة عملية احتيال كبيرة.
وكشف المحامي عن وجود امرأة بين المحتجزين، كما شدد على أن جميع المحتجزين في زامبيا يخشون على حياتهم وأنه تواصل مع الاتحاد الأوروبي والعديد من الحكومات الأفريقية والغربية للحصول على المساعدة.
وأضاف أن الصفقة كانت بقيمة 10 ملايين دولار لرجل أعمال مهم للغاية لديه العديد من الشركات والمصانع.
وبالنظر إلى أسماء المصريين المحتجزين في زامبيا والمعلومات التي كشف عنها الموقع الإخباري الجنوب أفريقي، يظهر تطابق مع الاتهامات للنظام المصري باستخدام المقربين منه لاتمام صفقات مع عصابات الجريمة المنظمة الدولية لتهريب الأموال خارج البلاد.
ويثبت تقرير الصحيفة الجنوب أفريقية وآخر المعلومات التي تكشفت عن القضية فرضية قيام النظام بتهريب الأموال خارج مصر بتعاون المقربين منه مع عصابات دولية، مع الاستناد إلى عدة شواهد أبرزها الطائرة نفسها T7-WSS وهويات المتورطين بالقضية.
ضباط على الطائرة
وكشفت صفحات تتبع القضية عن أسماء المصريين المحتجزين في زامبيا، على خلفية قضية الطائرة المشبوهة، وهم: مايكل عادل مايكل بطرس، ووليد رفعت فهيم بطرس، وياسر مختار عبد الغفور الششتاوي، ومنير شاكر جرجس عوض، ومحمد عبد الحق محمد جودة، بالإضافة إلى سيدة تدعى نهى صلاح الدين بحسب محضر التحقيق.
وسربت على مواقع التواصل الاجتماعي وثيقة من محضر التحقيق مع المتهمين المصريين في زامبيا لتؤكد صحة الأسماء التي كشفتها حسابات مصرية، وتفند إدعاء النظام أن الطائرة ليست مصرية وكان هبوطها في مطار القاهرة ترانزيت فقط.
محمد عبد الحق محمد جودة
عقيد في قوات الصاعقة المصرية قبل أن ينقل لوحدة عمليات المخابرات العامه GIS لتأمين الشخصيات الهامة.
وعمل عبد الحق في وظيفة مساعد المحلق العسكري بالسفارة المصرية في واشنطن خلال عامي 2011 و2012، وكانت رتبته "رائد" بالجيش المصري.
ياسر مختار الششتاوي
عقيد في الجيش بقوات الصاعقة ضمن الفرقة 8399 السيل المصرية،
ونشر الإعلامي محمد ناصر صورة له مع عميد يدعى هشام سامي من الضفادع البشرية، متسائلا: "هل هذا مجرد تشابه أسماء، أم إن الضابط المذكور هو من كان على متن الطائرة المحتجزة واتهم بتهريب الأسلحة والذهب والأموال".
وتداول مدونون صورا للضابطين مع عناوين عملهم قي قوات الصفوة الفرقة 777 صاعقة، ثم نقلوا إلى وحدة حديثة أنشأها السيسي في جهاز المخابرات العامة مهمتها حماية الشخصيات وتضم ضباطا يتمتعون بثقة القيادة المصرية.
وأثيرت تساؤلات عن سبب وجود ضابطين مصريين برتبة "عقيد" على متن الطائرة المشبوهة.
مقربون من النظام
المتهم الثالث مايكل عادل مايكل بطرس يملك شركة "AMSTONE INTERNATIONAL LIMITED"، التي ظهرت في سجلات بريطانية على أنها متخصصة في تقديم الاستشارات العسكرية للجيوش لتطوير قدراتهم الدفاعية.
وأوكلت السلطات المصرية لشركة المتهم مهمة تنظيم معرض إيديكس مصر 2023، الذي يقام في كانون الأول/ ديسمبر المقبل، كما أعلنت شركة المتهم عن اتفاق مع شركة يونانية لتصنيع طائرة بدون طيار، "Sarisa SRS-1A" في مصر.
المتهم الرابع، منير شاكر جرجس عوض، يعمل تاجر ذهب يمتلك مصوغات باسم "Shaker Gold Factory Genius Gold". وله فرعان في الزقازيق والقاهرة. كما يمتلك محلا بفندق هلنان لاندمارك بالتجمع الخامس.
ويملك منير شاكر، مصنعا يعمل من خلاله على إدخال بعض الخامات الأخرى مع الذهب لإنتاج مصوغات مختلفة.
ونشر مغردون مقطع فيديو نشره شاكر في وقت سابق عرض من خلاله هدية من الذهب قدمها للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ما علاقة العرجاني؟
عقب يومين من الحادثة ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور لابراهيم العرجاني رجل الأعمال المقرب من السيسي وعضو مجلس إدارة الجهاز الوطني لتعمير شبه جزيرة سيناء، ونجله عصام، داخل وأمام الطائرة المحتجزة.
وذكر حساب لمغرد باسم "أحمس"، على منصة "إكس" تويتر سابقا، تفاصيل تتعلق بتطابق مسار الطائرة، التي يستخدمها العرجاني، مع زياراته لمواقع مختلفة حول العالم، عبر مقارنة كل تلك التفاصيل زمنيا مع الحساب الشخصي لعصام العرجاني، على موقع إنستغرام.
طائرة مصرية
وأظهر البحث في مواقع تتبع حركة الطيران عن وجود الطائرة في عدة مطارات عربية حيث تزامنت رحلاتها مع أحداث سياسية ولقاءات لوفود مصرية رفيعة المستوى.
واستخدم وزير الداخلية المصري محمود توفيق الطائرة خلال زيارة لتونس في الـ 28 من شباط/فبراير الماضي، وفق موقع Airport info الذي أظهر هبوطها في مطار قرطاج الدولي بذات اليوم.
وتطابق ذلك مع صورة نشرتها الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية، تُظهر وجود الطائرة نفسها في المطار التونسي ويظهر بشكل واضح رقم تسجيلها على ذيل الطائرة.
واختفت بيانات رحلات الطائرة من التقارير الرسمية منذ شهر تقريبا لكن مواقع تتبع الطائرات أظهر إقلاعها وهبوطها في عدة دول مثل لبنان وتونس والسعودية وليبيا ومالطا والمغرب والإمارات كما أنها أقلعت عدة مرات من مطار الغردقة المصري وهبطت في مطار الجونة، بالإضافة إلى زيارات متكررة لتل أبيب في الأراضي المحتلة.
وخلال عامين أجرت الطائرة نحو 361 رحلة ذهابا وإيابا، وفي غالبية الرحلات كانت العاصمة المصرية القاهرة نقطة انطلاق أو عودة.
تعتيم إعلامي
على مدى يومين التزمت السلطات المصرية بالصمت تجاه قضية "طائرة زامبيا"، ثم خرجت ببيان مقتضب نشرته وكالة الشرق الأوسط نفى علاقة مصر بالطائرة.
وعقب تكشف خيوط القضية، ونشر منصة "متصدقش" أسماء المحتجزين المصريين وتفاصيل تتعلق بالطائرة اعتقلت السلطات المصرية صحفيا يعمل في المنصة.
وداهمت قوى الأمن المصرية منزل الصحفي كريم أسعد أحد العاملين في المنصة، بمدينة الشروق، واعتدت عليه وزوجته بالضرب والسب، وتهديدهما بابنهما.
وقامت عناصر أمنية، بالدخول إلى حسابات المنصة، وحذف منشورين يتعلقان بهوية المصريين الموجودين على الطائرة التي ضبطت في زامبيا قادمة من مصر، حسب زوجة أسعد.
وذكر عضو بفريق تحرير "متصدقش" لـ"مدى مصر" إنه بجانب اعتقال أسعد، يتعرض باقي الفريق الموجود في مصر حاليًا إلى ضغوطات ومطاردات أمنية، منذ مساء الجمعة، بسبب التغطية الخاصة بالطائرة التي ضبطت في زامبيا.
وحملت منصة "متصدقش" السلطات الأمنية في مصر مسؤولية سلامة فريقها، في بيان نشرته عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي صباح اليوم، أشارت خلاله إلى تعرض فريقها من الصحفيين إلى هجوم أمني، فضلًا عن اختراق أمني لصفحاتها، بعد تغطيتها لحادث الطائرة، وتحققها من ورود أسماء ضباط جيش وشرطة سابقين في القضية.
وفي الـ 14 من الشهر الجاري أعلنت السلطات الأمنية في زامبيا احتجاز طائرة خاصة وصلت من القاهرة إلى مطار كينيث كاوندا الدولي في لوساكا، وعلى متنها 5.7 مليون دولار نقداً و602 سبيكة من الذهب المزور، وعدد من الأسلحة والذخائر.
وقال المدير العام للجنة مكافحة المخدرات، ناسون باندا، في مؤتمر صحفي الثلاثاء، إن السلطات الزامبية احتجزت عشرة أشخاص، بينهم مواطن زامبي وستة مصريين وهولندي وإسباني وآخر من لاتفيا، حيث يخضعون للتحقيق.